الدول بمفهوم سياسي إداري بسيط يمكننا أن نستوعبه تمثل مجموعة من المؤسسات تؤطرها النظم والقوانين التي تسري بشكل عادل وصارم وواضح على كل مواطنيها بغض النظر عن مسمياتهم تعمل لخدمتهم وتحقيق مصالحهم ضمن العقد الاجتماعي السياسي المتفق عليه، ومن يخرج عن هذه النظم والقوانين ويخالفها...

تكثر التوصيفات لتوضيح معنى مصطلح " الدولة" لكن أغلبها يتحدث عن كيان يتكون من ثلاثة عناصر هي " مواطنون وإقليم أو أرض وسلطة أو مؤسسات تملك سلطة"، هذا ما يخص الفهم الشكلي أو الهيكلي للدولة.

من الناحية الاجتماعية والفلسفية والسياسية تختلف وتتوسع وتتعدد مفاهيم الدولة، واختلافها هو في توصيف معنى ونوع ومواصفات وشروط العناصر الثلاثة أعلاه، فهناك من يرى أنها ورغم وجود شعب يسكن أرضا محددة لكنها لا يمكن أن توصف بانها "دولة" إن لم تكن هناك مؤسسات تستطيع فرض القوانين والسلطة ونظم الحكم على هذا الشعب.

يميل الإنسان بطبيعته الغرائزية للتخلص من القيود التي تحدد رغباته وتوجهاته وميوله بغض النظر مقبولة كانت أو غير ذلك، لكن الإنسان "المواطن" كما يفترض يجب أن يمتلك قدرا كافيا من التحكم بنفسه ورغباتها فيلتزم بالنظم والقوانين التي تقود الحياة العامة ويحاول أن يحقق من رغباته ما يتماشى معها ويتجاوز غيرها ممن تخرج عن إطار الحياة والحقوق العامة.

هناك كم كبير من الأفراد ممن لا يستطيعون ولا يريدون أن يمنعوا أنفسهم من أي شيء يريدونه فيخالفون القوانين والنظم والحياة العامة ولا يراعون حقوق الأخرين ويكون معيارهم الوحيد رغباتهم ورؤيتهم للأمور فقط، وهؤلاء دوما ما تنتهي حياتهم خلف القضبان أو مقتولين، وإلا دمروا المحيط الذي يعيشون فيه وشوهوا نمط حياة كل من يدور في فلكهم.

تصبح الأمور أخطر إن كان من يمارس حياة وفكر "اللادولة" جهة سياسية أو متنفذة ولها أتباع ومريدون، فهم يؤسسون مفهوما جديد يدفع الناس للإعتقاد أن ما يفعله هؤلاء هو الصواب رغم خروجهم عن إطار النظام والقانون الذي يفترض أن يسودا الحياة العامة ويقلدهم كثيرون في الأفعال بحجة المساواة أو عدم الجدوى من النظام لأن من يخالفه كثيرون، وربما يقتدي بهم كثير من السذج ممن لا وعي لديهم ولا يحملون فكرا!.

المنافع الخاصة والرغبة في التسلط والمحافظة على الحكم هو هدف أمثال هؤلاء الأفراد والجهات حتى لو حاولوا أن يغلفوها بإطار فكري وإيدلوجي ويدعون أنهم إنما يدعمون الدولة ومؤسساتها في مغالطة واضحة وصريحة لا يصدقها حتى الأطفال!.

لا يمكن أن يؤتى الحق من حيث الباطل، ولا يمكن أن تبنى الدولة عن طريق الفوضى والخروج عن إطار القوانين العادلة ولا يعطي الفوز بالإنتخابات "حقا أو باطلا" أو وجود أتباع ومريدين وإمتلاك قوة وسلاح لترهيب الناس الحق لأي جهة بفرض الفوضى بديلا للدولة أو أن يجعل من يهدم الدولة ويخالف نظمها ممثلا للدولة.

الدول بمفهوم سياسي إداري بسيط يمكننا أن نستوعبه تمثل مجموعة من المؤسسات تؤطرها النظم والقوانين التي تسري بشكل عادل وصارم وواضح على كل مواطنيها بغض النظر عن مسمياتهم تعمل لخدمتهم وتحقيق مصالحهم ضمن "العقد الاجتماعي السياسي" المتفق عليه، ومن يخرج عن هذه النظم والقوانين ويخالفها أو يحاول فرض رؤيته المشوهة عليها فهو يهدم الدولة وليس أكثر من "غول" يحاول إبتلاع الدولة.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق