الهجوم الدامي في مدينة نيس جنوبي فرنسا، الذي أسفر عن مقتل 84 شخصًا بينهم أطفال وجرح 202 آخرين من بينهم 52 في حالة خطيرة، عقب دهس شاحنة كان يقودها التونسي محمد بوهلال لحويج، لايزال محط اهتمام كبير داخل وخارج فرنسا التي اصبحت وبحسب بعض المراقبين هدف سهل وارض خصبة للجماعات الارهابية المتطرفة، التي سعت الى الاستفادة من بعض الثغرات الامنية وتنفيذ هجمات بطرق واساليب واوقات مختلفة، الامر الذي اثار موجة من الانتقادات والاتهامات للحكومة الفرنسية، حيث اتهمت أحزاب المعارضة الحكومة بالتقصير وعدم اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحماية الناس في احتفالية العيد الوطني في مدينة نيس.
ويرى بعض الخبراء ان الاحزاب اليمينية المتطرفة قد سعت ايضا الى الاستفادة من هكذا هجمات، من اجل تحقيق مكاسب سياسية خصوصا وان فرنسا تستعد إلى الدخول في غمار سباق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فبعد العملية الإرهابية في مدينة نيس، وكما تنقل بعض المصادر احتدم الجدال بين السياسيين عمن هو المذنب في ما جرى الامر الذي يسهم بحدوث موجة من التعصب القومي، تمس المسلمين.
وقال آلين جوبيه، عمدة مدينة بوردو، الذي يتصدر السباق الرئاسي: لو كانت الحكومة قد اتخذت الإجراءات اللازمة كافة لما وقعت العملية الإرهابية في نيس. وبحسب رأيه، فإن السلطات تتعامل مع خطر الإرهاب وكأنه "قدر محتوم" لا يمكن التغلب عليه. وبحسب المدير العام لمديرية الاستخبارات الداخلية باتريك كالزار، فإن ما يحدث من هجمات يمكن أن يحفز اليمين المتطرف على الانتقام من المسلمين المعتدلين، ما سيثير نزاعا بين الأديان. والسلطات تدرك هدف هذه العمليات الإرهابية، فداعش يسعى لكي تتم ملاحقة للمسلمين ليتمكن من كسبهم إلى جانبه. الإرهابيون يفجرون الفرنسيين، والسلطات تنتقم من المسلمين، الذين سيلتحق بعضهم بـ داعش. لذلك، بعد كل عملية إرهابية تتخوف السلطات من قيام اليمين الفرنسي بالانتقام من المسلمين، وقد دعا رئيس الحكومة فالس إلى عدم السير في طريق المرشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة. ويذكر أن فرنسا كانت تنوي إجراء تعديلات في دستورها تتضمن سحب الجنسية من كل شخص يحمل جنسيتين وينتمي إلى المجموعات الارهابية، لكنها تخلت عن هذه الفكرة مع بداية السنة الحالية، ويعيش بفرنسا أكبر أقلية مسلمة في أوروبا.
أكثر عرضة للخطر
في هذا الشأن و بعد هجومين لمتشددين في باريس قتل فيهما 17 شخصا في يناير كانون الثاني من العام الماضي خرجت مجلة (دار الإسلام) التي يصدرها تنظيم داعش باللغة الفرنسية وعلى غلافها برج إيفل والعنوان الرئيسي "لعنة الله على فرنسا". واستهدفت فرنسا مرة أخرى في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي عندما قتل 130 شخصا في هجمات بقنابل وإطلاق نار في باريس كما استهدفت مجددا في نيس حيث قتل 84 شخصا على الأقل عندما دهست شاحنة حشودا بعد عرض للألعاب النارية.
