ركضة طويريج المليونية هي من الشعائر الحسينية المعروفة التي يمارسها شيعة اهل البيت في يوم العاشر من المحرم، بدأت هذه الشعيرة وبحسب بعض المصادر، في عام 1300هـ، وكان عزاء طويريج يبدأ بمسير الرجال ليلا من مدينة طويريج قضاء الهندية حاليا والذي يقع على بعد15كم من مدينة كربلاء التي تصلها الجموع المعزية عند الصباح، وتقف عند قنطرة السلام التي تبعد 2كم عن مرقد الإمام الحسين، قبل ان تبدأ بعد ذلك مراسيم الركضة والتي تكون بعد صلاة الظهر وهو وقت انتهاء معركة الطف التي وقعت عام 61 للهجرة.
وتتمثل ركضة طويريج بطواف الحشود المليونية في شوارع المدينة القديمة، انطلاقا من قنطرة السلام جنوبا، الى مرقد الامام الحسين (ع)، حيث تطوف بالصحن المطهر وهي تطلق صيحات النصرة والعزاء، والجميع حفاة لا طمون على الرؤوس مرددين شعارهم المعروف (أبد والله ماننسى حسينا)، ثم يهرولون صوب ضريح الامام العباس (ع)، عبر منطقة ساحة ما بين الحرمين، وهم مستمرون على اللطم والهتاف، ثم يتوجهون الى موقع المخيم الحسيني الطاهر، في نهاية الركضة، حيث يتم حرق الخيام، في مشهد درامي يبعث عن الحزن والفجيعة لدى استذكار ما حل باهل بيت النبوة صلوات الله عليهم وسلامه.
السيد مهدي نوري أبو طبرة وفي لقاء سابق مع شبكة النبأ المعلوماتية حدث عن ركضة طويريج قائلاً: ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب يتشرف أهالي الهندية بحمل هذا الاسم والذي أختص بهم. بدأت هذه الشعيرة في عام (1300هـ) ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا وقد مرت بمرحلة انقطاع أيام النظام السابق وبالتحديد بعد عام (1991 ) لكنا في هذه المدينة كنا نمارسها بالخفاء وحافظنا عليها دون انقطاع. وترمز الركضة إلى مجموعة من القيم أهمها أن هذه الجموع المليونية تسارع اليوم لاستنصار أبي عبدا لله (ع) مستذكرة صرخته يوم عاشوراء وهو ينادي (أما من ناصراً ينصرنا ... ) ويشارك في هذه الشعيرة أعداد هائلة من المعزين تتراوح ما بين الـ(3 _ 5مليون مشارك وأكثر ) ومن مختلف الجنسيات والأعمار.
وفي تقليد متوارث يتقدم الركضة احد افراد العائلة العلوية التي تقطن في قضاء طويريج، ممتطيا جواده ليعلن بدء العزاء والركضة، وركضة طويريج كما تنقل ويكيبيديا الموسوعة الحرة، هي ركضة أنشأها العلامة السيد صالح ابن الامام فقيه عصره السيد مهدي بن حسن بن احمد الحسيني الشهير بالقزويني والسيد صالح هو ثاني ابناء الامام السيد مهدي الحسيني القزويني وأحد اقطاب النهضة العلمية والادبية بالحلة في الشطر الأخير من القرن الثالث عشر الهجري. يرجع نسبه إلى محمد بن زيد الشهيد ابن الامام زين العابدين علي بن أبي عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب(عليهم السلام). وأمه هي بنت العلامة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
ولقب بـ(المرزه) اقترن به وباخيه الأكبر السيد جعفر دون اخويهما. وأطلق هذا اللقب عليهما من قبل الحكومة العثمانية. فقد كانت الكتب تأتي اليهما حاملة اللقب المذكور. ومن هنا حصل وجه الشهرة به. ولد السيد صالح بالحلة اوائل سنة 1257ه/1841م ونشأ بها فدرس بعض المقدمات فيها ثم عزم على النجف الاشرف حيث حضر على شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الأنصاري في الفقه والاصول وأجيز بالاجتهاد من والده الفقيه السيد مهدي. وبعد وفاة ابيه سنة 1300/1883 تصدى للبحث والتدريس في بناية المقبرة العائدة لأسرته فكانت تكتظ ساحتها وتضيق غرفها بالطلاب والمشتغلين.
وكان بيت المرزا صالح في طويريج يحفل بجمهرة كبيرة من أهالي البلد وغيره في أيام محرم الحرام من كل عام للمشاركة في إقامة المآتم بذكرى استشهاد الامام الحسين(عليه السلام). وفي اليوم العاشر كان المرزا صالح يمتطي صهوة جواده ويحاط بالأهالي ويركضون نحو ضريح الإمام الحسين(ع) في كل عاشوراء. ولما توفي السيد صالح خلفه ولده العلامة السيد هادي القزويني (1347ه/1928م) وكان من أعيان البلاد وامتاز بالهيبة والوقار. وبعد وفاته استقام ولده العلامة السيد جواد (1358ه/1939م) وكان من الفقهاء. ثم بعد وفاته خلفه أخوه العلامة السيد مهدي (1366ه/1947م) ومن بعده السيد محمد ضياء بن السيد حسن بن المرزا صالح (1973م) ومن بعده اخوه السيد رضا ومن بعده السيد محمد حسين نجل السيد هادي ثم السيد عبد العزيز القزويني ثم الشهيد السيد موسى بن السيد محيي القزويني وذلك حتى عام 1982م حيث اعتقل واعدم من قبل السلطة العراقية ولم يسلم جسده فيما بعد.
