يبدو ان بين أمريكا واموال السعودية علاقة وثيقة تشير الى عقد تحالفات جديدة ومصالح خاصة تجسدت بعدة صفقات سياسية وامنية واقتصادية بين الولايات المتحدة والمملكة، بهدف تكوين حلف وثيق بينهما، خصوصا وان السعودية ضاقت ذرعاً من إدارة أوباما السابقة التي كانت تغرد خارج السرب السعودي بسبب سياستها البراغماتية المرنة تجاه بلدان الشرق الاوسط وخصوصا تجاه ايران العدو اللدود للسعودية والخليج، لذا يرى المحللون ان دول الخليج لجأت الى ترامب الحاكم الصاخب المعروف بصرامته الظاهرة في التعامل مع ايران، كون ثقة السعودية في الولايات المتحدة تقوضت عندما رفض الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما شن هجمات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد عام 2013.
بينما قام ترامب مؤخرا بالتدخل العسكري وضرب سوريا لتحقيق اجندة سياسية بفرض توازن القوى والنفوذ في الشرق الاوسط، اذ يرى المحللون أن أمريكا في عهد ترامب الحالي تعاملت مع كل صراع في دول الشرق الأوسط بطريقة مختلفة قليلة، استنادا إلى الوضع الدولي وماضي علاقاتها مع البلدان المعنية.
وتجسد هذا الامر من خلال معطيات ما شهده اليوم الأول لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية بتوقيع العديد من الاتفاقات المشتركة، بلغت 34 عقدا بقيمة إجمالية تخطت 380 مليار دولار. ولاقى ترامب استقبالا حافلا في الرياض تخلله طلقات مدفعية وطلعات جوية، كما تسلم قلادة الملك عبد العزيز. وعقدت قمة ثنائية بين الملك سلمان بن عبد العزيز وترامب للتباحث بشأن قضايا الاهتمام المشترك، تلقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت استقبالا حافلا في المملكة العربية السعودية، وحصد عقودا بلغت قيمتها أكثر من 380 مليار دولار، بينها 110 عقود تسلح تهدف إلى مواجهة "التهديدات الإيرانية".
ويرى المحللون جاءت هذه الصفقات في الوقت الذي تبدو فيه السعودية اليوم دولة مضطربة بامتياز، لما تشهده من انتكاسات سياسية ودبلوماسية متتالية وضعت هذه المملكة الخليجية خلف قضبان العزلة على المستويين الإقليمي والدولي، وهذا ما ترجمته سياستها الخارجية المتناقضة خلال الاونة الأخيرة، لذا نجح ترامب في اقتناص هذه العزلة لتحقيق مصالحة الإستراتجية وخاصة في المجال الاقتصاد باعتبار السعودية بيئة خصبة للاستثمارات الامريكية.
وزيارة ترامب الى السعودية هي اول زيارة رسمية خارجية له منذ تسلمه منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي، وبعد سنوات من الفتور في ظل ادارة باراك اوباما على خلفية الاتفاق النووي مع طهران، وجدت دول الخليج في ترامب حليفا تعيد معه بناء العلاقة التاريخية مع واشنطن، وتقود الرياض في اليمن المجاور منذ آذار/مارس 2015 تحالفا عسكريا عربيا في مواجهة المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم بتلقي دعم من طهران.
في موازاة الملفات السياسية والاقتصادية التي سيجري بحثها، والخطاب المرتقب لترامب عن الإسلام، سبقت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى إلى السعودية أسئلة حول ملابس ميلانيا وإيفانكا وما إذا كانتا ستقومان بتغطية رأسيهما.
فملابس سيدة البيت الأبيض في رحلتها الخارجية الأولى محط أنظار النقاد دوما، لكن بالنسبة إلى ميلانيا ترامب، يحظى الاهتمام بأزيائها بأهمية مضاعفة: فهي عارضة أزياء سابقة وزوجة الرئيس الأمريكي في زيارة رسمية إلى البلد الإسلامي المعروف بتحفظاته على أزياء النساء خاصة.
