في تعاملها مع الأزمات عادة ما تؤكد أمريكا على الجانب الإعلامي كثيرا، ولكي توصل صوتها الناقل لرؤاها وسياستها إلى اغلب شرائح المجتمع في كل مكان حتى أثناء التنقل، اعتمدت البث الراديوي المسموع والفضائي المرئي، واختارت لقنواتها أسماء واعدة فيها الكثير من الإيحاء الرمزي المرتبط بالحرية؛ التي هي حلم البشرية، مثل: (أوربا الحرة) و(راديو الحرية) اللذان وجها أثناء الحرب الباردة من جنوب ألمانيا نحو المستمعين في المنظومة الاشتراكية.
ثم راديو (صوت العراق الحر) الذي كان يسوق فكرة الغزو الأمريكي للعراق بحجة تحريره، وبعد الغزو بدا بث فضائيات (الحرة عراق) التلفزيونية الموجهة للعراقيين، و(الحرة) الموجهة للعرب عامة.
وخلال أحد عشر عاما من التغيير في العراق، والوعود الأمريكية الزائفة بحرية كنا ولا زلنا نتوق إليها، لم نلمس وجود ولو أمل واعد بسيط بحرية تنتظرنا في نهاية النفق المظلم الذي أدخلتنا به.
فهل أن حرية أمريكا التي تعد بها الشعوب المغلوبة على أمرها مجرد زيف ورياء؟، أم أنها طريقة لاستغلال الشعوب واستعبادها، أم هي حرية من نوع خاص، ليس من ذلك النوع الذي تناضل الشعوب من أجله وتقدم الضحايا؟!
لقد جعلتنا الحرية المزعومة التي جاءت بها أمريكا إلينا؛ أكثر عبودية مما كنا عليه، وإذا ما كنا من قبل نعاني ظلم ذوي القربى، فنحن اليوم نعاني الأمرَّين: ظلم أهلنا وظلم عدونا، فكرهنا الحرية، وليس بعيدا أن نكره أنفسنا إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، ولاسيما ونحن نشاهد بلدنا يتفتت وينهار أمام أعيننا، ولا نملك ما نقدمه له سوى حسرة لم تنجح في يوم ما في الحفاظ على بلد.!
اضف تعليق