وقال رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس "الإرهاب ... خطر يثقل كاهل فرنسا بشدة وسيظل هكذا لفترة طويلة" متعهدا في الوقت نفسه بالرد. وعبر باتريك كالفار رئيس الإدارة العامة للأمن الداخلي المسؤولة عن مكافحة الإرهاب في البلاد عن نفس المخاوف أمام لجنة برلمانية في مايو أيار الماضي عندما كان القلق الأكبر منصبا على تأمين بطولة أوروبا لكرة القدم 2016. لكن في النهاية مرت تلك البطولة دون أي أحداث تذكر. وقال كالفار "من الواضح أن فرنسا اليوم هي الدولة الأكثر عرضة للخطر ... السؤال بشأن هذا الخطر ليس معرفة ‘ما‘ إذا كان سيقع بل ‘متى‘ و‘أين‘."
والأسباب التي تجعل فرنسا هدفا رئيسيا للجماعات الإسلامية المتطرفة تتراوح بين عملياتها العسكرية الحالية وصولا إلى الحملات الصليبية من القرن الحادي عشر حتى القرن الخامس عشر- وذلك على الأقل في دعاية تنظيم داعش- عندما حارب المسيحيون المسلمين في الشرق الأوسط. كما تتبع الدولة- التي تضم أكبر أقلية مسلمة في أوروبا- ثقافة علمانية راسخة تهمش دور الدين في الحياة العامة وتجسدت في حظر النقاب في الأماكن العامة والحجاب في المدارس الحكومية ودوائر الخدمة المدنية.
ويقول المؤيدون لذلك النهج إنه يشجع الهوية الفرنسية المشتركة لكن المنتقدين يقولون إنه يعزل الأقليات غير المسيحية التي ترى الكثير من آثار الهوية التقليدية الكاثوليكية لفرنسا مثل العطلات الرسمية في عيد الميلاد وعيد القيامة دون توفر مساحة تذكر بالنسبة لتلك الأقليات. وبعد هجمات باريس قال تنظيم داعش إن فرنسا والدول الأخرى التي تحارب بجانبها ستبقى مهددة ما دامت تواصل "حملتها الصليبية" في سوريا والعراق.
ونفذت فرنسا ضربات جوية وعمليات للقوات الخاصة ضد التنظيم وتدرب القوات الحكومية العراقية والكردية. وتعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند بتكثيف تلك الجهود ضد داعش ردا على هجوم نيس. وكتب التنظيم في مجلة دار الإسلام العام الماضي "تستحوذ كراهية غير عقلانية وصماء على فرنسا ضد الإسلام والمسلمين دفعتها للمقدمة في التحالف ضد الخلافة." وتنشر فرنسا قوات أيضا في غرب أفريقيا حيث تساعد في التصدي لإسلاميين متشددين في عدة دول. وفي 2011 لعبت فرنسا دورا أساسيا في الضربات الجوية التي قادها حلف شمال الأطلسي في ليبيا أثناء محاولة المعارضين المسلحين الذين أيدتهم الإطاحة بمعمر القذافي. وهذا الدور النشط في الشرق الأوسط وأفريقيا يعود إلى الدور الاستعماري الفرنسي السابق هناك كما يعود تاريخ الهجمات الانتقامية على الأراضي الفرنسية لحقبة الحرب الجزائرية بين عامي 1954 و 1962 على الأقل.
وبينما تحد السياسات الصارمة من المظاهر الدينية في الحياة العامة فهناك سياسات داخلية أيضا في فرنسا تغضب الإسلاميين المتشددين. ويشكو البعض من مسلمي فرنسا البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة - بما يمثل نحو ثمانية بالمئة من السكان - من التمييز ضدهم في المعاملة ويعيش الكثير من المسلمين في الضواحي الأشد فقرا في المدن الكبرى. ويشعرون أن فرنسا تتبنى نهجا قاسيا غير عادل تجاه دينهم بحظرها للنقاب والحجاب. ويتذرع كثير من مطاعم المدارس العامة بالحياد الرسمي للدولة لترفض تقديم الوجبات المطابقة للشريعة الإسلامية. بحسب رويترز.
