مرة اخرى تقصف طائرات وبصورة يُزْعَمُ انها خائطة، وتقتل وتصيب عددا من المواطنين في مجلس عزاء بمدينة داقوق جنوب كركوك، بحسب تصريحات امير خواكرم قائمقام داقوق.
رغم خطورة هذه الجريمة الا انها ضاعت بين التشويش المتعمد، وبين زحمة الاحداث المتسارعة في ظل الهجوم العسكري الواسع والرد الداعشي على مدينة كركوك, في حين صمت اغلب ساسة العراق وقادته عن هذه الجريمة وكان شيئا لم يحدث! اما منظمات المجتمع المدني فتعيش في سبات عميق ولا نعرف لماذا تستيقض مع ابسط خطأ ترتكبه يرتكبه الحشد الشعبي لكنها تصمت امام جرائم التحالف الدولي المتكررة.
وهذه ليست المرة الاولى التي نسمع فيها عن قصف غير متعمد يصنف تحت عنوان "الخطأ"، والمفارقة ان اغلب تلك الاخطاء كانت من قبل طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية. وليس في العراق فحسب، فأفغانستان وسوريا واليمن كانت هدفا متكررا للغارات الامريكية "الخاطئة".
المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، قال إن وسائل الاستطلاع الروسية رصدت شن طائرتين للتحالف غارة على بلدة داقوق (الواقعة على بعد 30 كلم من مدينة كركوك العراقية)، حيث لا وجود لمسلحي تنظيم داعش، وفقا لمعلومات الوزارة الروسية. وذكر المتحدث أنه بحسب شهود فإن عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، سقطوا بالضربة الجوية التي استهدف فيها طيران التحالف مجلس عزاء، ظنا منه أنه تجمع للمسلحين.
المسؤول الروسي اكد ان وزارة الدفاع الروسية تراقب باهتمام الوضع في العراق، حيث تجري القوات العراقية، بدعم من طيران التحالف الدولي، عملية ضد مسلحي داعش في مدينة الموصل. وما يدعم معلومات الروس هو تكرار مثل هكذا جرائم في ظل تعتيم اعلامي مخيف!
من جانب اخر لا بد من الاعتراف بان هناك خللا ما في عملية تزويد طائرات التحالف الدولي وحتى الطائرات العراقية بالمعلومات الدقيقة حول مواقع تواجد الارهابيين، ما ادى الى سقوط عدد من القوات العراقية، وهذا ما تؤكده مصادر من داخل الجيش العراقي، والتي تبرر ذلك في اطار زحمة الاحداث وتسارعها ما يصعب عملية الرصد الدقيق.
وحتى لو افترضنا ان التحالف الدولي لم يقم بالضربة سواء بالقصد ام الخطأ فحسب السيطرة الجوية المطلقة للتحالف تحتم عليه تحمل مسؤولية هذا القصف الذي لم يتحدد مصدره، كما ان التحالف لم يذهب الى فتح لجنة تحقيق جدية لتقصي اثار الجاني والذي قد يكون من مقصودا نتيجة اختراق طائرات لدول اخرى للأجواء العراقية من اجل توجيه رسالة معينة للعراق. وفي ضوء ذلك فان نفي قوات التحالف لمسؤوليتها المباشرة عن هذه الجريمة عديم الفائدة، فمن اهم مسؤولياتها حماية الاجواء العراقية، باعتبارها صابحة السيطرة المطلقة.
لكن الاخطر في كل هذه القضية هو فتح المجال الجوي امام دول معادية للعراق قد تستخدم مثل هذه الضربات لتوجيه رسائل مبطنة، وقد تدخل في اطار الصراع الاقليمي الاكبر على تحقيق مكاسب سريعة من اجل الاستعداد لمرحلة ما بعد داعش والتي ستكون صعبة جدا لفرض الارادات والسيطرة من قبل الاطراف المتصارعة، ونقصد هنا الدول الاقليمية وحتى الدولية.
الحكومة العراقية لم تحرك ساكنا والتصريحات الخجولة هي سيدة الموقف، وقد يعطي بعض المتابعين للشأن العراقي العذر للحكومة كونها بحاجة الى خدمات التحالف الدولي في ظل مرحلة مفصلية من عملية استعادة الموصل، وبالتالي عليهم التزام الصمت لحين انتهاء عمليات الموصل. الا ان ذلك لا يعني ان تكون هذه الاستراتيجية على حساب قتل المدنيين.
مع شح المعلومات الدقيقة تبقى كل الافتراضات واردة وقد تصيب الحقيقة او تجانبها، لكن يبقى الامر المؤكد هو ان التحالف الدولي هو المسؤول الاول والاخير في كل جريمة يكون طريقها الاجواء العراقية، واذا لم تتحرك الحكومة العراقية لمحاسبة المقصرين سواء بالتحالف او في من قبل القوات العراقية فان دماء المدنيين في العراق ستبقى عرضة لعميات القتل بما ان العذر موجود تحت عنوان الخطأ.
اضف تعليق