q
أزمة جائحة فايروس كورونا المستجد التي ضربت العالم، وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة في جميع أنحاء العالم، اثرت ايضاً على القطاع الثقافي والفني فتقلصت الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنيّة والمعارض والمزادات الخاصة ببعض اللوحات والتحف العالمية، حيث اكدت بعض التقارير ان المبيعات في العام الماضي تراجعت اكثر من30 %...

أزمة جائحة فايروس كورونا المستجد التي ضربت العالم، وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة في جميع أنحاء العالم، اثرت ايضاً على القطاع الثقافي والفني فتقلصت الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنيّة والمعارض والمزادات الخاصة ببعض اللوحات والتحف العالمية، حيث اكدت بعض التقارير ان المبيعات في العام الماضي تراجعت اكثر من30 %، واصبحت المتاحف تعاني جراء توقف دعم الجهات الراعية والمتبرعين، وهو ما دفعها الى بيع العديد من الاعمال والتحف الفنية بشكل اضطراري لتجنب اغلاق المتاحف, كما ان المزادات تحولت ايضا الى العالم الافتراضي وهو ما اثر سلباً على العاملين في هذا المجال.

وعن تأثير جائحة كورونا على الفن التشكيلي خلال فترة الوباء، قال خبراء الفن وكما نقلت بعض المصادر، ان حركة البيع والشراء للوحات الفنية تراجعت بعد جائحة كورونا بسبب استمرار تدابير الإغلاق والتباعد لكنهم اكدوا ايضاً ان سوق الفنون حافظت على مكانتها في ظل الاهتمام المستمر من جامعي الفنون الأثرياء بهدف الاستثمار. فضلاً عن تدفق المشترين الأصغر سناً، من البارعين في مجال التكنولوجيا والذين تمكنت المعارض والوكلاء ممن يعملون معهم في خلق حضور إلكتروني قوي لهم.

وخلال الربع الأول من عام 2020، قلّصت المنظمات الفنية والثقافية حول العالم نطاق أنشطتها العامة تدريجيًا وأغلقت أبوابها بسبب جائحة فيروس كورونا. أُغلقت معظم منظمات التراث الثقافي بحلول أواخر مارس، وجرى تأجيل الأحداث الفنية أو إلغائها، إما طواعيةً أو بموجب تفويض حكومي، إذ انطلقت موجة الإغلاقات من الصين وشرق آسيا، لتنتقل بعدها إلى جميع أنحاء العالم. ومع إلغاء المعارض والأحداث والعروض أو تأجيلها. بالمقابل، لوحظت جهود مكثفة لتوفير خدمات بديلة أو إضافية عبر المنصات الإلكترونية، ومن ثم المحافظة على الأنشطة الأساسية بأقل قدر من الموارد، وتوثيق الفعاليات نفسها عبر عقود الاستحواذ الجديدة، وتوقّع ظهور أعمال إبداعية مُستحدثة ومستوحاة من الأحداث الجارية.

وفقد العديد من العاملين في القطاع عقود عمل أو وظائف إما مؤقتًا أو بصورة نهائية، مع إصدار إنذارات عدّة وإتاحة مساعدات مالية. وبالمثل، قدمت الحكومات والجمعيات الخيرية المعنية بالفنانين دعمها عبر الحوافز المالية وغيرها من أشكال الدعم المختلفة تبعًا للقطاع والبلد. كان من المتوقع عودة الطلب العام على الفعاليات الثقافية، لكن دون تحديد وقت معيّن لهذه العودة، مع توقّع تصاعد شعبية أنواع مختلفة من التجارب.

الفن والعملات المشفرة

في نهاية شهر يناير الماضي وكما نقلت بعض المصادر، بيعت لوحة محفوظة بعناية فائقة لفنان عصر النهضة الإيطالي ساندرو بوتيشيلي، بمبلغ قياسي بلغ 92.2 مليون دولار. وبيع بعدها بستة أسابيع عمل يكاد يكون أبعد ما يكون عن أعمال هذا الفنان والمعلم الكبير، والذي هو عبارة عن تجميع رقمي لصور أخرجها فنان يحمل اسم "بيبل" (Beeple) مقابل 69.3 مليون دولار. وفي حين أن هاتين القطعتين الفنيتين مختلفتان تماماً عن بعضهما بعضا، إلا أن الإقبال عليهما يحركه عوامل متشابهة.