والتقليد الفرنسي القائم منذ أمد بعيد والذي يستخدم السخرية السياسية وامتد لهجاء الدين كان السبب الذي قدمه إسلاميون متشددون مبررا لهجومهم على اجتماع تحريري في مجلة شارلي إبدو العام الماضي والذي قتلوا خلاله 12 شخصا. وأوضح كالفار مسؤول مكافحة الإرهاب المشكلة التي تواجهها باريس في التعامل مع هذه الهجمات المفاجئة بقوله في مايو أيار إن مصدر القلق الأكبر بالنسبة لبطولة يورو 2016 كان زرع قنبلة في مكان مزدحم. لكن ذلك لم يحدث وطريقة استخدام الشاحنة في الهجوم الذي وقع في نيس لم تذكر كإحدى الطرق المحتملة. وقال آلان باوير أخصائي علم الجريمة لراديو (آر.تي.إل) "التعددية في أساليب العمليات هي ما يميز تنظيم داعش ... يستخدمون كل شيء ويفعلون ذلك حسب ما تقتضيه كل حالة.. وليس بطريقة تقليدية على الإطلاق."
بؤرة للتطرف
الى جانب ذلك عرفت منطقة نيس الفرنسية على ساحل الكوت دازور حيث نفذ اعتداء دام، منذ سنوات بوجود بؤرة للتطرف الاسلامي فيها، وبانها شكلت مجال تجنيد لجهادي فرنسي يقود كتيبة لجبهة النصرة في سوريا. ولم يتم حتى الان تبني اعتداء نيس الذي وصفته السلطات بانه "ارهابي". لكن طريقة تنفيذه في يوم العيد الوطني الفرنسي البالغ الرمزية، يؤشر الى تعليمات مجموعات جهادية على غرار القاعدة او تنظيم داعش.
ويظهر اسم عمر اومسن (اكرر اومسن)، ابن مدينة نيس، واسمه الحقيقي عمر ديابي في العديد من ملفات الشبكات المتطرفة السورية. وتعتبره اجهزة مكافحة الارهاب احد كبار مجندي الجهاديين الى سوريا ومقربا من مجموعة "فرسان العزة" الاسلامية التي حلتها السلطات الفرنسية في 2012. واومسن وهو فرنسي سنغالي اعلن نفسه اماما متطرفا في نيس وصاحب اشرطة فيديو دعائية، كان سافر في 2013 الى سوريا واعلن انه يقاتل مع جبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا).
وبعد ان اشاع خبر موته، ظهر اومسن (40 عاما) مجددا بداية حزيران/يونيو في برنامج "تكملة تحقيق" في قناة "فرانس2" العامة. واتصل به الصحافي رومان بوتيلي عبر اقاربه ثم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ثم ارسل لاحقا الى معسكره في محافظة اللاذقية بسوريا مصورا تلفزيونيا لاجراء مقابلة مع الفرنسي السنغالي الذي يقود كتيبة من ثلاثين شابا فرنسيا معظمهم من منطقة نيس.
وفي آذار/مارس برز مجددا اسم القيادي الجهادي الفرنسي الذي قام بحملة تجنيد مكثفة عبر الانترنت، عند اعتقال رجل في المنطقة الباريسية اشتبه بسعيه لتنفيذ "مشاريع عمليات عنيفة" في فرنسا، بحسب مصدر قريب من الملف. وحوكم الرجل المعتقل واسمه يوسف.اي في آذار/مارس 2014 مع رجلين اخرين لمحاولة السفر الى مناطق الجهاديين في سوريا. وكان الثلاثة التقوا في كانون الاول/ديسمبر 2011 في اجتماع نظمه اونسن في نيس للتباحث في موضوع "الهجرة" الى سوريا. وقال احد الثلاثة واسمه فارس.اف انه تعرض لعملية "تدجين".