صفقة أسلحة هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة
وكان مسؤول في البيت الأبيض أعلن أن الاتفاق تم على عقود تسلح للسعودية تشمل تجهيزات أمريكية وخدمات صيانة تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار، ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر في تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" صفقة الأسلحة بأنها "الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة"، وقال تيلرسون من جهته أن الصفقة "تدعم أمن المملكة والخليج (...) في مواجهة التأثير الإيراني السيء والتهديدات الإيرانية على طول الحدود السعودية"، من جهة ثانية، أعلن مسؤول في البيت الأبيض أن هدف عقود التسليح أيضا "تعزيز قدرات المملكة في المساهمة في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، ما يخفف من الثقل الملقى على القوات الأمريكية في تنفيذ تلك العمليات".
وكانت المملكة العربية السعودية، إحدى أكثر الدول إنفاقاً على الأمن والدفاع، أعلنت هذا الاسبوع تأسيس شركة صناعات عسكرية جديدة، آملة في أن تتحوّل هذه الشركة الى واحدة من أكبر شركات الصناعات العسكرية في العالم في غضون سنوات، على جانب آخر، أعلنت شركة "أرامكو" عملاق النفط السعودي أنها وقعت مذكرات تفاهم واتفاقات مع شركات أمريكية بقيمة 50 مليار دولار.
استقبال حافل
وتتناقض الحفاوة التي حظي بها ترامب في السعودية، من باب الطائرة إلى مقر إقامته ثم في قصر اليمامة الملكي، مع الاستقبال البرتوكولي لسلفه الرئيس السابق باراك أوباما الذي زار السعودية في نيسان/ابريل 2016 والذي شابت العلاقات بين إدارته والمملكة توترات على خلفية الاتفاق النووي الموقع مع إيران.
حيث قوبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتعرض لانتقادات سياسية في الداخل بترحيب حار في السعودية يوم السبت مع نضاله من أجل تحويل الأنظار عن تبعات عزله مدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق جيمس كومي.
ردع إيران في سوريا واليمن
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن واشنطن تعتزم تكثيف جهودها لردع إيران في سوريا واليمن وهما دولتان تساند واشنطن وطهران فيهما أطرافا متحاربة، وتابع تيلرسون في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير في الرياض إنه يأمل في أن يستغل الرئيس الإيراني حسن روحاني ولايته الثانية لإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية وإنهاء ما وصفها بأنها شبكة إرهابية.
وأضاف تيلرسون قائلا "لن أعلق على توقعاتي. لكننا نأمل في أن روحاني إذا أراد أن يغير علاقة إيران ببقية العالم فتلك هي القرارات التي يحتاج إلى اتخاذها"، وقال الجبير إن الانتخابات الرئاسية الإيرانية شأن داخلي ودعا طهران إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة بشأن صواريخها الباليستية ووقف دعم "الإرهاب".
صفقات مثيرة
وقعت الشركات الأمريكية والسعودية صفقات بعشرات المليارات من الدولارات أثناء زيارة يقوم بها الرئيس دونالد ترامب مع سعي الرياض لتطوير اقتصادها المعتمد على النفط، وقالت شركة النفط الوطنية أرامكو السعودية إنها وقعت اتفاقات قيمتها 50 مليار دولار مع شركات أمريكية. وقال وزير الطاقة خالد الفالح إن إجمالي الصفقات مع جميع الشركات يتجاوز 200 مليار دولار وإن العديد منها يستهدف توطين تصنيع منتجات كان يجري استيرادها.
وحرص رجال الأعمال من الجانبين على إبراز نجاح المحادثات مما أوجد درجة من التباهي بالأرقام الكبيرة. وسبق الإعلان عن بعض تلك الصفقات من قبل والبعض الآخر مذكرات تفاهم تتطلب مزيدا من المفاوضات كي تتبلور.
لكن الصفقات تظهر تعطش السعودية إلى رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا مع سعيها للحد من اعتمادها على صادرات النفط. وتسببت أسعار النفط المنخفضة في العامين الأخيرين في تباطؤ الاقتصاد وأثقلت كاهل الحكومة بعجز ضخم في الميزانية.
بعض الصفقات سبق الإعلان عنها من قبل وبعضها مذكرات تفاهم تتطلب مزيدا من المفاوضات كي تتبلور. وفيما يلي أبرز الصفقات المعلنة:
-- قالت جنرال إلكتريك إنها وقعت صفقات قيمتها 15 مليار دولار مع السعودية تشمل سلعا وخدمات من الشركة نفسها بنحو سبعة مليارات دولار. الاتفاقات في مجالات شتى من الكهرباء والرعاية الصحية إلى النفط والغاز والتعدين وفي إطارها تقدم جنرال إلكتريك المساعدة في زيادة كفاءة توليد الكهرباء وتوفر التكنولوجيا الرقمية لعمليات أرامكو السعودية وتتعاون في البحث الطبي والتدريب.
