هل تخشى الأنظمة السياسية في المنطقة من التأثر السياسي للوجود الشيعي إقليميا وتأمن جانب الوجود السنّي بوصفها أنظمة سنّية؟.. كلاهما يشكل خطورة بنفس المقدار لكن مظاهر الشدّة في التعاطي مع الوجود الشيعي ظاهرة تشكل الإجراء المضاد الأوسع انتشارا. حجم الخطر الشيعي المحلي في منظور الأنظمة...
لا يستهان بالوجود الشيعي في منطقة الخليج من حيث تأثيره على الأوضاع السياسية سواء بتدخل مباشر منه من خلال تفاعلات إقليمية أو بثقل وجوده في صورة نظام اجتماعي قائم مستقل بذاته عن التفاعلات الإقليمية. وهذه حقيقة يدركها الجميع في المنطقة.
هل تخشى الأنظمة السياسية في المنطقة من التأثر السياسي للوجود الشيعي إقليميا وتأمن جانب الوجود السنّي بوصفها أنظمة سنّية؟.. كلاهما يشكل خطورة بنفس المقدار لكن مظاهر الشدّة في التعاطي مع الوجود الشيعي ظاهرة تشكل الإجراء المضاد الأوسع انتشارا.
حجم الخطر الشيعي المحلي في منظور الأنظمة الحاكمة في الخليج مقدّر بوجود بلدين شيعيين جارين عظيمين جغرافيا وديمغرافيا يقودانهما نظامان منبثقان عن فئة المتضررين من نظامين مستبدين هالكين "بهلوي" و"الصنم" فكانت الخشية من شيعة الأوطان في اول الأمر احترازية ولكنها متطرفة جدا.
إن المعالجة السياسية الخاطئة والمتشدّدة للوجود الشيعي في أوطان منطقة الخليج مع تجاهل حجم الثقل الشيعي العظيم في المنطقة المتمثل في وحدة ثقافية أصيلة عميقة الجذور ومضطهدة طائفيا في السيرة التأريخية وباحثة عن سبل التعويض الحضاري سيجعل من الاستقرار وهما وسرابا.
كان المتوقع استجابة إقليمية لمتطلبات استقرار بلدين ناميين على دين التشيّع وحظوة سياسية يكتسبها الوجود الشيعي في الأوطان الخليجية في إطار منهج الاحتواء بناء على تقدير حجم الثقل الاجتماعي العظيم في المنطقة ولكن سوء التقدير وضغط الحرب الباردة الجديدة حالا دون ذلك.
فإن لم تستطع القوى العظمى المؤثرة في التوازن الاستراتيجي في الخليج الحيلولة دون نمو بلدين شيعيين عظيمين باتا يقرران مصير المنطقة كلها فهل ستتمكن دول الخليج من معالجة هذه الحال بإحكام القبضة الأمنية على الوجود الشيعي في الأوطان؟!
من الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ترتكبه نظم الخليج النّظر الى الوجود الشيعي العظيم في المنطقة من خلال تقويم أداء النظامين السياسيين في العراق وايران. فهما في النظر الشيعي نظامان يمثلان الوجه الوطني في بلادهما ولا يمثلان الوجود الشيعي التأريخي العظيم.
وكذلك تخطئ هذه الأنظمة الرؤية لأداء أطراف المعارضة الشيعية.. المعارضة الشيعية تمثل الأداء الوطني المحلي ولا تمثل الوجود الشيعي العظيم في المنطقة، ومن السذاجة انْ يُحمّل الوجود الشيعي في المنطقة كله وزر الأداء السياسي للنظم وللمعارضة.
ربما يقول قائل انّ نظم دول الخليج تدرك تماما أنّ المعارضة لا تمثل الوجود الشيعي في المنطقة ولا في الأوطان وتدرك أيضا ان العراق وايران لا يمثلان الوجود الشيعي التاريخي الكبير، وتدرك أيضا ان اداءهما وطني خالص، ولكنها شاءت ان لا تعترف بذلك لدوافع ومنطلقات سياسية!
تلك هي الطامة الكبرى التي وقعت فيها أنظمة الخليج وأدت الى تحول الخلاف من دائرته الوطنية الضيقة الى الفضاء الدولي في جهته الاستراتيجية والفضاء الديني في جهته الثقافية. وفي سعة الفضائين بدأت مرحلة تيه بني إسرائيل.
هل نبرئ ساحة المعارضة "الوطنية" بلونها الشيعي من خطأ التعسف في تمثيل الوجود الشيعي؟!.. تدبير المعارضة في هذا الشأن لم يكن دقيقا ولم تأخذ حذرها، فجُرجرت من عنقها تحت ضغط أزمة العلاقة بين طرفي ضفتي الخليج فتعسفت فتجاوزت صفتها الوطنية وانفردت بتمثيل الوجود الشيعي في الأوطان على وجه سياسي مشكك لا على وجه الحقيقة.
كما لا نبرئ سوء تدبير المعارضة في فن معالجة الحال التنافسية بين أطرفها تحت ضغط شدّة الصراع بين طرفي ضفتي الخليج وكان أحد أهم الأسباب في بروز ظاهرة ادعاء تمثيل الوجود الشيعي بفردية حزبية استفزازية فجّة حادة.
إن الصراع القائم في المنطقة سياسي دولي إقليمي صرف لا وجود فيه لتمثيل الشيعة والتشيّع على وجه الحقيقة، لا على مستوى الدول ولا على مستوى جهات المعارضة.. التشيّع في المنطقة وجود ثقافي أصيل عظيم عميق الجذور ولا يقاس بمبادئ سياسية ما زالت تمثل في التأريخ تجارب فاشلة.
اضف تعليق