بعد انشغال العالم بفيروس كورونا الذي اجتاح بعض البلدان وأصبح ضيفا غير مرحب به، لم يكن الشارع العراقي بعيدا عن هذا الانشغال، الذي لم يستطع ان يكون حاجزا عن مواصلة متابعة الأحداث السياسية وتحديدا ما يدور في العراق مع اقتراب موعد اعلان الحكومة العراقية المرتقبة من قبل رئيس الوزراء...
بعد انشغال العالم بفيروس كورونا الذي اجتاح بعض البلدان وأصبح ضيفا غير مرحب به، لم يكن الشارع العراقي بعيدا عن هذا الانشغال، الذي لم يستطع ان يكون حاجزا عن مواصلة متابعة الأحداث السياسية وتحديدا ما يدور في العراق مع اقتراب موعد اعلان الحكومة العراقية المرتقبة من قبل رئيس الوزراء محمد توفيق علاوي.
لم يفصلنا عن الإعلان سوى ساعات محدودة، ولا تزال الأنباء تتضارب حول الكابينة الحكومية التي سترى النور في اروقة البرلمان العراقي، الذي انقسم هو الآخر على نفسه ازاء آلية الاختيار هذه.
طريق علاوي المكلف مؤخرا لم يكن معبدا نحو قبة البرلمان، اذ لا تزال توضع العراقيل من قبل الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية ولها أهمية قصوى في القرار.
وكما يقال ان الحمى تأتي من القدمين، فان الحمى هذه المرة جاءت من داخل البرلمان، حيث أعلن تحالف القوى الوطنية رفضه التصويت لحكومة علاوي ولأسباب منها اعتقاده بان علاوي لم يتمكن من اتباع نهج مغاير عما تم اتباعه في تشكيل الحكومات المتعاقبة، بينما نجد بعض الكتل الشيعية اتخذت نفس الموقف من ذلك، ولم يختلف الحال بالنسبة للكرد.
علاوي بدوره دعا أعضاء البرلمان الى الحضور المكثف من اجل تمرير التصويت على حكومته، واضعا بذلك الكرة بملعب البرلمان، فان صوت عليها تحسب إيجابية له كونه استطاع ان يشكل حكومة بعيدا عن رغبات وضغوطات الكتل السياسية التي اعتادت ان تأخذ حصتها كاملة.
وان لم يتم التصويت عليها فانه بذلك كشف نوايا الأحزاب المتصدية لإدارة شؤون البلد ولم تتمكن من جلب الأفضل للشعب والوطن بشكل عام، وهنا يمكن ان نعده نوع من الفطنة والحنكة السياسية من قبل محمد توفيق علاوي، بالإضافة الى احراج آخر لممثلي الشعب.
الشيء الوحيد الذي يعول عليه علاوي في ان يكون سندا له هو زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، الذي ابلغ البرلمان العراقي برغبته وتأكيده على أهمية الانعقاد يوم الاثنين لإعطاء الضوء الأخضر لحكومة علاوي، التي جاء رئيسها بمبارك الصدر، مهددا فيما اذا لم يتم ذلك ستكون هنالك مظاهرة مليونية هدفها محاصرة المنطقة الخضراء.
هذا الضغط من قبل الصدر قد يكون وراءه نتائج معينه أهمها الحصول على امتيازات في الحكومة المقبلة، وذلك يعود لما قام به الصدر من أفضال على علاوي عبر ترشيحه ودعمه بشكل كامل على الرغم من معارضة المتظاهرين السلميين عليه.
نتيجة المعارضات الحزبية على حكومة علاوي فانها ستذهب منقوصة الى قبة البرلمان، اذ لا تزال المحاولات جارية لاقناع الأحزاب الكردية والسنية بضرورة تمرير المرحلة الحالية لخطورتها على البلاد الذي لم تستقر الأوضاع فيه منذ خمسة شهور تقريبا.
من الواضح ان حكومة علاوي لم يتم التصويت عليها نتيجة ارتفاع صخب الاعتراضات من قبل اغلب الأطراف، بضمنها البيت الشيعي.
وبين هذا وذاك يبقى الشارع المنتفض يحبس انفاسه، كونه لم يرضى بالأساس عن ترشيح علاوي ولم يلقي آذان صاغية، فاخذ يدور في دائرة لم يعرف آلية الخروج منها، ثم جاءت محنة الحكومة التي ينتظر انبثاقها لتضاعف الهموم الجماهيرية.
فعدم التصويت هذا يجعل البلاد تغلي من جديد، اذ ان الجماهير الغاضبة خففت من التصعيد الذي اعتادت عليه في الأيام المنصرمة، من المتوقع وشبه المؤكد انه سيعود الى نقطة ابعد مما كانت عليه، وهنا يعود المشهد المأساوي الى الوجود، ويعود شبح الموت يتجول بين الشباب المطالبين بالحقوق المشروعة.
ومن منطلق المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق أعضاء البرلمان فانهم يجب ان يقفوا مع ابناء الشعب ويحققون ما ينتظرونه منذ ما يقارب خمسة اشهر، وهي ولادة حكومية قوية بعيدة عن المحاصصة تعمل على ايجاد ارضية صالحة لإجراء انتخابات مبكرة تحقق المطالب الشعبية، وبهذا نكون قد جنبنا طاقاتنا الشبابية الهدر فضلا عن تجفيف منابع الدم الذي يسفك بالشوارع بدم بارد.
اضف تعليق