شهدت الصومال العديد من الصراعات الداخلية والتردد السياسي وغياب الامن منذ سقوط حكم الدكتاتور محمد سياد بري في أوائل تسعينات القرن الماضي يعود اساسا الى نشاط تنظيم الشباب الاسلامي المتطرف المنضوي تحت القاعدة وسيطرته على مناطق ريفية واسعة وينفذ بانتظام اعتداءات في العاصمة مقديشو وان حركة الشباب كانت من أبرز أسباب الاضطرابات على مدى عشرين عاما مضت.
وحركة الشباب الصومالية هي حركة سلفية جهادية متمردة هدفها اقامة دولة اسلامية, وقد أعلنت مرارا ولاءها لتنظيم "القاعدة"، وقال خبراء إن الإسلاميين المتشددين كثفوا من هجماتهم في الصومال وأصبحوا يفجرون عبوات أكبر وأكثر تطورا ويشيع استخدامها في العراق وأفغانستان ومستعينين بالمزيد من الخبرات الأجنبية مما رفع عدد القتلى مقارنة بالعام الماضي.
ووفقا للأرقام التي أعطتها مؤسسة ساهان البحثية ومقرها نيروبي لرويترز فإن العبوات الناسفة بدائية الصنع قتلت 470 شخصا في الصومال خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري ارتفاعا من 200 قتيل فقط في عام 2015 بكامله وأقل من 50 في عام 2010.
وتسببت هجمات الإسلاميين المتشددين في منح السلطات حق الاقتراع لقسم بسيط من سكان البلاد نحو 12 مليون صومالي لا يشارك في الواقع في الاقتراع الا 14 الفا و25 مواطنا في انتخاب 275 نائبا في عملية انتخابية تمتد على عدة اسابيع وتأجلت مرارا. وقد حدثت اعمال عنف ومخالفات اثناء التصويت لاختيار برلمان جديد.
ووصف مايكل كيتينغ كبير ممثلي الامم المتحدة في الصومال الانتخابات بانها "عملية سياسية متفاوض بشأنها تهدف الى تحديد امكانية وكيفية اجراء انتقال سلمي للسلطة السياسية". واشار الى ان هذه العملية يواكبها "ترهيب ومنع مرشحين من الترشح او منعهم من التوجه الى اماكن معينة مع اموال كثيرة تتداول".
هذا ويشكلون متمردو حركة الشباب الاسلامية تهديد للصحافيين والنواب الصوماليين، توجه الى قوات الامن الحكومية تهمة ارتكاب عدد كبير من الانتهاكات ضد الصحافيين ورجال السياسة وعليه دعت الامم المتحدة السلطات الصومالية الى تأمين مزيد من الحماية لحرية التعبير والصحافة في بلد قتل فيه ثلاثون صحافيا خلال اربع سنوات.
وان كثرت الاشتباكات والحروب الاهلية في المناطق الصومالية القوية بسبب ضعف قبضة الحكومة فيها. حيث اندلعت أحدث موجة اشتباكات في جالكعيو وهي مدينة مقسمة بين منطقتي جالمودوج وبلاد بنط المتمتعتين بشبه حكم ذاتي بعد خلاف على خطط بناء. وايضا سقوط 29 قتيلا على الأقل وإصابة أكثر من 50 بسبب حدوث المعارك بين قوات بلاد بنط وقوات منطقة جالمودوج في مدينة جالكعيو بوسط الصومال.
وليس فقط حركة الشباب هي التي تدير العمليات الارهابية والتفجيرات في الصومال فقط ولكن ظهرت جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية تنافس حركة الشباب والتي سيطرت على أجزاء كبيرة من الصومال في وقت من الأوقات.
تنظيم داعش يسيطر على منطقة من الصومال
على صعيد متصل قال مسؤولون إن جماعة موالية لتنظيم داعش سيطرت على بلدة قندلا الساحلية الصغيرة في إقليم بلاد بنط شبه المستقل في الصومال وهي أول بلدة تسيطر عليها الجماعة منذ ظهورها قبل عام. والجماعة التي تشير إلى نفسها على أنها الدولة الإسلامية تنافس حركة الشباب التي لها صلات بالقاعدة والتي سيطرت على أجزاء كبيرة من الصومال في وقت من الأوقات، وقال مفوض المنطقة جاماك محمد خورشي لـ(رويترز) "جنودنا قليلون ومن ثم لم يتمكنوا من القتال لفترة أطول"، وقوات حفظ السلام الأفارقة ليسو منتشرين في بلاد بنط التي تقع على الحافة الشرقية للقرن الأفريقي.
