q
تسعة سنوات لم تكن كافية لإنهاء الازمة الدائرة في سوريا بين المعارضين للنظام السوري الذي يصفه مواطنون بالتعسفي على غرار الانظمة الشمولية المضطهدة والجيش السوري النظامي، الازمة لم تبقى حبيسة المناخ الداخلي لسوريا بل تعدت لتشمل بعض دول الجوار المتداخلة بالمصالح مع نظام بشار الأسد...

تسعة سنوات لم تكن كافية لإنهاء الازمة الدائرة في سوريا بين المعارضين للنظام السوري الذي يصفه مواطنون بالتعسفي على غرار الانظمة الشمولية المضطهدة والجيش السوري النظامي، الازمة لم تبقى حبيسة المناخ الداخلي لسوريا بل تعدت لتشمل بعض دول الجوار المتداخلة بالمصالح مع نظام بشار الاسد بأي شكل من الاشكال، وهنا المقصود الجارة تركيا، التي صعدت بالموقف في الايام القليلة الماضية واخذ تطلق التصريحات النارية بعد توغل الجيش السوري في ريف إدلب.

من جهتها وصفت الخارجية السورية تصريحات أردوغان بخصوص اتفاقية أضنة، بأنها كاذبة ومضللة، وأن الاتفاق يفرض على أنقرة التنسيق مع دمشق باعتباره اتفاقا بين دولتين، بينما لم يكتف رجب طيب اوردغان بهذه التصريحات واكد عزم بلاده على نصب منظومة صواريخ للدفاع الجوي "حصار ايه" على الحدود السورية، مشيرا الى ان الاتفاقات بشأن إدلب وشرق الفرات لم تعد فعالة، وأن بلاده موجودة في سوريا بشكل شرعي حسب اتفاقية أضنة.

عندما نريد ان نتكلم عن الاوضاع التي يمر بها البلدين يجب ان نكون أكثر صراحة، كون المنطقة التي يحصل حولها اختلاف وجهات النظر خاضعة لاتفاقيات دولية ونشر نقاط المراقبة التركية بالاتفاق مع الطرف الروسي الضامن.

وعندما يتم التنصل من هذه الاتفاقات وتعمد الحكومة السورية الى ضرب المدنيين والاعتداء نقاط المراقبة، هنا نكون قد دخلنا مرحلة جديدة في العلاقة بين البلدين وتحديدا في منطقة إدلب، وقد يكون لتركيا الحق في ان تذهب لخيار الرد بالمثل، اذ ما تراجعت قوات النظام السوري من التقدم في ادلب.

رب سائل يسأل لماذا هذا التحرك التركي؟، والجواب ببساطة كون المنطقة المعنية هي منطقة حدودية ولها تأثير كبير على الامن القومي التركي، بالإضافة الى خوفها من التغيير الديموغرافي في المنطقة، وهذا ما لن تسمح به الحكومة التركية لأنها فقدت الثقة في حكومة الاسد جراء عدم التزامها بالالتزامات الدولية المبرمة.

يمكن ان يرى الى التهديد التركي على انه غير جدي او غير ممكن التطبيق على ارض الواقع، اذ من المتوقع ان يكون لحكومة فلاديمير بوتن القول الفصل بتلك الازمة التي اخذت حدتها بالتصاعد يوم بعد آخر.

الرئيسان التركي والروسي وخلال مكالمة هاتفية شددا على ضرورة تكثيف الجهود الرامية للقضاء على المتطرفين في إدلب، لكن في المقابل نجد ان روسيا تقول بان تركيا لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه فيما يخص القضاء على المتشددين وانشاء منطقة عازلة، فضلا عن التمييز بين المسلحين الارهابين والمعارضة المعتدلة.

وهذا عدم الالتزام يعطي المسوغ للجانب السوري للدفاع عن اراضيه التي اقرتها المواثيق الدولية، لكن هنالك من يقول ويوجه الاتهام للنظام السوري الذي يمارس الاساليب الوحشية ويقتل المدنيين العزل، وهو ما دعا دول الاتحاد الاوربي لعقد اجتماع والنظر في المسألة لوضع الحلول المناسبة لها.

وبما ان العملية مستمرة فهل الجيش السوري سيغامر في المواجهة، وهل هو قادر على الاستمرار في تلك المواجهة وحسمها لصالحه؟، ام ستبقى الردود المختلفة على وسائل الاعلام في إطار محاولة لإيقاف جماح حكومة انقرة.

على مر الزمن نرى ان العلاقات التركية الروسية تعيش حالة من الرخاء والانكماش بين الحين والآخر، لكن بحكمة وحنكة الجانبين فان هذه التوترات تذهب نحو التهدئة، وعدم الزج بأزمة جديدة تعقد الموقف، وخير مثال على ذلك هو نتائج حدة الموقف بعد إسقاط الطائرة الروسية في تركيا، وكيف انتهت الحادثة بكل بساطة، فبعد هذا الموقف الخطير تحولت العلاقة الى تفاهمات غير مسبوقة وعقد صفقات اختتمت بصفقة الاسلحة الاخيرة.

المنطقة العربية لم تتحمل مزيدا من الصراعات والمناكفات، فلابد على الاطراف الدولية تذهب صوب التهدئة واضعاف الاصوات التي تنادي بإراقة دماء الابرياء من اجل ان تضمن تدفق صناعاتها العسكرية وعدم تكدسها في مصانعها.

الاطراف صاحبة الحل والعقد في الشأن السوري لا تريد ان تعطي الفرصة للمعسكر الذي تقوده امريكا في قبالة المحور الروسي وما ينضوي تحته، وبضمنها إيران وتركيا اللتين يكثفان جهودهما لغلق الفجوات التي تحدث بين الفينة والاخرى لتفويت الفرصة على الامريكان ومساعديهم لاستثمار الاوضاع الهشة التي تعيشها سوريا.

اضف تعليق