في ظل الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العراقية في العراق والجيش العربي السوري في سوريا على تنظيم داعش الارهابي حيث لم يبقى لعصابات داعش الارهابية داخل العراق سوى مناطق قليلة وبدأوا يفرون كالجرذان من الموصل اخر معاقل داعش في العراق، وكانت قوات النظام السوري قد أعلنت مؤخرا عن تقدم قواتها في ريف حماة الشمالي والزحف نحو الرقة التي تعتبر معقل داعش في سوريا وعاصمة خلافته المزعومة.
بات التنظيم المتشدد يبحث عن مكان يكون امن بالنسبة له لكي يعلن دولته فيها، بدأت واجهته الجديدة الى دول جنوب شرق آسيا لينشر افكاره المتطرفة هناك بحثا عن حواضن لإحتضانه وقد اختار هذه الواجهة لعدة اسباب منها ان اغلب من التحقوا للقتال في صفوفه واقتنعوا بأفكاره المتطرفة كانوا من تلك المناطق خاصة أن نحو ألف شخص غادروا جنوب شرق آسيا إلى جبهات القتال في سوريا والعراق للأنضمام في صفوف تنظيم داعش ومعظمهم من ماليزيا وإندونيسيا.
فضلا عن ان اغلب المحللين السياسيين اجزموا على عن احتمال اندماج تنظيم داعش مع القاعدة في منطقة جنوب شرق آسيا. هذا مااثار قلق حكومات دول جنوب شرق اسيا ( اسيان) خاصة ان هناك تزايد ثقة بعض التنظيمات الإرهابية المحلية المرتبطة بتنظيم «داعش».
مثل جماعة أبو سياف في الفلبين المعروفة بأعمال القرصنة والخطف وقطع رؤوس رهائن أجانب لعدم دفع ذويهم فدى. واستخدمت الجماعة علم تنظيم داعش في تسجيلات مصورة لرهائن نشرت على الإنترنت. هذا مازاد مخاوف السلطات في الفلبين من ان هذه الفصائل المنشقة او التابعة الى تنظيم داعش الارهابي تقوم بأستضافته على اراضيهم.
فقد اكد بعض الخبراء في شؤون الارهاب ان تنظيم داعش قد يعلن في عام 2017 اقامة "ولاية" في جنوب شرق آسيا لتعويض خسائره في سوريا والعراق. واكد وزير الدفاع في سنغافورة في لقاء صحفي هذا الكلام عندما قال إن خطر شن المتطرفين هجوما في سنغافورة بات أعلى من أي وقت هذا العام لأنها تصبح أكثر تنظيما وتركيزا في اختيار أهدافها.
وتعد سنغافورة التي تسكنها أعراق متنوعة مركزا تجاريا ومصرفيا رئيسيا ومقصدا للسياح كما يسكنها الكثير من الأجانب. ولم ينجح الإسلاميون المتشددون من قبل في شن هجوم في سنغافورة. ولكن في الأشهر الأخيرة حذرت الحكومة المواطنين من أن وقوع هجوم مسلح في البلاد مسألة وقت فحسب. وأحبطت السلطات مخططا لتفجير عدد من السفارات الأجنبية في سنغافورة بعد أحداث 11 سبتمبر أيلول 2001 في الولايات المتحدة بوقت قصير. واتهم متشدد سنغافوري بالتخطيط لتفجير طائرة مخطوفة في مطار البلاد عام 2002.
على صعيد متصل قالت السلطات الاندونيسية إن تنظيم داعش مثل القاعدة من قبلها تحيي حركة إسلامية أصولية متشرذمة في إندونيسيا أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان والتي عانت من نماذج عديدة لتلك الحركة في القرن الماضي. حيث إن عشرات الإندونيسيين الذين انضموا لصفوف تنظيم داعش في سوريا عادوا للبلاد ولديهم خبرات قتالية ويشكلون تهديدا كبيرا على البلاد. ويقول مسؤولون في مكافحة الإرهاب إن سولو التي لها تاريخ طويل من ارتباط مدارس ومساجد فيها بإسلاميين أصوليين أرض خصبة لتجنيد متشددين وبسبب ذلك تخشى السلطات من تزايد خطر وقوع هجوم كبير في إندونيسيا.
