q

تعد المكسيك خامس أكبر دولة في أمريكا من حيث المساحة وكما تنقل بعض المصادر، واحدة من أكثر المناطق عنفا في العالم، فهي ذات سمعة سيئة فيما يتعلق بتهريب المخدرات وحروب العصابات، وارتفاع معدلات جرائم القتل، وعدم الاستقرار السياسي واستفحال مشكلة الفساد في المؤسسات الامنية. فقد كشفت إحصائيات مكسيكية رسمية، ارتفاعا كبيرا في جرائم القتل خلال عام 2015، مقارنة بالعام السابق، ووصلت إلى أعلى معدلاتها خلال عقدين.

وأظهرت الإحصاءات أن جرائم القتل في المكسيك قفزت حوالي 9 بالمائة عن العام 2014، وهي أول زيادة في 4 سنوات، وفي المقابل، تراجعت جرائم أخرى مثل الخطف والابتزاز. وأوضحت الإحصاءات، التي تصدرها وزارة الداخلية المكسيكية، أن ممثلي الادعاء في ولايات المكسيك الواحدة والثلاثين إضافة إلى العاصمة مكسيكو سيتي، أبلغوا عن 17013 جريمة قتل خلال عام 2014، الذي شهد 15653 جريمة قتل. ووفقا للإحصائيات السابقة، فإن هذا العدد من الجرائم في عام 2015 يشكل رابع أكبر عدد لجرائم القتل في المكسيك منذ نحو عقدين.

ووفقا للبيانات الحكومية، فقد تراجعت جرائم أخرى مثل الخطف والابتزاز، مما قد يشير إلى تحول نحو أساليب أكثر وحشية من جانب عشرات من عصابات المخدرات في المكسيك. ويشير هذا المعدل إلى حوالي 14 جريمة قتل لكل 100 ألف شخص، وهو ما يزيد على معدل الجرائم في الولايات المتحدة البالغ حوالي 5 جرائم قتل لكل 100 ألف شخص، لكنه يقل عن نظيره في جيران المكسيك في أميركا الوسطى.

وشهدت ولاية المكسيك المحيطة بالعاصمة مكسيكو سيتي أعلى معدل لجرائم القتل العام الماضي، تلتها ولاية جيريرو في جنوب غرب البلاد، حيث خطف 43 معلما متدربا العام الماضي، يعتقد مسؤولون حكوميون أنهم قتلوا على أيدي عصابة للمخدرات، بالتواطؤ مع الشرطة المحلية. وهبط عدد جرائم خطف الاشخاص في أنحاء البلاد بنسبة 24.5 بالمائة العام الماضي مقارنة مع 2014، وهو أدنى معدل منذ 2008، في حين تراجعت جرائم الابتزاز بنسبة 12.6 بالمائة.

وتُعتبر المكسيك أحد أكبر موردي الهيروين إلى السوق الأميركية، وأكبر مصدر أجنبي للماريغوانا، حيث تهيمن عصابات المخدرات المكسيكية حالياً على سوق الجملة المحظورة باستئثارها بنحو 90% من حجم المخدرات التي تتسرب إلى داخل الولايات المتحدة. وتتراوح الإيرادات الكلية لمبيعات المخدرات المحظورة ما بين 13.6 مليار دولار و49.4 ملياراً.

جرائم وسجون

وفي هذا الشأن قتل 11 شخصا من اسرة واحدة بينهم قاصران بايدي مجهولين في منطقة جبلية من ولاية بويبلا في وسط المكسيك، وفق ما اعلنت السلطات المحلية. وقال فينشنتي لوبيز دي لا فيغا رئيس بلدية كوكسكاتلان "حصل الامر فجرا في منطقة ايل ميرادور. نؤكد مقتل 11 شخصا هم خمس نساء واربعة رجال وفتاتان فيما نقلت قاصرتان اخريان جريحتان الى مستشفى بالمنطقة". واكدت حكومة الولاية هذه المعلومات.

