q
فان الحاجة ماسة في العراق والدول التي تسعى الى النهوض من كبواتها الاقتصادية الى تنمية شاملة للقطاع الخاص، وتشجيع الشركات العملاقة على الاستثمار في السوق، ووسائل الإنتاج، بعدما اثبت القطاع الحكومي المقاد مركزيا، فشله العارم. ولن يكون أمرا شائنا، ان نجد في العراق أصحاب المليارات...

قالَ دونالد ترامب: "نُجدّد تصميمنا على أن أميركا لن تكون أبداً دولة اشتراكية"، في تصريح لافت يعكس الاشتباك الأزلي بين الرأسماليين والاشتراكيين في معاقل الرأسمالية، نفسها.

روبرت رايش، وهو عالم اقتصاد، ووزير عمل سابق في الولايات المتحدة، يقول: ان أميركا هي الآن مرتع "اشتراكية الأثرياء" فقط، بينما المواطنون العاديون يعيشون في ظل رأسمالية قاسية، ومع ذلك فانهم يعيشون في رغادة عظيمة مقارنة باقتصاديات الدول المعدمة والأنظمة الشمولية.

يميط هذا السجال، اللثام عن اقتصاديات غربية قلقة لكنها ناجحة، مقارنة بمثيلاتها في دول بينها العراق، لم تنجح في رسم هوية اقتصادية راسخة، ذلك انّ إشارة رايش – على سبيل المثال لا الحصر- الى ان جنرال موتورز حصلت على إعفاءات ضريبية بقيمة 500 مليون دولار، منذ تولي ترامب منصبه، تكشف عن مديات الدعم الحكومي للقطاع الخاص، الذي يقود الاقتصاد الأميركي، والعالمي.

وعلى الرغم من ان رايش ينتقد ذلك، لان جزءاً من رفاهية الشركات يستتب في جيوب المديرين التنفيذيين، لكن ذلك لن ينفي الضرائب الهائلة التي تدفعها الشركات للميزانية الوطنية، وتوفيرها مئات الآلاف من الوظائف التي تقضي على البطالة، في تمازج وتناسق بين الرأسمالية والاشتراكية.

لكن الدول النامية وهي حائرة بين اشتراكية ورأسمالية يجب ان تتعلم من التجارب الناجحة، التي انجبت مليارديرات بالمئات، وفي ذات الوقت يتمتّع مواطنوها بالدخل الجيد، والحياة المرفّهة.

اشتراكية الأثرياء، وتعني بدقة تمتّع الأثرياء بحقوق شرّعتها قوانين "اشتراكية"، مكّنت ريتشارد سميث من شركة Equifax من الحصول على راتب تقاعدي قدره 18 مليون دولار. وثمة مسؤولون ومهندسون في شركات كبرى خرجوا بتقاعد ومكافآت تصل الى مئة مليون دينار، شهريا.

هذه الظاهرة تكشف عن جانبين، الأول هو الرأسمالية التي توفر الحقوق، والاشتراكية التي تضمنها، لكنها يجب ان تتوسع، والا تشمل الأثرياء فقط، لكي لا يخضع المواطنون لرأسمالية قاسية، وهو ما تعمل عليه الكثير من الحكومات لتوفير شبكات أمان أقوى، واستحقاق شامل للجميع في الكعكة الاقتصادية.

في خلاصة وافية، فان الحاجة ماسة في العراق والدول التي تسعى الى النهوض من كبواتها الاقتصادية الى تنمية شاملة للقطاع الخاص، وتشجيع الشركات العملاقة على الاستثمار في السوق، ووسائل الإنتاج، بعدما اثبت القطاع الحكومي المقاد مركزيا، فشله العارم. ولن يكون أمرا شائنا، ان نجد في العراق أصحاب المليارات، وهو يحصدون الملايين شهريا، لكنهم يدفعون الضرائب ويوفرّون الوظائف، مع ضمان قوانين تضمن المساواة في التوزيع وتتجاوز كون نظام الإنتاج من أجل الربح فقط، وان تكون الملكية الخاصة في وسائل الإنتاج والخدمات هي المحدّدة لتوزيع الثروة من خلال الإنفاق الحكومي، والعقود والتأمين، وتوفير الخدمات، والمساواة الطبقية التي تمنع الرأسماليين من امتلاك وسائل الإنتاج وجميع منتجات الإنتاج.

يؤمن بيل غيتس بأساسيات الرأسمالية مع ضبط معايير الضرائب وتوفير العدالة والخدمات الحكومية، وهذا ما يجب أن نتعلّمه من رجل ناجح.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق