q
لكل قضية تحررية اهدافها، وواقعة الطف هدفها ارجاع الحقوق الناس المسلوبة من الحكام الطواغيت، لذا فإن الامام الحسين (ع)، لم يخرج من أجل مصلحة دنيوية أو غيرها، بل مضحيا بنفسه الطاهرة واهله من أجل البقاء على مبادئ الإسلام السامية، إذاً كيف يمكننا أن نتعلم من عاشوراء مدى اهمية الحق وعدم السكوت عنه...

لكل قضية تحررية اهدافها، وواقعة الطف هدفها ارجاع الحقوق الناس المسلوبة من الحكام الطواغيت، لذا فإن الامام الحسين (ع)، لم يخرج من أجل مصلحة دنيوية أو غيرها، بل مضحيا بنفسه الطاهرة واهله من أجل البقاء على مبادئ الإسلام السامية، إذاً كيف يمكننا أن نتعلم من عاشوراء مدى اهمية الحق وعدم السكوت عنه، والتضحية من أجله، وذلك من خلال القيام بمجالس شبابية مع جلب ذوي الاختصاص في الشأن الديني لتوضيح مضمون واقعة الطف بطرق تجذب الشباب، وأيضا تذكير الناس بأهداف الامام عليه السلام من خلال وضع لافتات وبوستات على جدران الجامعات والمدارس وحتى دوائر الدولة، وبهذه الأمور والفعاليات وسواها سنعزز الحقوق في مجتمعاتنا.

ولأهمية الموضوع ومن أجل معرفة وسائل الاستفادة من عاشوراء في تعزيز الحقوق، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، باستطلاع رأي وطرحت على المختصين في هذا الشأن والمثقفين، سؤالا مفاده:

كيف نجعل من عاشوراء فرصة لتعزيز الحقوق؟

ثورة الامام الحسين (ع) ضد الطغاة

التقينا الدكتور (سليم العلي)، دكتوراه علوم سياسية والعلاقات الدولية، فأجابنا قائلا:

تمثل قضية الإمام الحسين عليه السلام ثورة عظيمة ذات أبعاد سامية وجليلة فيها رضا الله وطاعته، إذ كانت تجسيدا حقيقيا للإسلام الحق الذي اختطه الرسول وآل بيته الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام، لذلك فإن ثورة الإمام الحسين عليه السلام بكل معانيها واهدافها السامية لم تكن ثورة مؤقتة اقتصرت على فئة محددة او زمان ومكان معينين، بل كانت ثورة إلهام ونبراس لكل الاجيال والأمم في سبيل تحقيق حقوق الفرد والامة في العدل والمساواة والحرية، ومواجهة الظلم والفساد والاستبداد أيا كان مصدره، فهي ثورة شاملة لمحاربة المناهج التي كانت سائدة في الأمة ولمواجهة الانحلال السياسي والاقتصادي والفكري والاجتماعي الذي جسده حكم بني أمية، وعليه فإن الدروس العظيمة لثورة الإمام الحسين عليه السلام لا يمكن أن تقف عند حدود الزمان والمكان بل أن جميع الأمم والأحرار تقع على عاتقهم مسؤولية النهوض بالواقع المرير الذي تعيشه الأمة الإسلامية عبر استخلاص الدروس والعبر من ثورة الإمام الاصلاحية، فالظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية تكاد تكون قريبة إلى ظروف المرحلة التي عاشتها الأمة آنذاك، حيث تكالب الاعداء عليها وشيوع الانحلال والفساد والظلم والعدوان، مما يستلزم الاقتداء بمبادئ الثورة الحسينية فالأمة متعطشة واحوج ما تكون إلى أخذ الدروس والعبر من ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي كانت بحق ثورة اصلاح وعدل في مواجهة طغيان السلطة الحاكمة، وبذلك شكلت ثورة الإمام الحسين عليه السلام نبراسا ونورا يهدي الامة إلى الطريق الصحيح عبر التضحية والفداء نصرة للإنسان والقيم والأخلاق، وهي دعوة للخروج على كل من يحاول سلب حقوق الأمة وضرورة مواجهة الاعداء حتى في اشد الظروف والمواقف مع التأكيد على التجرد من اية عصبية او عنف او أحقاد في سبيل تحقيق تلك الحقوق، إن الامة التي لديها هذا الإرث النهضوي والتاريخ العظيم لا يمكنها الاستسلام او الانهزام اما تحديات العصر، فالإمام الحسين عليه السلام علمنا أن الحقوق لا تعطى وانما يجب أن تؤخذ وتسترد بالقوة من الحاكم الظالم الفاسد وأن الامم التي لا تنادي بحقوق ابنائها هي امة ميتة تابعة وذليلة لا تستحق الحياة.

