صرح مسؤولون أميركيون بأن جماعة تسمى تنظيم خراسان ظهرت في الأعوام الماضية كخلية في سوريا، ربما تكون أكثر عزما على تنظيم هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة أو منشآت خارجية، وقال مدير الاستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، فيما يتعلق بالتهديد الذي يمس أرض الوطن، ربما يشكل تنظيم خراسان خطرا يشبه ما يمثله تنظيم داعش. وذكر بعض المسؤولين وخبراء الأمن القومي الأميركيين أن التركيز المكثف على داعش عمل على تحريف صورة التهديد الإرهابي الذي ظهر من الفوضى الناتجة عن الحرب الأهلية السورية، وأن التهديدات الأكثر مباشرة ما زالت تتمثل في تنظيمات إرهابية تقليدية مثل خراسان وجبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا.
في حين يُنظر إلى تنظيم داعش على أنه يركز على توحيد الأراضي التي استولى عليها في كل من سوريا والعراق بصورة أكبر من تركيزه على مهاجمة الغرب، ويحذر البعض من أن الغارات الجوية ضد داعش قد تؤدي بالتنظيم إلى التخطيط لشن هجمات ضد أهداف غربية، بل يمكن أن تفيد العمليات الأميركية أيضا تنظيمات مسلحة أخرى إذا لم تكن الفصائل الثورية الأكثر اعتدالا مستعدة لفرض سيطرتها على الارض.
وأعرب خبراء التيارات الأصولية عن اعتقادهم بأن تنظيم خراسان قد يكون تضخيما لعدو جديد لا نعرف ملامحه على الأرض، مما يمهد لضرب جبهة النصرة المرتبطة بـالقاعدة داخل الأراضي السورية أثناء الغارات الجوية على داعش. واوضحت تقارير اخبارية الى إن الهدف الواضح من التسريبات الأميركية هو شيطنة جبهة النصرة، المنتمية إلى أيمن الظواهري زعيم القاعدة، قبل تدميرها. وأشارت التقارير الى أن الظواهري، كما هو معروف، هو زعيم قاعدة خراسان وهي المظلة الأم لأغلب التنظيمات الارهابية.
صراع داعش وخراسان
في التاريخ الرسمي للإسلام، حمل الخراسانيّون راية العباسيين، وخاضوا -باسمهم- معاركهم الكبرى ضد الدولة الأموية في بلاد الشام. ولكنهم سرعان ما دخلوا مع العباسيين في صراع مرير، انتهى فعلياً بسيطرتهم -غير المباشرة- على الخلافة ، واليوم يعيد الغرب إنتاج الواقعة ذاتها: خلق (خراسان جديدة) تكون مهمتها ممارسة أقصى درجات الوحشية لتقوم بـ(افتراس الخلافة) وإلتهامها، وتأسيس (دولة) إسلامية جديدة، تقع مع التاريخ العباسي القديم في حقبة التأسيس (أي ما يزعم انها حقبة تأسيس الخلافة في بغداد على يد الخليفة أبو العباس السفاح). هذا التاريخ الذي يعاد (إنتاجه) هو ما تسميّه داعش في أدبياتها بمرحلتي: التوّحش والتمكين، أي أن دولة الخلافة سوف تنتقل من التوّحش إلى بناء (دولة طبيعية) فقط بعد (التمكين).
انتاج الماضي بفكر المستقبل
لعل الغرب يقوم فعلياً بإعادة بناء فكرتنا عن أنفسنا وتأريخنا، وهذا يعني أنه يعيد صياغة الماضي بوصفه مستقبلاً، لكي نعود القهقرى في قلب التاريخ وإلى اللحظة الخراسانية ذاتها، حين كانت شعوب الحوض الأفغاني- الباكستاني (القوقازي) تقرر مصير الخلافة العباسية في لحظة صراعها مع بلاد الشام.
يمكننا التنبؤ منذ الآن بأن الأحداث العاصفة في المنطقة سوف تتجلى في صورة موجة توّحش جديدة، ما بعد داعشيّة وتكون أكثر فضاعة، قادمة من الحدود الأفغانية- الباكستانية: أعداد هائلة يصعب حصرها من الوحوش البشرية قادمة من الحدود الأفغانية- الباكستانية، سوف تتجه إلى قلب العالم العربي، وبحيث تصبح داعش اشبه بجرذ صغير داخل غرفة مظلمة فيها مصيدة فئران وقط جائع.
تنظيم غامض
قال وزير العدل الأمريكي، إريك هولدر، إن لدينا معلومات عن هذه الجماعة منذ عامين، واستهدفناهم خشية اقترابهم من موعد تنفيذ بعض المخططات التي أطلعنا عليها وفقا لـBBC.
وأعلن دبلوماسيين أمريكيين، أنها جماعة تضم نحو 50 من المسلحين المتمرسين من أفغانستان وباكستان، اللتين يطلق عليهما جهاديو بلاد خراسان، إضافة إلى آخرين من شمال إفريقيا والشيشان، وأضافوا أنهم أرسلوا إلى سوريا لتطوير هجمات للمتشددين، وتصنيع واختبار عبوات ناسفة وتجنيد غربيين لتنفيذ عمليات. كما يعتقد بأنهم اندمجوا في صفوف تنظيم النصرة التابع للقاعدة في سوريا.
