لكل أمة أسوة أو قدوة أو نموذج تهتدي به، ونحن كمسلمين مرت علينا دهور من الويلات والعذاب، وأكداس من الجهل والظلام، أحوج إلى الأسوة، مصباح الفكر الخلاق، وضالتنا هذه وجدناها في إمامنا الحسين، فكراً ومبادئ وإيثارا، فـ (قد صار الإمام الحسين عليه السلام مصباح الهدى وسفينة النجاة/ الإمام الشيرازي)، وما على جمهرة المسلمين في العراق وسواه إلا التمسك بهذه العروة الوثقى، دليلا ونورا، طريقا سالكاً صوب العلا والسؤدد...
لكل أمة أسوة أو قدوة أو نموذج تهتدي به، ونحن كمسلمين مرت علينا دهور من الويلات والعذاب، وأكداس من الجهل والظلام، أحوج إلى الأسوة، مصباح الفكر الخلاق، وضالتنا هذه وجدناها في إمامنا الحسين، فكراً ومبادئ وإيثارا، فـ (قد صار الإمام الحسين عليه السلام مصباح الهدى وسفينة النجاة/ الإمام الشيرازي)، وما على جمهرة المسلمين في العراق وسواه إلا التمسك بهذه العروة الوثقى، دليلا ونورا، طريقا سالكاً صوب العلا والسؤدد.
وأول وأعظم الخطوط التي اختطها إمامنا الحسين، خط التمسك بسيرة جده محمد (ص) وأبيه علي بن أبي طالب (ع)، فأعلن هدفه بصوت لا أعلى ولا أصفى ولا أجلّ منه: (أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، أسير بسيرة جدي وسيرة أبي علي بن أبي طالب).
ولنتخيَّل ماذا سيُستجَد لو تلاشى المنكر وأحابيله في مصفاة الحق، واستأسد الحق، وعلا فوق أكداس الخطيئة المتراكمة في القلوب والنفوس وحتى العقول، لتنتقل إلى أيادٍ آثمة، تعيث في الأرض فسادا، تجرمُ بحق الناس، تسرق، تمتهن السُحت، تستحلي الخطايا، وتستخف بحقوق الجميع، تختلس، تتربص بأرزاق البشر، تنهش اللحم الحي والميت، تآخي الفجور، تكره العدل، تحكم بما يُشبع نهمها وشهيتها الدموية، لا رادع لها، ذاتي أو خارجي، لا النفس ترتدع، ولا القلب يخاف، ينتشر الهراء بين الجموع، تستحيل المكامن غابة يحكمها قانون القوي.
هذا هو مشهد الشام في حكم يزيد، والعهد الأموي الرقيع، فلا معروف ساد بين معاملات الناس مع بعضهم أو بين الحاكم وبينهم، ولا عدل، رفع المنكر بيارقه العالية وتسيّد الحقوق وامتطى الرذيلة، فوجب أن يظهر صوت الحق ويعلو، فمن يا تُرى ذلك الصوت، وهل ثمة أعلى من صوت الحسين حقاً وعدلا ومعروفاً، هدر الصوت الأعظم معلنا اقتفاء سيرة الجد والأب، سيرة الشجرة المحمدية العظمى، فارتد المنكر إلى جحره رغم أنه كان ذا قوة هائلة مادية من الرعاع الجهلة ذوي النفوس الدنيئة والعقول المختمرة بالجشع والجهالة، فلم يكن من بد، غير خروج الثائر الأعظم واضعا الطاغية الصغير يزيد في جحر الفضيحة المعلنة، إنه الصوت الذي هدر بالمعروف والسيف الذي قطع رأس المنكر: (كان الحسين عليه السلام يريد أن يُخرج الأمة من المنكر إلى المعروف، كان يريد أن يضع حداً للمنكر، وأن ينتشل الأمة من الحضيض الذي أركست فيه إلى العز، وذلك عندما رضيت الأمة الإسلامية بواقعها المتردّي، المتمثل بالخمول، والركون إلى الدنيا، والسكوت على الظلم، وتسلط الظالمين من أمثال يزيد وأبيه وأضرابهم/ الإمام الشيرازي/ كتاب قبس من شعاع الإمام الحسين ع).
