العنف الذي تمارسه الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود بشكل مستمر ومتزايد، وكما تنقل بعض المصادر دليل واضح على انتشار ظاهرة العنصرية، وازدواجية تعامل السلطات مع المواطنين الأمريكيين، وهو ما أثار حنق السود وغيرهم من سياسة التمييز العنصري، الذي سيسهم في خلق حالة من عدم الاستقرار الامني قد تدخل الحكومة الامريكية، التي ماتزال تعامل السود بتمييز وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية أو أقل من ذلك، في مشكلات وازمات اضافية. خصوصا وان الاحتقان الذي يسود الشارع الأمريكي لا يمكن تهدئته بسهولة، بل من المتوقع أن يتصاعد وتزداد حدته، حيث تشير بعض المصادر الى ان صبر المواطنين الأمريكيين السود وغيرهم من المهاجرين قد نفد؛ ما سيقود إلى المزيد من أعمال العنف ما لم تغير الحكومة سياسة التمييز العنصري، التي كانت دائماً سبباً لتدخل الجيش الأمريكي في حروب خارجية تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان والمساواة بين البشر ومحاربة العنصرية والفتن.
وفي هذا الشأن قالت صحيفة شيكاجو صن-تايمز إن إدارة شرطة شيكاجو تخطط لتوظيف نحو ألف ضابط شرطة على مدى العامين القادمين في مسعى لمكافحة ارتفاع معدلات العنف في ثالث أكبر مدينة في الولايات المتحدة بما في ذلك أكثر من 500 جريمة قتل هذا العام. وأبلغ إيدي جونسون رئيس شرطة المدينة الصحيفة أن إدارته ستضيف 970 ضابطا منهم 516 ضابط دورية و92 ضابط تدريب ميداني. وذكرت الصحيفة أن شيكاجو لديها في الوقت الراهن نحو 12 ألف ضابط. وتكافح المدينة موجة عنف شملت 509 جرائم قتل هذا العام بزيادة 46 في المئة عن العام الماضي وفقا لاحصاءات إدارة شرطة شيكاجو. ويرفض رام إيمانويل رئيس بلدية المدينة توظيف المزيد من الضباط ويعول بدلا من ذلك على أن يعمل الضباط الحاليون فترات إضافية.
خارج نطاق القانون
على صعيد متصل قالت مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة في تقرير ستجري مناقشته في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية إن قتل الشرطة للسود في الولايات المتحدة تذكرة بعمليات الإعدام خارج نطاق القانون وإن على الحكومة فعل المزيد لحمايتهم. يأتي الانتقاد الشديد الذي يقارن بين سلوك الشرطة الآن والقتل الجماعي للسود في القرنين التاسع عشر والعشرين في وقت تجددت فيه التوترات العرقية في الولايات المتحدة.
وشهدت مدينة تشارلوت بولاية نورث كارولاينا أعمال شغب في الشوارع بعد مقتل رجل أسود يدعى كيث سكوت برصاص ضابط شرطة أسود. وأطلقت ضابطة شرطة بيضاء النار على رجل أسود أعزل فأردته قتيلا وسلمت نفسها للسلطات في تلسا بولاية أوكلاهوما. وقال تقرير مجموعة عمل الخبراء المعنية بالمنحدرين من أصل أفريقي "عمليات القتل المعاصرة التي ترتكبها الشرطة والصدمة التي تسببها تذكرة بالإعدام العنصري المروع خارج نطاق القانون في الماضي."
وقتل معظم ضحايا الإعدام خارج نطاق القانون شنقا. وقال تقرير في عام 2015 لمبادرة العدالة المتساوية وهي منظمة لا تهدف للربح إن 3959 شخصا من السود قتلوا في "إعدامات خارج نطاق القانون" في 12 ولاية جنوبية في الفترة بين 1877 و1950. واستند تقرير خبراء الأمم المتحدة إلى زيارة للولايات المتحدة في يناير كانون الثاني قامت بها مجموعة من خمسة أشخاص برئاسة أستاذ القانون الفلبيني ريكاردو أيه. سونجا الثالث. بحسب رويترز.
ومنذ الزيارة زاد الغضب من أساليب الشرطة إذ أثارت المواجهات المميتة مع أمريكيين من أصل أفريقي وكثير منهم عزل احتجاجات واضطرابات في مختلف أنحاء البلاد. وقالت المجموعة إنه برغم أن الولايات المتحدة بذلت جهدا من أجل الإصلاح فإنها لا تزال "قلقة للغاية" بشأن وضع حقوق الإنسان للأمريكيين من أصل أفريقي.
