q
في جبهتي المقاطعة والمشاركة هناك نية لخدمة الوطن، وان اختلفت الوسائل، هناك طريق للتغيير يراه مواطنون سالكا بالمقاطعة، وهناك من يرى التغيير يأتي بالمشاركة، وهذه هي الأجواء الديمقراطية، لكن ان يصل الحال الى اتهام أي منهما بالتآمر على البلد او خدمة الأحزاب الحاكمة فهذا ظلم ما بعده ظلم...

قال زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، صباح يوم الانتخابات، ان هناك من يحاول اجبار بعض الناخبين باختيار قوائم محددة، وإذا ما تعرض المواطن لضغوط فعليه عدم الادلاء بصوته لان العملية الديمقراطية قائمة على ممارسات أساسها حرية الاختيار وليس الاجبار، بحسب ما قال المالكي في تصريحه لقناة "افاق".

بهذا التصريح يتبين ان المالكي واي سياسي اخر يقرون ويدعون الناخب العراقي الى ان يختار من يستحق صوته او الامتناع عن هذه الممارسة في حال واجه صعوبات تمنعه من إيصال المرشح المناسب، لكن المالكي وفي نفس حديثه لقناة افاق صباح يوم الاقتراع قال ان مقاطعة الانتخابات هي خطأ فادح في معادلة غير متوازنة.

ما يقوله المالكي هو في حقيقته نبض الشارع العراقي الذي يعيش حالة من النقاش المكثف حول المشاركة او الامتناع عن الانتخاب، بالإضافة الى نوعية المرشح الذي يجب اختياره، وما بين هذا النقاش برز مفهوم المواطنة الصالحة باعتباره هوية لفريق يستحق ان يتقلدها بينما يجب انتزاعها من فريق اخر نتيجة سلوكه غير الصحيح.

أساس النقاش بدأ بسبب الحملات التي تدعو لمقاطعة الانتخابات، والتي ترى ان لا وسيلة لها للتغيير الا اعلان الاعتراض العام على سوء الأوضاع العامة في البلاد، من حيث نقص الخدمات الأساسية وغياب البنية التحتية المدمرة، وانعدام الخطط الاستراتيجية لاقتصاد البلد، واستمرار نظام المحاصصة الحزبية والطائفية التي تحرم الكفاءات من تقلد المناصب العليا بالبلد.

والأكثر خطرا كما يراه المقاطعون هو استمرار ولاء الكثير من الأحزاب العراقية للخارج بالإضافة الى وجود قانون انتخابي غير عادل يمكن ان يسرق أصوات الناخبين ويحولها الى أحزاب لم ينتخبوها لان الكتلة التي انتخبوها لم تصل الى ما يسمى بالعتبة الانتخابية والتي بموجبها يمكن لهذه الكتلة ان يحصل احد مرشحيها على مقعد في البرلمان.

ويرى المقاطعون للانتخابات ان فعلهم هذا ينم عن وطنية عالية لكون الوجود الحالية لا تصلح لتمثيلهم هذا من جانب، ومن الجانب الاخر، يقولون ان القانون الانتخابي يضمن صعود الأحزاب والكيانات التي كانت السبب في الوضع السيء للبلد، لذلك فهم يقولون ان عدم المشاركة هي نوع من انتزاع الشرعية من الأحزاب الحالية او التي سوف تفوز أيضا.

في الجبهة المقابلة هناك من يشجعون على المشاركة في الانتخابات ويؤكدون ان الصوت الانتخابي هو امانة الوطن في اعناق أبنائه، ولا يمكن الاحتفاظ به بحجة عدم وجود شخصية تستحق تمثيل المواطنين بالبرلمان، بل ان عدم المشاركة في رأيهم تعني صعود الأحزاب التي لا يريدها الشعب، على اعتبار ان تلك الأحزاب تستطيع تحشيد جماهيرها من خلال الخطاب الطائفي او العنصري المغالي لدفع اكبر عدد من الناس لانتخابها كما كان يجري في الانتخابات السابقة.

ويتفق مع وجهة النظر الرائجة هذه رئيس مفوضية الانتخابات السابقة عادل اللامي، الذي قال مساء يوم الاقتراع، ان من لم يشاركوا في الانتخابات ارتكبوا خطأ تاريخيا، لانهم سمحوا للكيانات الحالية بتعزيز مكانتها، وسوف تحصل على مقاعد اكبر من السابق، عن المعترضين عليها لم يشاركوا أصلا.

ومن هذه المعطيات فانهم لا يقومون بفعل يخدم الوطن، او بالأحرى فان فعلهم ينم عن تقدير خاطي يهدد مصالح البلد العليا، وكل ما يترتب خلال الأربع سنوات القادمة.

ويرى المشاركون في العملية الانتخابية انهم جنود التغيير الحقيقيين، وان ما يفعلونه هو الممارسة الوطنية الحقيقية التي ترفع من مكانة البلد لدى الراي العام العالمي، حيث الديمقراطية في ابهى صورها.

الانتخابات من وجهة نظرين المشاركين فيها تعني اقصى درجات الوطنية وعدم التفريط بالأربع سنوات القادمة لصالح جهات قد لا تحافظ على مصالح المواطنين العليا، لذلك فان الصوات الواحد يعني منع حزب او جهة سياسية غير امنية، ويمكن من خلال هذا الصوت إزاحة مسؤول فاسد جثم على قلوب الناس حينا من الدهر.

في جبهتي المقاطعة والمشاركة هناك نية لخدمة الوطن، وان اختلفت الوسائل، هناك طريق للتغيير يراه مواطنون سالكا بالمقاطعة، وهناك من يرى التغيير يأتي بالمشاركة، وهذه هي الأجواء الديمقراطية، لكن ان يصل الحال الى اتهام أي منهما بالتآمر على البلد او خدمة الأحزاب الحاكمة فهذا ظلم ما بعده ظلم.

فمن شارك بالانتخابات لم يكن هدفه الحفاظ على الفساد انما وجد حسب معرفته ان طريق التغيير يأتي بصندوق الانتخابات، ومن قاطع الانتخابات لم يتلقى الأوامر من جهات خارجية كما يروج في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعية، الوطنية تزداد يوما بعد اخر، ولا مجال للانتقاص من أي مواطن مارس حقه الديمقراطي بغض النظر عن الطريقة التي حاول فيها خدمة بلده.

اضف تعليق