كان علي (عليه السلام) يصلي في المسجد الصلوات الخمس، فلما صلى قال له أبو بكر وعمر: كيف بنت رسول الله... إلى أن ثقلت فسألا عنها وقالا: قد كان بيننا وبينها ما قد علمت، فان رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا، قال: ذلك إليكما.
فقاما فجلسا بالباب (1) ودخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) فقال لها: أيتها الحرة! فلان وفلان بالباب، يريد ان أن يسلما عليك فما ترين؟ قالت: البيت بيتك، والحرة زوجتك، افعل ما تشاء، فقال: سدي قناعك فسدت قناعها، وحولت وجهها إلى الحائط، فدخلا وسلما، وقالا ارضي عنا رضي الله عنك، فقالت ما دعاكما إلى هذا؟ فقالا اعترفنا بالإساءة، ورجونا أن تعفي عنا [وتخرجي سخيمتك] فقالت: إن كنتما صادقين فأخبرانى عما أسئلكما عنه فاني لا أسئلكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فان صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما، قالا: سلي عما بدا لك، قالت نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني قالا: نعم، فرفعت يدها إلى السماء فقالت اللهم إنهما قد آذياني فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور، وجزع جزعا شديدا، فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟ (2).
هذا درس من نور فدك فليتعلم من شاء وليتغافل من شاء فان يوم الفصل كان ميقاتا.
3- بينت الزهراء صلوات الله عليها انحراف الرسالة عن امتدادها الحق في الامامة المعصومة من خلال مطالبتها بفدك: فان الانقلابيين كانوا كاذبين في دعواهم حتى على فرض ان الرسول اوصى خلاف القرآن (بان الانبياء لايورثون) وهو مستحيل لكن فرض المحال ليس بمحال: لان فدك ليس ارثا بل هي نحلة خالصة من النبي لابنته الزهراء نحلها لها في حياته، ولو كان ذلك على فرض انها دعوى صادقة عن قول الرسول الاكرم صلى الله عليه واله: ( ان ما تركناه صدقة). نتساءل لماذا اقطعت تلك الصدقة النبوية من قبل عثمان بن عفان ملكا خالصا لمروان بن الحكم عدو الله ورسوله الوزغ بن الوزغ طريد رسول الله؟؟؟!!!
فان قلتم انه خطأ عثمان فمن الذي نهج له هذا النهج ومن تسبب به؟ اذن فالمتتبع للحقيقة وسيرة الانقلابيين يجد ان الاسلام قد انحرف ومضي في سبيل الانحراف التام عن الرسالة بقدوم الانقلابيين الى سدة الخلافة وتصديهم دون اهلية وعلم للامامة.. وكان لاغتصاب فدك حزمة ضوء قوية في بيان هذه الحقيقة.
4- ولان النهج الذي نهجه الاول والثاني من المتخلفين خاطئ كما اعلنته فاطمة من خلال دعواها بفدك وجدنا ان هناك من الامويين وهم الد اعداء ال محمد من اعتبر اغتصاب فدك ظلامة فأعاد فدك لولد فاطمة باعتبارها نحلة لفاطمة، وهو الاموي عمر بن عبد العزيز(3).
وهكذا صارت فدك بوصلة للحق على مر تاريخ الخلافات المنحرفة تعلن بوضوح:
ان المتخلفين بعد رسول الله صلى الله عليه واله كلهم خارج معاني ما تقصده فاطمة صلوات الله عليها للمطالبة بفدك؛ فمن خلال مطالبتها بفدك التي اعلنتها الزهراء المعصومة عليها السلام كانت لتبين ان الذين نصبوا أنفسهم اوصياء على الدين ليس الا مغتصبون ومنتحلون وكذابون ظالمون عادون على ما اختطه نبيهم ويتصرفون وكأنهم ملوك وان لهم الحق بما يملكون:
فقد جاء في مستدرك سفينة البحار:
((.. انتزعها منهم بعد عمر بن عبد العزيز يزيد بن عبد الملك، ثمّ دفعها السفّاح إلى الحسن بن الحسن المجتبى (عليه السلام)، ثمّ أخذها المنصور، ثمّ أعادها المهدي، ثمّ قبضها الهادي، ثمّ ردّها المأمون. قال دعبل الخزاعي:
أصبح وجه الزمان قد ضحكاً *** بردّ مأمون هاشماً فدكاً
وحكي أنّ المعتصم والواثق قالا: كان المأمون أعلم منّا به فنحن نمضي على ما مضى هو عليه، فلمّا ولّى المتوكّل قبضها وأقطعها حرملة الحجّام، وأقطعها بعده لفلان النازيار من أهل طبرستان، وردّها المعتضد والمنتصر وحازها المكتفي، وقيل: إنّ المقتدر ردّها عليهم(4))(5).
وقد جاء في الشافي: عن هشام بن زياد مولى آل عثمان قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة (2) فرد فدك على ولد فاطمة عليها السلام، وكتب إلى واليه على المدينة: أبي بكر بن عمرو بن حزم يأمره بذلك، فكتب إليه: ان فاطمة (ع) قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وآل فلان، فكتب إليه: أما بعد، فإني لو كتبت إليك آمرك أن تذبح شاة لسألتني جماء أو قرناء؟، أو كتبت إليك أن تذبح بقرة لسألتني ما لونها؟ فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها بين ولد فاطمة عليها السلام من علي (عليه السلام ). قال أبو المقدام: فنقمت بنو أمية ذلك على عمر بن عبد العزيز وعاتبوه فيه، وقالوا له: قبحت فعل الشيخين، وخرج إليه عمرو بن عبيس (6) في جماعة من أهل الكوفة، فلما عاتبوه على فعله قال: إنكم جهلتم وعلمت، ونسيتم وذكرت، ان أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم(7) حدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فاطمة بضعة مني يسخطني ما يسخطها ويرضيني ما يرضيها، وإن فدك كانت صافية في عهد أبي بكر وعمر، ثم صار أمرها إلى مراون، فوهبها لابي عبد العزيز فورثتها أنا وإخوتي فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها، ومنه ممن باعني ومنهم من وهب لي حتى استجمعتها، فرأيت أن أردها على ولد فاطمة (عليها السلام). فقالوا: إن أبيت إلا هذا فامسك الاصل واقسم الغلة، ففعل. (8)
مما يدلل على ان المتخلفين الاولين كانا كاذبين في دعاواهم ان فدكا ليس من حق فاطمة عليها السلام. وان رد فدك يقبح الشيخين او يهجنهم.. ومن الخلفاء العباسيين ايضا من فعل ذلك وهو المأمون فأعاد فدك الى اولاد فاطمة صلوات الله عليها..
اضف تعليق