فالثورة الحسينية بمعانيها السامية سوف تبقى مهما كانت الظروف والتحديات التي تعيشها الأمة الإسلامية، محركا ودافعا نحو الخروج على الممارسات المنحرفة وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي تعصف بمفاصل الدولة، ومواجهة الظلم والفساد بالدعوة إلى الإصلاح الحقيقي تحقيقا للعدل والمساواة بين افراد الامة.

وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (مسلم عباس)، دكتوراه اعلام، فأجابنا بالقول:

علمنا الامام الحسين عليه السلام كيف لا نتنازل عن الحقوق مهما كانت قوة الحاكم المستبد، ولا نكون عبيدا للشخص، ولا نعبد المكان الذي نسكن فيه، هو ارسى منهج التفكير بدل التقليد الاعمى، واستخلاص الدروس عبر تحليل الواقع الذي يعيشه المجتمع دون الركون الى التفسيرات الجاهزة، حيث الحقوق بحاجة الى من يفتش عن أساليب الحصول عليها بطرق سليمة.

وفي ثورة الحسين نداء عملي بالحرية التي هي المفتاح الأول لنيل الحقوق، تلك التي تدعونا للانعتاق من كل شيء، حتى المكان الذي نعيش فيه ونقدسه، وهو مدينة رسول الله صلى الله عليه واله، فاذا وجد الشخص انه غريب في وطنه ووجد أن مجتمعه لا يعطي قيمة لمبادئ العدل الإلهي، يجب اعلان المعارضة بكل الطرق المتاحة، ومن بينها الرحيل خارج اسوار المدينة ذاتها لكشف عودة الحاكم المستبد وفضحه امام الناس الذين شغلتهم تعقيدات الحياة، فالقداسة لحق الانسان الأول المتمثل بالحرية وليس للمكان او الشخص.

وحق الحرية الفكرية، هو كسر للجمود الذي يصيب عقل الامة، ونظرة ثاقبة في المتاح من فرص التقدم في الحياة، فالله سبحانه وتعالى اعطى الانسان العقل ليميزه عن المخلوقات الأخرى ويجعله خليفته في الأرض، وتعطيل هذا الجزء الحيوي يهبط بالإنسانية الى مرتبة الحيوان او يقربها كثيرا منه، ودين الإسلام لا يرتضي للفرد أن يصل الى هذه الدرجة، يمنع على الانسان الطاعة العمياء للحاكم حتى وأن البس نفسه تاج رسول الله وزعم الخلافة كما فعل يزيد بن معاوية.

وأجابنا الدكتور (ايهاب علي النواب)، اكاديمي في جامعة اهل البيت، قائلا:

إن اهم نقطة ممكن أن نركز عليها في هذا الجانب هو التضحية، فالحسين عليه السلام اعظم المضحين فهو ضحى بنفسه وبأهله من اجل الحق ونصرته، وهنا علينا أن نعمل على ترسيخ مبدأ ومفهوم التضحية، وأن نعي جيداً مبدأ إن الحقوق تؤخذ ولا تعطى ومثلما ضحى الحسين عليه السلام علينا ايضاً ان نضحي حتى بأنفسنا كما فعل الحسين عليه السلام.

التقينا أيضا الدكتور (حسين لازم الزيدي)، دكتورا ادارة اعمال منظمة وسلوك تنظيمي، فأجابنا بالقول:

لقد مثلت واقعة الطف وقفة ضد الظلم وضياع الحقوق ومثلت الشعائر الحسينية لاستذكار الواقعة، واحيائها اكبر تظاهرة على مر العصور لرفض الظلم والمطالبة بالحقوق الضائعة، لذلك اذا اردنا أن نجعل من عاشوراء فرصة لتعزيز الحقوق، علينا أن نروج لفكرة أن الحسيني هو من يقف دائما ضد الظلم بكل اشكاله، وهو الذي يطالب بالحقوق لكل الناس بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق واللون، واستنادا لهذه الفكرة كان بعض غير المسلمين يستمدون قوه الحقوق من عاشوراء الحسين (ع) كغاندي وجيفارا ومانديلا.

