q

جرى خلال الاسبوع الماضي، وفي جلستين متتاليتين لمجلس النواب، مناقشة مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات، وقد طرح أكثرية أعضاء البرلمان آراءهم وملاحظاتهم حول هذا المشروع، حيث من المقرر اجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق – ماعدا محافظات اقليم كردستان- خلال شهر أيلول.

وبالنسبة لنا نحن كممثلي شعب كردستان، وبالرغم من إبداء ملاحظاتنا على مجمل العملية، ولاسيما فيما يخص تأجيل الانتخابات أو دمجها مع انتخابات مجلس النواب في العام القادم، وانعكاسات الخلاف الموجود بين القوى السياسية حول المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن أكثرية مداخلاتنا وآرائنا انصبت حول محافظة كركوك وانتخاب مجلسها، وسبب اهتمامنا هذا بكركوك لايرجع فقط الى أنها تمثل بالنسبة لنا كممثلي الكرد، خطا أحمر ولها بعد قومي ووطني ورمز لاضطهاد الشعب الكردي واحتلال أرض كردستان من قبل النظام البعثي الفاشي، حيث رسم خطوط سياسته هذه من خلال حملات التعريب والتبعيث والترحيل ضد المواطنين الكرد في كركوك، ومن ثم اقتطاع أقضية جمجمال وكفري ودوز وكلار من المحافظة، فضلا عن تغيير ديموغرافيتها وتغيير اسمها الى التأميم، بل إن تركيزنا وجديتنا داخل قاعة مجلس النواب حول هذه المسألة تعود بالدرجة الأساس الى مجموعة عوامل، منها:

* وجود أصوات شاذة وخاصة ضمن التقرير الخاص للجنة القانونية النيابية، والتي تطالب بقانون خاص لانتخابات كركوك، وكأنها ليست محافظة عراقية ويجب تمييزها وإعطاؤها وضعا خاصا، مع أن الأصوات التي تطالب بذلك، تردد دوما أن كركوك جزء لايتجزأ من العراق ولايجوز التعامل معها خارج إطار الحكومة العراقية، ومع ذلك فهم يخالفون الدستور ولايريدون تنفيذ المادة 140 منه.

* تأجيل الانتخابات في كركوك لثلاث دورات انتخابية، وكان ذلك مطلبا لقوى خارجية نفذ عن طريق عملائها في الداخل، أكثر من كونه مطلبا عاما لأغلبية مواطني كركوك، وقد تسبب هذا التأجيل في تعميق المشاكل السياسية وإهمال الجانب الخدمي وعدم مساعدة مجلس المحافظة كي لاتقدر على تقديم الخدمات المطلوبة للمواطنين، كما تسبب في حرمان أبناء كركوك من الإدلاء بأصواتهم وبالتالي تعطيل العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، فضلا عن انعكاساته السلبية على سير العملية الديمقراطية في عموم العراق، ومن هنا يتضح أن الذين يحاولون تأجيل الانتخابات في كركوك، يريدون بطريقة غير مباشرة السير على السياسة الانقلابية غير الدستورية وغير القانونية السابقة، حيث أصدروا في تموز 2008 القانون الرقم 23، ولكن الرئيس مام جلال أفشل مخططاتهم باستخدامه حق النقض (الفيتو) ضد القانون المذكور.

* إذا كانت حجة هؤلاء أن كركوك، وبعد ظهور داعش، هي من المناطق الساخنة وينبغي أن يكون لها وضع وقانون خاص بها، فإنه من باب الأولى أن تصدر قوانين خاصة لمحافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى، وألا تكون هذه الذريعة غير المنطقية وسيلة لتمرير الأجندات السياسية الخارجية والاقليمية.

فضلا عن النقاط الواردة أعلاه، فما يبعث على الاستغراب أن المطالبين بصدور قانون خاص أو تأجيل الانتخابات، جاءوا الى البرمان ممثلين عن مكوناتهم، بالطرق القانونية نفسها وبإشراف نفس مفوضية الانتخابات، وعن طريق انتخابات مجلس النواب في كركوك، ولم يسألوا أنفسهم، لماذا تجري انتخابات مجلس النواب في كركوك دون مشاكل كما في المحافظات الأخرى، ولكن بالنسبة لانتخابات مجلس المحافظة يكون الوضع مختلفا؟!

تمثل كركوك من الناحية القومية والدينية والمذهبية عراقا مصغرا، وتولي القوى الخارجية اهتماما بمستقبلها والاستقرار السياسي والأمني فيها، مثلما تهتم بسير العملية السياسية في بغداد، وتحاول دول اقليمية في الوقت الحاضر تنفيذ مخططاتها في كركوك عن طريق تعطيل الانتخابات فيها، متجاهلة أن كركوك مابعد داعش ليس كركوك ماقبله، وينبغي للجميع تفهم هذه الحقيقة.

* الدكتور بختيار شاويس عضو مجلس النواب العراقي، وعضو ملتقى النبأ للحوار

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق