المحافظات السنية وفي ظل ما تمتلكه من امكانات محدودة من النواحي المختلفة، على ماذا تعول من اجل اتمام هذه الصفقة؟، هل حصلت على دعم امريكي في الخفاء للانفصال عن اللحمة الوطنية؟، وبالتالي ضمان اصطفافهم الي جانبهم بما يتعلق بالقرار السياسي والموقف تجاه السياسة الامريكية في العراق...
سخونة الأوضاع الجارية في العراق على ما يبدو لم تصل لجميع مكونات الشعب العراقي، فالمظاهرات الدائرة في بعض محافظات الوسط والجنوب لم يكترث لها ابناء المناطق الغربية وتحديدا ممثليهم من الطبقة السياسية.
في الوقت الذي كانت بعض البيوت في المناطق الشيعية تأن لفقد احد ابناءها المطالبين في إصلاح البرامج الحكومية وتوفير الحياة الكريمة لأبناء الشعب العراقي، نجد رجالات السياسة يجتمعون لبحث إمكانية تشكيل الإقليم السني!.
هذه الخطوة تبعث لنا بالعديد من الرسائل اولها ان ابناء تلك المحافظات لم يعيروا ما يحدث في المحافظات ذات الصبغة الدينية المعروفة أهمية كافية، امر يدلل ان الرابطة الوطنية اصابها الترهل والضعف نتيجة بعض الممارسات السابقة.
وربما هذه عدم الأهمية ناجمة من النقمة التي تولدت نتيجة مشاركة ابناء هذه المحافظات واقصد هنا (الوسط والجنوب)، في تحرير المناطق الغربية من براثن داعش الإرهابي، وما رافق ذلك من تصرفات غير مقبولة او مسؤولة من بعض الجهات المحررة.
وقد يكون هذه المساعي استغلالا للأوضاع الراهنة والثورة الشعبية التي أخذت بقعتها بالاتساع وتأثيرها بالانتشار، ومن ثم الحصول على المكتسبات المرجوة من قبل ابناء تلك المحافظات، وهذا التوقع ان صح فهو يعني استثمار ذكي للفرصة المناسبة، كون هذه المرحلة كفيلة بإطلاق الحملات وإتمام الصفقات وتحقيق الرغبات على مختلف الأصعدة.
وهنا لابد من القيام بتشريح الموضوع أكثر وتجزئته إلى جزئياته المتعددة، فالانشقاق بأقاليم بحد ذاته يترتب عليه الكثير من التبعات ويخلف المزيد من التركات، اذ يعني ذلك المباشرة بتكوين دولة متكاملة من جميع النواحي، الأمنية والبنى التحتية والعوامل الاقتصادية التي تضمن ديمومة تدفق الحركة في جسد الإقليم المراد إنشاءه.
ويخطر في تلك اللحظة تساؤل يتعلق بمدى إمكانية تحقيق الحلم السني والانفصال بأقاليم مستقل في قراراته الإدارية والمصيرية عن حكومة المركز؟، وهل تمتلك المحافظات ذات الأغلبية السنية مقومات إقامة اقليم مستقل، لاسيما وأنها لا تزال تعاني من سطوة الإرهاب على اغلب مدنها وأنهكتها الحروب ودمرت بناها التحتية؟.
فهي لا تزال لا تمتلك مطار يخص ساكنيها، ولا تمتلك موارد اقتصادية تدر عليها لتقويم المشاريع التي تهم الإقليم وقاطنيه، كبناء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق الخدمية.
فما أوقد روح الغبطة او الغيرة في نفوس الطبقة السياسية السنية هو ما خطته حكومة اقليم كردستان العراق، فهم تناسوا ان الإقليم لدية كميات انتاج نفط كبيرة جدا، ويحتفظ بالنسبة الأكبر منها ولم يعطيها لحكومة المركز، إلى جانب ذلك فان الإقليم مرفق سياحي مهم لدى الكثير من الدول وليس للمواطنين المحليين فحسب، في حين تفتقر المحافظات الغربية لمثل هذه الامتيازات ما يجعل احتمالية إقامة الاقليم ضعيفة جدا.
من الأصح قبل الإعلان عن عزم الطبقة السياسية الممثلة عن تلك المحافظات تشكيل الإقليم، هو القيام بدراسة مستفيضة لما سيحدث في المستقبل، وكيف يكون وضع محافظاتهم في ضل هذه الرغبة.
لو افترضنا ان خيرات البلاد توزع على المدن بحسب النسبة السكانية، فهذا يعني قلة المردودات المالية وفق هذه الآلية، وبالنتيجة سيكون الفقر او عدم الاستقرار المالي السمة الأبرز لحياة الإقليم، لو تم الاتفاق على اتباع هذه الآلية في تقسيم الثروات فهل من المعقول ان تكون المحافظات المنتجة للنفط كالبصرة وكركوك وغيرها تحصل نفس ما تحصل عليه الأنبار والرمادي ذات الطبيعة الصحراوية؟.
المحافظات السنية وفي ظل ما تمتلكه من امكانات محدودة من النواحي المختلفة، على ماذا تعول من اجل اتمام هذه الصفقة؟، هل حصلت على دعم امريكي في الخفاء للانفصال عن اللحمة الوطنية؟، وبالتالي ضمان اصطفافهم الي جانبهم بما يتعلق بالقرار السياسي والموقف تجاه السياسة الامريكية في العراق.
ولماذا تريد المحافظات الغربية الانفصال اساسا؟، هل تعاني من نقص في توزيع الميزانية الاتحادية مثلما الاقليم يشعر بالمظلومية في توزيع الثروات بشكل مخالف للواقع تماما.
كردستان لها جيش منظم ومجهز للدفاع عنها في حالة تعرض الاقليم لخطر ما، اما المحافظات الغربية لا تزال من يمسك الملف الامني فيها الحرس الوطني وغيرها من التشكيلات الامنية، وهذه اول خطوة تعيق عملية الانفصال، كون من الصعوبة بمكان تشكيل جيش خاص من اهالي المحافظات مهمته حماية المدن على الاقل في المرحلة الحالية.
حكومة العبادي ومنعا لاكمال مساعي اقليم كردستان للانفصال بعد الاستفتاء العام، عمدت الى المزيد من الاجراءات من بينها تعطيل الرحلات الجوية من بغداد الى مطار اربيل والسليمانية وكذلك الرحلات الخارجية، وايقاف حصصها المالية والاستعانة ببعض دول الجوار مثل تركيا وايران، اما في في هذه الحالة يصعب عليها التعامل مع المحافظات الغربية فيما لو اكملت المسير في طريق الانفصال، لكن في الوقت ذاته تبقى المهمة عسيرة جدا امام ممثلي هذه المحافظات من اجل تحقيق حلمهم.
اضف تعليق