وبعد سقوط النظام عاود الموكب نشاطه. والموكب هذا لا يركب فرسه الا من كان من سلالة السيد صالح القزويني مؤسس الموكب وهي سنة تسالم عليها العرف ولا ينكره أحد. وأما في زماننا الحاضر فالسيد ثامر القزويني من بعد عام 2003م. ويشارك فيه الملايين من شتى انحاء العراق والزوار القاصدين له من خارج العراق وهو أشهر المواكب الحسينية على الإطلاق إذ يمتاز بالركضة ولان غرضه التعبير عن الاستجابة لقول الامام الحسين (عليه السلام) وهو الا من ناصر ينصرني... فتخرج الملايين تعبيرا عن تلبيتها لندائه عليه السلام. وقد اصيب الموكب بفاجعة عام 1966 حين استشهد 32 زائرا مشاركا فيها ولحقهم في نيل الشهادة عدد آخر من المشاركين في عهد الطاغية المقبور.
ولما كانت هذه الركضة توقع الأثر في النفوس وكانت تستقبل أكبر عدد من المعزين بمصاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام انتشر اسمها وهيئتها حول العراق. فقد انتشرت في مدينة قم حيث تتم الركضة فيه من گلزار شهدا وحتى حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام. فيشارك فيها الجمع الغفير كل عام. وكذا في البحرين. فأنها موجودة في الكثير من قراها ومدنها. وأشهرها نطاقا ومشاركة تلك التي تقام في المنامة. ولها انتشار في أماكن أخرى.
ومن الجدير بذكر ان العديد من المراجع والعلماء الكرام قد شاركوا في هذا العزاء الضخم الذي يعد اكبر تظاهرة للحزن في العالم، وقد ذكر المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله اهمية عزاء وركضة طويريج في احدى مجالس الحسينية حيث تحدث
سماحته عن محاولات الظالمين والطغاة في محاربة العزاء الحسيني وخصوصا ركضة طويريج, وقال: الكل يعرف عزاء طويريج, وأنا شخصياً شاركت عدّة مرّات في هذا العزاء قبل 45 سنة تقريباً. وهذا العزاء في تلك السنين كانت مدّته لا تطول عن 30 دقيقة, وكان المشاركون فيه يدخلون إلى الروضتين الحسينية والعباسية المقدّستين من باب واحدة ويخرجون من باب واحدة أيضاً.
وكتبت إحدى المجلات في حينها إحصائية عن هذا العزاء, فذكرت أن عدد المشاركين فيه قرابة 50 ألف. فعندما جاء صدام قمع هذا العزاء وقتل وحبس. ولكن بعد ذهاب صدام, وخصوصاً اليوم, انظروا كم ساعة تطول مدّة هذا العزاء؟ وكم يشاركون فيه؟ ولكثرة جموع المعزّين نرى أنهم يدخلون من ثلاث أبواب ويخرجون من ثلاث. وهذا من وعد الله ومن مشيئته التكوينية. وهذا ما وعد الله به رسوله صلى الله عليه وآله ونقلته السيّدة زينب سلام الله عليها لأخيها الإمام زين العابدين صلوات الله عليها, مع ان الإمام السجّاد سلام الله عليه كان يعلم بهذا الوعد, وهذا الوعد الإلهي هو ما ذكرته الرواية الشريفة التالية: «وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً، وأمره إلاّ علوّاً».
وفي مجلس اخر من مجالس العزاء الحسيني أعرب سماحته عن تألّمه بقوله: إن عزاء طويريج المعروف بـ(ركضة طويريج) ـ وكما نقل المرحوم العلاّمة السيد بحر العلوم قدّس سرّه ـ يشارك فيه مولانا الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ولكن انظروا إلى القنوات الفضائية كيف تتصرّف تجاه هذا الحدث الكبير؟ هذه القنوات تقوم تعمّداً بعدم بثّ حتى ثوان معدودة عن هذا العزاء المهمّ. في حين إذا تنازع بضعة أشخاص في مكان ما من الدنيا, أو اُجريت مسابقة كرة القدم, تقوم هذه القنوات ببثّ ذلك النزاع أو تلك المسابقة بحرص وولع شديدين.
وعقّب سماحته بقوله: لا شكَّ أن أيَّ شخص وأيّة جماعة وأيَّ نظام يعادي الشعائر الحسينية أو يتّخذ موقف اللامبالاة تجاهها، لاشك بأنهم سينزون ويُنسَون. وأما الشعائر الحسينية فإنها تزداد يوماً بعد يوم وتنتشر أكثر وأكثر، كما حصل في الأزمان السالفة من بعد سلطة الطواغيت من الأمويين والعباسيين، والبهلوي وصدام. وهذه حقيقة ثابتة للجميع. فأولئك الطغاة أمثال هارون والمتوكّل والبهلوي وياسين الهاشمي وصدام هم الآن رهائن ما اقترفوه، فهم في عذاب أليم وعظيم جرّاء عداوتهم للشعائر الحسينية ومحاربتهم لها، وأما القضية الحسينية فهي حيّة وخالدة.
اضف تعليق