ولن تنسى الصناعة تحولها الرقمي حتى عندما تستأنف المعارض الفنية والمزادات عملها، وكانت المبيعات الضخمة التي حُققت للوحة الرقمية "كل يوم: أول 5000 يوم" (Everydays: the First 5000 Days) للفنان مايك وينكلمان، المعروف أيضاً باسم "بيبل"، تشير إلى ذلك بالفعل. ومع اقتراب أسواق الأسهم والعملات المشفرة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، رأى العديد من المستثمرين ثرواتهم تنمو مع انخفاض عدد الرحلات والتجارب التي يمكن أن ينفقوا أموالهم عليها.

وبالتالي فقد قام من بات لديه فائض من الأموال منهم بإنفاقها ببذخ على بعض الأمور، أما الأكثر تواضعاً ضمن هذه الفئة فدللوا أنفسهم بشراء حقيبة من "لويس فيتون" وأحذية "غوتشي" الرياضية، مما دفع الطلب على أكبر العلامات التجارية إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة. وفي الوقت ذاته هناك من فائقي الأثرياء من يفضل أعمال الفنان ساي تاومبلي بدلاً من كل ذلك.

إلا أن هذا لا يعني أن سوق الفنون محصنة من آثار الجائحة. فقد تراجعت المبيعات العالمية للفنون والتحف بنسبة 22% عن العام الماضي، لتصل إلى 50.1 مليار دولاراً في عام 2020. وفقا لتقرير اقتصادي صادر عن خبيرة الاقتصاد الفني كلير مكاندرو لمعرض "آرت بازل" (Art Basel) ومجموعة "يو بي أس غروب". كما انخفضت فرص المشترين التقليديين للشراء بسبب إلغاء المعارض والإغلاق المؤقت لصالات العرض. لكن بالرغم من ذلك، تمكنت المبيعات من البقاء فوق أدنى مستوياتها السابقة التي سجلتها في عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

وقد كان من الممكن أن يصبح تراجع سوق الفنون أسوأ بكثير لولا الجامعين الأثرياء الذين أمضوا وقتاً أطول في المنزل، وأرادوا تجميل محيطهم باللوحات الفنية. وكان الوضع مماثلاً بالنسبة للأعمال الافتراضية، حيث شجعت الساعات الطويلة من الجلوس أمام الشاشة مستثمري العملات المشفرة، الذين جمعوا ثروات من مكاسب "بتكوين"، على استكشاف وسائل فنية ناشئة مرتبطة برمز غير قابل للاستبدال. وهو ما يعني شهادة رقمية للأصالة تعمل على أساس تقنية الـ"بلوكشين". كما حالت صالات العرض ودور المزادات التي تحولت نحو العمل عبر الإنترنت دون حدوث هبوط حاد في سوق الأعمال الفنية.

حيث وصلت مبيعات الفنون والتحف عبر البيع الرقمي إلى مستوى قياسي بلغ 12.4 مليار دولاراً في عام 2020، أي ضعف قيمة المبيعات الرقمية في العام السابق، ومثلت نسبة 25% من قيمة السوق الإجمالية، بحسب ما قالته ماكندرو. وقد أدى التحول إلى البيع الرقمي أيضاً إلى ظهور جيل أصغر من هواة جمع التحف، واللذين يعتبرون أكثر نشاطاً عبر الإنترنت وينفقون بشكل أكبر.

ووجد تقرير معرض "آرت بازل" ومجموعة "يو بي إس" أن ثلاثة من بين كل عشرة جامعي فنون من أصحاب الثروات الكبيرة من جيل الألفية أنفقوا ما لا يقل عن مليون دولار في عام 2020، مقارنة بنسبة 17% من هواة جمع الفنون من جيل طفرة المواليد. وقالت دار "كريستيز" للمزادات إن نسبة 58% من اللذين تقدموا بعروض لشراء لوحة الفنان "بيبل" "يومياً" كانوا من جيل الألفية.

