يشهد العراق الان مرحلة انتقالية وربما مرحلة اصلاحات جديدة، بعد استلام رئيس الحكومة الجديد العبادي في سبتمبر 2014، وتتزامن هذه المرحلة الانتقالية مع التحالف الدولي لمواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي كان ومازال يمثل تهديدا الى امن العراق. مايجري الان هو انقاذ العراق من خطر يتجاوز التقسيم وتغيير خارطته جغرافيته. التهديد الذي كانت بغداد تواجهه، يتمثل بإيجاد شرعية دولية بقيادة الولايات المتحدة، للتدخل العسكري ضد بغداد تحت باب مكافحة تنظيم داعش "الدولة الاسلامية". التهديد ينعكس في الخلاف مع اقليم كوردستان ومابين الحكومة المركزية وزعامات عشائرية وسياسية في المنطقة الغربية والشمالية من العراق وارتباطها المباشر مع الولايات المتحدة وبريطانيا. السيناريو الليبي الذي اطاح بالقذافي 2011 ـ 2012 وانتشار الفوضى في ليبيا ربما كان بانتظار العراق تحت "شرعية" دولية،الفصل السابع.
قرار مجلس الامن
صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع يوم 15 اوغست 2014، على قرار قطع التمويل عن كل من تنظيمي داعش "الدولة الاسلامية" وجبهة النصرة. جاء قرار مجلس الأمن رفضا لممارسات تنظيم داعش ـ" الدولة الاسلامية" واعتمد القرار تحت الفصل السابع. وضع القرار ستة أشخاص على القائمة السوداء لارتباطهم بالجماعتين المسلحتين وتجميد أصولهم وفرض حظر على سفرهم وتسليحهم، فإن مجلس الأمن يهدد بفرض عقوبات على أي شخص يساعد الجماعتين الإرهابيتين. وجاء في القرار إن مجلس الأمن يعرب عن استعداده للنظر في إدراج الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات التي تقدم الدعم "لتنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة، بما في ذلك وضع من يقومون بالتمويل والتسليح والتخطيط والتجنيد لهاتين الجماعتين على القائمة السوداء.
معالجة الفساد في الدفاع والامن
كشف وزارة الداخلية في ديسمبر 2014 ان وزير الداخلية محمد الغبان، اصدر اوامر بتوقيف امر فوج طوارئ بغداد العقيد رياض عبد الحسين وضباط اخرين بعد تورطهم بظاهرة "الفضائيين" وملفات فساد اخرى وامر الغبان بتشكيل لجنة تحقيقية بحقهم وتحويلهم الى القضاء. وتعرف ظاهرة "الفضائيين" بانهم الجنود او عناصر الشرطة الوهميين الذين يتقاضون رواتب يحصل القادة الفاسدين على جزء كبير منها وتكلف الدولة العراقية مليارات الدنانير شهريا. وكشف رئيس وزراء العراق العبادي عن وجود خمسين ألف جندي وهمي في اربع فرق عسكرية تابعة لوزارة الدفاع وسبعون الفا في الداخلية، في خطوة جديدة في اطار مكافحة الفساد التي يجريها في المؤسسة العسكرية منذ توليه المنصب واعتبر الفساد في المؤسسة الامنية هو الاخطر، ويتوقع ان التحقيقات سوف تكشف عن فسادا اكثر. ويقول معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، إن بغداد أنفقت 7.9 مليار دولار على الدفاع في 2013.
عصابات مسلحة
اعلنت قيادة عمليات بغداد في ديسمبر 2014عن المباشرة بتنفيذ اوامر القائد العام للقوات المسلحة بحجز المركبات الحكومية والمدنية التي لا تحمل لوحات تسجيل، واكدت القاء القبض على عدد من عصابات للخطف في بغداد، يشار ان بعض العمليات تمت بـهويات رسمية مزورة تحمل صفة حمايات المسؤولين. تحقيقات وزارة الداخلية كشفت مؤخرا عن عمليات خطف، تحديدا الاطفال، بهدف المساومة، بعض الجماعات المتورطة اعترفت بأنها كانت قريبة من بعض المسؤولين العراقيين وعلى مستوى قيادات سياسية وبرلمانية فاعلة بالحكومة ومن داخل دائرة علاقاتها الرسمية والاجتماعية، لكن ذلك لا يعني تورط تلك القيادات بمثل هذه العمليات الخارجة عن القانون. واتخذت الداخلية قرار بتشكيل خلية تعنى بمعالجة حالات الخطف ووحدة تحقيقية والتعامل مع هذه العصابات باعتبارها مجموعات ارهابية.