طرق تعزيز الحقوق

وأجابنا الدكتور (عمر الاعرجي)، دكتوراه فلسفة الشريعة الاسلامية، قائلا:

نجعل من عاشوراء فرصة لتعزيز الحقوق من خلال الآتي:

- استحضار فكرة صناعة القدر وتحطيم نظرية القدرية الغيبية الاتكالية التي تجعل المسلم كسولا خاملا ذليلا لا يتحرك من اجل الحق، ومبدأ الامام الحسين عليه السلام حطم هذه النظرية عمليا من خلال تقدمه وصناعته لقدر الله بدمه و دم اهل بيته.

- استحضار أن كلمة الحق غالية وتستحق أن تبذل من اجلها الدماء والأموال هذه الكلمة التي ضحى من اجلها الامام الحسين عليه السلام هو واهل بيته الاطهار عليهم السلام.

- استحضار أن صاحب الفكرة والمبدأ قد يموت من اجل فكرته ومبدأه ولا يرى النصر المادي بعينيه، بل أن دمه سيكون عربون النصر للأجيال من بعده فدم الامام الحسين عليه السلام بقي يلاحق قتلته وهو يتفجر عليهم ثورة بعد اخرى والامام الحسين بين يدي ربه بقي يرعب الطغاة ويقض مضاجعهم.

- استحضار أن الثورة الحسينية هي تعزيز لمفاهيم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح ومواجهة الظلم والفساد والطواغيت.

وطرحنا السؤال على الأستاذ (علي النواب)، اعلامي، فأجابنا بالقول:

هناك الكثير من الشعائر والطقوس والتنظيرات والخطب ترافق ايام عاشوراء، لكن أيا لا يلامس الواقع المعاش والتثقيف الاساس في عاشوراء هو عاطفي وروحي، ونادراً ما استخدمت ايام عاشوراء وخصوصاً ركضة طويريج باتجاه تعزيز الحقوق، التي علينا ايضا أن نحددها (اقصد الحقوق) اولا، المشكلة أن المطالبة بهذه الحقوق كما يتصورها البعض هو تحويل هذه المناسبة الدينية الى نشاط سياسي، وفي الاصل هي كذلك، اذا كانت ثورة الحسين (ع) الخالدة بهذا الاتجاه، مطالبة بالعدالة الاجتماعية وحقوق المسلمين المنهوبة.

وأخيرا التقينا الدكتور (حيدر المحسن البندر)، دكتوراه تاريخ الاسلام والسياسي، فأجابنا قائلا:

خلق الله سبحانه وتعالى الانسان وكرمه وفضله على كل مخلوقاته، قال تعالى (ولقد كرمنا بني ادم)، ووهبه حقوقه وجعلها حقوق مقدسة، منها حق الحياة بحريه وكرم، جاء في كتابه العزيز ايات كثيرة تؤكد حقوق الإنسان، منها قوله تعالى (قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم)، ومن هذه الثوابت القرآنية انطلق الامام الحسين عليه السلام بنهضته الربانية العظيمة ضد اضطهاد وظلم دولة بني أمية وحكامها الفجرة الذين سخروا الدين الإسلامي وحرفوه لمصالحهم الدنيوية واستعبدوا الناس، فقد كانت ثورة الامام الحسين عليه السلام، ثورة إصلاحية ضد الظلم ومصادرة الحقوق، وقد تجسد هذا بقول الامام عليه السلام (لم أخرج اشرا ولا بطرا انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي)، ولذلك يجب أن نستلهم الدروس والمعاني من النهضة الحسينية في محاربة الفساد والاستبداد واسترجاع الحقوق المستلبة من الحكام الظلمة والفاسدين في استرجاع حقوق الأمة وحقوق الأفراد، من خلال الاقتداء بالإمام عليه السلام وتضحياته النفيسة بروحه واولاده وإخوته وأصحابه من اجل احقاق الحق، وتحقيق العدالة لكي يعيش الناس جميعا بكرامة.

اضف تعليق