q
الحكومة المقبلة قد تختلف كثيرا عما يتوقعه الشعب والمراقبون فهنالك خيارات كثيرة واحتمالات تشكيل تحالفات جديدة واردة جدا، نأخذ اقرب الاحتمالات للتحقق هو ابرام تحالف بين ازرق ابيض والقائمة المشتركة التي من الممكن ان تلعب دور بيضة القبان المرجح لعملية تشكيل الحكومة، خصوصا مع وجود جهة أخرى...

مراكز الاقتراع في اسرائيل فتحت ابوابها في أول انتخابات إعادة للكنيست في تاريخ البلاد، سعى عبرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتمديد ولايته بعد نكسة انتخابات أبريل الماضي وفشله في تشكيل الحكومة بعد تكليفه من قبل رئيس الدولة.

ربما يكون الحديث عن نتائج الانتخابات مبكرا كون النتائج الرسمية لا تزال غير محسومة ولم يعرف اي الكفتين سيحصل على الاغلبية ومن ثم يشرع بتشكيل الحكومة التي فشل بتشكيلها بنيامين نتنياهو في نسيان المنصرم، وعلى مايبدو ووفق نتائج الاستطلاعات الاولية فأن لايوجد منتصر في الانتخابات الرئاسية لغاية الآن كون ليس بأمكان نتنياهو وغانتس تشكيل الحكومة بأغلبية مريحة.

بهذه الحالة اصبح رئيس حزب اسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان هو من يمسك بزمام الامور لتعين الملوك، ما جعله يطالب بتشكيل حكومة وفاق وطني تضم حزب الليكود وابيض ازرق وغيرها من الاحزاب التي تمارس العمل السياسي في البلاد.

وقد لا تأتي الانتخابات الحالية بجديد وفق النتائج الاولية، لكن هنالك ثمة اختلافات عن سابقتها تتمثل بأحتمالية تشكل الاحزاب اليسارية والمعسكر الديمقراطي تكتلا يضم عشرة مقاعد في الكنيست اي زيادة في عدد مقاعدهم، بينما لم يستطع اليمين المتطرف من المرور الى الكنيست، وحسب النتائج المبدئية فأن نتنياهو خسر الجولة مقارنة بغانتس ومن المرجح يفسح المجال لمنافسه لتشكيل الحكومة المقبلة.

كذلك ومن ضمن الاختلافات الحالية هو ارتفاع نسبة مشاركة الناخبين العرب اذ وصلت الى ما يقرب الستين بالمئة وهو ما لم نشاهده في الانتخابات الماضية، ولكن هذا لا يعني بطبيعة الحال ان جميع المصوتين ذهبت اصواتهم الى الاحزاب العربية ومع ذلك فقد تمكنت القائمة المشتركة من حصد اثنى عشر مقعدا وهو ما يعد تقدما بحد ذاته.

القائمة المشتركة وفي حال احتفظت بمقاعدها فأن ذلك سيمنحها القدرة على مساومة من يشكل الحكومة عبر الضغط عليه وانتزاع مزيد من الامتيازات التي تعمل على تحسين واقع المواطن العربي داخل اسرائيل، الى جانب ذلك فربما تكون الجبهة الثالثة في الكنيست ما يجعلها قادرة على ان تكون جبهة معارضة تقوم بدور مهم ومميز اذا ما اردنا قياس دورها في الحكومات المتعاقبة.

ويعتبر فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي عقب انتخابات أبريل من أكبر الهزائم في حياته السياسية، ما دفعه لاجراء مباحثات قبل قيام رئيس الدولة بتكليف غيره لتشكيل الحكومة.

ما يحيط بنتنياهو من مخاطر جعله يقضي الفترة الأخيرة بالترويج والاعلان عن عزمه ضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة والذي يمثل ثلث مساحتها في محاولة لجذب القوميين اليمينيين الذين يمثلون مفتاحا لإعادة انتخابه لتعزيز الإقبال على التصويت بين صفوف قاعدته الانتخابية.

الى جانب آخر من هذه الانتخابات فيمكن ان تتوضح لنا خارطة التحالفات المقبلة بين الكتلتين الكبيرتين حزب الليكود وازرق ابيض وتشكيل حكومة، وهذه الاحتمالية يصعب تحويلها الى واقع ملموس مالم تظهر النتائج الحقيقة والرسمية فقد تفاجئنا النتائج بفرق كبير وتذهب تلك التخمينات بمهب الريح.

المهمة لم تكن باليسيرة امام تحالف ازرق ابيض فهو لا يستطيع تشكيل حكومة بعيدا عن حزب الليكود وليبرمان، فأذا اراد الابتعاد فعلا عليه الاقتراب من احد الاحزاب الارثوذكسية التي يصفونها بالمتطرفة وهذا امر لم يقدم احد عليه وبهذا تبقى الدائرة مغلقة امام الاحزاب المسيحية.

الحكومة المقبلة قد تختلف كثيرا عما يتوقعه الشعب والمراقبون فهنالك خيارات كثيرة واحتمالات تشكيل تحالفات جديدة واردة جدا، نأخذ اقرب الاحتمالات للتحقق هو ابرام تحالف بين ازرق ابيض والقائمة المشتركة التي من الممكن ان تلعب دور بيضة القبان المرجح لعملية تشكيل الحكومة، خصوصا مع وجود جهة اخرى تريد ان تلعب هذا الدور وتحديدا ليبرمان.

الوضع القائم حاليا ووفق النتائج التي افصحت عنها الاستطلاعات التي اجرتها بعض المؤسسات الاعلامية الاسرائيلية، هو وجود مؤشر يؤكد تراجع المعسكر اليميني بصروة كبيرة، وهو ما يؤكد عدم تسنم نتنياهو لرئاسة الحكومة في ظل الظروف الحالية، ومن المرجح ايضا ان تبقى القائمة المشتركة خارج نطاق الحكومة وتترأس في الوقت ذاته الجهة المعارضة في البرلمان، اذ يعتبر ذلك من المواقع المرموقة في الحكومات بصورة عامة.

فالاوساط السياسية لاتريد الانزلاق الى معركة انتخابات ثالثة في عام واحد، لذا انها ادركت ضرورة المباحثات لتشكيل حكومة وفاق وطني تضم الاحزاب السياسية المتنافسة من اجل الجلوس على كرسي السلطة، وهنا يتوجب على رئيس الدولة ان يأخذ نتيناهو في احدى يديه ويضع في الاخرى غانتس للمضي نحو تشكيل الحكومة.

ربما يكرر في المرحلة الحالية السيناريو الذي واجهه نتنياهو في تشكيل الحكومة، وقد تخرج الاحزاب السياسية من عنق الزجاجة وتثبت للعالم قبل الحلفاء ومن بينهم امريكا انهم قادرين على حلحلة الازمات وتلافي المشكلات.

وبقى علينا ان لا ننسى اهمية الدور الامريكي ومكانة نتنياهو لدى ترامب، الذي من الممكن ان يقدم على تسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين المتنافسين وابقاء بنيامين على رأس الهرم من اجل الاستمرار في تحقيق المشروع الامريكي فيما يخص صفقة القرن وجعل القدس عاصمة اسرائيل، وما علينا سوى الصبر قليلا لنرى كيف تنتهي اللعبة السياسية بعد الانتخابات الاسرائيلية.

اضف تعليق