q

أن يتمايل دونالد ترامب برقصة "العرضة" الشعبية مع العاهل السعودي في مشهد نادر الحدوث، هذا ما لم نكن نتوقع حدوثه بعد أن وجه يوماً ما أصابعه متهماً السعودية وهو يخاطب حشد من مؤيديه قُبيل الانتخابات الرئاسية: "ستعرفون من هو الذي دمر مركز التجارة العالمي"، في إشارة إلى هجمات الـ 11 سبتمبر أيلول.

هذه الصورة أعادها إلى الأذهان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي لم يفضل السكوت عن دعوة الرئيس الأمريكي لعزل إيران في ما يعرف بـ "القمة العربية الإسلامية الأمريكية" في مقال له نصح فيه الأخير بمناقشة سبل تفادي هجوم آخر على غرار هجمات 11 سبتمبر ايلول!.

كلمات ظريف كانت تصور ترامب لقرائه وهو يرقص مع العقول المدبرة لأكبر وأخطر عملية انتكست بسببها واشنطن، وأشعلت منطقة الشرق الأوسط برمتها.

فتوة العالم في الرياض!

وحتى قبل فوزه برئاسة البيت الأبيض، كان يصر ترامب على أن "السعوديين وراء تلك الهجمات.."، لكنه سرعان ما توقف عن تصريحاته العلنية الحادة في هذا الصدد، وأصبحت السعودية أكبر وأهم الدول الحليفة لواشنطن في عهده.

أما السعودية، التي اعتبرت زيارة ترامب بـ "الحدث التاريخي" فلم تتمالك نفسها طيلة فترة وجوده في الرياض لإظهار ظفرها برئيس العالم وهو يتوسط رجالات الدولة السعودية. الأمر بالنسبة للسعوديين يعني الكثير فهم بحاجة إلى كسب رضا "فتوة العالم" وهم يواجهون عدو غامض مثل إيران.

قمة وخصم لدود

يشاطرنا في هذا الرأي أيضاً محللون سياسيون رأوا أن السعودية تسعى من خلال استضافتها الرئيس الأمريكي وقادة ومسؤولين من العالم الإسلامي لهذه القمة الى تعزيز نفوذها الاقليمي على حساب إيران "الخصم اللدود" في منطقة الشرق الاوسط، رغم أنها في الظاهر تأتي "كجزء من استراتيجية أميركية لدفع العالم الاسلامي الى التحرك ضد المتطرفين السنة و الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من ايران وعلى رأسها حزب الله في لبنان"، بحسب مراقبين.

بينما يحاول قادة الدول العربية عبر هذه القمة إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة إلى سابق عهدها بعد أن شوهتها قرارات ترامب المثيرة للجدل، ومنها منع دخول رعايا دول مسلمة، وتصريحاته الداعية إلى محاربة المسلمين كونهم الخطر الأكبر الذي يهدد أمن العالم.

قمة الإسلامية الأمريكية.. ريادة أم رسالة؟

يقول الباحث في معهد " المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية" آدم بارون: "ان استضافة القمة العربية الاسلامية الاميركية مؤشر على الريادة الاقليمية للسعودية، والغرض منه اظهار مدى قدرة المملكة السنية على جمع قادة مسلمين تحت سقف واحد، مع ترامب".

غير أن رئيس لجنة العلاقات العامة السعودية الاميركية سلمان الانصاري يعتبر أن القمة العربية الإسلامية الأمريكية "تحمل رسالة واضحة للنظام الايراني (المتشدد) مفادها أنه سيكون هناك تفاهم كامل واتفاق شامل بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والاسلامي"، في إشارة إلى أن على إيران أن تكف عن مشاكساتها في دول عربية وإسلامية.

ويرى اندرياس كريغ، الباحث في مجال الدفاع في كلية كينغز بلندن، أن الملك السعودي سلمان يسعى الى الاستعانة بالولايات المتحدة لتشكيل "تحالف إسلامي بقيادة سعودية ضد الفكر المتطرف، وضد إيران".

ويعتقد أيضاً "انها استراتيجية مهمة لأنها قد تترجم بإجراءات على الارض وبمساهمات مالية ومشاركات عسكرية وتبادل للمعلومات الاستخباراتية".

السعودية وإيران.. السيّر نحو الأسوأ

حتى الوقت الحالي، لا تزال العلاقات السعودية الإيرانية مقطوعة دبلوماسياً منذ العام الماضي بعد أن اقتحم متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في إيران كرد شعبي على إعدام رجل الدين الشيعي آية الله باقر النمر، وكان ذلك الحدث سبباً قوياً لتدهور العلاقات بين الجانبين، وزاد هذا التدهور سوءاً مقتل المئات من الحجاج الإيرانيين في تدافع أثناء موسم الحج لعام 2015، وعلى إثر ذلك لم يذهب الإيرانيون إلى الحج في عام 2016.

لكن البلدين توصلا فيما بعد لاتفاق بشأن الترتيبات اللازمة لمشاركة الحجاج الإيرانيين في موسم الحج لعام 2017.

وعلى الرغم من التنافس الشديد بين البلدين في ما يرتبط ببسط النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، ودعمهما لحروب طائفية، أبدت إيران رغبتها، في وقت سابق، لإجراء محادثات مع السعودية لتعزيز السلام في المنطقة، لكنها واجهت تصريحات صادمة أدلى بها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تعهد بحماية بلاده مما وصفه بـ "محاولات إيران للهيمنة على العالم الإسلامي".

في تلك الأثناء، قالت إيران أنها ما زالت مستعدة للحوار والتسوية لتعزيز الاستقرار في المنطقة ومحاربة عنف المتطرفين ونبذ الكراهية الطائفية، ودعت السعودية إلى أن "تقتنع بالاستماع لصوت العقل".

وكتب سفير إيران لدى الأمم المتحدة غلام علي خوشرو في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومجلس الأمن الدولي قائلا "ليست لدينا رغبة أو مصلحة في تصعيد التوتر في منطقتنا".

اضف تعليق