يوم بعد آخر وعلى مدار الساعة، يطرز المقاتلون العراقيون الأبطال أروع الملاحم في سوح القتال، محققين بذلك الانتصار تلو الانتصار، جاعلين من جرذان داعش يتجرعون مرارة الهزيمة صاغرين، حيث تقتص قواتنا العراقية البطلة بكل تشكيلاتها بما في ذلك حشدنا الشعبي بفصائله وألويته البطلة، من هذه الزمر المجرمة التي تقاطرت على أرض العراق من كل حدب وصوب بحجة القتال (من أجل الاسلام) وهو براء من أفعالهم الخسيسة وجرائمهم التي يندى لها جبين الانسانية، وجهادهم الذي لا يعدو كونه جهاد (نكاح)، منتهكين حرمة النساء بلا ذمة أو اخلاق او ضمير، مستخدمين ابشع السبل الوحشية لتحقيق مآربهم الدنيئة على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات او اكثر على ارض مدينة الفلوجة.
إلا أن يوم القصاص قد حل بهم، حيث تتلقى مجاميع داعش أقوى الضربات من جميع الصنوف القتالية أرضا وجوا حتى ضاقت عليهم الارض بما رحبت، اذ أن الهروب نفسه بات أمنية كل واحد من هؤلاء المجرمين القادمين من أواخر مغارب الارض ومشارقها، بحجة الدفاع عن عقائدهم المتهرئة، تلك العقائد التي تقوم على ممارسة الجرائم البشعة ضد الابرياء وقتلهم بأبشع الطرق، حرقا أو نحرا او خنقا وهي طرق وحشية تعيد البشرية مئات السنين الى الوراء، كل هذا يجري باسم الاسلام، هذا الدين العظيم الذي ملأ الأرض نورا وسلاما.
وهكذا أخذت الأخبار المحلية والعالمية تترى، منقولة بشكل مباشر من أرض القتال، حيث يسطر المقاتلون العراقيون الأبطال، ملاحم النصر بأيدي عراقية أصيلة، لطالما توعدت زمر الارهاب بمجيء يوم القصاص، وها هو قد جاء فعلا حيث يتجرع الدواعش المجرمين الخارجين عما يريده الله تعالى والأديان والاخلاق والانسانية، وهم يتلقون اليوم قصاصهم العادل على أيدي مقاتلينا من كل الصنوف والفصائل والتشكيلات، حيث تلوح لنا بشائر النصر القريب، الذي سيكون نهاية هذه الزمر المجرمة على ارض العراق الطاهرة بعد أن دنسها هؤلاء المجرمون بجرائمهم النكراء.
السؤال الأكثر أهمية، هل تتوازى هذه الانتصارات الكبيرة على الدواعش قصاصا لشهداء العراق، مع ما يدور في الساحة السياسية من صراعات وتناقضات وتعطيل لمؤسسات الدولة؟، هل الطبقة السياسية نفسها مقتنعة بدورها السياسي في تحريك وادارة نشاط الدولة العراقية في ظل ما يجري من مهام كبيرة وخطيرة تدور رحاها على جبهات القتال من اجل تحقيق النصر المؤزر على أكبر تنظيم ارهابي حلّ على الارض العراقية واقترف ابشع الجرائم؟؟، الجواب بكامل الانصاف والموضوعية والحيادية سيأتي بالنفي بطبيعة الحال.
لماذا لم ينهض السياسيون بدورهم؟
وهذا يعني من دون اخفاء للحقيقة ومن دون مجاملات فارغة، أن العاملين في الساحة السياسية من احزاب وكتل وشخصيات وقادة، لم يقوموا بما يوازي البطولات التي يتم تسطيرها من لدن قواتنا البطلة في ارض المعركة، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة ومهمة، ومنها وربما يتصدر جميع الأسئلة، لماذا لم ينهض السياسيون بدورهم في ادارة شؤون الدولة المختلفة، فيما تقوم القوات المسلحة والحشد الشعبي وابناء العشائر، بدورهم المشرف من اجل تحرير اراضي العراق ومدنه، وتحرير آلاف العائلات التي يحتجزها داعش تحت شتى أساليب القوة وانواع الأسلحة والاساليب البشعة في السبي والحجز والقتل والمطاردة؟.
هل يستطيع الساسة أن يوضحوا لنا هذا الأمر، ونعني به، تراجعهم عن دورهم في تحريك مؤسسات الدولة كي تؤدي أعمالها ومهامها التي تصب في خدمة الشعب من حيث الخدمات والادارة وما شابه، ألم يعلم جميع هؤلاء الساسة أن الجبهة الداخلية(الشعب العراقي) هو الظهير الأقوى والرافد الأهم لقواتنا البطلة؟، ألم تشكل معنويات الشعب زخما كبيرا وعظيما للقوات التي ترابط لسنوات عديدة على جبهات القتال في شتى المدن العراقية المحتلة من زمر داعش النتنة؟.
