الاحزاب مسؤولة عن التنسيق ضمن الحكومة وضمن المجتمع بالإضافة للتنسيق بين الحكومة والمجتمع. انها تتنافس في الانتخابات مع احزاب اخرى لتنال السيطرة على الحكومة، لذا فهي يمكن ان تكون الحزب الذي يمثل البلاد. في الديمقراطية النيابية يبدو العمل الافضل، ولكن في الديمقراطية المباشرة لا حاجة لهذا ابداً...
القاعدة الديمقراطية تقول ان السلطة تعود للشعب. طبقا لهذه القاعدة لا عائلة ولا شخص معين فوق القانون، بل ان القواعد تنطبق على كل المواطنين. ان أغلبية السكان يجب ان يتوصلوا الى اتفاق على ضرورة ايجاد حكومة فاعلة وعاملة.
الخاصية البارزة للديمقراطيات حول العالم هي وجود الأحزاب السياسية. التعريف الدقيق للحزب لم يحض باتفاق الجميع لأن البعض اعتبر الأحزاب "مجموعة من الناس المتّحدين يشتركون في مسعى لتعزيز المصلحة الوطنية طبقا لمبدأ معين يتفق جميع افراد المجموعة عليه"(بورك، 1770)، بينما آخرون عرّفوا الحزب كمجموعة منظمة بهدف السيطرة على الحكومة تحت اسم الجماعة عبر الفوز بالانتخابات العامة (Schlesinger 1991).
ولكن من حيث الجوهر يتألف الحزب السياسي من جماعة من المواطنين يتنافسون في الانتخابات ليشكلوا حكومة يمثلون فيها عامة المواطنين. حزب المحافظين في المملكة المتحدة او الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة مثالان مألوفان. في معظم الحالات، تتألف الاحزاب السياسية من المواطنين العاديين وان اي شخص يمكنه تشكيل حزب طبقا للقيم التي يرمز لها ويريد تمثيلها. وبالنتيجة، هذه الاحزاب يجب ان تعالج اهتمامات جموع السكان طبقا للمبادئ الديمقراطية. ولكن هل يمكن ان توجد الديمقراطية بدون هذه الاحزاب السياسية؟ الديمقراطية في الاساس سلطة للناس، ولذلك ألا يمكن للديمقراطية البقاء بدون هذه الاحزاب طالما بقي الناس يتمتعون بتلك السلطة؟
الاحزاب السياسية مسؤولة عن التنسيق ضمن الحكومة وضمن المجتمع بالإضافة للتنسيق بين الحكومة والمجتمع. انها تتنافس في الانتخابات مع احزاب اخرى لتنال السيطرة على الحكومة، لذا فهي يمكن ان تكون الحزب الذي يمثل البلاد.
في الديمقراطية النيابية هذا ربما يبدو العمل الافضل، ولكن في الديمقراطية المباشرة لا حاجة لهذا ابداً. في الديمقراطية المباشرة كل شخص له حق التصويت على القوانين التي يفضل اقرارها. لا ضرورة هناك للتصويت على خطة لسن قوانين للبلاد، لأن الناس يتولّون ذلك الدور بأنفسهم. مثال بارز ونادر على هذا الشكل من الحكومة هو سويسرا. هنا المواطنون يشاركون في أهم مظهر للتصويت. اثينا القديمة كانت ايضا مثال على هذا النظام. في حالات كهذه، يوجد هناك سلفا تنسيق بين الحكومة والمجتمع، لأن المجتمع يصوّت والحكومة تنفذ هذه القوانين.
الحزب السياسي له القليل او لا هدف له طالما يستطيع الناس مباشرة انتخاب المرشحين الذين يرغبون بقيادتهم ومن ثم يتخذون مجتمعين قرارات مع مسؤولي الحكومة المنتخبين. هذا ايضا يسمح بمزيد من الحرية في عملية الانتخابات ذاتها طالما كل فرد يستطيع التنافس باستقلالية دون انتساب لحزب. عندما يوجد الحزب السياسي، فان الناس في هذا الحزب هم الذين يقومون بمعظم القرارات، بينما باقي السكان فقط يختارون الحزب الذي يريدون ان يقودهم. هذا ايضا له خطر دائم في ان يصبح الحزب قوي جدا وسلطوي بما يهدد في النهاية الديمقراطية.
ومن جهة اخرى، معظم الدول تتبع النوع الثاني من الديمقراطية. الديمقراطية النيابية، مثل الولايات المتحدة. في هذا النظام يصوت المواطنون على ممثليهم لتمرير القوانين بدلا منهم. هنا ايضا يصوت الناس ويُسمع صوتهم لكن العمل يتم بواسطة هؤلاء الرسميين بدلا من الناس أنفسهم.
مع وجود الاحزاب السياسية، يجب على الناس ان يجدوا حزبا يشترك بنفس المبادئ التي لديهم ويعمل نحو مستقبل تقدمي للبلاد. طوال التاريخ، كانت هذه الاحزاب هامة في مساعدة الدول في التحول من الملكية الى الديمقراطية، لأن كل حزب له مبادئه الخاصة التي يفرضها عندما يأتي الى الحكومة الى جانب الاستماع لمطالب الشعب. ولذلك، فان الاحزاب التي تؤمن بقيم مضادة للملكية ساعدت بلدانها للخروج من ذلك النظام. حتى عندما لايصوت الناس مباشرة على كل القوانين والتعليمات، هم يصوتون للحزب الذي يبدو أفضل انسجاما وأكثر تمثيلا.
بهذا المعنى، تُعتبر الاحزاب السياسية هامة عندما يكون هناك تنوع فيها يستطيع الناس الاختيار من بينها، والحزب الذي يقع عليه الاختيار يقوم بعد ذلك بتمرير وتنفيذ القوانين. هذا بالذات يكون مفيدا في الدول الكبيرة كالهند والولايات المتحدة لأنه إذا كان كل مواطن يصوت على كل قانون فسنحتاج لوقت طويل ويصبح من الصعب الوصول الى قرارات. ايضا ليس كل فرد متعلم وواعي بما يكفي، ولهذا فان الوثوق بالحزب السياسي للقيام بهذه المهمة يبدو أسهل. أعضاء الحزب السياسي ملتزمون بالطريقة التي تتبعها الحكومة ويعتنون بالمؤسسات ويخصصون كل ساعات الدوام لهذه المهمة.
بالنظر الى كلا جانبي القضية، لا جواب هناك محدد ما اذا كان يتوجب التخلص من الاحزاب السياسية. ذلك يختلف من دولة الى اخرى. ولكن نظريا يبدو فعلا ان الديمقراطية يمكنها البقاء بدون احزاب. الاحزاب السياسية فقط تضيف للديمقراطية وربما تجعلها أسهل للمواطنين، لكن ذلك لا يعني غياب الديمقراطية في حالة غياب ممثلي هؤلاء الاحزاب الممثلة للناس.
الديمقراطية كما ذكرنا هي في الاساس سلطة الشعب، وفي اي دولة طالما السلطة للأصوات وعمل القرارات يبقى في ايدي الناس، فإنها ديمقراطية. الناس يستطيعون تمثيل الناس بدلا من الحزب. في التطبيق، هناك اهمية كبيرة لهذه الاحزاب السياسية لأنها تساعد في ازدهار الديمقراطية من خلال الادوار التي تقوم بها تلك الاحزاب، ولكن ايضا بدون هذه الاحزاب يمكن للديمقراطية ان توجد بحكم التعريف.
اضف تعليق