وتعرض القتلى للهجوم بينما كانوا داخل شقة بحسب مصدر في السلطات المحلية بدون مزيد من التفاصيل. من جهته، اشار مصدر قضائي في هذه الولاية الى ان السلطات ترجح احتمالين، اما ان عصابة مجرمين ارتكبت الجريمة واما ان الامر يتعلق بخلافات عائلية. وولاية بويبلا معرضة اقل من غيرها لاعمال العنف المرتبطة بالمخدرات في المكسيك رغم بعض الجرائم التي وقعت هناك في الاونة الاخيرة.

من جانب اخر قال مسؤولون في ولاية كواهويلا المكسيكية إن سجناء من عصابة زيتاس لتجارة المخدرات يديرون سجنا في شمال المكسيك لدرجة أنهم يستخدمون السجن في التخلص من ضحايا العصابة بعد خطفهم. وقال خوسيه خوان موراليس المسؤول بمكتب مدعي الولاية إن الشرطة اعتقلت خمسة من المشتبه بهم في هذه القضية حيث عثر على رفات الضحايا مغمورة في الوقود أو رماد الجثث داخل براميل في أنحاء مختلفة بالسجن.

وأضاف أن حراس السجن كانوا متواطئين مع السجناء من أعضاء هذه العصابة الوحشية الذين كانوا يتحركون بكل حرية. وجرى التعرف على رفات سبع ضحايا لهذه العصابة في الفترة من 2009 إلى 2012. وقال موراليس "كان الحراس على علم بهذه الحقائق." وأضاف أن جثث الضحايا بعد تحولها إلى رماد كانت تنقل خارج السجن حيث تلقى في نهر مجاور. وعلاوة على ذلك أدخل السجناء من هذه العصابة تعديلات على عدد من المركبات وصنعوا "ملابس" خاصة بهم داخل السجن. بحسب رويترز.

وقال مكتب مدعي الولاية إن زعيم العصابة الذي قاد عملياتها داخل السجن يدعى رامون بورشياجا ماجالانيس. ويقع السجن في مدينة بيدراس نيجراس الواقعة على حدود المكسيك مع الولايات المتحدة. وصارت كواهويلا إحدى أكثر الولايات عنفا في المكسيك خلال العقد الأخير. وفي 2012 هرب أكثر من 130 سجينا من السجن ذاته في اختراق هائل ارتبط بالجريمة المنظمة. ويشار دوما إلى العدد الكبير للسجناء ونقص عدد الحراس وفساد المسؤولين كأسباب لتدهور الحالة الأمنية في هذا السجن.

تحقيقات وشكوك

في السياق ذاته كشف تحقيق جديد اجراه خبراء بطلب من الحكومة المكسيكية ان جثث 17 شخصا على الاقل احرقت في مكب للنفايات في كوكولا جنوب المكسيك ليلة اختفاء الطلاب ال43 في ايوتسينابا في 2014. واكد ريكاردو داميان توريس العضو في مجموعة خبراء في الحرائق اجرت هذا التحقيق الجديد ان "انتشال بقايا عظام يشكل دليلا كافيا" يسمح "بالتحديد ان 17 بالغا احرقوا في هذا المكان" في ايلول/سبتمبر 2014.

ويدعم التقرير الجديد رواية الحكومة التي تفيد ان الطلاب ال43 قتلوا ثم احرقت جثثهم في مكب النفايات هذا في ولاية غيهيرو القريبة من مدينة ايغالا حيث فقدوا. لكنه يختلف عن تقرير مجموعة خبراء في الطب الشرعي قالوا في شباط/فبراير الماضي انه لا ادلة كافية تؤكد ان عملية احراق بهذا الحجم جرت في المكان نفسه. وفي ايلول/سبتمبر اكدت مجموعة دولية من الخبراء المستقلين انه "ليس هناك دليل" على حدوث عملية احراق كبيرة.

