مع نهاية كل دورة برلمانية او دورة لمجالس المحافظات في العراق تتصاعد الدعوات لتأجيل الانتخابات وتمديد عمل تلك المجالس، ومقابل دعوات التأجيل يختلف الفرقاء السياسيون في الحلول البديلة للتأجيل، بين من يدعو الى التمديد وبين من يدعو الى حل تلك المجالس لإنهاء المدة المقررة، ففي...
مع نهاية كل دورة برلمانية او دورة لمجالس المحافظات في العراق تتصاعد الدعوات لتأجيل الانتخابات وتمديد عمل تلك المجالس، ومقابل دعوات التأجيل يختلف الفرقاء السياسيون في الحلول البديلة للتأجيل، بين من يدعو الى التمديد وبين من يدعو الى حل تلك المجالس لإنهاء المدة المقررة، ففي موضوع تأجيل انتخابات مجلس النواب يقف الجميع ضد هذه الفكرة بعدها مخالفة لنص صريح في الدستور الذي اشار الى ان مدة عمل مجلس النواب هو اربع سنوات تبدا من اول جلسة (المادة 56، اولا)، في حين تبدا التفسيرات والاختلافات اكثر وضوحاً وجدلاً عندما يكون التمديد متعلق بعمل مجالس المحافظات كون ان الدستور لم يحدد مدتها الزمنية بنص صريح.
وهنا نقول ان قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 النافذ قد اشار اشارة واضحة في (المادة 48) منه الى ان مدة الدورة الانتخابية لمجلس المحافظة والقضاء بــــ(4) اربع سنوات تقويمية تبدا بأول جلسة لها، لكن في الوقت نفسه اشارت المادة (6 ثانياً) من القانون اعلاه الى امكانية تأجيل الانتخابات ضمن صلاحيات مجلس الوزراء بالتشاور مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لكن هذه المادة لم تحدد مدة التأجيل وتركت ذلك على صيغة العموم.
ومن هنا نجد ان دعوات اعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وكذلك دعوات اعضاء مجلس النواب لإمكانية تمديد عمل مجالس المحافظات معتمدة اعتمادا كليا على نص قانون رقم (12) وليس على نص دستوري كما في انتخابات مجلس النواب.
وهنا التساؤل هل تمديد عمل مجالس المحافظات يتوافق مع الدستور ام هو اجراء مخالف للدستور؟ وهل نذهب مع دعوات التمديد ام نذهب مع دعوات حل تلك المجالس؟ والاهم من جميع التساؤلات التي تثار هنا هو ما هي الاسباب التي دعت الغالبية الى رفض فكرة تمديد عمل مجالس المحافظات؟
ان اسباب رفض التمديد كثيرة ولا يمكن حصرها بفكرة واحدة، فقد يذهب البعض الى القول الى ان هذا التمديد مخالف للدستور من باب التداول السلمي للسلطة وحق المواطن في الترشيح والانتخاب كما اشار الدستور الى ذلك (المواد 5-6-20)، وحين هناك من ذهب الى الرفض بالقياس الى المدة الممنوحة لمجلس النواب بالدستور اربعة سنوات فمن غير الممكن ان تكون دورة مجالس المحافظات اكثر من دورة مجلس النواب عند التأجيل، ورفض البعض الآخر مطلب التمديد لكون المواطنين الذين اشتركوا في انتخابات مجالس المحافظات القائمة انتخبوهم لمدة اربع سنوات وهي المدة المعلومة لكل من شارك بالتصويت.
وفي اطار الخلاف والجدل نقول ان تمديد عمل مجالس المحافظات يجب ان يكون مبررا ومقنعا وان يكون التمديد لمدة لا تزيد عن سنة واحدة، ولا يمكن ان تترك مدة مجالس المحافظات لأهواء اعضاء مجلس النواب و رغباتهم وآرائهم الشخصية كونها مصلحة وطن من جهة ودور تلك المجالس يزداد أهمية في ضوء تفعيل نقل الصلاحيات من بعض الوزارات الى مجالس المحافظات وعند اذ ستكون مهمتها جوهرية لا يمكن الاستغناء عنها او تجميد عملها.
والغاية من تحديد سقف زمني ملزم لانتخابات مجالس المحافظات الغاية منه حتى لا يكون هناك استئثار بالسلطات المحلية التشريعية، اضافة الى انهاء تلك الازمة التي تفتعل سنوياً مع كل دورة انتخابية، لان ترك الموضوع دون حزم سوف يبقى مدعاة للخلاف والاختلاف بين الفرقاء السياسيين، ولذلك يمكن القول ان دعوات التمديد المتكررة ما هي الا محاولات لترحيل المشكلة وليس لحلها.
ومما سبق يتضح ان تمديد عمل مجالس المحافظات أفضل من حل تلك المجالس لأسباب عديدة لعل من اهم تلك الاسباب:
1- غياب مجلس المحافظة يعني غياب ركن اساسي ودستوري من السلطات المحلية التي اشار اليها الدستور والقوانين لاسيما قانون مجالس المحافظات النافذ.
2- غياب مجلس المحافظة يتسبب بفراغ تشريعي محلي.
3- غياب مجلس المحافظة يساعد على استئثار المحافظ بالسلطة المحلية لوحده.
4- غياب مجلس المحافظة يعني تجميد الاموال المخصصة للمحافظة.
وفي نفس الوقت نقول ان بقائها (التمديد) حوله عدد من الاشكاليات من ابرزها:
1- التمديد غير مبرر وغير محدد بمدة زمنية ملزمة يجعل المشكلة مدعاة للتكرار والاستمرار.
2- التمديد يجعل المجالس بموقف قانوني و دستوري حرج كونها منتهية الصلاحية.
وفي خاتمة القول لا يمكن لنا ان نتصرف اي تصرف فيه اي مخالفة للدستور او القانون النافذ بمعنى ان اي دعوة لإلغاء مجالس المحافظات لا يمكن قبوله الا بتعديل الدستور الذي اشار اليها اشارات واضحة لا تقبل التأويل، وأي دعوة الى تمديد العمل يجب ان تكون وفق تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات النافذ رقم 12 لسنة 2018، وكل دعوة لا تسند الى الدستور والى القانون تعد دعوة غير قانونية وغير دستورية.
وحل الاشكالية السابقة تكون بالانتقال من التخاصم على فكرة التمديد او التجميد الى التدافع في ايجاد حلول لكل المعوقات التي تؤدي الى التمديد، فلا يمكن معالجة الخطأ بالخطأ الاكبر، لان التمديد قد تكون خطوة خاطئة لكن تجميد او حل المجالس خطوة أكثر خطورة، لذلك لا يمكن المجازفة في ظل الظروف الامنية والعسكرية والسياسية التي يمر البلد الذي يعاني من مشاكل كثيرة بمعنى أدق لا يمكن ان تضاف هذه المشكلة الى المشاكل والازمات القائمة بل هناك ضرورة لحل المشاكل وليس ترحيلها.
ولعل أبرز المشاكل التي تساهم في تأجيل انتخابات مجالس المحافظات كما اعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، هي المخصصات المالية اضافة الى التحضيرات اللوجستية المتعلقة بسير اجرائها، لذلك بدل من الانشغال بموضوع التمديد او الالغاء يفترض حل هاتين المشكلتين وتذليل جميع الصعوبات التي تواجهها المفوضية من حيث اقرار القانون او تعديله والتصويت على الموازنة العامة واقرارها.
اضف تعليق