من جهة اخرى ان مؤيدي تنظيم داعش الارهابي في الفلبين يلتحقون للانضمام مع اقرانهم في اندونيسية هذا مايثير مخاوف ان يحدث عنف او هجمات ارهابية عبر الحدود. وهذا ماجعل من الولايات المتحدة الامريكية ان تدعم حلفائها في جنوب شرق آسيا على تعزيز جهودهم لمنع انتشار تنظيم داعش والحد من بروزه في المنطقة، بحسب ما أشار مسؤولون من البنتاغون خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ.
البنتاغون: طموح داعش التمدد في جنوب شرق اسيا
في الشأن نفسه تتطلع الولايات المتحدة إلى دعم حلفائها في جنوب شرق آسيا على تعزيز جهودهم لمنع تنظيم داعش من البروز في المنطقة، بحسب ما أشار مسؤولون من البنتاغون خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ. وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إن هذه المسألة ستكون على جدول أعمال الاجتماع المقبل في هاواي مع نظرائه في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وهناك تواجد لتنظيم داعش في دول عدة من المنطقة بينها ماليزيا وأندونيسيا وسنغافورة والفيليبين، والسلطات قلقة على حد سواء حيال تنفيذ هجمات محلية وسفر مواطنين للالتحاق بالجهاديين في سوريا والعراق. بحسب فرانس برس
وقال قائد هيئة الأركان الأميركية المشتركة جو دانفورد أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن الولايات المتحدة تساعد شركاءها في تبادل المعلومات الاستخباراتية عن الجماعات المتطرفة. وأوضح دانفورد "نحن نحاول العمل معهم لتطوير إطار العمل الذي يمكنهم من خلاله تبادل المعلومات، وتبادل المعلومات الاستخباراتية". من جهته، لفت كارتر إلى أن "من الواضح أن جنوب شرق آسيا هو مكان (يطمح تنظيم داعش) إلى التمدد فيه".
وقوع عنف عبر الحدود
على صعيد متصل رفعت السلطات في دول جنوب شرق آسيا حالة التأهب الأمني منذ أن شهدت العاصمة الإندونيسية جاكرتا هجوما بأسلحة وتفجيرات في يناير كانون الثاني والذي مثل أول علامة على تنظيم داعش في المنطقة. وقال ايه. سيامسو من الوكالة المعنية بمكافحة الإرهاب في إندونيسيا إن "بعض (مؤيدي تنظيم داعش الإندونيسيين) يتلقون تدريبا في الفلبين." وأضاف "لا يوجد عدد محدد لهم حتى الآن لكن ربما يكون عشرات."
وكانت السلطات في الإقليم شنت حملة العام الماضي ضد المتعاطفين مع التنظيم المتشدد الذين حاولوا السفر إلى سوريا. وقال قائد الشرطة الوطنية تيتو كارنافيان إن تلك الحملة دفعت كثيرا من المتشددين الإندونيسيين إلى سلك طرق عبر البحر للتوجه إلى الفلبين مما جعل مسألة تعقبهم أصعب. بحسب رويترز.
وقال سيدني جونز خبير شؤون الإرهاب الذي يتخذ من جاكرتا مقرا له في تقرير مفصل عن الصلات بين شبكات المتشددين في إندونيسيا وماليزيا والفلبين إنهم يزيدون من مستوى تعاونهم ما يرجح إقدامهم على أعمال عنف عبر الحدود. وكتب جونز في تقريره بما أن الوصول إلى سوريا يزداد صعوبة بالنسبة لمقاتلي جنوب شرق آسيا ربما تكون مينداناو (في جنوب الفلبين) ثاني أفضل خيار لهم.
سنغافورة: تنامي خطر الجماعات المتشددة
هذا وقد أدلى وزير الدفاع في سنغافورة نج إنج هين بتصريحات عن تزايد تنظيم داعش للصحفيين عقب اجتماع لوزراء الدفاع في منطقة جنوب شرق آسيا مع وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر في هاواي حيث خصص الوزراء جزءا كبيرا من الوقت لمناقشة خطر تنظيم داعش والجماعات المشابهة.