وعليه شنت قوات الامن عملية عسكرية محدودة ضد الجهاديين الذين يعلنون انتماءهم الى تنظيم الدولة الاسلامية لاسترجاع عددا من البلدات الساحلية التي تم الاعلان السيطرة عليها وتطويق الجهاديين في المنطقة التي يسيطرون عليها.
وقال ابراهيم عبد الرحمن المسؤول الامني المقيم في بوصاصو عاصمة اقليم بونتلاند شبه المستقل في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "العملية استهدفت ساحل قندلة (مرفأ الصيد الصغير) التي يتمركز فيها مسلحون مرتبطون بالدولة الاسلامية". واضاف ان "الارهابيين مطوقون اصلا وقوات بونتلاند تراقبهم"، مؤكدا ان "هذه العملية لم تكن هجوما مباشرا بل تتعلق بمنع المقاتلين من توسيع منطقة سيطرتهم".
وقال اسماعيل حاشي صياد السمك في قندلة ان "عددا كبيرا من المراكب المدججة بالسلاح اقتربت من البلدات واطلقت النار عن بعد، ذخائر من عيار ثقيل. رد المقاتلون الاسلاميون لكن لم تحدث معركة كبيرة". واكد سكان وجود جهاديين في قندلة. وقال عبد السلام ديري "انهم يتمركزون في عدد من الاماكن في القرية بما في ذلك في المبنى الاداري، لكنهم لا يتدخلون بحياة الناس. عندما يصادفوننا في الشارع يلقون علينا التحية ويتابعون سيرهم".
يقود هذه الجماعة الصومالي عبد القادر مؤمن العضو السابق في حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الذي التحق بتنظيم الدولة الاسلامية في تشرين الاول/اكتوبر 2015. وحتى الآن ظهر خصوصا في عدد من تسجيلات الفيديو الدعائية التي بثت على الانترنت.
وادرجت وزارة الخارجية الاميركية عبد القادر مؤمن في آب/اغسطس على لائحة الارهابيين الدوليين. وقالت مصادر امنية في المنطقة ان جماعة مؤمن تستفيد من لعبة الصراع على النفوذ المعقدة بين قبائل بونتلاند وهي برأي الفاعلين المحليين بقدر اهمية انتمائه الى تنظيم الدولة الاسلامية.
عبوات تخترق الدروع ويشيع استخدامها في العراق وأفغانستان
من جهة اخرى, تزايد وتيرة العنف من قبل الاسلاميين المتشددين الذي يهدد إجراء الانتخابات الرئاسية وإعادة الإعمار في بلد يهجره سكانه بأعداد كبيرة وهو ما يعمق أزمة عالمية للهجرة. حيث كثفوا من هجماتهم في الصومال وأصبحوا يفجرون عبوات أكبر وأكثر تطورا مستعينين بالمزيد من الخبرات الأجنبية مما رفع عدد القتلى إلى المثلين مقارنة بالعام الماضي. بحسب محللون واكاديميون الى رويترز.
وتكشف تلك النتائج التي تم تسليط الضوء على بعضها في تقرير سيصدر عن الأمم المتحدة التحدي الذي تواجهه الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب فيما تقاتل المتشددين الذين يريدون الإطاحة بها وفرض تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية.
وقال خبراء أمنيون إن المخطط وراء هجوم على طائرة يظهر المهارات المتنامية لحركة الشباب المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة ووجود صلات محتملة مع حركات إسلامية متشددة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
ووفقا للأرقام التي أعطتها مؤسسة ساهان البحثية ومقرها نيروبي لرويترز فإن العبوات الناسفة بدائية الصنع قتلت 470 شخصا في الصومال خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري ارتفاعا من 200 قتيل فقط في عام 2015 بكامله وأقل من 50 في عام 2010.
وقال جريج روبن وهو خبير في العبوات الناسفة بدائية الصنع في مؤسسة ساهان إن حركة الشباب نفذت خمس تفجيرات بشاحنات ملغومة في الصومال هذا العام مما مكنها من اختراق الحواجز الدفاعية في معسكرات الجيش ومواقع أخرى كانت السيارات الملغومة لتجد صعوبة شديدة في اختراقها. وكانت تفجيرات الشاحنات الملغومة نادرة من قبل.
