يتواصل تقدم القوات العراقية المشتركة في معركة تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي الذي استولى عليها منذ منتصف عام 2014، حيث حققت القوات العراقية منذ انطلاق المعركة في 17 أكتوبر وكما يقول بعض الخبراء، تقدماً سريعاً في مختلف جبهات القتال ضد تنظيم داعش الذي تكبد خسائر كبيرة في هذه المعارك، حيث تمكنت قطعات جهاز مكافحة الإرهاب وقوات الجيش الاخرى، من تحرير العديد من الاحياء والمناطق داخل مدينة الموصل، وقد اكد الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد جهاز مكافحة الإرهاب العراقي في وقت سابق إن "مرحلة دخول الأحياء وتطهيرها في الموصل بدأت، وهناك حوالي 50 حيّاً من الأحياء تعتبر هدفاً للقوات العراقية منها أحياء "الكرامة"، "القاهرة"، "البكر"، "العربي" و"الدلدان". وأضاف في "إن المعيار الأول في معركة الموصل هو المحافظة على حياة المدنيين، أما المعيار الثاني فهو الحفاظ على القطعات العسكرية، فيما يتجلى المعيار الثالث في الحفاظ على البنى التحتية، وصولاً إلى القضاء على تنظيم داعش". من جانب اخر قامت قوات الحشد الشعبي الداعم الرئيسي لقوات الجيش العراقي في هذه المعركة، بقتل المئات من عناصر التنظيم وتحرير العديد من القرى غرب الموصل.
ويرى بعض المراقبين ان تنظيم داعش الارهابي يعاني من ضعف وتخبط كبير بعد مقتل اغلب قياداتهم وهروب الاخرين بعمليات نوعية داخل مدينة الموصل، وهو ما اجبر قيادة التنظيم على اتباع خطط واساليب جديدة بهدف رفع المعنويات ومعالجة الانكسار لدى الدواعش، وفي تسجيل صوتي جديد قال البغدادي الذي يعتقد انه فر الى خارج مدينة الموصل، "يا أهل نينوى عامة، وأيها المجاهدون خاصة (...) إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه"، مضيفا إن "ثمن بقائكم في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم". وبلغت مدة التسجيل نحو 32 دقيقة، وهو الأول لزعيم التنظيم الجهادي منذ أكثر من عام. وشهدت الموصل في شمال العراق في حزيران/يونيو العام 2014 الظهور العلني الوحيد للبغدادي الذي أعلن خلاله قيام "دولة الخلافة".
وكتب المحلل في معهد "آي إتش أس جاينز" لودوفيكو كارلينو في تقييمه لتسجيل البغدادي أن الرسالة "تشير إلى أن قيادة التنظيم قلقة على نحو متزايد حيال الانشقاقات وأنها تحاول ثني المسلحين عن الفرار من ساحة المعركة". وخسر التنظيم خلال السنة الأخيرة الكثير من المناطق التي احتلها في صيف 2014، وتعتبر الموصل آخر معاقله الكبرى في العراق.
تقدم مستمر
وفي ما يخص اخر تطورات المعركة أعلنت القوات العراقية استعادة عدة قرى في مدينة الموصل، وذلك في إطار العمليات العسكرية التي تهدف إلى استعادة السيطرة على معقل تنظيم داعش بالعراق. وأكد قائد عمليات "قادمون يانينوى" الفريق الركن عبد الامير يار الله أن القوات الأمنية العراقية تمكنت من تحرير قرى البيضة الجديدة والعريج في مركز ناحية حمام العليل، ودور المشراق وتل الذهب إلى الشمال منها.
وأضاف يار الله أن مديرية الهندسة العسكرية نصبت جسرا عائما بطول 104 أمتار على نهر الزاب الكبير المار بناحية العلم لتأمين تعاون القطعات العسكرية في شمالي وجنوبي النهر. وقال إن قطعات الشرطة الاتحادية والفرقة التاسعة المدرعة والفرقة 15 في الجيش العراقي حررت قرى الزفتية وطقطق وسنانيك وكلية الزراعة وطيبة وطيبة الجديدة التي تبعد مابين 32 -37 كلم غرب وجنوب غرب مركز بلدة حمام العليل".
واستمرت المواجهات بين مسلحي التنظيم والقوات الحكومية والمجموعات التي تدعمها. ويتركز مسلحو التنظيم في وسط المدينة، ولذا تتوخى القوات العراقية الحذر في تقدمها، بحسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس عن اللواء الركن سامي العارضي، من القوات الخاصة العراقية. وفي السياق نفسه، أكدت خلية الإعلام الحربي وصول رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة إلى منطقة عمليات "قادمون يانينوى" لتفقد الوحدات العسكرية الموجودة في الخطوط الامامية في المعركة من أجل تحرير الموصل. وقال بيان لخلية الإعلام الحربي إن "قطعات الفرقة 15 في الجيش العراقي حررت قرى الصلاحية ودور المشرق وسوادي وكلية الزراعة والمناطق القريبة". بحسب بي بي سي.