وقال توريس "هناك ادلة كافية وحتى يمكن رؤيتها ماديا بانه تم اشعال نيران بشكل مضبوط في منطقة واسعة". واضاف ان "اختبارا واسعا" يمكن ان يؤكد ما اذا كانت الشروط متوفرة لاحراق 43 جثة. واضاف ان مجموعته ستجري قريبا تحاليل اخرى للتحقق "علميا" مما اذا كان ذلك ممكنا. وفقد الطلاب ليل 26 الى 27 ايلول/سبتمبر لدى توجههم الى ايغالا (جنوب) لركوب حافلات وجمع اموال قبل انطلاق تظاهرة في العاصمة.

وفي مواجهة انتقادات عائلات الطلاب ومنظمات دولية للدفاع عن حقوق الانسان، طلبت السلطات المكسيكية اجراء هذا التحقيق الثالث. وتفيد الرواية الرسمية ان الطلاب تعرضوا لهجوم من عناصر الشرطة البلدية في ايغوالا الذين قتلوا ثلاثة منهم، ثم سلموهم الى كارتل غريروس يونيدوس للمخدرات. وقد قتلهم هذا الكارتل ثم احرق جثثهم في مكب للنفايات. وتم التعرف الى بقايا طالب بفضل فحص للحمض النووي اجراه مختبر نمساوي.

الى جانب ذلك طرحت مسالة دور الجيش في اختفاء 43 طالبا في ايلول/سبتمبر 2014 في المكسيك مع صدور نتائج تحقيق اجرته لجنة مستقلة كشف ان عسكريين كانوا حاضرين في الموقع ليل وقوع المأساة غير انهم لم يتدخلوا. وتاخذ عائلات الضحايا على الجيش عدم تحركه وتطالب بامكانية الدخول الى الثكنات لجمع عناصر جديدة.

وجاء في تقرير اللجنة الدولية من المحققين المستقلين التي شكلتها لجنة البلدان الاميركية لحقوق الانسان انه "فضلا عن جهازي شرطة البلدية في ايغوالا وكوكولا اللذين كانا المعتدين المباشرين (في الموقعين) حيث احتجز الطلاب الاساتذة واختفوا، فان الجيش ايضا كان موجودا". وكشف التحقيق ان الجيش تبلغ بان عناصر من الشرطة البلدية المرتبطة بمنظمة غيريروس اونيدوس لتهريب المخدرات، هاجموا طلاب مدرسة ايوتزينابا (بولاية غيريرو الجنوبية) للمعلمين الذين استولوا على حافلات بهدف القيام بتظاهرات سياسية.

وراى عنصر في الاستخبارات العسكرية كان يمر باللباس المدني على دراجة نارية شرطيين ملثمين يلقون قنبلتين مسيلتين للدموع داخل الحافلة ليخرجوا منها عشرة طلاب "كبلوهم ورموهم بعنف على الارض" بحسب التقرير. وكان الشبان يصيحون "شرطيون قذرون" فيرد عليهم ضباط الشرطة بالشتائم ويامرونهم بالامتثال "والا فسيواجهون ما هو اسوا".

وقال عنصر الاستخبارات ان الشرطيين اعترضوا احدى الحافلات امام قصر العدل البلدي واتصلوا بعد ذلك برئيسهم لمدة تتراوح "بين 45 دقيقة وساعة" فيما كانوا يوقفون الطلاب. وتمكن الخبراء المستقلون من الاطلاع على تصريحات العسكريين الواردة في التقرير لكنه لم يسمح لهم باستجوابهم مباشرة. وجاء في التقرير ان الشرطة البلدية وعناصر الشرطة الفدرالية والعسكريين كانوا على اطلاع بالوقائع الجارية ليل المأساة من خلال نظام سي 4 للاتصال والتنسيق بين جميع القوى الامنية.

