قامت جامعة أهل البيت التي أسسها الإمام الباقر بإعداد وتأهيل وتربية جيل من الفقهاء والعلماء والرواة والمفسرين والكُتَّاب، وقد تخرج من هذه الجامعة علماء كبار في مجالات علمية متنوعة كالفقه والتفسير والحديث والكلام، وكان لكل واحد منهم ثقله العلمي والمعرفي. وكان من أبرز التلامذة والذين...
قامت جامعة أهل البيت التي أسسها الإمام الباقر (عليه السلام) بإعداد وتأهيل وتربية جيل من الفقهاء والعلماء والرواة والمفسرين والكُتَّاب، وقد تخرج من هذه الجامعة علماء كبار في مجالات علمية متنوعة كالفقه والتفسير والحديث والكلام، وكان لكل واحد منهم ثقله العلمي والمعرفي.
أبان بن تغلب
وكان من أبرز تلامذة الإمام الباقر (عليه السلام) والذين تخرجوا من جامعته وحملوا آثارها إلى مختلف الأقاليم الإسلامية: أبان بن تغلب بن رياح بن سعيد البكري الذي عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وأخذ عنهم، ويبدو ممن كتبوا في أحوال الرواة أن صلته بالإمام الباقر كانت أطول من صلاته بالسجاد والصادق (عليه السلام) وأخذ عنه أكثر مما أخذ عنهما، وروى النجاشي عن إبراهيم بن يزيد النخعي أن أبان بن تغلب كان مقدماً في كل فن من العلوم وعد منها الفقه والحديث والأدب واللغة والنحو وأضاف إلى ذلك أنه ألف كتباً كثيرة منها: كتاب في تفسير غريب القرآن. وقال له الإمام أبو جعفر الباقر: اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك.
ونصّ المؤلفون في علمي الدراية والرجال أنه روى عن الإمامين الباقر والصادق أكثر من ثلاثين ألف حديث في مختلف المواضيع وأكثرها في الفقه، وقال لمن عاتبه في روايته عن الإمام الباقر: كيف تلومني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء إلا قال: قال رسول الله. وقال الإمام الصادق لسليم بن أبي حية: ائتِ أبان بن تغلب فإنه قد سمع مني حديثاً كثيراً فما روى لك فاروه عني.
وقد وثقه علماء السنة ومحدثوهم مع اعترافهم بتشيعه ووصفه الذهبي في ميزان الاعتدال بالصلابة في تشيعه وصدق الحديث، وقال: لنا صدقه وعليه بدعته. ويعني الذهبي بالبدعة تفضيله لعلي (عليه السلام) على كبار الصحابة وموالاته له.
وقد عد له ابن النديم في الفهرست ثلاثة كتب: كتاب في القراءات، وكتاب في معاني القرآن، وكتاب في أصول الحديث على مذهب الشيعة[1].
زرارة بن أعين
ومن العلماء الأفذاذ الذين تخرجوا من جامعة الإمام الباقر (عليه السلام)، وتتلمذوا على يديه: زرارة بن أعين الذي كان يُرجَع إليه في الفقه والحديث. وكان الإمام الصادق يجله ويحترمه، يقول (عليه السلام) عنه: (( رحم الله زرارة بن أعين, لولا زرارة بن أعين، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي (عليه السلام))) [ 2]. وقال الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً فيه وفيه جماعة من تلامذة الإمام الباقر (عليه السلام) ما نصه: ((ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبي، إلا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفاظ الدين، وأمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والآخرة)) [3].
وقد صنف زرارة كتابين: أحدهما في الجبر والتفويض. والثاني: في الاستطاعة. وهو أحد الستة من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) الذين أجمع الرواة على صحة رواياتهم.
مؤمن الطاق
ومن تلامذة الإمام الباقر (عليه السلام) البارزين: محمد بن علي بن النعمان الملقب بمؤمن الطاق، وكان قوي الحجة والدليل، ومجادل متمرس على الجدال، لم يجادله أحد إلا قطعه، وانهزم أمام قوته العلمية، وأدلته المنطقية.
جابر بن يزيد الجعفي
ومن تلامذة الإمام الباقر (عليه السلام) المعروفين: جابر بن يزيد الجعفي الذي روى عن الإمام الباقر (عليه السلام) ما يزيد عن خمسين ألف حديث في مختلف المواضيع، وقيل روى سبعين ألف حديث، ويعد جابر من أكثر تلامذة الإمام (عليه السلام) رواية عنه, فقلما تجد باباً من أبواب الفقه وغيره من العلوم الإسلامية إلا وتجد له رواية أو أكثر فيه.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) عن جابر الجعفي: ((رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا))[ 4].
ويطول الحديث عن تلامذة وطلاب الإمام الباقر (عليه السلام) الذين تتلمذوا على يديه، وتخرجوا من جامعته، ونشروا علومه ومعارفه، ومنهم: يزيد بن معاوية العجلي، والفضل بن يسار، وأبو بصير الأسدي، وأبان بن عثمان الأحمر، وحريز بن عبد الله، وعبد الله بن جندب، وصفوان الجمال، وعلي بن النعمان... وغيرهم.
وثمة ملاحظة هامة وهي: إن جامعة أهل البيت لم تقتصر على أتباع مدرسة أهل البيت، بل كان المجال مفتوحاً للدراسة فيها للطلاب من مختلف المذاهب الإسلامية ولذلك التحق بها عدد كبير من طلاب العلم من مختلف الأقاليم والبلاد الإسلامية، وأخذ العلم عن الإمام الباقر (عليه السلام) كبار علماء المسلمين على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم الفكرية والمذهبية، منهم: عطاء بن أبي رياح، وعمرو بن دينار، وربيعة الرأي، وابن جريح، والزهري، والأوزاعي، ويسام الصيرفي، وأبو حنيفة... وغيرهم كثير.
اضف تعليق