q

تركيا اليوم وبسب سياسة أردوغان الفاشلة حالة من عدم الاستقرار الأمني، حيث اكد بعض الخبراء ان أردوغان الذي يسعى الى إحكام سيطرته المطلقة من خلال تغيير نظام الحكم في تركيا التي تعيش في محيط ملتهب بالحروب والصراعات، التي أثرت سلبا على هذه البلاد وجعلت منها هدف رئيسي لهجمات الخصوم والأعداء الذين ازدادوا بسبب السياسات والتحالفات والقوانين الخاطئة التي اتخذها الرئيس التركي خلال السنوات الماضية، ومنها دعم وتشجيع بعض التنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار، يضاف الى ذلك توسيع دائرة الحرب السياسية والعسكرية ضد الخصوم والمعارضين في داخل تركيا،

ويرى بعض المراقبين ان سياسات اردوغان ودعمه المستمر للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، ستعرض الأمن القومي التركي الى أخطار وتهديدات كثيرة، ولعل الخطر الأكبر الذي تواجهه تركيا التي تخوض حربا شرسة ضد الأكراد وخاصة حزب العمال الكردستاني الطامح لنيل الاستقلال عن الدولة التركية، وبحسب بعض المصادر هو دعم الدول العظمى للأكراد في سوريا، الساعين إلى إقامة حكم ذاتي مستقل في المناطق الكردية السورية الشمالية الممتدة على طول الحدود الجنوبية التركية.

واتساع نطاق الحرب الداخلية في تركيا، بعد اعلان الرئيس رجب طيب اردوغان الحرب على الارهاب داعش وحزب العمال الكردستاني كما يرى بعض الخبراء، سيؤدي الى زيادة التوتر الامني في تركيا، فقد توسعت العمليات العسكرية في شمال شرق البلاد واعلنت الاحكام العرفية عدد من المدن، واتساع المواجهات المباشرة بين الجيش والاكراد، خصوصا بعد ازدياد العمليات الانتحارية والتفجيرات في عدة مدن تركية وخاصة السياحية منها.

الامن في تركيا

وفيما يخص اخر التطورات في تركيا فقد رفض رئيس الحكومة التركي بن علي يلدرم فكرة استئناف التفاوض مع حزب العمال الكردستاني وتبنى تنظيم "صقور حرية كردستان" المنبثق عن حزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي الهجوم الذي وقع في حي بايزيد في اسطنبول والذي راح ضحيته 11 قتيلا، وحذر التنظيم من ان تركيا لم تعد بلدا آمنا للسائحين.

وكانت سيارة مفخخة انفجرت عند مرور حافلة للشرطة على مقربة منها في حي بايزيد الواقع في قلب اسطنبول اثناء ساعة الذروة، وذلك في احدث هجوم في سلسلة من الهجمات شهدتها المدينة هذا العام. وتقع المنطقة التي شهدت التفجير على مقربة من منطقة سياحية شهيرة واحدى كبريات الجامعات التركية ومكتب رئيس بلدية اسطنبول.

وتعهد التنظيم في بيان نشره في موقعه الالكتروني بمواصلة تنفيذ الهجمات في كافة ارجاء تركيا، مضيفا بأنه لا يستهدف السائحين تحديدا ولكنهم قد يتعرضون للاذى جراء العمليات التي ينوي تنفيذها. وجاء في البيان "قد يفتقد البعض السلام، ولكننا بدأنا توا الحرب." ويذكر ان تركيا، وهي سادس اكبر مقصد للسياحة في العالم، تشهد تناقصا كبيرا في عدد السائحين نتيجة المخاوف الامنية إذ انخفض عدد السائحين القادمين الى اقل مستوى له منذ 17 عاما في نيسان / ابريل فيما شهد القطاع الفندقي تدهورا بلغ 70 بالمئة حسب الارقام التي نشرها القطاع.

وكانت السلطات التركية حملت التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم داعش مسؤولية هجومين انتحاريين وقعا في اسطنبول هذا العام، فيما يكثف المسلحون الاكراد من هجماتهم خارج المنطقة الجنوبية الشرقية من البلاد. وكانت العملية التفاوضية بين حزب العمال والحكومة التركية انهارت في تموز / يوليو الماضي مما ادى الى انهيار اتفاق وقف اطلاق النار بين الطرفين والذي ظل ساريا لاكثر من سنتين.

