بعد ساعات من إطلاق زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر تغريدة وجه بها العتب للمتظاهرين في ساحة التحرير، كونهم شككوا بنواياه بعد دعوته لمظاهرة مليونية تقتصر على اتباعه والفصائل الموالية لايران، أخذت السرادق تتناقص واتباعه يغادرون ميادين الاحتجاج بصورة كاملة، تغيير لم يكن متوقعا من السيد الصدر...
بعد ساعات من إطلاق زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر تغريدة وجه بها العتب للمتظاهرين في ساحة التحرير، كونهم شككوا بنواياه بعد دعوته لمظاهرة مليونية تقتصر على اتباعه والفصائل الموالية لايران، أخذت السرادق تتناقص واتباعه يغادرون ميادين الاحتجاج بصورة كاملة.
تغيير لم يكن متوقعا من السيد الصدر، كون المرحلة التي يمر بها العراق حرجة للغاية وليس من الصواب ترك الامور بهذه الشاكلة، كون الجموع السائرة في طريق الاصلاح لم تصل الى النهاية فهي لم تحقق الى الجزء اليسير من المطالب المشروعة.
هذا القرار وعلى ما يبدو ان الصدر لم يدرسه جيدا، والدليل على ذلك معارضة بعض اتباعه واضطرار بعض منهم الى التخلي عن الخط الصدري الذي طالما كان ملهمهم الوحيد ومرشدهم في الكثير من المواقف السياسية والجوانب الدينية.
الى جانب الانسحاب السريع من أنصار مقتدى الصدر بدأت القوات الامنية بالتصعيد في حملة فض الاعتصامات، وكأن هنالك تنسيق مع القوات بمداهمة الساحات بمجرد خلوها من العناصر الصدرية، امر يثير الريبة في نفوس المراقبين والمرابطين في ساحات الاعتصام معا.
مشهد العنف لم يكن مستغرب من قبل المتظاهرين الذين تم معاملتهم بقسوة بعد ايام من توافدهم لساحات الاعتصام، لكن العجب هو لماذا بعد إعلان السيد مقتدى الصدر سحب اتباعه من تلك الساحات؟.
انسحاب التيار الصدري يمكن ان يفسر بأنه جاء نتيجة لاتفاق سياسي اُبرم مع المكونات السياسية العراقية، ذلك بهدف الحصول على امتيازات إضافية تصل في الغالب الى تسنم منصب رئيس الحكومة من قبل كتلة سائرون او ممن يحظى برضا هذه الكتلة.
بمجرد ان دعى زعيم التيار الصدري لمظاهرات مليونية شاهدنا ارتفاع في منسوب الاعتداءات على المتظاهرين وهنا يمكن ان نعد هذه الخطوة التصعيدية الجديدة بعد موقف الصدر.
فقبل ساعات من الآن اعلنت القوات العراقية بأنها ستنشر قوات مهمتها حماية المتظاهرين، لكن ما حصل هو مختلف عن الإعلان تماما، فقد داهمت القوات الامنية اماكن الاعتصام السلمي في بغداد وذي قار والبصرة، فما الذي تغيير في الموقف ولماذا هذا التصرف المفاجئ من قبل السلطات الامنية؟.
ان ما يحصل في البلاد هو بمثابة هيجان الشارع الشيعي ضد الحكومة ذات الصبغة الشيعية، اذ لا يزال المواطنين في المحافظات الشيعية يعانون من تفشي ظاهرة البطالة وكذلك الفساد المستشري بجميع مفاصل الدولة، مع عدم القدرة على النهوض في البلد وتطويره.
هنالك بعض المتغيرات طرأت على الشأن العراقي من اهمها هو التحريك الايراني لانهاء تلك المظاهرات التي خرجت ضد الحكومة الموالية لها، ولم يكن امامها سوى التأثير على زعيم التيار الذي يتمتع بشعبية كبيرة في المحافظات الجنوبية بصورة خاصة لاخماد الاحتجاجت الحاصلة.
الفخ الذي وقع به الصدر جراء مطالبته بخروج الامريكان وانهاء التدخل الخارجي، هو ان المطالبة وجهت لامريكا فقط، متغافلا النفوذ الايراني في بعض اقطار المنطقة والعراق على وجه التحديد، لوكانت المطالبة بخروج الاثنين وهنا المقصود بالخروج المعنوي لايران على عكس الخروج المادي لامريكا، فان من المؤكد سيحصل على تأييد جماهيري واسع من غير قاعدته الشعبية.
بالمنطق وبطريقة واقعية من المفترض السنة هم من يقولوا إيران برا برا لكن من قال هذه العبارة، هم الطائفة الشيعية الاوسع من شرائح المجتمع العراقي وهذا لم يأتي من فراغ بل أتى نتيجة سخط واضح وصريح على الممارسات الايرانية في البلاد، الذي اقترب من العزلة بسبب الولاء.
في قراءة مبسطة لمجريات الاحداث وتصرفات السيد الصدر، فقد يكون الهدف الاساس من خطوة الانسحاب هو احداث خلل في ساحات التظاهر، لكن هذه الظنون سرعان ما تبددت بعد ان امتلأت الساحات مجددا بالرافضين لسلطة الاحزاب الفاشلة في ادارة الدولة بصورة صحيحة، فلم يعد للتيار الصدري تأثير يذكر وفق النتائج الملموسة على ارض الواقع، وقد وضحت المظاهرة التي سُميت بالمليونية، الحجم الحقيقي لاتباع الصدر، بيد انها في الحقيقة لم تتجاوز مئآت الآلاف ليس اكثر.
ابرز السيناريوهات المتوقعة في الايام القادمة هو الذهاب نحو المجهول فيما اذا اصرت القوى السياسية على تشكيل حكومة على مذاقها الخاص، دون الالتزام بمواصفات المحتجين، فمن الممكن ان تكون الامور ذاهبة الى مزيد من التصعيد والتدهور.
اضف تعليق