-- اتفقت إكسون موبيل والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) على دراسة مشروع بتروكيماويات محتمل في مقاطعة سان باتريشيو بولاية تكساس. ومن المتوقع اتخاذ قرار نهائي خلال 2018. يشمل المشروع وحدة لتكسير الإيثان طاقتها الإنتاجية 1.8 مليون طن من الإيثيلين سنويا لتغذية وحدة لأحادي إيثيلين الجلايكول.
-- رايثيون تنشئ وحدة أعمال رايثيون العربية للمساعدة في تطوير قدرات الدفاع والفضاء والأمن السعودية.
-- لوكهيد مارتن ستدعم التجميع النهائي لما يقدر بنحو 150 طائرة هليكوبتر بلاكهوك اس-70 متعددة المهام في السعودية.
-- جنرال داينامكس ستساعد في توطين تصميم وتصنيع ودعم العربات القتالية المدرعة.
-- بدء عملية التصميم والاختيار لمنصات حفر بحري في إطار استثمار قيمته سبعة مليارات دولار على مدى عشر سنوات مع شركة روان وذلك لتملك وتشغيل مثل تلك الحفارات.
-- خدمات ودراسات إضافية في مجال الحفارات النفطية في إطار توسيع نطاق مشروع مشترك مع نابورز. المشروع سيشهد استثمار تسعة مليارات دولار على مدى عشر سنوات ويخلق ما بين أربعة وخمسة آلاف وظيفة سعودية جديدة.
-- مشروع مشترك جديد بين أرامكو السعودية وناشونال أويلويل فاركو لتصنيع منصات حفر بمواصفات عالية ومعدات في المملكة باستثمارات ستة مليارات دولار على مدى عشر سنوات.
-- جاكوبز إنجنيرينج: مذكرة تفاهم قيمتها 250 مليون دولار لتوطين التصميم والهندسة والتوريد والبناء وخدمات إدارة المشاريع لصناعة النفط والغاز. من المتوقع أن يخلق 300 وظيفة.
-- ويذرفورد وقعت مذكرة تفاهم لمشاريع قيمتها مليارا دولار لتوطين سلع وخدمات حقول النفط.
-- داو كيميكال وقعت اتفاقا لبناء منشأة لإنتاج البوليمرات لتطبيقات الطلاء ومعالجة المياه ومذكرة تفاهم لدراسة جدوى استثمار مقترح في السيليكونات عالية الأداء.
-- مكديرموت وقعت مذكرة تفاهم قيمتها 2.8 مليار دولار لتسليم مشاريع لتوطين السلع والخدمات بسلسلة إمدادات أرامكو السعودية.
-- هانيويل وقعت مذكرة تفاهم قيمتها 3.6 مليار دولار لتسليم مشاريع لتوطين السلع والخدمات بسلسلة إمدادات أرامكو السعودية.
ملابس ميلانيا وإيفانكا ترامب "المحتشمة" محط الأنظار
على صعيد مختلف، سبقت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية الكثير من الأسئلة حول ما سترتديه السيدة الأمريكية الأولى ميلانيا وابنة الرئيس إيفانكا اللتان ترافقان ترامب في أولى جولاته الخارجية. ورغم أن السيدتين اختارتا عدم تغطية رأسيهما خلال زيارة البلد الإسلامي المعروف بتحفظاته على أزياء النساء، فقد آثرتا ارتداء ملابس "محتشمة" تغطي جسديهما بالكامل خلال استقبال العاهل السعودي لهما.
من هذا المنطلق، استبقت الزيارة إلى المملكة التي تفرض على النساء ارتداء العباءة، بأسئلة حيال الزي الذي سترتديه السيدة الأولى، عارضة الأزياء السابقة المتحدرة من سلوفينيا، وترافق ميلانيا (47 عاما) وابنة الرئيس الكبرى إيفانكا (35 عاما) ترامب في زيارته إلى المملكة العربية السعودية في أول رحلة خارجية رسمية له منذ تسلمه الرئاسة في كانون الثاني/ينايرالماضي.
اضف تعليق