تماما كما في كل مرة تدار فيها فصول مؤامرة على بلد عربي داخل أروقة مجلس الأمن، كانت فصول المؤامرة الأخيرة ضد اليمن. ومثلما تضمنته قرارات المؤامرات السابقة، تضمن قرار هذه المؤامرة الوصفة نفسها، حيث:
قرار بالحظر على السلاح
قرار بالحضر على الرجال الخمسة من الحوثيين والعسكريين الموالين لعلي عبد الله صالح.
دعوة الدول الأعضاء، ولاسيما الدول المجاورة لليمن، إلى تفتيش كل الشحنات المتجهة إلى اليمن.
مطالبة الحوثيين بوقف القتال، والانسحاب من المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
واقعا ما كان لهذا المشروع المشبوه أن يمرر لو صمدت روسيا على موقفها الأول الرافض، لكن روسيا غيرت موقفها في اللحظة الأخيرة، وقد أثار انهيار سلاح الفيتو الروسي بشكل مفاجئ شكوك وحيرة الكثير من المنصفين، وفي الجانب الآخر، صفق له المؤيدون للعدوان على اليمن معتبرين أنه انتصار مفاجئ غير متوقع. أما نحن فنرى أن هناك صفقة مشبوهة تفوح منها رائحة البترودولار هي التي جعلت الروس يتخلون عن موقفهم الذي كنا نأمل أن يكون معادلا موضوعيا للقوة الأمريكية الخليجية المتحدة.
فما ثمن تبدل الموقف الروسي المتشدد من مشروع القرار رقم 2216 الخاص بالمشكلة اليمنية والمقترح من قبل محميات الخليج العربي من فيتو متكرر عرقل تمريره عدة مرات؛ إلى مجرد امتناع عن التصويت لا وزن له؟
وما علاقة سلسلة الاجتماعات واللقاءات السرية التي تمت بين السفير الروسي لدى السعودية "أوليغ أوزيروف" مع وزير الدفاع السعودي "محمد بن سلمان" بتنسيق مع الإدارة الروسية، والتي كان آخرها اجتماع احتضنته مزرعة الدرعية في قصر العوجا بالرياض قبل أيام؟.
هل كان الدب الروسي يمارس لعبة التاجر الماهر، فنجح بتحقيق صفقة العمر من هذا المشروع، أم أن السعودية ابتزته فرضخ لمطالبها؟
وهل أن تمرير المشروع الخليجي يعد انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا لـ"عاصفة الحزم" وتأكيدًا لشرعيتها ولقوة السعودية ودول الخليج والتحالف، أم يعد نجاحا للعقل المالي السعودي الذي نجح في تجاوز عناد روسيا من خلال التلويح أمامها بأرقام تحلم بها ولا تتوقع الحصول عليها بهذه السهولة؟.
وما موقف الحكومة الباكستانية التي لوح السعوديون أمامها بالأرقام، فلم ترضخ لهم؟ هل ستبقى مصرة على موقفها، أم أن التبدل الروسي سوف يغريها لكي تبدل موقفها مرة أخرى؟
وما السر في تصويت (14) عضوا من أصل (15) عضوا من أعضاء مجلس الأمن بالموافقة على مشروع القرار الخليجي بشأن اليمن، لتكتفي روسيا العضو الخامس عشر بالامتناع عن التصويت فقط، حيث لم نجد من يمتنع عن التصويت أو يصوت ضد، وهي حالة نادرة في مجلس الأمن؟
وهل تأتي هذه التبدلات وتغيير المواقف الفجائي ليؤكد أن السياسة هي "فن الممكن" أو ليثبت أنها مثل الإرهاب لا دين لها، وان لكل شيء في الوجود ثمن، والأثمان تقدر حسب أهمية الموقف لا حسب قربه من الحق والصواب والشرف؟!
اضف تعليق