مسيرات في تشارلوت
الى جانب ذلك تواصلت الاحتجاجات في ولاية نورث كارولاينا الأمريكية رغم مرور ايام على الحادث الذي قتل فيه شرطي رجلا أسود في مدينة تشارلوت وبعد أن نشرت الشرطة مقاطع فيديو لواقعة إطلاق النار والتي لم توفر إجابة عن السؤال عما إذا كان يحمل مسدسا. وسار المئات وشاركت في المسيرة أسر من البيض والسود للاحتجاج على عنف الشرطة.
ورفع البعض لافتة كتبت عليها عبارة "أوقفوا وحشية الشرطة" وظهرت على لافتة أخرى صورة لكف مرسوم بالدم مع عبارة "هل أنا التالي" بالانجليزية والتي أصبحت رمزا شائعا على وسائل التواصل الاجتماعي للخوف من السقوط ضحية للشرطة. وللمرة الأولى بعد هذا الحادث فرضت الشرطة حظر التجول وقالت إنها ستلقي القبض على المخالفين. وتفرق حشد من الناس خارج المقر الرئيسي للشرطة دون وقوع أي أعمال عنف.
ونشرت الشرطة مقطعي فيديو لحادث قتل كيث سكوت (43 عاما) بالرصاص. وجعل هذا الحادث من مدينة تشارلوت أكبر مدن نورث كارولاينا والتي تعد مركزا ماليا أحدث نقطة ساخنة في الاحتجاجات المستمرة منذ عامين على حوادث مقتل عدد من السود وأغلبهم غير مسلحين برصاص الشرطة. وقال كير بوتني رئيس شرطة تشارلوت-ميكلنبرج إن لقطات الفيديو ليست كافية لإثبات أن سكوت كان لديه سلاح ناري لكنه أضاف أن أدلة أخرى تكمل الصورة. وقال بوتني "ليس هناك دليل بصري حاسم على أنه كان يحمل مسدسا في يده... لكن ما نراه دليل قاطع -عندما تضع كل أجزاء الصورة معا- يدعم ذلك."
وقالت الشرطة إن ضباطها الذين كانوا يسعون للقبض على شخص آخر شاهدوا سكوت ومعه ماريوانا وسلاح ناري وهو يجلس في سيارة في مرأب. وقال بوتني "نظروا داخل السيارة ورأوا الماريوانا ولم يتدخلوا. رأوا المسدس واعتقدوا أن عليهم أن يتدخلوا." وقالت أسرة سكوت ومحتجون إن سكوت لم يكن لديه سلاح ناري. ونشرت الشرطة صورا لسيجارة من الماريوانا وجراب مسدس قالت إن سكوت كان يرتديه ومسدس قالت إنه كان محشوا وعليه بصمات سكوت وآثار لحمضه النووي.
لكن أسرة سكوت التي نشرت فيديو للواقعة قالت إن ما نشرته الشرطة من لقطات أظهر أن سكوت الذي له سبعة من الأولاد لم يكن يتصرف تصرفا عدوانيا وإنه لا مبرر لإطلاق النار عليه. ولم يكن الفيديو الذي صورته زوجة سكوت قاطعا في مسألة حيازته لسلاح ناري. وفي أحد المقطعين اللذين نشرتهما الشرطة وصور من خلال كاميرا مثبته فوق لوحة عدادات سيارة شرطة ظهر سكوت وهو يخرج من سيارته ثم يبتعد عنها. وصاح رجل شرطة طالبا منه إلقاء مسدس لكن لم يتضح ما إذا كان سكون يحمل شيئا. ثم ترددت أصداء أربع طلقات نارية وسقط سكوت على الأرض.
أما المقطع الثاني الذي صور بكاميرا يرتديها أحد ضباط الشرطة لم تظهر فيه واقعة إطلاق النار وظهر فيه سكوت لفترة وجيزة وهو يقف خارج سيارته قبل إطلاق النار عليه ولم يكن واضحا ما إذا كان يحمل شيئا. ويتحرك الضابط فيختفي سكوت ثم يظهر ملقى على الأرض. ويبين المقطعان أن سكوت كان يتحرك بتؤدة ويداه إلى جانبيه. بحسب رويترز.