ويبدو أن تدفق المشترين الشباب قد أثر على شكل الذوق العام في السوق، حيث زاد الاهتمام بالفنانين الشباب والعالميين، حسبما أظهرت قاعدة البيانات على الموقع (Artprice.com). فعلى سبيل المثال حقق الرسام أمواكو بوافو من غانا، ثاني أعلى إيرادات في المزادات في عام 2020، وهو من بين الفنانين الذين ولدوا بعد عام 1980، متخلفاً فقط عن الراحل ماثيو وونغ. وكان أبرز مظاهر التحول نحو الإنترنت هو ظهور فن التشفير، والذي تشاهده على الشاشة بدلاً من النظر إليه معلقاً على الحائط.

حيث جعلت تقنية "بلوكشين" إثبات ملكية مثل هذا الفن الرقمي أمراً سهلاً، والذي يمثل مشكلة عادة في العالم الرقمي. وكانت لوحة "يومياً" للفنان "بيبل" موجودة منذ أقل من شهر قبل طرحها في المزاد مؤخراً. ومن المتوقع أن يبقى العمل عبر الانترنت قائماً. وفي حين أن صناعة الفن كانت قد تخلفت عن القطاعات الاستهلاكية الأخرى مثل تجارة التجزئة الفاخرة والعامة في تبنيها للتكنولوجيا، إلا أن الجائحة أجبرت المعارض ودور المزادات على الاستثمار في الأدوات الرقمية مثل غرف المشاهدة عبر الإنترنت.

كما ظهرت منصات الفن المشفر مثل "نيفتي غيتاوي" (Nifty Gateway) المدعومة من المستثمر وينكلفوس، والتي تعمل على إشراك جامعي الأعمال الأصغر سناً من خلال نشر أعمال محدودة الاصدار. وهناك مؤشرات إيجابية تشير إلى أننا سنستمر في استهلاك الفن على هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. الزمن وحده كفيل بإظهار ما إذا كان الأثرياء سيحافظون على إقبالهم على الفنون عندما يفتح باب السفر والترفيه أم لا. فضلاً عن الإجابة عن التساؤل حول ما إن كان المستهلكون الأصغر سناً سوف يواصلون الشراء أم لا. ولكن يبدو أن حظ سوق الفنون سوف يستمر مع استمرار تسجيل ارتفاع في الأسواق والعملات المشفرة وقلة فرص الإنفاق في الغالب خلال جزء كبير من هذا العام. وتأمل المؤسسات المحنكة مثل "كريستيز" بالاستفادة من فنانين مثل "بيبل" في المستقبل بقدر ما يستفيدون من الفنان القدماء كفرانسيس بيكونز.

مبلغ خيالي

في مزاد علني، شهد دقيقة صمت، لإحياء ذكرى من فقدوا حياتهم بسبب فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" ..سجلت لوحة لفنان بريطاني رقماً قياسيا حيث بيعت بمبلغ خيالي تجاوز الـ 23 مليون دولار . وتظهر لوحة الفنان البريطاني ”بانكسي” صبيا صغيرا يلعب مع ممرضة دمية باعتبارها بطلا خارقا بدلا من “باتمان” أو “سبايدر مان” . وتشيد اللوحة “Game Changer” ، التي كُشف عنها في مايو/ أيار الماضي في مستشفى جامعة ساوثهامبتون، ، بالعاملين في الخطوط الأمامية لخدمات الصحة الوطنية في بريطانيا في حربهم ضد وباء كورونا المميت .

وفي المزاد للذي شهدته دار “كريستيز” للمزادات ، بُث على الهواء مباشرة، بيعت اللوحة الفنية بمبلغ (19.85 مليون دولار)، لكن منحت الرسوم المضافة سعراً نهائياً قدره 16.758 مليون جنيه إسترليني (23.10 مليون دولار)، وهو رقم قياسي عالمي لأعمال “بانكسي”. ويُظهر العمل الفني -باللونين الأبيض والأسود - طفلاً يرفع ممرضة وذراعها ممدودة وترتدي عباءة، في حين يرقد الأبطال الخارقين التقليديين "باتمان ورجل العنكبوت" في سلة المهملات.

