السيناريوهات المطروحة في حال الذهاب الى انتخابات ثالثة فهي كما حدث في العمليتين الماضيتين وهو قيام الشعب بالتصويت للأحزاب الكبيرة التي يعلم بدورها في العملية السياسية بصورة عامة مبتعدا عن الكتل التي لا حول ولا قوة لها امام سلطة الاحزاب صاحبة النفوذ والتأثير الكبيرين...
رفع رئيس تكتل ازرق ابيض بي كانس الراية البيضاء بعد فشله في تشكيل الحكومة الجديدة، كما أخفق من قبله بنيامين نتنياهو، استمرار الوضع في اسرائيل على هذه الحالة قد تفضي الى دوامة لا تنتهي.
نتنياهو يتصدى هذه المرة لموجة من تهم الفساد وخيانة الامانة في تحول قد تنهي مسيرته السياسية، لكنه لم يرضخ لكل الهجمات وقابلها برد عنيف، اذ اعتبر مساعي محاكمته انقلابا وتسيسا، يحدث هذا في ظل ما تعيشه اسرائيل سابقة بعد تكليف الرئيس رؤوفين ريفلين الكنيست بتكليف الحكومة بعد فشل نتنياهو ومنافسه كانس بتشكيلها.
ووفق القانون فان الكنيست يسعى وفي واحد وعشرين يوما لترشيح واحد لهذه المهمة يحضى بتأييد واحد وستين صوتا او التوجه بعد تسعين يوما لاجراء انتخابات جديدة، وهذا اهم تحد على الاطلاق يواجه حزب الليكود بزعامة نتنياهو.
ومع هذه التطورات بدأ الحديث عن موعد اقتراب انتخابات ثالثة على التوالي في غضون اشهر متقاربة في حال فشل الكنيست بالمهمة الموكلة اليه خلال اسابيع، لكن يبقى الوضع يعيش حالة من التوتر نتيجة الخوف من عدم الوصول الى نتيجة مقبولة.
ولم يصمت حزب ازرق ابيض حيث اخرج ما بجعبته جدد اتهامه لنتنياهو بافشال جهوده لتشكيل الحكومة انصياعا لرغباته الشخصية، انتخابات اولى وثانية وربما الثالثة باتت تطرق الابواب، حالة لم يسبق ان شهدتها الساحة السياسية في اسرائيل، والسبب هو معضلة تشكيل حكومة جديدة بسبب الخلافات بين الاحزاب السياسية.
ربما تكون هذه التهم الموجهة بمثابة الهزة التي ستقلب المشهد السياسي والانتخابي في اسرائيل، وقد يكون جميع ما يدور في تل ابيب عبارة عن صراع بين اليمين القومي الديني واليمين المعتدل، ليس بين اليمين واليسار كما هو مشاع ما يجعل المهمة ليست يسيرة على الحزب الكامل بصورة مباشرة.
وقد يؤشر رد نتنياهو العنيف على حجم الورطة التي يشعر بها والتي من المتوقع ان تكون القشة التي تنهي مشواره السياسي وتطلعاته في الاستمرار على رأس الهرم السياسي وادارة المؤسسة السياسية في البلاد.
وفق المعلوم فان ما يحصل في اسرائيل عبارة عن صراع بين المؤسسات، فالمؤسسة القضائية تريد ان تحكم قبضتها على القرارات في محاولة منها لتحجيم دور الكنيست، بينما يتهمها من يقف الى جانب حزب الليكود بالقضاء على الصورة الديمقراطية التي تعيشها اسرائيل.
ان اعلان المدعي العام يمكن ان يكون بداية لعملية معقدة يمكن ان تستمر شهور في انتظار صدور القرار من الكنيست، وهذا قد يفسح المجال امام نتنياهو لتقديم استقالته والهروب من نتائج التهم الموجه اليه والتي من المتوقع ان تضعه حبيس خلف القضبان.
نتنياهو في هذه المرحلة لا يهمه ان يحرق الاخضر مع اليابس كما يقال في سبيل ضمان عدم الوصول الى مصيره المؤكد واخضاعه للمحاسبة القضائية، وهذا بحد ذاته ما يمثل الخطر الحقيقي على اسرائيل التي تواجه الآن ازمة حقيقة تعصف بالهيكل الديمقراطي فيها.
اذا تمكنت احد الجهات من الخروج من تحت معطف نتنياهو فان ذلك سيقرب احتمالية تشكيل حكومة اسرائيلية بعيدا عن زعيم الليكود المتشبث بالسلطة، وبالنتيجة يتم تشكيل حكومة وحدة قومية تحتوي على جميع المكونات.
حزب الليكود اذا اراد خوض السباق في الانتخابات القادمة عليه ان يقدم زعامة جديدة قادرة على استيعاب جميع الاطراف والكيانات السياسية تضع في حساباتها المصلحة الوطنية اولا.
فنتنايهو لا يزال يلعب على وتر تعميق الفاشية والنضرة الاحتلالية لاراضي لا يحق له ضمها لاسرائيل وفق جميع الانظمة الدولية والاعراف المتبعة عالميا، فهو كثيرا ما ينادي بتحقيق الحلم الاسرائيلي وزيادة رقعة الاراضي على حساب حرية الشعوب والاستهانة بمقدراتها.
جميع هذه الرؤى تتماشى ورغبة بعض من المتطرفين الذين يدفعون بتجاه تحقيق الاستيطان ليس فقط في الاراضي الفلسطينية وانما في الجولان وغيره من الاراضي المحاذية للحدود الاسرائيلية، فهو بالتالي يعتمد على تلك القاعدة الشعبية لخوض الانتخابات القادمة وربما ينجح في تحقيق هدفه.
رسالة وجهها نتنياهو الى اليمن مفادها اذا اردتم البقاء في الحكومة عليكم عدم التخلي عني، وهذا في الحقيقة يصطدم مع التوجهات الداخلية في حزبه في ظل بروز بعض الاصوات التي تريد استبداله بشخصية اكثر مقبولية واكثر حرصا على اشاعه السلام بين شعوب المنطقة.
السيناريوهات المطروحة في حال الذهاب الى انتخابات ثالثة فهي كما حدث في العمليتين الماضيتين وهو قيام الشعب بالتصويت للاحزاب الكبيرة التي يعلم بدورها في العملية السياسية بصورة عامة مبتعدا عن الكتل التي لا حول ولا قوة لها امام سلطة الاحزاب صاحبة النفوذ والتأثير الكبيرين، وفي ظل هذا التوصيف فان من المتوقع ان يبقى حزب الليكود وتكتل ابيض ازرق الى جانب القائمة العربية الاقل تأثيرا هي الجهات اللاعبة والمؤثرة في الشارع الاسرائيلي.
اضف تعليق