الأمم المتحدّة تدين تفجير بابل الذي استهدف الزوار العائدين، واشنطن تدين الهجوم الإرهابي على الزوار الشيعة في العراق، الرئاسات الثلاث تدين أيضا وتستنكر الحادث الإجرامي، اتحاد القوى السنّي هو الآخر ينظّم إلى قائمة المستنكرين لهذه الجريمة البشعة التي استهدفت زوار الحسين العائدين من كربلاء، الفعاليات الرسمية والشعبية كلها تدين وتستنكر، والقائمة تطول.
لكن في المقابل ماذا بعد هذا الاستنكار والإدانة؟ هل سيتوّقف مسلسل الموت والدمار والقتل على شيعة العراق؟ كيف السبيل إلى إيقاف نزيف الدم في المدن والشوارع؟ وكيف السبيل إلى إزالة شبح الموت من مدننا وشوارعنا؟ ولماذا يستهدف زوار الحسين بهذه البشاعة وهذا الكم الهائل من الحقد والإجرام؟ فهل لهؤلاء الزوار الأبرياء العائدين إلى مدنهم علاقة بالتهميش كي يعاقبوا بالموت وتقطيع الأشلاء؟
لو أنّ جهة مستقلة غير عراقية أرادت تصنيف هذا الحادث الإجرامي، فبأي خانة ستضع جريمة الشوملي البشعة؟ هل ستضعها في خانة التهميش والصراع السياسي أم في خانة الصراع الطائفي؟ فإذا كان استهداف زوار الحسين هو جزء من حملة طائفية هوجاء تقف ورائها أجندات طائفية قذرة وفتاوى دينية منحرفة، فهل سيوقف الاستنكار والإدانة هذا الحقد الطائفي الذي يملأ الصدور وهذه الرغبة في القتل من أجل الفوز بالجنة والحور العين؟.
أنا شخصيا وبكل صراحة لا أدين ولا استنكر، بل أطالب بفعل وإجراء يوقف هذا القتل الطائفي في المدن والشوارع، واعتقد أنّ الإدانة والاستنكار مقبولين فقط من غير العراقي كتعبير عن الحزن والرفض لهذه الجريمة، أمّا أن يستنكر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النوّاب من دون أي فعل أو إجراء يوقف مسلسل القتل والدمار في المدن والشوارع، فهذا النوع من الإدانة والاستنكار لا يساوي عندي عفطة عنز، ولا أرى سبيلا لإيقاف مسلسل الموت والدمار الطائفي سوى العمل بمبدأ الردع المقابل، يسقط مئة قتيل وجريح من الأبرياء، ينّفذ حكم الإعدام بمئة إرهابي مدان في السجون صادرة بحقهم الأحكام القطعية.
لو أنّ الحكومة قد عملت بهذا المبدأ منذ البداية لما استمرّت هذه المفخخات تحصد أرواح الأبرياء وتدّمر المنشآت والمدن، ولحلّ السلام والأمن للجميع، فالقتل يجب أن يواجه بالقتل، وشتّان ما بين قتل الأبرياء في الشوارع وتنفيذ القصاص العادل بالمجرمين المدانين بالإرهاب والصادرة بحقهم الأحكام القطعية، بيان واحد من الحكومة تعلن فيه أنّ كل شهيد أو جريح يسقط في عملية إرهابية، سيكون مقابله مجرما مدانا، سيوقف مثل هذا البيان كل هذا القتل والدمار الطائفي، وستختفي رائحة الموت والدم من مدننا وشوارعنا، وسيتوّقف المجرمون عن إجرامهم، فدماء وأرواح الضحايا والشهداء الأبرياء لا يطفأ نارها بيان إدانة أو استنكار.
اضف تعليق