وقال سانتياغو كانتون المدير التنفيذي لحقوق الانسان في معهد روبرت كينيدي في واشنطن والسكرتير التنفيذي سابقا للجنة البلدان الاميركية لحقوق الانسان "من الواضح ان الحكومة مسؤولة" لانه "كان من الممكن انقاذ ارواح ولم يفعلوا". ويهدد التقرير الذي ينقض الرواية الرسمية حول مصير الطلاب بالتحول الى تحد جديد للحكومة والجيش الذي يواجه بانتظام اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان منذ انتشاره عام 2006 لمكافحة كارتيلات المخدرات.

واكد مدير التحقيقات الجنائية في وزارة العدل توماس زيرون على الرواية الرسمية للوقائع التي تفيد بان جميع الطلاب او "قسما كبيرا منهم على الاقل" قتلوا ثم احرقت جثثهم بالرغم من العناصر التي قدمها خبير واوردها التقرير. وكان وزير الدفاع سالفادور سيانفويغوس اكد في وقت سابق في مقابلة اجرتها معه صحيفة اكسيلسيور ان القوات العسكرية المنتشرة في المنطقة ليل الهجوم لم تكن كافية للتدخل. وتابع ان "هذا من حسن الحظ" لان الجنود لكانوا ساعدوا الشرطة المحلية التي كانت في حينها تمثل السلطة. بحسب فرانس برس.

كما يشير التقرير الى ان الجنود انتشروا في تلك الليلة في الموقع الذي قتل فيه طالبان والذي عثر فيه في الصباح على جثة طالب ثالث وعليها اثار تعذيب. وقال راوول بينيتيز ماناوت خبير الامن القومي في جامعة مكسيكو الوطنية المستقلة انه اذا ما اثبت التقرير ان "عناصر من الاستخبارات العسكرية كانوا موجودين عند حصول الوقائع، فهذا سبب كاف لاعادة فتح التحقيق". وقال المدعي العام اريلي غوميز ان العناصر الجديدة سيتم درسها وادراجها في الملف بدون ان تعلق على دور الجيش ليل المأساة.

اعدام دون محاكمة

من جانب اخر دعت لجنة دولية معنية بحقوق الإنسان المكسيك إلى التحقيق في اشتباك بين قوات الأمن وأشخاص يشتبه أنهم أفراد عصابة أسفر عن مقتل 43 شخصا قائلة إن هناك شهادات على أن العنف تضمن عمليات اعدام دون محاكمة من جانب الدولة. كانت السلطات قالت في مايو أيار إن 42 شخصا يشتبه أنهم من أفراد عصابة جاليسكو نيو جينيريشن قتلوا في اشتباك بالأسلحة دام ثلاث ساعات قرب بلدة تانهواتو بولاية ميتشواكان كما قتل ضابط شرطة واحد.

وذكرت تقارير فيما بعد أن بعض القتلى تلقوا رصاصات في الظهر في حين قالت أسر إن جثث الضحايا ظهرت عليها علامات تعذيب. وقال جيمس كافالارو نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في الأمريكيتين "تشير الشهادات على الأقل إلى أنه كانت هناك عمليات اعدام دون محاكمة ويجب أن يكون هناك تحقيق." بحسب رويترز.

وذكرت اللجنة بعد زيارة للبلاد استمرت خمسة أيام أن المكسيك تعاني أزمة تتعلق بحقوق الإنسان إذ شهدت البلاد عمليات اختفاء قسري واعدام وتعذيب. وردا على نتائج اللجنة قال روبرتو كامبا نائب وزير الداخلية لشؤون حقوق الإنسان إن تقريرا استند إلى زيارة قصيرة وبحث حالات بعينها لا يمكنه أن يعكس الوضع العام في المكسيك.