وكان عمر اومسن عمل في 2012 في محل وجبات خفيفة في نيس اطلقت عليه تسمية "النصرة". وكان موضع متابعة اجهزة الامن قبل سفره الى سوريا، بحسب مصادر امنية. ومدينة نيس التي شهدت مغادرة العديد من الشبان الجهاديين، كانت هدفا للتهديد الارهابي في الماضي. ففي 3 شباط/فبراير 2015 وبعد اسابيع قليلة من اعتداءات كانون الثاني/يناير بباريس والتي استهدفت صحيفة شارلي ايبدو ومتجرا يهوديا وشرطية، اعتدى موسى كوليبالي وهو من ضواحي باريس بسكين على ثلاثة عسكريين كانوا يحرسون مركزا يهوديا. واثناء احتجازه عبر عن كرهه لفرنسا والشرطة والعسكريين واليهود، بحسب المصدر القريب من التحقيق. بحسب فرانس برس.
وقال مقرر لجنة التحقيق البرلمانية في اعتداءت 2015 النائب الاشتراكي سيباستيان بيتراسانتا "نعرف ان هناك بؤرة تطرف في نيس". واضاف انه بعد اعتداء موسى كوليبالي بداية 2015 كانت نيس وباستثناء المنطقة الباريسية "المنطقة الفرنسية الوحيدة التي اعيد تقييم مستوى الحذر الامني فيها ليرفع الى درجة التحذير من اعتداء". وافاد مصدر قريب من الملف ان التحقيق حول خلية اسلامية تم تفكيكها في 2012 كشف التخطيط لاعتداء كان يستهدف مهرجان نيس الذي يعد رمزا للشهرة العالمية للمدينة.
واقع جديد
في السياق ذاته أوصل الهجوم الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية في ذكرى سقوط الباستيل رسالة إلى زعماء أوروبا وقادة أجهزتها الأمنية مفادها أن من شبه المستحيل منع الهجمات الفردية من هذا النوع وأن من الممكن أن ينفذها أي شخص. قال رئيس الوزراء مانويل فالس "انتقلنا إلى حقبة جديدة... ويجب أن تتعايش فرنسا مع الإرهاب. وقال نظيره البلجيكي شارل ميشيل في بروكسل حيث نفذ متشددون من تنظيم داعش هجمات في مارس آذار وخططوا لهجمات شهدتها باريس في نوفمبر تشرين الثاني إنه "لا وجود لدرجة الخطر صفر". وأضاف في العاصمة البلجيكية "نواجه الآن أسلوب عمل مختلفا." ولا تزال عاصمة بلاده على غرار مدن في فرنسا في حالة التأهب القصوى وينتشر جنود وأفراد شرطة مسلحون في الشوارع ولحراسة المناسبات العامة الكبرى. وقال ميشيل إن بلجيكا توقعت مخاطر من هذا النوع وإنها جاهزة لحماية احتفالاتها بعيدها الوطني القادم.
وقاد فرنسي مولود في تونس عمره 31 عاما شاحنة ثقيلة مستأجرة لمسافة كيلومترين في شارع بروميناد ديز أنجليه الذي أغلق أمام السيارات وتجمع فيه آلاف لمشاهدة عرض للألعاب النارية. وللمهاجم سجل من العنف لكنه غير معروف لدى أجهزة مكافحة الإرهاب. وقال أندريه جاكوب الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب بجهاز أمن الدولة البلجيكي "ما الذي يمكن أن تفعله حيال هذا؟" وأضاف "من المستحيل منعه. حتى لو كانت هناك دلائل."
وقال محللون إن تمكن المهاجم من دهس 84 شخصا وقتلهم لا يعكس فقط أثر المفاجأة وكثافة الحشود ووزن وسرعة المركبة الفتاكين مما تسبب في ارتفاع عدد القتلى مقارنة بالكثير من الهجمات المماثلة السابقة وإنما يكشف أيضا قلة الحواجز على الطريق وقوة النار المحدودة لقوات الشرطة المنتشرة. وظهرت على الزجاج الأمامي للشاحنة آثار ثقوب 25 عيارا ناريا في المكان الذي أوقفت فيه وقتل سائقها بالرصاص. ولم يتهشم الزجاج. ولا يوجد ما يشير إلى أن الشاحنة مصفحة لهذا فإن رجال الشرطة الذين أطلقوا النار عليها كانوا مسلحين بمسدسات على ما يبدو وليس البنادق الآلية التي يحملها جنود الجيش وبعض رجال الشرطة في حالات الطوارئ.