إن هذه الأسئلة التي نطرحها هنا في هذه الكلمة، قد استقيناها في الحقيقة من بعض مواقع التواصل الاجتماعي، ومن التساؤلات والاقوال التي يطرحها المواطنون العراقيون على الساسة، فضلا عن كونها تساؤلات يطرحها المراقبون والمتابعون للصراعات السياسية الجارية منذ شهرين تقريبا بين الكتل والاحزاب المتصارعة فيما بينها على المغانم المختلفة، متناسية او ناسية دورها الأهم في ادارة الدولة ومؤسساتها بطريقة صحيحة تشكلا دعما وزخما قويا لقواتنا الباسلة التي تواجه أبشع التنظيمات الارهابية على مدى التاريخ، وهم يصرحون علنا بأهدافهم الدنيئة التي تستهدف ارضنا ومقدساتنا واعراضنا.
ألا يستحق مثل هذا التصريح الاجرامي على مدار الساعة للدواعش بالاضافة الى افعالهم الشنيعة، أن يتحد السياسيون وأن يرتفع مستوى أداهم العملي والاداري في ساحة السياسة، بما يخدم الشعب العراقي ويحقق له كرامته الانسانية في العدل والمساواة والاحترام، كي يبقى (كما هو) ظهيرا قويا للقوات العراقية ورافدا دائما لها بالدعم المعنوي والمادي والأهم من ذلك بالمقاتلين الأبطال على مدار الساعة، نعم نحن نلاحظ بما لا يقبل الشك ذلك الاستعداد الشعبي الكبير على مد جبهات القتال بأجيال وأجيال من الشباب المؤمن المستعد والمحصن بالعقيدة والايمان والاستعداد التام لمواجهة زمر داعش المجرمة، وهذا وحده يستدعي أن يكون القادة السياسيون وكل من يعمل في الساحة السياسية العراقية بمستوى المسؤولية التي تليق بتضحيات العراقيين، لا أن يتصارع السياسيون من اجل المناصب والامتيازات ويعلنون أنهم يعملون من اجل العراقيين فيما تؤكد الحقائق بأنهم يتصارعون من أجل مآربهم وغاياتهم وأنفسهم.
أشكال الدعم السياسي للمقاتلين
قد يقول قائل من العاملين في السياسة، أنهم يقومون بالواجب الوطني المطلوب منهم عبر ما يحدث من تناقضات في الحراك الذي يجري في مؤسسات الدولة، وربما يضيف بعضهم، أن الديمقراطية او المنهج المتبع للنظام البرلماني يتيح لهم هذا النوع من الاختلاف في الأفكار والأفعال وما شابه، وأن الحق يقف معهم في تعدد الآراء ووجهات النظر، ولا ضير في مثل هذه الأقوال بطبيعة الحال، فالنظام البرلماني يتيح مثل هذه الاختلافات بين الفرقاء السياسيين، ولكن ليس هذا هو المعني مما ورد من تساؤلات.
فالأمر المعني هو ذلك اللهاث المحموم للكتل والاحزاب وراء المصالح المادية عبر البحث والتصارع على المناصب والوزارات والامتيازات، من اجل الحصول على اكبر حصة مالية ممكنة، في حين تبقى مشاريع الشعب الخدمية والعمرانية وكل ما يتعلق بالبنى التحتية والتعليم والصحة، في حالة مؤسفة من الاهمال، الامر الذي يقود الى تعطيلها وحرمان الشعب من خدماتها، فلا يتوافر التعليم الجيد ولا الضمان الصحي ونحن في دولة اسلامية غنية، والاسلام اول من دعا لنظام التكافل والضمان الاجتماعي والصحي.
وطالما ان الشعب هو ركيزة وقاعدة القوات المقاتلة، فإن خدمة الشعب تعني خدمة المقاتلين، ويتم ذلك من خلال عمل السياسيين وتكاتفهم على بناء نظام سياسي ديمقراطي تعددي قائم على قواعد ديمقراطية تحمي الشعب والبلد من الانزلاق نحو الدكتاتورية والقمع، وتؤمن له حياة حرة كريمة، وتجعل الشعب قادرا على دعم المقاتلين معنويا وماديا، وكل هذه الأمور والاشتراطات المهمة لا يمكن تحقيقها من دون أن يؤمن السياسيون بالمهمات والأدوار الكبيرة الملقاة على عاتقهم، لذا فالخطوة التي توازي الانتصارات المتحققة لقواتنا البطلة هو تآزر السياسيين والقيام بخطوات وطنية ترقى الى هذا الانتصارات الكبيرة.
اضف تعليق