إل تشابو يفلت مجددا

على صعيد متصل أفلت تاجر المخدرات المكسيكي الهارب من السجن خواكين "ال تشابو" غوسمان، وهو أحد أهم تجار المخدرات في العالم، مجددا من محاولات السلطات إلقاء القبض عليه، لكنه أصيب في الرجل والوجه خلال فراره. وأعلنت السلطات أن عمليات البحث لإلقاء القبض على غوسمان تتركز على شمال غرب البلاد وعلى مزرعة استهدفتها عملية اقتحام.

وقالت الحكومة في بيان إن غوسمان "قرر الفرار فجأة لتجنب أن يلقى القبض عليه وقد أصيب في الوجه والرجل" من دون أن تشير إلى مدى خطورة إصابته. وأوضحت القوى الأمنية أن الإصابة "غير ناجمة عن مواجهة مباشرة" معه. ويعتبر "ال تشابو" أخطر المطلوبين في المكسيك، وتطالب به الولايات المتحدة أيضا.

وذكرت محطة "ان بي سي نيوز" الأمريكية أن القوى الأمنية المكسيكية تمكنت من تحديد مكان تواجد غوسمان بعدما التقط عناصر أمريكيون بث هاتف نقال وتمكنوا من خلاله من معرفة أنه يختبئ في مزرعة قرب كوسالا في ولاية سينالوا في جبال سييرا مادري. وقام سلاح البحرية المكسيكية بعملية مجوقلة إلا أن رجال غوسمان فتحوا النار عليهم، على ما أوضحت "ان بي سي نيوز". وقاموا بعد ذلك بعملية إنزال وعثروا على هواتف وأدوية في المزرعة التي فر منها غوسمان ورجاله في سيارات رباعية الدفع.

وسبق أن أوقف "ال تشابو" مرتين وتمكن من الفرار في كل مرة. ففي 11 تموز/يوليو الماضي نجح تاجر المخدرات في الفرار بطريقة ملفتة من سجن يخضع لإجراءات أمنية مشددة. فقد استقل نفقا يمتد على 1,5 كيلومتر مستعينا بدراجة نارية مثبتة على سكك حديد لينهي رحلة الفرار في منزل قيد الإنشاء في وسط الحقول.

وحصلت محطة "تيليفيسا" المكسيكية بشكل حصري على شريط فيديو لعملية فرار "ال تشابو" وبثته. ويظهر الشريط زنزانة تاجر المخدرات لدى فراره من سجن ألتيبلانو وعملية الفرار التي استمرت 40 دقيقة. وأفادت مصادر في الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات بأن "ال تشابو" انتقل بعد فراره إلى منطقة جبلية في ولاية سينالوا حيث ولد قبل 58 عاما والتي تشكل معقل الكارتل الذي يتزعمه. بحسب فرانس برس.

ويعتبره سكان المنطقة محسنا إذ كان يوفر العمل للمزارعين ويرسل المواد الغذائية إلى مآوي العجز ويقدم هدايا إلى الأطفال بمناسبة عيد الميلاد. وقد خصصت مكافأة قدرها 3,8 ملايين دولار لمن يقدم أي معلومة تساعد على توقيف غوسمان الذي سيحول المخرج ريدلي سكوت حياته إلى فيلم سينمائي.

العنف والسياحة

في السياق ذاته شكلت مدينة اكابولكو إحدى الوجهات المفضلة لمشاهير هوليوود في خمسينات القرن الماضي... لكن هذه المدينة الشهيرة على سواحل المحيط الهادئ هجرها السياح الاجانب بعدما استحالت عاصمة الجريمة في المكسيك. وتشهد اكابولكو يوميا ما بين جريمتين الى ست جرائم قتل بحسب السلطات القضائية في ولاية غيريرو، في جرائم منسوبة غالبا الى عصابات تجارة المخدرات.