وقال جاكوب "لسنا في الولايات المتحدة. لسنا في دولة رعاة البقر" مشيرا إلى أن الوقت المتاح لقوات الأمن بموقع الهجوم لاتخاذ رد فعل كان محدودا بالإضافة إلى أنه كان عليها محاولة إصابة هدف يتحرك بسرعة دون قتل أبرياء. وأضاف "صحيح أن الشرطة لديها أسلحة للاستخدام في المدينة لكنها لا تتجول ببنادق كلاشنيكوف وقنابل يدوية وغير ذلك."
وأصبحت الهجمات بالمركبات أكثر شيوعا في أجزاء مختلفة من العالم وارتبط الكثير منها بمحاولات لنسفها وهو أسلوب متكرر في العراق لكنه استخدم في هجوم على مطار جلاسجو لم يسفر عن سقوط قتلى عام 2007. وشهدت إسرائيل عددا من هذه الهجمات في الأعوام الأخيرة نفذ معظمها فلسطينيون بمبادرة فردية فقادوا سياراتهم صوب المارة أو محطات انتظار الحافلات. وردت أجهزتها الأمنية بزيادة استخدام الكتل الخرسانية الثقيلة قرب المواقع المهمة ومن المعتاد استخدامها خارج المباني الحكومية الهامة في المدن الأوروبية. لكن خبراء أمنيين يقولون إن حماية كل هدف محتمل أمر غير عملي. بالإضافة إلى ذلك فإن نسبة كبيرة من الإسرائيليين مسلحون مما حد من خطر منفذي هجمات الدهس هناك.
وخضعت الاستادات ومناطق تجمع المشجعين خلال بطولة أوروبا 2016 لكرة القدم التي انتهت يوم الأحد لإجراءات أمنية مشددة شاركت فيها قوات الجيش والشرطة المسلحة لكنها كانت مثقلة بالمهام يوم 14 يوليو تموز. وأفادت تقارير بأن الشرطة في نيس حاولت اعتلاء الشاحنة لكن هذا لم يؤت ثماره على ما يبدو. وقال جاكوب "يبدو هذا عمل شخص منفرد حيث يستحيل منع حدوث أي شيء بمعنى أن الإرهابيين سيتكيفون مع أهدافهم ولا يمكن أن تحول كل مكان إلى منطقة تجمع مشجعين يحتفلون خلف حواجز أسمنتية ونقاط تفتيش تحرسها الشرطة."
قبل عامين أصدر المتحدث باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني تسجيلا صوتيا قال فيه لأنصار التنظيم "إذا قدرت على قتل كافر أمريكي أو أوروبي وأخص منهم الفرنسيين الأنجاس أو أسترالي أو كندي أو غيره من الكفار المحاربين رعايا الدول التي تحالفت على الدولة فتوكل على الله واقتله بأي وسيلة أو طريقة كانت" وأوصى باستخدام وسائل بسيطة منها المركبات. وقال ألان ميندوزا المدير التنفيذي لجمعية هنري جاكسون وهي مؤسسة بحثية محافظة إن هجوم نيس "يظهر تطور أساليب الإرهابيين في محاكاة للأساليب التي تستخدم ضد الإسرائيليين." بحسب رويترز.
وأضاف أن بالنظر إلى صعوبة رصد هذه النوعية من الهجمات قبل حدوثها أو منعها فور بدئها فإن على المجتمعات العمل على منع اتجاه الشبان الأوروبيين للتشدد ومهاجمة المتشددين الذين يحضونهم على التحرك من قواعد خارج البلاد. ومضى قائلا "فرنسا في حالة تأهب قصوى تحسبا للإرهاب منذ شهور وهناك جنود من الجيش في الشوارع لكنها لم تستطع منع هذا العمل الوحشي."
