الإعلام هو صوت الناس، بهذه الجملة المختصرة، وبهذا الوضوح يصف بعض المختصين مهمة الاعلام ودوره، ولكن هناك شروط تجعل من الإعلام قادرا على القيام بهذا الدور الكبير، فصوت الناس، هو رأيهم، وهذا الرأي الجمعي، لا يستطيع أحد أو شيء أن يمثله ما لم تكن له مزايا خاصة تجعله قادرا على أداء هذه المهمة الصعبة، فحتى تكون ممثلا لصوت الناس ورأيهم ينبغي أن تكون صادقا ودقيقا، وحتى تحصل على هذه الصفة الأخيرة، عليك أن تعتمد الحقائق والأسانيد الصادقة، ولا تذهب في طريق الأوهام.
هل يمكن مواجهة الاعلام المزيف، كيف يتم ذلك؟ ومن يتصدى لهذه المهمة الكبيرة؟، إن الاجابة لا يمكن اختصارها بكلمات في مقال، او مقترحات او خطوات، وانما ينبغي أن يكون هناك منهج متكامل للمواجهة، مدروس ومتخصص وموضوع من لدن لجان وخبراء وجهات متمرسة، على تشترك عقول وارادات ومنظمات معنية بالامر في دراسة سبل مكافحة الاعلام المزيف، فالمهمة ليست سهلة كما قد يتصور البعض.
اذاً ازاء مهمة المواجهة، وهي مهمة ينبغي أن تخضع الى منهجية، وارادة، وجهود مادية كبيرة (جهد حكومي)، مع جهود فكرية (خطط دراسات وبحوث وخبرات)، لذلك اذا كان ثمة عذر للعقل البسيط في تمرير ما يروج له الاعلام القائم على التضليل، فإن هذا العذر لا يمكن منحه لمن يعلن بأنه صاحب وعي عال ويؤكد بأنه من النخبة، وانه من المتصدين لرفع كفاءة الاعلام وتطوير البلد في عموم المجالات، إذن فالمطلوب ممن يعلن انتسابه الى النخبة الواعية، أن لا يسقط ضحية للاعلام الصاخب، كما يسقط صاحب الوعي البسيط والعقل العادي، والسبب أن من ينتسب الى النخبة ويتصدى لقيادة المجتمع، ينبغي أن لا تنطلي عليه عمليات الخداع والتضليل والتزييف التي يقوم بها الاعلام الكاذب، لسبب بسيط أن مهمة الكشف والرصد والفضح لهذا النوع من الاعلام المخادع تقع على عاتق العقول الكبيرة المتخصصة.
هناك سبل تندرج تحت منهجية التخطيط المسبق هي التي تبدأ بهذه المهمة، بمعنى اوضح على كل من ينتمي الى النخب، التفكير بطريقة مضادة ومبتكرة تختلف على نحو تام عما يطرحه الاعلام المخادع، من افكار ورؤى ومشاريع تبدو وكأنها تنتمي للحقائق، لكنها عبارة عن حزم متواصلة من الخداع والتزييف، تستهدف بث وترسيخ اهداف معينة، لا تصب في صالح المجتمع، بل تهدف الى تحقيق مصالح ضيقة الافق والرؤية، اما تتعلق بحزب او كتلة او شخصية سياسة، تهدف الترويج لمصالحها ونفسها، على حساب المصالح العامة، وهذا يعني أننا ضمن منهجيتنا ينبغي الابتعاد عن الذاتية والأنانية والتفكير بالمصلحة الفردية، وغاليا ما تتلفع مثل هذه المصالح ذات الطابع الاناني، برداء المصلحة العامة، فيقوم الاعلام المضلل بدوره الخطير في قلب الحقائق، وتلميع الوجوه والمشاريع المشبوهة، فيتم تمرير مثل هذه الاهداف الخطيرة بواسطة الاعلام المخادع، لتتعامل معها العقول البسيطة على انها تعمل لمصلحتها، لكنها في الحقيقة مشاريع مزيفة ليس لها علاقة بالواقع، وتبقى مهمة الكشف من مسؤولية العقول الأكثر ادراكا ووعيا وحضورا.
اضف تعليق