وكان للحرب المشتعلة في سوريا المجاورة دور في تأجيج الوضع في تركيا التي تقول إن حزب العمال الكردستاني - المدرج كتنظيم ارهابي من قبل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة علاوة على تركيا ذاتها - يقيم علاقات وثيقة مع ميليشيا "وحدات حماية الشعب" التي تقاتل داعش في سوريا. وأكد رئيس الحكومة التركية بن علي يلدرم بأن حكومته ترفض تماما استئناف العملية التفاوضية مع حزب العمال رغم ما وصفها بمحاولات الاخير احياء العملية السلمية. وعلى صعيد متصل، قالت مصادر عسكرية تركية إن طائرات حربية تركية قصفت منطقة داغليتشه في ولاية هكاري الجنوبية الشرقية المحاذية للحدود العراقية فقتلت بين 8 و10 من عناصر حزب العمال.

المعارضة الكردية

الى جانب ذلك بعد عام من دخول المعارضة التركية المؤيدة للأكراد البرلمان كحزب لأول مرة في استعراض لنضوج الديمقراطية التركية يكافح زعيم الحزب المحاصر بالمشاكل لإنقاذ مؤسسته من الطرد خارج الساحة السياسية. ووقع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يتهم حزب الشعوب الديمقراطي بارتباطه بالمسلحين الأكراد على مشروع قانون يحرم النواب من الحصانة من المقاضاة ولم يخف رغبته في توجيه اتهامات لأعضاء الحزب.

وقد تتسبب الخطوة في استئصال الحزب من البرلمان ويرى أنصار الحزب الإجراء استراتيجية مثيرة للسخرية لتعزيز حزب العدالة والتنمية الحاكم وفرص إردوغان في الفوز بالأغلبية التي يحتاجها لتغيير الدستور وتطبيق نظام حكم رئاسي. ويعتبر إردوغان حزب الشعوب الديمقراطي الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني. وقال صلاح الدين دمرداش المؤسس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي في تصريح من ديار بكر أهم مدن جنوب شرق تركيا وقلب الدعم الذي يحظى به الحزب "مع تقدمنا نحو نظام دكتاتوري لن نقبل أن نكون جزءا من المحاكمة التي يريدها إردوغان."

وقال دمرداش في مقابلة بعد ساعات من توقيع إردوغان على مشروع القانون "لن نلتزم بدعوة المدعي للإدلاء ببيان في محكمة إذا أرادوا اقتيادنا بالقوة فهذا طلبهم." ورغم اشتراك حزبي الشعوب الديمقراطي والعمال الكردستاني في قاعدة الدعم إلا أن الأول ينفي أي صلة له بالمتشددين. ودعا دمرداش مرارا لإنهاء العنف في جنوب شرق تركيا منذ انهيار وقف إطلاق النار في يوليو تموز الماضي.

ومن شأن مقاضاة أعضاء في ثالث أكبر حزب بالبرلمان أن يعمق الاضطراب في جنوب شرق البلاد المضطرب المتاخم لسوريا حيث وصلت الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين الأكراد إلى أشد مستوياتها منذ التسعينيات. وتنتشر الهجمات بشكل متزايد إلى مدن أخرى بالبلاد. وقال دمرداش إن القانون الذي أقره إردوغان والذي يمس 152 عضوا بالبرلمان من كل الأحزاب الأربعة يعارض الدستور وتعهد بالطعن فيه. ويخشى حزب الشعوب من احتمال سجن كل أعضائه تقريبا وأغلبهم بسبب آرائهم.

وقال "سنناضل نضالا مستميتا على الساحتين السياسية والقانونية لن نترك أبدا البرلمان بالكامل لحزب العدالة والتنمية. لقد حصلنا على مقاعدنا (البرلمانية) بالوسائل القانونية حصلنا عليها بأصوات الشعب." ويحظى نواب البرلمان حتى الآن بالحصانة من المقاضاة. ويسمح القانون الجديد للمدعين باتخاذ إجراءات ضد أعضاء البرلمان الذين يخضعون لتحقيقات حالية وأغلبهم من حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض.