وبحسب البيان فإن مسلحين تابعين لتنظيم داعش "محاصرون في منطقة سوق حمام العليل". وأكدت خلية الإعلام الحربي في بيان لها أن "فصائل الحشد الشعبي استعادت قرى طيشة وسيد حسن وحرارة وأبو شكة والفارسية" ضمن المحور الغربي لعمليات الموصل. وتشن القوات الحكومية عملية عسكرية موسعة تشارك فيها قوات مكافحة الإرهاب وفصائل الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية لاستعادة الموصل التي استولى عليها التنظيم منذ عامين. ويعيش في الموصل أكثر من مليون مدني أصبحوا عالقين بين نيران المعارك في مدينتهم.
طريق الامداد
الى جانب ذلك قال متحدث إن الفصائل الشيعية التي تقاتل لقطع طريق إمدادات يستخدمه تنظيم داعش في غرب الموصل حققت تقدما لكنه أوضح أن عددا من السيارات لا تزال قادرة على مغادرة المدينة. كان قائد منظمة بدر أكبر فصيل شيعي مسلح في قوات الحشد الشعبي قال في وقت سابق إن القوات تهدف إلى قطع طريق الإمداد الغربي إلى مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة التنظيم.
وقال كريم نوري المتحدث باسم الحشد الشعبي إن المقاتلين يتقدمون مشيرا إلى أنهم شاهدوا بعض المركبات من مسافات بعيدة وهي تنسحب (من الموصل). ولم يتضح هل كانت السيارات تهرب من الموصل التي اجتازت القوات العراقية دفاعاتها في القطاع الشرقي أم تسعى إلى تعزيز بلدة تلعفر الخاضعة للتنظيم ناحية الغرب. وتزحف قوات الجيش والأمن العراقية مع قوات البشمركة الكردية من الجنوب والشرق والشمال إلى الموصل منذ بدء الهجوم لتحرير المدينة يوم 17 أكتوبر تشرين الأول.
وقبل خمسة أيام انضمت قوات الحشد الشعبي للعملية وشنت هجوما نحو تلعفر على الجانب الغربي من الموصل. وتقع تلعفر على بعد نحو 55 كيلومترا غربي الموصل على الطريق إلى مناطق خاضعة لداعش في سوريا المجاورة. ويعني قطع الجانب الغربي من المدينة أن يصبح التنظيم المتشدد محاصرا من الجهات الأربعة. وكان هادي العامري قائد منظمة بدر قال في وقت سابق إنه يأمل في قطع طريق الإمدادات الغربي الرئيسي عن التنظيم. بحسب رويترز.
وقال في تصريح للتلفزيون العراقي "اليوم إن شاء الله تكتمل المرحلة الأولى لعمليات الحشد وهي قطع طريق إمدادات العدو الممتدة بين تلعفر وناحية المحلبية وصولا إلى الموصل." وذكر العامري أن قوات الحشد تهدف في النهاية إلى قطع الطريق الرئيسي بين الموصل وتلعفر لكنه أضاف أن طريق المحلبية له الأولوية لأن المتشددين يستخدمونه منذ استيلائهم على الموصل قبل عامين. وقال العامري "هذه هي المنطقة التي دخلت داعش منها الموصل. قطع هذا الطريق يعني قطع خطوط إمداد العدو بشكل كامل ومحاصرتهم."
دروع بشرية
من جانب اخر أفاد بيان عسكري بأن قوات الأمن تقدمت إلى أطراف حمام العليل بعد أن اجتازت وحدة من القوات الخاصة الحدود الشرقية للموصل آخر المدن الكبرى التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد في العراق. وما زال يعيش بالموصل نحو 1.5 مليون نسمة وهي أكبر من أي من المدن والبلدات الأخرى التي انتزع التنظيم المتشدد السيطرة عليها قبل عامين في العراق وسوريا المجاورة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى تقارير ذكرت أن التنظيم المتشدد حاول نقل نحو 25 ألف مدني من بلدة حمام العليل لاستخدامهم كدروع بشرية لحمايته من غارات جوية ومدفعية. وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان رافينا شامداساني "لدينا مخاوف جادة على هؤلاء وعلى عشرات الآلاف من المدنيين الآخرين الذين أفادت تقارير بأن تنظيم الدولة الإسلامية نقلهم قسرا إلى أماكن أخرى خلال الأسبوعين المنصرمين." وقال مسؤول محلي إن البلدة التي تقع على مسافة 15 كيلومترا جنوبي الموصل كان يقطنها 65 ألف نسمة قبل الحرب.
وكانت منظمات إغاثة ومسؤولون محليون وسكان من الموصل قد أشاروا إلى أن تنظيم داعش أعدم عشرات الأشخاص في حمام العليل وثكنات قريبة للاشتباه في تدبيرهم لتمرد في الموصل وحولها لمساعدة القوات المتقدمة. وقال عبد الرحمن الوكاع عضو مجلس محافظة نينوى إن أغلب الضحايا كانوا من أفراد الشرطة والجيش السابقين. وأضاف أن الرجال قتلوا بالرصاص نقلا عن شهادات السكان الباقين في القرية ونازحين من المنطقة. بحسب رويترز.
وقالت الأمم المتحدة إن هجوم الموصل قد يتسبب أيضا في أزمة إنسانية ونزوح جماعي محتمل إذا سعى المدنيون داخل الموصل للهرب وتوقعت فرار ما يصل إلى مليون شخص في أسوأ التصورات. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 21 ألف شخص نزحوا منذ بدء الهجوم باستبعاد آلاف القرويين الذين أجبرهم المتشددون المنسحبون على التراجع إلى الموصل لاستخدامهم كدروع بشرية.
اضف تعليق