الوقت هو الحياة، إنه غير قابل للاسترجاع، ولا يمكن تعويضه، إضاعة وقتك تعني إضاعة حياتك والتحكم في وقتك يعني التحكم في حياتك وتحقيق أقصى استفادة منها، هذه الكلمات القليلة المكونة من سطرين، تساوي عمر الإنسان كله، وتعادل رحلته الطويلة في الحياة، فلماذا لا يعطي الإنسان ذلك الاهتمام الكافي والكبير للوقت؟؟ ...
هناك كثيرون لا زالوا لا يفهمون قيمة الوقت، ولا يخططون لإدارته بصورة جيدة ومنظّمة، بل هنالك الكثير ممن لا يؤمن بتنظيم الزمن، ولا يفهم أو يهتم بالأيام والشهور وأحيانا السنوات التي تضيع منه بلا مقابل، فيتحول إلى ما يشبه الآلة، بلا إحساس ولا مشاعر، ولا إدراك بأن العمر عبارة عن ثوان ودقائق وساعات، إن أهدرها الإنسان فإنه إنما يهدر حياته.
هل إدراك أهمية الوقت ثقافة يمكن أن يحصل عليها الإنسان من الكتب والبيئة والأشخاص المحيطين به في العمل أو الصداقات أو سواها؟، نعم معرفة الوقت وأهميته ثقافة، وبحث عن التطور والتغيير، وهناك دور حاسم للبيئة البشرية التي يتواجد فيها حول التأثير به سلبا أو إيجابا بخصوص إدارة وقته، وبالتالي إدارة حياته.
مطلوب من الإنسان بغض النظر عن طبيعة عمله أو تفكيره أو سلوكه، أو حتى مستواه الثقافي، أن يقرّ بأهمية وقته، وأن ينظر إليه على أنه المساحة الزمنية التي تستغرقها رحلته في الحياة، وأن فقدان دقيقة واحدة دون جدوى، تعني ضياع جزء من عمره هباءً، إلى هذه الدرجة يجب أن ننظر إلى أهمية الوقت في حياتنا.
كيف نُدرك قيمة الوقت؟
السبب في الإهمال الذي يتعرض له الوقت في حياة الكثيرين، أنهم لا يدركون الكيفية التي عليهم أن يقضوا ويديروا وقتهم بها، أي أنهم يجهلون هذا الأمر، وربما القلّة القليلة من البشر من يدرك هذا الأمر، وهناك شيء يتعلق باللاوعي، حيث يبقى الإنسان في حالة من الضبابية تجاه إدراك الوقت ومن ثم إدارته بشكل جيد.
عن هذا الجانب يقول مارك مانشيني في كتابه إدارة الوقت: (كل منا لديه منظور شخصي للوقت، ولكن معظمنا لا يدرك ان لديه مشاعر غير واضحة تجاه الوقت. ومعظم الناس لديهم حس غير واضح بكيفية قضاء وقتهم).
ولكن في كل الأحوال يفهم الجميع أن العمر له وقت محدد وسنوات محدّدة أيضا، وإن كنّا لا ندرك رقمها أو عددها، لكن ليس هناك إنسان لا يدرك بأنه سوف يعيش سنوات عمره، وأن الوقت محسوب عليه، وهو مستمر بالتناقص مع كل ثانية تمضي من عمره، فلماذا لا يفكر بأهمية إدارة وقته، ولماذا هناك بشر يتعاملون بإهمال تام لهذا الجانب.
حكى لي أحد الزملاء أن شابّا في بداية بنائه لحياته، قرّر السفر إلى دولة أخرى لمواصلة دراسته العليا، وأنه حصل على منحة مالية تساعده على تحقيق هذا الهدف، وهناك مزايا إضافية مُنحَت له كالمنام والطعام المجاني، وفي الوقت الذي كان ملايين الشباب ينتظر مثل هذه الفرصة أو أقل منها، ويسعون لها بكل السبل المتاحة لهم، إلا أن هذا الشاب لم يحسن التعامل مع هذه الفرصة بسبب إخفاقه في إدارة الوقت، وقد فصل بينه وبين هذه الفرصة ساعات قليلة تأخر فيها عن موعد إقلاع الطائرة، وكانت ضوابط الجامعة الأجنبية قد حدّد تاريخا لا يقبل التأجيل أو التأخير لبداية الفصل الدراسي، وبسبب عدم اهتمام هذا الشاب بالضوابط وبالوقت خصوصا موعد إقلاع الطائرة، ضاعت منه فرصة العمر.
فرصة العمر
تُرى هل يدرك هذا الشاب أن وقته هو حياته، وأن العبث بالوقت هو عبث بالحياة الشخصية للإنسان؟، قد لا يعي كثيرون هذه الحقيقة، وإلا ما الذي يجعل إنسان في مقتبل العمر يهدر كثيرا من وقته في أمور لا تستحق ذلك، كاللهو أو التسكع في الطرقات، أو الجلوس الطويل في الكازينوهات والمقاهي، ولا يفهم أن هذا النزيف الزمني لا يختلف كثيرا عن نزف الدم من جسد الإنسان دونما تعويض له.
إدارة الوقت واستثمار الإنسان لعمره، ليس صعبا ولا مستحيلا، إنه يحتاج إلى عملية تنظيم ودقة وبرمجة، وتعويد النفس على سلوكيات تقوم على الاعتياد والضبط، كما يمكن الاستفادة من خبرات الآخرين في هذا الجانب، سواء عن طريق تحصيل المعلومات من الكتب، أو من تجار الناس، فهناك إمكانية لإتقان إدارة الوقت، لكن الأمر يحتاج إلى تخطيط وإرادة وتثقيف على احترام الوقت والنظر إليه على أنه حياة الإنسان وأن هدر وقته يعني هدر حياته.
يقول آلان لاكين: (الوقت هو الحياة. إنه غير قابل للاسترجاع، ولا يمكن تعويضه، إضاعة وقتك تعني إضاعة حياتك والتحكم في وقتك يعني التحكم في حياتك وتحقيق أقصى استفادة منها)، هذه الكلمات القليلة المكونة من سطرين، تساوي عمر الإنسان كله، وتعادل رحلته الطويلة في الحياة، فلماذا لا يعطي الإنسان ذلك الاهتمام الكافي والكبير للوقت؟؟
إذاً هذا الأمر (احترام الوقت وبناء الحياة) هو عبارة عن نوع من ثقافة السلوك، الإنسان يجب أن يتعلم كيف يدير وقته بشكل صحيح، وأن يفهم تمام الفهم، أن الدقيقة التي تذهب منه هدرا لا يمكن تعويضها، وأن نجاح وجوده، والنتائج الطيبة لرحلته الحياتية مرتبطة بمدى فهمه ووعيه للوقت وأنه بمثابة حياة الإنسان، فإن أعطى الوقت ما يكفي من الاهتمام، فهذا يعني أنه يعطي حياته قيمة كبيرة ويبنيها البناء الصحيح.
اضف تعليق