واليوم عرف الجميع، ونحن بينهم، أننا أمام خيارين لا ثالث لهما، فأما أن نسير خلف خطى الحسين الفكرية الثقافية المبدئية، وننفذ بجلودنا من عالم مشحون بالكراهية والجشع والغل وضرب حدود الحق بالخداع وكل الموبقات المنكرة، وأما أن نُحصَر ونُحشَر في زنزانة يزيد المعاصرة، فيزيد الذي هزمه الحسين، لم تنتهِ نتانته ومآربه ولا عدالته، وهمجيته، وانطلاقا من هذا الواقع المأزوم، ما علينا إلا أن نتمسك بالصفوة الإلهية ونستنير بالمصباح الحسيني الذي لا منجى لنا بسواه.
هل لنا غير الحسين (ع) منجي من سوءات المنكر وجحافله التي تتناسل في عالم قادته بلا ضمير، يقودهم الجنون ونفوسهم تنضح باللؤم والطمع والجشع واحتقار الناس، إلا أنفسهم، ليس لنا غير ثقافة الحسين ومبادئه وفكره ملاذا وحماية من أراذل العصر، لهذا فإن: (التمسّك بصفوة الله، والاستنارة بهذا المصباح الإلهي يكون هداية في الدنيا، ونجاة في الآخرة، لأن حب الإمام الحسين يستتبع العمل الصالح، وذلك لأنه عليه السلام مصباح ينير طريق الحق لسالكيه، ولأنه فرّق بين طريق الحق وطريق الباطل بنهضته المباركة).
علينا أن نفتح القلوب برهافة وإصرار للحب الحسيني، ونلتهم فكره الخلاق التهاما، عن إيمان قاطع، فكل ما يحيط بنا مسلّح بالخطيئة، ومغموس بالتسميم النفعي والرذيلة والغدر والخداع والمصلحة الظالمة، (فأما أن تكون معي أو أنت ضدي) حتى لو كان متجبرا معبّأً بالكراهية والأحقاد، هذا منطق طغاة اليوم، وأما أن تشرب الذل بقبول جبري والخنوع للباطل، ليس لنا سوى حب الحسين وطريقه وفكره ومبادئه، ففيها يكمن خلاصنا: (حقاً إن الإمام الحسين عليه السلام مصباح الهدى، فما زال نوره وضياؤه يشرق علينا بالبركة والخير فهو يميز الحق من الباطل في جميع العصور والأزمان). هكذا تنجلي الحقائق دون غموض أو تيه أو اختلاط، كالشمس حين تسطع في وضح النهار، كل شيء مجسّم بشكل لا يقبل التداخل، أمامك الحق ومصادره، لا يقبل الخطأ، يرفض التخفي وراء النوايا السوداء، ومتاح لك أيضا تلك الثقافة الغريمة التي تعلن أمام الملأ بأنها ثقافة الانتهاك والمنكر والظلم والشر بكل أصنافه وأنواعه وصوره، من يصوننا من هذا السيناريو الرهيب، لا عاصم فكرياً لنا سوى الحسين (ع)، فما علينا إلا التمسك بالصفوة، والاستنارة بمصباح الهدى، تنظيما، وعملا ماديا فكريا يمكنه مواجهة كل أشكال المنكر، ليرفع بيارق المعروف عالياً حتى تسود محلياً، إقليميا، وعالمياً.
هذا يضعنا في قلب المسؤولية، كيف نخدم الفكر الحسيني، كيف نصون ونلتزم بمبادئه، نحن في حرب فكرية ومادية متشعبة، علينا الانتصار للحسين ع، كيف؟ لابد من وضع خطط إستراتيجية لمثل هذا العمل الجبار، إنها حرب واضحة وكاملة وقوية وقد تكون حاسمة بين الحق، نضع الخطط اللازمة، ونستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا الإلكترونية في صراعنا، نحن المتمسكين بمصباح الهدى المستنيرين به والمهتدين بالصفوة، أمامنا العالم كله وعلينا إيصال الفكر الحسين بعد الحب والإيمان العميق له، علينا إيصاله بكل ما يتاح من وسائل وسبل وطرق وجهود وخطط، لنحمي أنفسنا حاضرنا مستقبلنا من أرباب المنكر وجبابرته.
الإمام السيد محمد الشيرازي يوصي بذلك: (يلزم علينا أن نعمل لكي نعرض قضية الإمام الحسين ع ومبادئه وأهدافه، من خلال أحدث الأجهزة العصرية، عن طريق محطات البث المرئية والمسموعة، والإنترنت، والكتاب والشريط المسجل، وكل ما يصدق عليه الإعلام وإيصالها إلى العالم أجمعه، بشكلها الذي أراده الإمام الحسين (ع)، نفس المصدر السابق)..
اضف تعليق