اللجنة الامنية في البرلمان
لقد نص الفصل السابع من الدستور الرقابة التشريعية المادة 23 خلال الفترة الانتقالية (والتي تعرف لتعني الفترة الواردة في المادة 2 فقرة أ من قانون ادارة الدولة العراقية للفترة الانتقالية) بان تجري الرقابة التشريعية على هيئة المخابرات الوطنية العراقية من خلال لجنة الهيئة المعتمدة في السلطة التشريعية الوطنية. يتم اجراء هذه الرقابة من خلال احدى لجان الهيئة المعتمدة في السلطة التشريعية الوطنية بعد وضع الدستور الدائم. وتتألف من ثلاثة عشر عضوا وتشرف على اداء الاجهزة الامنية والاستخبارية وتناقش نجاح او فشل الاجهزة الامنية بتوفير الامن والحماية.
الامن القومي في الدستور العراقي
إن استرايجية الامن القومي العراقي تعتبر الخطوط العريضة التي تتبعها الحكومة لتحقيق المصالح الوطنية و مواجهة التهديدات المحتملة، وبتعريف بسيط، الامن القومي يعني حماية الدولة الى مواردها ومصادر الثروة ومواطنيها. وقد نص الدستور العراقي في المادة 110 لعام 2005 ان سياسة الامن القومي هي من واجبات الحكومة الاتحادية، لذا فان استراتيجية الامن القومي تمثل مطلبا دستوريا تقدمه الحكومة لتبين رؤيتها للمصالح الوطنية وكذلك التهديدات وكيفية مواجهتها. ونصت المادة (9) من الدستور على أن تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي وتخضع لقيادة السلطة المدنية ولا دور لها في تداول السلطة وتدافع عن العراق ولا تكون اداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها ويحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة ولا يجوز للقوات المسلحة العراقية وافرادها الترشيح في الانتخابات ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها.
اهم المؤسسات الاستخبارية
• وزارة الامن الوطني ـ جهاز الامن الوطني، تقابل الامن العامة في النظام ماقبل 2003 وترتبط بـ رئاسة الوزراء.
• جهاز المخابرات الوطني العراقي، مرتبط برئيس الحكومة ويخضع لرقابة البرلمان.
• مديرية الاستخبارات العسكرية ـ وزارة الدفاع.
• وزارة الداخلية ـ وكالة التحقيقات الوطنية بوزارة الداخلية ـ المديرية العامة للامن والاستخبارات.
• مكافحة الارهاب، ترتبط في وزارة الداخلية.
• إستخبارات الداخلية ـ وزارة الداخلية، ويكون واجبها الاشراف على اداء منتسبي ومقاتلي وزارة الداخلية، وتنفيذ مهام اخرى متعلقة في مكافحة الارهاب.
تشكلت المديرية العامة للاستخبارات عام 2006 لدعم عمل وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية فيما يخص الخدمة السرية في عموم العراق من خلال مديريتان رئيسيتان هما :-
• مديرية إستخبارات بغداد
• مديريات إستخبارات المحافظات
• مديرية إستخبارات الشرطة الاتحادية التي تقوم بجمع المعلومات الاستخبارية عن التنظيمات الارهابية.
اللجنة الوزارية للامن الوطني
تشكلت اللجنة بموجب القوانين والاعراف المتبعة في حالة الحرب وتماشيا مع قرارات مجلس الامن الوطني الدولي ذات الصلة بمافيه القرار رقم 1483 والقرار 1511 2003 وتذكيرا بقرار مجلس الامن الوطني الدولي رقم 1483 2003، ابرز مهامها هو تنسيق العمل بين الوكالات المختلفة والوزارات خاصة ما يتعلق في مواجهة الارهاب. اللجنة هي الجهة الرئيسية لاتخاذ القرارات المتعلقة بهذه القضايا على المستوى الوزاري. وتضم اللجنة وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية ووزير العدل ووزير المالية. تتضمن عضوية اللجنة الوزارية للأمن القومي مستشارين دائمين وهم كبير المستشارين العسكريين والمدير العام لوكالة الاستخبارات القومية العراقية ومستشار الامن الوطني.
يمتلك العراق عدد من الوكالات الامنية والاستخبارية، لكن الانتقادات التي توجه الى هذه المؤسسات بعدم وجود تنسيق بين هذه المؤسسات تمكنها من التعاون في تعقب المعلومات والاشخاص والمنشئات بالاضافة الى مشكلة التسييس والفساد وعدم كفاءة البعض، وهذا مايجعلها غير فاعلة على الارض.
المرحلة الحالية ربما تستفيد كثيرا من اخطاء المراحل السابقة ومن المتوقع ان تأتي بخبرات جديدة ذات كفاءة وهذا ما يترقبه الشارع العراقي وكذلك الحصول على دعم اطراف اقليمية ودولية. ويشار هنا الى اهمية العلاقات الاقليمية للحكومة العراقية، من اجل الحصول على هذه الخبرات والدعم، ومن ابرز هذه التجارب، هي الجهود المشتركة الى دولة الامارات العربية والمملكة العربية السعودية بدعم جمهورية مصر في مواجهة الارهاب.
اضف تعليق