العالم يتحد فزعا
من جانب اخر اتحد قادة العالم في فزع وتعهدوا بالاستمرار في محاربة الإرهاب بعد أن أودى هجوم بشاحنة على حشد يحتفل بالعيد الوطني لفرنسا في مدينة نيس في الريفييرا الفرنسية بحياة 84 شخصا. واتفق الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والقادة الأوروبيون والآسيويون المجتمعون في قمة في منغوليا على التنديد بما وصفوه بهجوم إرهابي وذلك في رسائل بعثوا بها إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند.
ولخص رئيس المفوضية الأوروبية دونالد توسك الذي كان يتحدث في أولان باتار عاصمة منغوليا صدمة العالم عندما تحدث عن "مفارقة مأساوية أن يكون الهدف من هجوم نيس هو الناس الذين يحتفلون بالحرية والمساواة والإخاء." وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش اجتماع قمة آسيا وأوروبا في منغوليا "جميع من شاركوا في القمة الآسيوية الأوروبية يشعرون بنفس الصدمة بسبب القتل الجماعي في نيس." وقالت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تيريزا ماي التي أغضبت بلادها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى بانسحابها من الاتحاد الشهر الماضي إن بريطانيا تقف "كتفا بكتف" مع فرنسا.
وظهر بوتين الذي توترت علاقات بلاده مع الغرب بسبب التصرفات الروسية في أوكرانيا وسوريا على شاشة التلفزيون الروسي ليقدم تعازيه لأولوند بعدما لم يتمكن فيما يبدو من الاتصال بالرئيس الفرنسي. وقال بوتين "عزيزي فرانسوا: تعرف روسيا ما هو الإرهاب وما هي الأخطار التي يمثلها لنا جميعا. واجه شعبنا مآسي مماثلة أكثر من مرة وتأثر بشدة بالحادث ويتعاطف مع الشعب الفرنسي ويشعر بالتضامن معه." وأضاف أن هناك مواطنين روسا بين الضحايا في نيس.
وفي فرنسا نفسها قالت مارين لو بان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف التي يتوقع أن يكون أداؤها قويا في الانتخابات الرئاسية المقبلة إن رد فرنسا على الهجمات السابقة لم يكن مناسبا. وأضافت "الحرب على كارثة التطرف الإسلامي لم تبدأ. من الضروري الآن أن تعلن." وفي الشرق الأوسط حمل الكثير من رسائل التعاطف والإدانة سمات جداول الأعمال الداخلية. وقال الرئيس التركي رجب طيب إروغان- الذي شهدت بلاده هجوما منسقا بالرصاص والقنابل نفذه مشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش في مطار اسطنبول- إن الأتراك يدركون ما يمر به الشعب الفرنسي وفرنسا الآن. وفيما بدا أنها إشارة إلى دول الاتحاد الأوروبي التي لا توافق على حملة أنقرة على المقاتلين الأكراد الانفصاليين قال إردوغان "نتوقع من هؤلاء الذين يتصرفون بشكل غير متسق في مواجهة الإرهاب أن يستخلصوا الدروس الضرورية من أحدث هجوم في فرنسا." بحسب رويترز.
وعقدت كل من إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا -وكلها دول مجاورة لفرنسا- اجتماعات منفصلة لمراجعة إجراءات الأمن لديها بعد هجوم نيس الذي جاء بعد نجاح فرنسا في تنظيم بطولة أوروبا لكرة القدم 2016 والتي نفذت خلالها فرنسا عملية أمنية كبرى. وقالت ألمانيا وإيطاليا إنهما عززتا الإجراءات الأمنية في المطارات ونقاط العبور بالسيارات والقطارات مع فرنسا. وقالت بريطانيا وبلجيكا إن مستوى الخطر المعلن في كل منهما من قبل مرتفع بالفعل وهو ما يشير إلى أن كلا منهما ترى أن وقوع هجوم "مرجح بدرجة كبيرة".
اضف تعليق