قال روبن "يستطيعون الحصول على كميات كبيرة من المتفجرات" وأضاف أن وزن بعض القنابل قدر بنحو 400 كيلوجرام أو أكثر. وأوضح أن السيارات الملغومة عادة ما تحتوي على 100 إلى 150 كيلوجراما من المتفجرات لأن المزيد منها سيثقل المركبة ويجعل من السهل رصدها.
وقال روبن إن الإسلاميين زادوا من استخدامهم للعبوات المفرغة على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة لذلك. وتوجه العبوات المفرغة الانفجار ليتركز في منطقة صغيرة ويمكن في بعض الأحيان أن تخترق الدروع ويشيع استخدامها في العراق وأفغانستان.
ويقول مسؤولون صوماليون إن العبوات المفرغة استخدمت ما بين 20 و40 مرة في العامين الماضيين. وذكر تقرير الأمم المتحدة الذي اطلعت عليه رويترز بشأن العبوات الناسفة المفرغة أن المحققين "حصلوا على معلومات بشأن وجود عدد من المدربين على المتفجرات بدائية الصنع يتمتعون بخبرة اكتسبوها في مناطق صراع مثل أفغانستان والعراق وسوريا واليمن."
تمزق وصراعات في الصومال
من جانب اخر, اندلعت أحدث موجة اشتباكات في جالكعيو وهي مدينة مقسمة بين منطقتي جالمودوج وبلاد بنط المتمتعتين بشبه حكم ذاتي بعد خلاف على خطط بناء. ويقدم الطرفان المتقاتلان الدعم السياسي لحكومة الصومال المدعومة من الأمم المتحدة في العاصمة مقديشو.
لكن الاشتباكات فيما بينهما تلقي الضوء على ضعف قبضة الحكومة على المناطق الصومالية القوية. قال مسؤولان من طرفي القتال لـ(رويترز) إن المعارك بين قوات بلاد بنط وقوات منطقة جالمودوج في مدينة جالكعيو بوسط الصومال أسفرت عن سقوط 29 قتيلا على الأقل وإصابة أكثر من 50.
وفي السياق نفسه, اسفرت مواجهات بين قوات منطقتين اعلنتا حكما ذاتيا من طرف واحد في شمال الصومال، عن 11 قتيلا على الاقل وعشرات الجرحى و50 الف مهجر منذ السابع من تشرين الاول/اكتوبر. كما علم من مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية.
وقد اندلع التوتر بين بونتلاند (ارض البنط) وجلمدج في ايلول/سبتمبر بعدما اكدت جلمدج ان 13 من جنودها قتلوا في غارة اميركية استهدفت عناصر حركة الشباب الاسلامية. وتتهم جلمدج بونتلاند بأنها قدمت احداثيات غير دقيقة عن سابق تصور وتصميم للاميركيين من اجل شن تلك الغارة.
وقال تايبوا غومو المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية لفرانس برس، ان "11 شخصا على الاقل قتلوا، وان عشرات اصيبوا بين السابع والثالث عشر من تشرين الاول/اكتوبر"، موضحا ان اتفاقا ابرم في التاسع من تشرين الاول/اكتوبر بين الطرفين، قد انتهك "بعد اقل من 24 ساعة".
واوضح مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في بيان، ان "معارك متقطعة مستمرة، ويعتبر الشركاء الانسانيون ان اكثر من 50 الف شخص قد تهجروا". واضاف ان "اعمال العنف المسلحة ادت الى تدهور الاوضاع الانسانية".
الانتهاكات ضد الصحافيين
هذا وقد اصدرت الامم المتحدة تقرير دعت فيه السلطات الصومالية الى تأمين مزيد من الحماية لحرية التعبير والصحافة في بلد قتل فيه ثلاثون صحافيا خلال اربع سنوات، مشيرة في الوقت نفسه الى حصول تقدم في السنوات الخمس الاخيرة.
فعلى صعيد التقدم، كشف التقرير الذي اعدته قوة الامم المتحدة في الصومال (يونصوم) والمفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان، عن تبني قانون فيدرالي جديد حول وسائل الاعلام في كانون الثاني/يناير 2016. واضاف ان هذا القانون "يضمن عددا من الحريات منها الحق في الاعلام".
