هنالك بعض الامور قد تسهم في ايجاد نسبة كبيرة من حلول القطاع الكهربائي، فنظام خصخصة الكهرباء في حال تم تطبيقه بشكله المثالي سيكون من الحلول الناجعة جدا، اذ سيتم استقطاع مبالغ مالية من قبل المواطنين لتكون في ميزانية الوزارة، ومن ثم الاستفادة منها في الصيانة وجلب معدات جديدة ومتطورة...
مع ارتفاع درجات حرارة الصيف اللاهب ترتفع سخونة المطالبات الشعبية من اجل ايجاد حلول لمشكلة الكهرباء المستعصية منذ تغيير نظام الحكم ولغاية الآن، اذ لم تستطع الحكومات المتعاقبة من الوصول الى حل ناجع يخلص العراقيين من هذا الهم الذي اصبح حلم يراود اغلبهم دون استثناء.
الارتفاع الأخير بدرجات الحرارة مع قلة تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية اجج الموقف الاحتجاجي وأعاد مرة اخرى مشاهد حرق الإطارات وقطع الشوارع من قبل المواطنين تعبيرا عن احتجاجهم على ما يعانون منه، فلا تزال بعض المدن العراقية تشهد وقفات احتجاجية والوقوف امام الجهات المعنية في سعي منهم للضغط على الحكومة الحالية وإعطاء ملف الكهرباء أهمية اكثر.
المنظومة الكهربائية في البلاد تعاني من تردي واضح في شبكات النقل والتوزيع، فهي تعود لايام النظام السابق ولم يُجرى عليها اي صيانة او نصب اخرى منذ ما يقرب العقدين، وبالنتيجة فان المشكلة الاساسية التي تواجه القطاع الكهربائي هي شبه انهيار المنظومة القديمة.
وهذا الانهيار يجعل من الصعوبة بمكان ان تنجح الحكومة العراقية الحالية بزيادة الطاقة الإنتاجية طالما هنالك خلل واضح في شبكات النقل والتوزيع كما أسلفنا، وبذلك يمكن القول ان مشكلة الكهرباء في العراق لم يوضع لها حل على الأقل في الأمد القريب، والسبب بذلك يعود الى عدم جدية الحكومات في الخلاص من هذا الملف والاهتمام به بالشكل الذي يوفر للمواطنين التجهيز الكافي.
مثلما القطاعات الأخرى تعاني من التدخلات السياسية فان قطاع الكهرباء لم يتمكن من عدم الوقوع بهذه المصيدة، وخير دليل على ذلك هو قيام رئيس الحكومة المستقيلة عادل عبد المهدي بتوقيع اتفاقية مع شركة سيمنز الألمانية، رغبة منه في غلق هذا الملف الشائك.
ولم يعلم عبد المهدي ان ادارة الرئيس الامريكي ترامب ستضع العراقيل وتوقف عجلة التعاقد من الدوران والوصول الى الهدف المنشود، اذ عملت على اجراء ضغوطات عليه من اجل توقيع عقد عمل مع شركة الكتريك الأمريكية، بالتوازي مع الشركة الألمانية وفي نهاية الأمر بقيا العقدين في الادراج ولم يمضيان نحو التطبيق.
ومن ضمن التأثيرات السياسية على هذا الملف هو تدخلات بعض دول الجوار التي تريد ان تبقي من العراق سوقا رائجا لطاقتها الإنتاجية التي تزيد عن حاجتها المحلية، ولذلك نرى عدم شروع بعض الكتل السياسية بالتصدي لهذا الموضوع وحسمه بأسرع وقت ممكن.
ان استيراد الطاقة الكهربائية يجعل من العملة الأجنبية تتدفق لإحدى دول الجوار التي تعاني من تدهور اقتصادي بسبب العقوبات الأمريكية عليها، وبالتالي فان تصديرها للكهرباء يكون اشبه بالضوء في نهاية النفق، وهي لا تريد انقطاعه عبر التأثير عليه من قبل جهات داخلية وخارجية حليفة لجهات دولية اخرى.
ففي العراق جميع الامور تسير وفق رؤية الأحزاب الحاكمة والمتنفذة، ولذلك نجد ملف الكهرباء يخضع هو الآخر الى مسألة التوافقات والنزاعات الحزبية، ولو كان الأمر مخالفا لهذا الطرح لرأينا ان المشكلة قد حُلت منذ سنوات ولم تستمر لغاية الآن.
كل الذي يتطلبه هذا القطاع هو اجراء عقد مع احدى الشركات العالمية المختصة بهذا المجال، شريطة ان يتم الاطلاع على أعمالها وضمان تنفيذ المشروع بالأوقات المحددة، وبذلك نكون وفي غضون مدة وجيزة انتهينا من اكثر الملفات تعقيدا في البلد واهمها بالنسبة للمواطن الذي بقى في حيرة من أمره.
هنالك بعض الامور قد تسهم في ايجاد نسبة كبيرة من حلول القطاع الكهربائي، فنظام خصخصة الكهرباء في حال تم تطبيقه بشكله المثالي سيكون من الحلول الناجعة جدا، اذ سيتم استقطاع مبالغ مالية من قبل المواطنين لتكون في ميزانية الوزارة، ومن ثم الاستفادة منها في الصيانة وجلب معدات جديدة ومتطورة.
وهذا النظام معمول به في اغلب الدول المجاورة وكذلك الأوربية، وهو دفع فواتير من قبل المواطنين، يقابل ذلك تزويدهم بطاقة كهربائية مستمرة، وهنا من الطبيعي ستختفي النقمة على الحكومات جراء الخلل الذي اصاب هذا القطاع ولم تتمكن جهات كثيرة الوصول الى حل مثالي.
تدهور القطاع الكهربائي انعكس بصورة سلبية على حياة المواطنين، اذ ساهم بتراجع الحالة النفسية، وتوليد الإحباط في نفوسهم من عدم جدوى المحاولات المتكررة لحل هذه العقدة، الى جانب ذلك توقف اغلب المصانع او تراجع كميات إنتاجها بسبب قلة تزويدهم بالساعات التجهيز الكافية، مما ادى الى ارتفاع تكاليف الانتاج ومن ثم التلكؤ.
امام الحكومة الحالية خيار وحيد وهو الخروج من التأثيرات السياسية الخارجية وإبرام عقود مع شركات رصينة ضخمة لفك طلاسم هذا الملف العنيد، ومن ثم فأنها ضمنت مقبولية جماهيرية تحلم بها جميع الحكومات السابقة؛ ذلك كون المواطن أصبح همه الأول والأخير توفير الراحة بالمنزل وعدم الشعور بحر الصيف الحارق.
اضف تعليق