ويتعين إرسال نحو 800 ملف إلى المحاكم خلال أسبوعين للشروع في مباشرة الدعاوى. وقاد دمرداش محامي حقوق الإنسان السابق الذي يتمتع بشخصية مؤثرة حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو حزيران 2015 وحصل فيها على عدد كاف من المقاعد حرم حزب العدالة والتنمية الذي أسسه إردوغان من الأغلبية للمرة الأولى في أكثر من عشرة أعوام.

وزادت شعبية حزب الشعوب منذ قاد دمرداش حملته معتمدا على برنامج تقدمي بعيدا عن القومية الكردية ليروق لقاعدة عريضة من الأقليات والمعارضين لحزب إردوغان. لكن بعد أسابيع من الانتخابات انهار وقف إطلاق النار الذي دام عامين ونصف العام وشن حزب العمال الكردستاني هجمات على قوات الأمن ونفذ الطيران التركي ضربات على معسكرات الحزب. واتهم دمرداش إردوغان بجر المنطقة للصراع مرة أخرى انتقاما من المكاسب السياسية لحزب الشعوب وهو الاتهام الذي نفاه إردوغان بقوة.

وفي نوفمبر تشرين الثاني فاز حزب العدالة بالأغلبية مرة أخرى بعد فشل جهود تشكيل حكومة ائتلافية وإعادة الانتخابات بينما تراجعت شعبية حزب الشعوب الديمقراطي. ووصف إردوغان انتخابات نوفمبر تشرين الثاني بأنها استفتاء على الاستقرار ورسالة للمتمردين الأكراد بأن العنف لا يمكن أن يتعايش مع الديمقراطية. بحسب رويترز.

ويرى أنصار حزب الشعوب أن إردوغان يسعى لاستكمال مهمته بمحو الحزب وقال دمرداش إن أي محاولة لإلقاء القبض على نواب الحزب ستكون غير قانونية وغير أخلاقية. وقال دمرداش "موقفنا ضد أي اعتقالات تنفذ بأوامر من إردوغان -الأوامر السياسية- هو الجلوس متحدين والقتال. سنواصل الدفاع عن مبادئنا أينما نكون."

اردوغان والنواب الالمان

في السياق ذاته حمل رئيس مجلس النواب الالماني (البوندستاغ) بعنف على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي اتهم نوابا من اصل تركي بدعم الارهاب واقترح تحليل دمهم بعد تصويتهم على الاعتراف بالابادة الارمنية. وقال نوربرت لامرت في المجلس الذي ناقش التصويت على القرار الذي يعترف بالابادة الارمنية "لم اتصور ان رئيسا منتخبا بصورة ديموقراطية يمكنه في القرن الحادي والعشرين ربط انتقاداته لاعضاء منتخبين ديموقراطيا في البوندستاغ الالماني بشكوك حول اصولهم التركية ووصف دمهم بالفاسد". واضاف "اعترض رسميا على شكوك (اردوغان) في ان اعضاء هذا البرلمان يعبرون عن آراء ارهابيين". بحسب فرانس برس.

ورأى اردوغان انه "يجب ان يحلل في مختبر دم النواب الالمان من اصل تركي" الذين صوتوا لمصلحة الاعتراف بالابادة الارمنية من اجل التحقق من اصولهم. وهاجم خصوصا جيم اوزديمير احد الذين يقفون وراء النص واحد مسؤولي حزب الخضر المدافع عن البيئة في المانيا. وفي رسالة مفتوحة الى الرئيس التركي نشرها الموقع الالكتروني لمجلة دير شبيغل الالمانية، اكد رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز انه اطلع "بقلق كبير" على تصريحات اردوغان.

وقال "بصفتي رئيسا لبرلمان متعدد القوميات والاتنيات والديانات، اسمحوا لي بتوضيح التالي: ممارسة النواب لمهامهم بحرية يشكل قاعدة اساسية لديموقراطياتنا الاوروبية". وحذر من انه عندما "يمارس اعلى مسؤول في دولة اخرى" ضغوطا على حق النواب في ممارسة مهامهم كما يرونه مناسبا فان ذلك "لا يمكن ان يستمر طويلا بدون عواقب على العلاقات".

اضف تعليق