وقال جاستين بامبرج محامي أسرة سكوت في مؤتمر صحفي "لا يبدو أنه يتصرف بعدوانية تجاه الضباط." وقال أحد أقارب سكوت ويدعى راي دوتش "كان مواطنا أمريكيا يستحق معاملة أفضل." وقال محام آخر لأسرة سكوت يدعى تشارلز مونيت إن الأسرة لا تعرف من الحقائق ما يكفي للتأكد مما إذا كان يجب تقديم الضابط الذي قتله للمحاكمة. وتركزت مطالب المحتجين على وقف عنف الشرطة بعد أن كانت المطالب تنصب في الاحتجاجات السابقة على نشر شرائط الفيديو التي صورتها الشرطة. وردد المحتجون هتافات قالوا فيها "لا سلام بلا عدالة. ولا للشرطة العنصرية".
جرائم مستمرة
على صعيد متصل ارتفعت معدلات الجريمة في الولايات المتحدة خلال عام 2015، لكنها لاتزال أقل من المعدلات التي كانت عليها خلال التسعينيات من القرن الماضي، بحسب ما ذكره مكتب التحقيقات الفيدرالي اف بي أي. وأظهر التقرير السنوي للمكتب ارتفاع معدلات جرائم القتل والاغتصاب والاعتداء على الآخرين العام الماضي، بعد أن كانت آخذة في الانحسار لعقود. وكشف التقرير عن أن معدل الجرائم في عام 2015 بلغ 372.6 لكل 100 الف شخص، وهو أعلى من معدل 361.6 في عام 2014. لكن هذين المعدلين أقل بكثير من معدل الجرائم في التسعينيات الذي لم ينخفض عن 400 جريمة لكل 100 الف شخص.
ويشير التقرير إلى أن معظم الجرائم تقع في المدن الكبرى. ويتوقع مراقبون أن يتحول التقرير إلى موضع للجدل السياسي، خاصة مع ظهوره في نفس توقيت بدء المناظرات بين المرشحين لرئاسة الجمهورية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. وكان ترامب قد أثنى على وسائل الشرطة العنيفة بما في ذلك إيقاف الأشخاص وتفتيشهم. وهي وسائل ينتقدها البعض باعتبارها تستهدف الاقليات. وتسعى كلينتون إلى تشديد إجراءات امتلاك الأسلحة في محاولة للحد من العنف وطالبت بوضع قواعد وطنية لتنظيم استخدام الشرطة للقوة.
ووصل عدد جرائم القتل في الولايات المتحدة إلى 15696 جريمة عام 2015، بينما كان العدد 14164 خلال العام السابق 2014. لكن عدد الجرائم خلال العام الماضي أقل مما كان عليه عام 2012. ويشير التقرير إلى أن أعلى معدلات للجريمة كانت في الولايات الجنوبية، حيث يصل عدد جرائم القتل إلى ضعف عددها في الولايات الغربية، ومناطق الغرب الأوسط، ومناطق الشمال الشرقية. بحسب بي بي سي.
من جانب اخر قالت وسائل إعلام إن شرطة ولاية واشنطن بشمال غرب الولايات المتحدة بدأت عملية بحث عن مسلح فتح النار بمركز تجاري مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وكان مارك فرنسيس المتحدث باسم الشرطة قال على تويتر إن رجلا دخل مركز كاسكيد التجاري في مدينة بيرلنجتون الواقعة على بعد نحو 105 كيلومترات شمالي سياتل وبدأ إطلاق النار.
وقال فرنسيس لصحيفة نيويورك تايمز إن أربع نساء قتلن في الهجوم الذي وقع في قسم مستحضرات التجميل بمتجر ماسيز في المركز التجاري. وأضاف في بيان إن رجلا كان نُقل إلى مستشفى محلي مصابا بجروح خطيرة توفي. وقال فرنسيس على تويتر إن الشرطة وعمال الإنقاذ مشطوا بحرص المركز التجاري وأجلوا بعض المتسوقين الذين تشير وسائل إعلام محلية إلى أن بعضهم حبسوا أنفسهم داخل غرف تغيير الملابس.
وأضاف أن الشرطة تكثف جهود البحث عن الجاني الذي وصف بأنه "رجل من أصول لاتينية يرتدي ملابس رمادية" وشوهد آخر مرة وهو يسير مبتعدا عن المركز التجاري متجها نحو طريق رئيسي. وبحثت السلطات المحلية عن المسلح الذي يعتقد أنه يحمل بندقية ونصحت السكان بالبقاء في منازلهم.
اضف تعليق