لكن التقرير يقول ان صيغته الغامضة "تتيح تفسيرات عدة وفرض قيود غير مبررة على حرية التعبير". وكتب معدو التقرير "على رغم وجود ثقافة اعلامية حيوية جدا في الصومال الذي ينشط فيه اكثر من 90 وسيلة اعلامية وعدد كبير من المدونات ومواقع الانترنت، يوثق التقرير عددا كبيرا من الانتهاكات ضد الصحافيين ورجال السياسة، بما في ذلك الجرائم والهجومات والتوقيفات والاعتقالات الاعتباطية".
واضاف التقرير ان "30 صحافيا و18 نائبا قتلوا في الفترة بين آب/اغسطس 2012 وحزيران/يونيو 2016 في الصومال". واذا كان متمردو حركة الشباب الاسلامية الذين اقسموا على اطاحة الحكومة الصومالية، يشكلون ابرز تهديد للصحافيين والنواب الصوماليين، توجه الى قوات الامن الحكومية تهمة ارتكاب عدد كبير من الانتهاكات ضد الصحافيين ورجال السياسة.
وجاء في التقرير ان "ناشطين سياسيين وصحافين معتقلون في سجن نيسا (الوكالة الوطنية للاستخبارات) مع عناصر مفترضين من حركة الشباب الاسلامية، من دون اي رقابة قضائية"، تتوفر في الانتخابات الصومالية كافة المظاهر الخارجية لاقتراع ديموقراطي من صناديق بلاستيك مختومة بالشمع وبطاقات انتخاب وبطاقات ناخب مختومة بعناية من الجهات القضائية، لكن عند التدقيق يتبين ان الامر يقف عند هذا الحد.
ففي 16 تشرين الثاني/نوفمبر تم في بيداوة انتخاب عبدي ولي ابراهيم علي شيخ مودي الوزير في الحكومة الاتحادية نائبا بأجماع 51 من ممثلي قبيلة رير او حسن. فمن نحو 12 مليون صومالي لا يشارك في الواقع في الاقتراع الا 14 الفا و25 مواطنا في انتخاب 275 نائبا في عملية انتخابية تمتد على عدة اسابيع وتأجلت مرارا وذلك بسبب التمرد الإسلامي وحث الرئيس حسن شيخ محمود جميع الأطراف على تبني الوساطة في حال وقوع نزاعات.
وتسببت هجمات الإسلاميين المتشددين في منح السلطات حق الاقتراع لقسم بسيط من سكان. لكن هذا الشكل الانتخابي الفريد يمثل نوعا من التقدم في البلاد التي يعصف بها العنف والحرب الاهلية منذ ربع قرن. وقال دبلوماسيون إن التصويت المحدود لا يزال خطوة للأمام عن عام 2012 عندما انتخب 135 فقط من شيوخ العشائر البرلمان.
هذا وقد أبلغ ساسة صوماليون وشيوخ عشائر عن وقوع أعمال عنف ومخالفات في التصويت
وقدم العديد من المشاركين في التصويت ومن المسؤولين الكبار في أقاليم اتحادية شكاوى بشأن عملية الاقتراع.
وقال محمد محمود جوري وزير الأشغال العامة في إقليم جلمدج شبه المستقل لـ(رويترز) "قائمة الأصوات القانونية من كل عشيرة رُفضت وجلبت الحكومة قائمة مزورة وناخبين من مقديشو."
وقال إنه وشيخ عشيرة آخر أُطلق عليهما النار عندما ذهبا لتسجيل شكوى لدى سلطات الانتخابات ثم احتجزتهما السلطات لبضع ساعات. وعادة ما تشمل عملية الحل التقليدي للنزاعات في الصومال تحكيم شيوخ العشائر.
ويقول معارضون للحكومة إن نظام التصويت منفتح على الانتهاكات مثل شراء الأصوات ويتهمون أيضا مسؤولين بالتلاعب بقوائم الناخبين لضمان انتخاب الرئيس لفترة جديدة. وتنفي حكومة مقديشو الانتهاكات وتقول إن الشكاوى يجب تقييمها من قبل لجان انتخابات مستقلة، من خلال ماورد انفا نلاحظ ان عملية اعادة بناء الصومال تجري ولكن بصورة بطيئة ويتبين ذلك من خلال حدوث الانتخابات التي وبرغم الخروقات التي تعرضت لها لكنها تعتبر الاحسن من السنين السابقة ويبقى سبب الخروقات والتأخير في بناء التطور في الصومال سببها الرئيسي حركة تنظيم الشباب المتطرفة والتي يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية تلتفت لواقع الصومال والسعي لتخليصها من هذه الجماعات المتطرفة.
اضف تعليق