أحد الدروس المهمة التي نستخلصها من واقعة الطف الاليمة ان هذه الواقعة لم تقتصر على طائفة او دين فهناك اناس عرفوا الحق فتبعوه وضحوا من اجله وكان جزاءهم ان خلدهم التاريخ ومن هذه الاسماء (وهب النصراني) رضوان الله عليه.
في عام 61 هـ وحينما كان الإمام الحسين (عليه السلام) قادما للعراق مع أهل بيته وأصحابه الكرام، وصل إلى منطقة خالية من آبار الماء وهذه المنطقة بعد بركة : "أبو مسك " بمسافة 7 كم، وهذه البركة بعد آبار : "شراف" بمسافة 16 كم .كان في هذه المنطقة خيمة وهب بن عبد الله بن الكلبي النصراني، وكان حديث عهد بالزواج، وكان يخرج صباحا ليعود في المساء محملا بالماء لعائلته.
حينما وصل الركب الحسيني إلى هذه المنطقة توجه الإمام الحسين روحي فداه إلى تلك الخيمة ونادى يا أمة الله، خرجت من تلك الخيمة امرأة عجوز تسمى (ام وهب) فرحبت بهم...
قال لها الإمام أين ولدك وهب فردت عليه خرج كعادته ويعود في المساء محملا بالماء، فقال لها الإمام حينما يعود قولي له عليك بتصديق الرؤيا، وبمجرد أن ترك الإمام مكانه الذي كان يقف فيه وإذا بعين ماء قد انفلقت من تحت قدميه، تركها الإمام وتوجه بمن كان معه نحو كرب وبلاء، حينما عاد وهب إلى أهله وشاهد العين سأل أمه عن الخبر فقالت له ولدي كأنما المسيح عيسى قد زارنا هذا اليوم، فقد سأل عنك وقال عليك بتصديق الرؤيا.
عند ذلك بكى وهب وقال يا أماه لقد رأيت في المنام هذه الليلة روح الله عيسى وكان بجانبه رجال عليهم الهيبة والوقار وكأنهم الشمس بجمالها وهيبتها، فقال لي المسيح يا وهب هل أنت من أمتي قلت نعم فقال اعلم إن الذي يقف بجنبي هو محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وأشرف الخلق وهذا الثاني هو علي بن أبي طالب وصيه وخليفته وزوج أبنته وهذا الثالث هو ريحانة رسول الله إنه الحسين بن علي. يا وهب عليك أن تنصر الحسين غدا في كربلاء واعلم بأنك معه في الجنة وأن اسمك مع الأبرار وقد ناولني صحفية قد كتب بها اسمي ثم أفقت من النوم .الآن وأنت تخبرينني بما حدث، يا أماه الذي مر بك اليوم هو الحسين بن علي بن أبي طالب.
ومن الجدير بالقول ان هذه العين بقيت بقيت لغاية يومنا هذا ولها كرامات كثيرة وتسمى "عين القطارة، ذهب وهب الى الامام الحسين(ع) ثم عاد مسرعا ووجهه متهللا مستبشرا واخبر امه بانه اسلم على يد الامام الحسين(ع) وقرر الالتحاق به والقتل بين يديه (ع) فتعلقت به عروسه ان لا ترملني وانا لا اب ولا اخ لي وعروستكم منذ عشرين يوما فقط فنهرته امه وابت الا ان يلتحق بالامام الحسين ويقاتل حتى يُقتل بين يدي الحسين(ع).
فخرج بهما ليلاً حتى اتى الحسين ( عليه السَّلام ) بكربلاء فاقام معه، حتى صار يوم عاشوراء، قالت ام وهب لابنها : قم يابني فانصر ابن بنت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ).
فقال: أفعل يا أماه و لا أقصّر.
فبرز إلى المعركة مرتجزاً فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة، فرجع إلى امّه وامرأته، فوقف عليهما فقال: يا أماه أرضيت؟
فقالت أم وهب: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين.
فقالت له امرأته: باللّه، لا تفجعني في نفسك.
فقالت أمّه: يا بني لا تقبل قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول اللّه، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي اللّه.
فرجع ولم يزل يقاتل حتى قَتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، ثم قطعت يداه.
فأخذت أمه عموداً وأقبلت نحوه و هي تقول: فداك أبي و أمي، قاتل دون الطيبين حرم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
فرجع وهب إلى ساحة القتال فقاتل حتى استشهد (رضوان اللّه عليه).
وأسلم وهب بن حباب الكلبي ذلك البطل النصراني على يد الحسين(ع) ليحصل بإسلامه على أعلى وسام في الإسلام وهو الشهادة بين يدي الحسين ويبرز يوم عاشوراء وهو يقول:
إن تنكروني فأنا ابن الكلبي *** سوف تروني وترون ضربي *** وحملتي وصولتي في الحرب *** أدرك ثاري بعد ثار صحبي *** وأدفع الكرب أمام الكرب *** ليس جهادي في الوغى باللعب.
اضف تعليق