وقال نج إن أكثر من ألف من أبناء جنوب شرق آسيا تدفقوا على ما يعرف بدولة الخلافة التي أعلنها التنظيم المتشدد في أجزاء من سوريا والعراق. وأضاف "كلما نلتقي سنويا يتصاعد الموقف ويزداد خطر الإرهاب المتشدد ومقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام أو حتى عامين فإنها (الجماعات المتشددة) أكثر تنظيما وأكثر اتصالا وأكثر وضوحا في صياغتها لما تريد تحقيقه."
وقال مسؤولو أمن في يونيو حزيران إن متشددي جنوب شرق آسيا الذين يزعمون أنهم يحاربون من أجل تنظيم داعش قالوا إنهم اختاروا أحد أبرز الرجال المطلوبين للسلطات في الفلبين ليتزعم فصيلا إقليميا للتنظيم. والسلطات في المنطقة في حالة تأهب منذ أن أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم على العاصمة الإندونيسية جاكرتا في يناير كانون الثاني قتل فيه ثمانية أشخاص بينهم أربعة من المهاجمين. بحسب رويترز.
ويعتقد مسؤولو الدفاع الأمريكيون أن المئات من مواطني جنوب شرق آسيا عادوا إلى بلدانهم بعد انضمامهم لداعشفي العراق وسوريا مما يثير مخاوف من سعيهم لشن موجة من الهجمات. وقال نج أن وزراء دفاع منطقة جنوب شرق آسيا يعتقدون أنه إذا تم القضاء على تنظيم داعش في قاعدته بالعراق وسوريا فإن الأمر من شأنه أن يزيد الخطر على المنطقة على المدى القصير.
لأن مقاتلي التنظيم سيعودون إلى بلدانهم على الأرجح. وتقود الولايات المتحدة حملة جوية للقضاء على التنظيم في العراق وسوريا. وقال نج "سيقررون العودة وبعضهم استعاد نشاطه وبعضهم مدرب وستظل الشبكات موجودة."
إندونيسيا: اعداد جيل جديد من المتطرفين
ايضا قالت السلطات الإندونيسية إنها اعتقلت مسؤولا سابقا في وزارة المالية عند عودته إلى البلاد بعد ترحيله من تركيا لمحاولته عبور الحدود إلى سوريا وذلك للاشتباه في نيته الانضمام لتنظيم داعش. وأصدرت وزارة المالية بيانا "لتوضيح تقارير إعلامية" بشأن اعتقال مسؤول سابق بوزارة المالية.
وقالت الوزارة إن أوتومو "كان موظفا مدنيا سابقا في وزارة المالية" يشغل منصبا صغيرا واستقال في أوائل 2016 قائلا إنه يريد تأسيس مدرسة إسلامية في ضواحي جاكرتا. وقال المتحدث باسم الشرطة الوطنية ريكوانتو إن أوتومو وعائلته سيبقون رهن الاعتقال سبعة أيام على ذمة التحقيق وعلى ضوء ذلك سيتم تحديد الاستمرار في التحقيق أو إغلاقه.
في الوقت الذي تراقب فيه السلطات الإندونيسية عن كثب نحو 40 عائدا من سوريا وتخشى أن يتواصلوا مع شبكات قائمة في البلاد لإعداد جيل جديد من المتطرفين لديه المهارات والعتاد اللازم لشن هجمات كبرى. وقال مسؤولون في هيئة الرقابة على التحويلات المالية في إندونيسيا خلال مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة بالي في منتصف أغسطس آب إن ما يقرب من 800 ألف دولار حولت من دول أجنبية لتمويل جماعات إسلامية أصولية منذ 2014.
سولو: ارض خصبة لتجنيد المتشددين
في السياق نفسه سولو التي تربض في مروج التلال البركانية في جاوة هي مركز للثقافة التقليدية في الجزيرة والتي تمزج بين عناصر من الهندوسية والبوذية والروحانية. والمدينة التي يسكنها 800 ألف نسمة مسقط رأس الرئيس جوكو ويدودو والأسرة الملكية في سولو.