وكانت تقديرات سعر اللوحة في البداية تتراوح بين 2.5 و3.5 مليون جنيه إسترليني. غير أن مستوى الاقبال عليها غير من سعرها لتصل في نهاية المطاف الى مبلغ خيالي غير متوقع، وبحسب دار “كريستيز” فإن العائدات ستذهب نحو دعم رفاهية موظفي مستشفى ساوثهامبتون الجامعي والمرضى. يشار الى أن بريطانيا سجلت أولى حالات الاصابة بكورنا نهاية شهر يناير 2020 ،وبدأت تتخذ اجراءات وتدابير وقائية للحد من الوباء ، لكنه أخذ ينتشر بسرعة كبيرة ويحصد الالاف من المواطنين، ما جعل الحكومة تقر فرض اغلاق كامل، تسبب بموجة غضب في أوساط البريطانيين .

مزادات اخرى

على صعيد متصل بيعت لوحة لفان غوغ تعرض شارعا في باريس وكانت محفوظة في مجموعة مقتنيات خاصة لأكثر من مئة عام مقابل 14 مليون يورو (16.60 مليون دولار) في مزاد وكانت دار مزادات سوذبيز قد حددت قيمة لوحة "مشهد شارع في مونماتر" بين خمسة وثمانية ملايين يورو. ويعود تاريخ اللوحة إلى عام 1887 عندما كان فان غوغ يقيم مع شقيقه تيو في العاصمة الفرنسية.

كما بيع رسم أنجزه الفنان الإيطالي الشهير جان لورنزو برنيني في القرن السابع عشر، في مزاد في فرنسا مقابل 1,9 مليون يورو، محطمة "رقما قياسيا عالميا لرسم" من هذا الفنان، وفق الدار المنظمة للحدث. وقال مفوض المزاد دومينيك لو كوينت "حُطّم الرقم القياسي العالمي السابق لأغلى رسومات برنيني (139 ألف يورو سنة 2014). نحن سعداء للغاية لأننا أدينا دورنا في كشف التحفة الفنية". ولم تُعلن هوية الشخص الذي اشترى الرسم "لكنه على الأرجح من بلد ناطق بالإنكليزية"، وفق لو كوينت الذي أشار إلى أن العمل "سيُنقل إلى خارج فرنسا". بحسب فرانس برس

وأشار إلى أن هذا الرسم الأكاديميفرنسا الذي يمثل رجلا جالسا وسط نباتات وافرة، هو "تعبير نموذجي عن الفن في حقبة الباروك ونبوغ برنيني". وأشارت دار المزادات إلى أن الرسم الذي يحمل عنوان "أكاديمية الإنسان" هو جزء من مجموعة "ضيقة للغاية من أعمال برنيني الأكاديمية المعروفة"، إذ إن مؤرخي الفنون لم يحصوا "أكثر من سبعة" منها، "وكلها محفوظة في متاحف ومؤسسات، بينها عمل في متحف أوفيزي في فلورنسا". وقد عُرف جان لورنزو برنيني (1598-1680) خصوصا بتماثيله في نافورة نافونا الشهيرة في روما.

كما بيعت إحدى لوحات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل وهي اللوحة التي تصور صومعة مسجد تاريخي في مدينة مراكش المغربية مقابل ما يعادل 8 ملايين ومائة ألف يورو، متجاوزة بفارق كبير السعر المبدئي والمقدر ما بين 1.7 و2.8 مليون يورو ولوحة "برج مسجد الكتبية" رسمها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل عام 1943 بمناسبة زيارة رسمية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية. وفي العمل الفني يمكننا أن نرى منظرًا طبيعيًا بسيطًا غير مزخرف مع المئذنة التي ترمز الى قوة سلالة الموحدين في القرن الثاني عشر متشابكة بأسوار مدينة مراكش القديمة والمتكئة على الجبال المغطاة بالثلوج.

وكان تشرشل قد أعطى اللوحة إلى روزفلت ثم باعها أحد أبناءه في الخمسينيات من القرن الماضي، تنقلت اللوحة بين العديد من الأشخاص قبل أن تنضم في عام 2011 الى مجموعة يمتلكها أنجلينا جولي وبراد بيت. ويعتبر المؤرخون القطعة الفنية أهم لوحة للسير ونستون تشرشل زعيم حزب المحافظين الذي بدأ الرسم متأخرا عندما كان في الأربعين من عمره. وفي نفس المزاد عن دار كريستيز، تم بيع لوحتين أخريين من أعمال تشرشل احداها لمنظر طبيعي لمراكش بيعت بمبلغ 1.8 مليون يورو، واللوحة الأخرى تمثل مشهدا لكاتدرائية القديس بولس في لندن.

اضف تعليق