وأوضحت المخابرات الأمريكية، أن جماعة خراسان كانت تتعاون مع فرع القاعدة في اليمن، المعروف بأسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لاختبار وسائل تساعد في تمرير متفجرات من إجراءات الأمن في المطارات، حسبما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
تهديد يفوق داعش
وزير العدل الأمريكية هولد، من جانبه اشار الى ان وجود جماعة خراسان على الأرجح سيستمر حتى نكون في مرحلة نعتقد خلالها أننا استطعنا إضعاف قدراتهم لمهاجمة حلفائنا أو بلدنا.
وقال عضو الكونجرس ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، آدم تشيف، لصحيفة نيويورك تايمز إن التخلص منه هو أمر مهم، لكننا كما شهدنا في السابق فإن القضاء على هؤلاء يكون تأثيره قصير المدى مرة أخرى، إذ سيظهر للهيدرا (الثعبان الأسطوري) رأس جديد.
تهديد الكيان الصهيوني
توقع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن سنوات صعبة قادمة للجيش الإسرائيلي، وقال إن السنوات الأربع القادمة ستكون أصعب بكثير من السنوات الأربع السابقة التي مرت، مشيراً إلى أن لا رحمة للضعفاء ولن ينجو فيها إلا الأقوياء. كلامه جاء بمناسبة إقامة مراسم التسليم والتسلم لقيادة الجيش الاسرائيلي.
وقال نتنياهو إن ايران تتسلح وأصبحت تقف على باب المندب في إشارة إلى اليمن، مشيراً إلى أن لها الآن ثلاثة أذرع تحارب اسرائيل من خلالها وتهدد بفناء وتدمير اسرائيل بها، وهي حزب الله في لبنان وحماس، لافتاً إلى أنه الآن تفتح هضبة الجولان من خلال دفع نحو ألفي جندي هناك.
الطريق إلى إيران
اكدت التقارير الدولية ان أمريكا ورطت الإسلام السياسي معها في تحالف غير مقدس في أفغانستان إبان وجود قوات الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان بطلب من قيادتاها آنذاك بابراك كارمل.
وشددت التقارير ان تنظيم القاعدة أنجز مهمته على اكمل وجه، وحقق الهدف الأمريكي والصهيوني على حد سواء، وهو نسيان القدس وفلسطين وإشغال المسلمين في جبال تورا بورا التي كانت مزارع للحشيش.
وتابعت التقارير أنه وبعد تحقيق الهدف الأمريكي المرسوم بالمسطرة والقلم والفرجار في أفغانستان، وهزم الاتحاد السوفييتي، وتفكك لاحقا، ردت أمريكا الجميل على طريقتها للإسلام السياسي، بأن إعتبرته العدو الجديد لها، واعلنت القاعدة هدفها الجديد بعد موسكو، وبعد ذلك خرجوا علينا بما اطلقوا عليها ظاهرة الإرهاب التي لم يتفقوا على تعريفه، ولكنهم ورطوا امريكا في الحرب عليه.
وفي هذا الصدد خرجت علينا اجهزة الإستخبارات الامريكية والبريطانية والاسرائيلية بتنظيم خوارج جدد، أطلقوا عليه داعش الذي يقوم بواجبه خير قيام وصولا لتنفيذ التقسيم في العراق وسوريا وليبيا وصولا إلى تقسيم بقية الدول العربية، ومن ثم يأتي دور الدول الإسلامية، بهدف إبقاء مستعمرة إسرائيل آمنة ومستقرة وقوية، ولا تهددها أي قوة عربية أو إسلامية.
ولفتت التقارير الى أن ما نتوقعه من امريكا قبل عام، هو التبشير بتنظيم خراسان بقيادة الكويتي محسن الفضلي الذي أعلنت امريكا انها قتلته مرتين في سوريا الأولى عام 2014 والثانية عام 2015، وأن الغريب في الأمر ان تصريحات مسؤولي السي آي إيه كانت تحذر من ان تنظيم خراسان سيكون أشد إرهابا واكثر إيلاما من داعش.
أن القاعدة مهدت لشرعنة الوجود الامريكي في المنطقة بينما كان هدف داعش هو تفتيت المنطقة العربية، في حين ان هدف تنظيم خراسان سيكون إثارة القلاقل في إيران لإشعال حرب اهلية فيها، وكذلك السيطرة على الكويت بمصدر مالي ونفطي له.
خلاصة القول
ان خراسان عبارة عن صنيعة جديدة، مهجنة تماما كما هو الحال بالنسبة لتنظيم القاعدة وداعش وأن واشنطن هي الطرف الوحيد الذي أعلن رسمياً أنه قام خلال طلعات التحالف الدولي الجوية ضد داعش في العراق وسوريا، بتوجيه ضربات قاتلة لتنظيم يدعى خراسان مع أن احداً لم يسمع من قبل بتنظيم ارهابي بهذا الاسم، والتنظيم نفسه لم يعلن في بيان أو خبر إعلامي عن وجوده؛ فإن مجرد إعلان واشنطن عن وجود تنظيم قالت عنه إنه اشدّ خطورة من داعش يجب أن يكون موضع اهتمام أي محلل.
فكما ان الخطط المخابراتية صنعت القاعدة من رحم حركة الإخوان المسلمين، وداعش من رحم القاعدة، قد تنتج شبيها لها وهو مايتوقع بتنظيم خراسان..
اضف تعليق