وقد ترك مشهد قفزات الغواصين من اعلى منحدر كيبرادا الصخري عند الغروب مكانه ليبدل تدريجا بصور الجثث التي تكتشف يوميا في المدينة. وجذب العثور على جثة تسبح بالدم محاطة بـ20 طلقة نارية اهتمام الفضوليين الذين التقطوا الصور بهواتفهم المحمولة من أمام احد مستشفيات المدينة. وتهتف امرأة جاثية على ركبتيها امام جثة ابنها البالغ ثلاثين عاما والذي يعمل بائعا في متجر محلي "ابني بريء"، في حين يعمل المحققون على رفع بصمات وادلة من مسرح الجريمة. كما أن اعمال العنف في المدينة تطال المسؤولين المحليين ايضا. فقد قتل مسؤول بلدي اثناء تنقله في احد الشوارع الرئيسية على متن سيارته. وفي وقت سابق قتل عضو في المجلس البلدي لمدينة اكابولكو في وضح النهار اثناء توجهه الى ضاحية المدينة.

وأظهر استطلاع للرأي أن 88,5 % من سكان اكابولكو يشعرون بعدم الأمان في منطقتهم، اي اعلى نسبة في المكسيك. وبين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو 2015، قتل 336 شخصا على الاقل في اكابولكو اي بزيادة نسبتها 42 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي وفق ارقام رسمية نشرتها صحيفة "ايل اونيفرسال". وخلال الاشهر الثمانية الاولى من السنة الماضية، قتل اكثر من 500 شخص في المجموع بحسب هذه الصحيفة.

ومع ازدياد المواجهات بين العصابات الاجرامية بين سنتي 2008 و2012، بدأ عدد السياح الاجانب بالتراجع. في سنة 2009، قضى 30 الف طالب اميركي "اجازة الربيع" في اكابولكو. لكن بعد سنتين، تراجع الى 500 فقط. ويقول مدير احد فنادق المدينة طالبا عدم كشف اسمه "كنا نرى هؤلاء الشبان يسترخون في الفنادق والملاهي الليلية. ومع أن كثيرين ما كانوا يحبذون طريقة استمتاع هؤلاء، لكن عددا كبيرا اليوم يرغبون في عودتهم". وطلبت وزارة الخارجية الاميركية من مواطنيها حصر تنقلاتهم في اكابولكو بالمنطقة المحيطة بالجادة الرئيسية على ساحل المدينة.

ويقول ادريان مونتويا البالغ 25 عاما والموظف في متجر في المطار "لا نرى سياحا اجانب هنا. نرى الكثير من الاشخاص يعيشون في مكسيكو. الاجانب لا يأتون" الى اكابولكو. كذلك اصابت سهام التردي الامني في المدينة قطاع الرحلات البحرية. فقد وصلت سبع سفن سياحية فقط العام الماضي الى ميناء اكابولكو في مقابل اكثر من 150 سفينة قبل خمس سنوات. ويقر رئيس اتحاد وكالات السفر في اكابولكو خوان بدرو فالكون مورينو بأن "اي شركة للرحلات البحرية لا يمكنها ارسال سفن الى اكابولكو في غياب الامن". بحسب فرانس برس.

كما أن التجارة المحلية تضررت كثيرا بفعل التدهور الامني إذ ان 900 شركة على الاقل اقفلت ابوابها في حين لم يعد الكثير من الملاهي الليلية يفتح ابوابه سوى في فترات محددة خلال اوج الموسم السياحي، في حين اختارت مؤسسات اخرى الاستسلام للوضع ووقف انشطتها رضوخا لتهديدات عصابات الجريمة المنظمة. مع ذلك يأمل الرئيس الجديد لبلدية اكابولكو في عودة السياح الاجانب الى اكابولكو. ولهذه الغاية قرر تعزيز الامن في المنطقة السياحية في المدينة مستعينا بتعزيزات للدرك الوطني والشرطة الفدرالية وسلطات الولاية في اطار عملية مشتركة اطلق عليها اسم "درع اكابولكو".

اضف تعليق