وسولو منذ وقت طويل مركز أيضا للحركات الإسلامية الأصولية التي تستلهم أفكارها من الشرق الأوسط. وهي مسقط رأس أبو بكر باعشير الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية الذي يمضي عقوبة السجن 15 عاما لإدانته بالمساعدة في تمويل معسكر تدريب للمتشددين في إقليم أتشيه حيث يوجد تيار إسلامي قوي. وتضم المدينة عشرات المدارس الإسلامية بينها مدرسة تابعة لباعشير.
وقال صلاح الدين وهو خبير بارز في شؤون المتطرفين الإسلاميين في إندونيسيا يعرف نفسه باسم واحد مثل كثير من الإندونيسيين "عدد أفراد الجماعات الأصولية في سولو كبير للغاية بالفعل تجنيد الناس في سولو أسهل منه في أماكن أخرى." بحسب رويترز
وقال مسؤولون أمنيون إن 12 جماعة شبابية أصولية أو نحو ذلك تنشط في المدينة بينها مجموعات على غرار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية منها فريق الحسبة وجماعة المسلمين في سوراكارتا التي تداهم صالات القمار والمقاهي وبيوت البغاء.
وبرز هؤلاء بشدة بعد سقوط الرئيس الراحل سوهارتو في 1998. كان سوهارتو يقمع بلا هوادة أي بادرة معارضة لحكمه من جانب الجماعات الإسلامية المتشددة.
الفلبين: اقامة ولاية تابعة لداعش
على صعيد ذي صلة قال وزير الدفاع الفلبيني دلفين لورينزانا إن المعلومات التي تلقتها بلاده من حلفاء كشفت أن قائدا في جماعة أبو سياف المتشددة التي عرفت بعمليات القرصنة والخطف في جنوب الفلبين يسعى للتوسع في مناطق جديدة في الفلبين بإيعاز من تنظيم داعش.
وقال وزير الدفاع في مؤتمر صحفي وهو يشير لأحد قادة جماعة أبو سياف "إسنيلون هابيلون ترك منطقة عملياته التقليدية في جزيرة باسيلان وتوجه إلى لاناو ديل سور لاستكشاف ما إذا كانت المنطقة صالحة لانتقال (جماعته) إليها." ولاناو ديل سور إقليم في جزيرة مينداناو الرئيسية في جنوب البلاد. وتقع مينداناو إلى الشمال الشرقي من جزيرة باسيلان. بحسب رويترز.
ولم يذكر لورينزانا الدولة التي وفرت معلومات المخابرات لكنه ذكر أنها كشفت تحرك هابيلون لتفقد المنطقة الجديدة "بأوامر" من تنظيم داعش. وحتى وقت قريب كان الجيش الفلبيني ينكر وجود صلات بين تنظيم داعش والمتشددين الإسلاميين في الفلبين. وقال الجيش إن إعلان جماعة أبو سياف مبايعتها للتنظيم المتشدد كان من قبيل الاستعراض.
وخطفت جماعة أبو سياف التي تنشط في جزيرتين بجنوب البلاد عشرات الأجانب على مدى الأعوام الماضية وذبحت عددا منهم ومن بينهم كنديان العام الماضي. وأعلنت الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على هابيلون الذي قاد في عام 2001 عملية خطف 20 شخصا منهم ثلاثة أمريكيين في أحد المنتجعات. وعرف هابيلون بأنه قائد جماعة أبو سياف في باسيلان.
وعبر الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي في الآونة الأخيرة عن قلقه من أن "تلوث" تنظيم داعش أراضي الفلبين إذا ما طرد مقاتلوها من العراق وسوريا. وقال لورينزانا في إشارة إلى التواصل بين أبو سياف وتنظيم داعش "كانا يتواصلان من قبل لكن ليس كثيرا مثل الآن (حيث) تكافح تنظيم داعش في الشرق الأوسط للاحتفاظ بالأراضي التي كانت تسيطر عليها."
ولاناو ديل سور معقل لجماعة ماوتي المتمردة التي أعلنت أيضا مبايعتها للتنظيم داعش الارهابي. واعتقل عدد من أعضاء تلك الجماعة في أعقاب تفجير العام الماضي أسفر عن مقتل 14 شخصا. وقال لورينزانا إن القوات الفلبينية قصفت يوم الخميس مواقع للمتمردين في جبال لاناو ديل سور بالقنابل وقذائف المورتر في محاولة لطرد هابيلون.
اضف تعليق