في ظل اتساع رقعة الارهاب والتطرف الديني في العديد من دول العالم، سعت الولايات المتحدة الامريكية الى تكثيف جهودها الخاصة في محاربة الارهاب ومواجهة المجاميع والتنظيمات المتطرف ومنها داعش والقاعدة، ووضعت امريكا استراتيجية محاربة الارهاب وكما تنقل بعض المصادر بعد احداث 11/ ايلول 2001 حيث رافقتها حملات واسعة ومتنوعة عسكرية وسياسية واعلامية ودبلوماسية ومالية، لاتزال مستمرة وقد تطول خصوصا وان الولايات المتحدة الامريكية قد اكدت ان محاربة الاهاب قد تستغرق فترة زمنية طويلة، الامر الذي اثار الكثير من التكهنات
حول حقيقة هذه الحرب، التي تهدف وبحسب البعض الى رسم خارطة جديدة لضمان استمرار زعامة الولايات المتحدة الأمريكية وتأمين مصالحها المرتبطة ببقاء واتساع الارهاب وحركات التطرف، التي ستكون ايضا من اهم واخطر المشكلات والتحديات التهدد امن واستقرار الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد اليوم وبحسب بعض المراقبين العدو الأول لجميع التنظيمات الارهابية الخطيرة التي ستعمد من خلال تجنيد عناصر موالية، الى استهداف وضرب مصالح امريكا او القيام بعمليات ارهابية داخل أرضيها.
وفيما يخص بعض تطورات هذا الملف فقد اعرب وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر عن ثقته بان الدول المشاركة في القتال ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق ستدفع بمزيد من الامكانات العسكرية الى ميدان المعركة. وعقب اجتماع لوزراء دفاع الدول المشاركة في التحالف ضد التنظيم المتطرف، قال كارتر ان "هناك ادراكا مشتركا ان علينا جميعا ان نكون مستعدين لتقديم المزيد". واكد انه "واثق بان اجتماع اليوم سيثمر التزامات عسكرية اضافية".
وبحث وزراء الدفاع في اجتماعهم في مقر القيادة الاميركية الاوروبية في شتوتغارت مساهمات بلدانهم الاقتصادية والعسكرية في الحملة ضد التنظيم المتطرف. وصرح كارتر للصحافيين "الانتصار يتطلب المزيد. سننتصر ولكن علينا جميعا ان نقدم المزيد". واضاف "هذا القتال لم ينته بعد، وينطوي على مخاطر كبيرة". الا انه تدارك ان "السماح لداعش بالحصول على ملاذ امن يحمل مخاطر اكبر بكثير. ولتسريع الحاق هزيمة دائمة بداعش، على الجميع بذل مزيد من الجهود".
الهجمات الإرهابية
في السياق ذاته قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن عدد الهجمات الإرهابية في أنحاء العالم تراجع العام الماضي للمرة الأولى منذ 2012. وأضافت الوزارة في تقريرها عن الإرهاب العالمي والذي يرصد الاتجاهات في العنف السياسي أن الهجمات الإرهابية تراجعت بنحو 13 في المئة مقارنة بعام 2014 في حين انخفض عدد قتلى الأنشطة الإرهابية بنحو 14 في المئة.
وقال جوستين سايبريل القائم بعمل منسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب إن التراجع جاء نتيجة انخفاض الهجمات في العراق وباكستان ونيجيريا. وأضاف أن أكثر من 55 في المئة من الهجمات المنسوبة لإرهابيين العام الماضي وقعت في خمس دول هي العراق وباكستان والهند وأفغانستان ونيجيريا. وقال إن الهجمات الإرهابية زادت في أفغانستان وبنجلادش ومصر والفلبين وسوريا وتركيا وكذلك أعداد القتلى.
وجاء في التقرير أن "خطر الإرهاب العالمي استمر في التطور سريعا عام 2015 ليصبح منتشرا ولا مركزيا على نحو متزايد." وأضاف "رغم وقوع هجمات إرهابية في 92 دولة في 2015 فإنها كانت مركزية على نحو كبير من الناحية الجغرافية مثلما كانت خلال السنوات العديدة المنصرمة." وأظهرت بيانات أعدتها جامعة ماريلاند لوزارة الخارجية الأمريكية وقوع 11774 هجوما إرهابيا في انحاء العالم خلال العام سقط خلالها أكثر من 28300 قتيل بالإضافة إلى نحو 35300 مصاب. بحسب رويترز.
وقال التقرير إن تنظيم داعش يمثل الخطر الإرهابي الأكبر عالميا رغم الخسائر الجسيمة التي مني بها في العراق وسوريا العام الماضي ممثلة في فقدان الكثير من الأراضي. لكن التقرير أشار إلى أن التنظيم حقق مكاسب في ليبيا التي يوجد له بها نحو 5000 مقاتل. وعلى غرار الأعوام السابقة وصف التقرير إيران بأنها أكبر راع للإرهاب في العالم وقال إن طهران تدعم الصراعات في سوريا والعراق وضالعة في أعمال العنف التي تقوم بها المعارضة الشيعية في البحرين.
هجمات إرهابية محتملة
على صعيد متصل حذرت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها من هجمات إرهابية محتملة في أوروبا هذا الصيف وقالت إن الأهداف قد تشمل بطولة أوروبا لكرة القدم في فرنسا لكن مسؤولا أمريكيا قال إنه لا توجد معلومات محددة بشأن التهديد. وتزايد القلق بشأن الأمن في أوروبا منذ هجمات باريس التي وقعت يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني وأسفرت عن مقتل 130 شخصا بالإضافة إلى هجمات بروكسل يوم 22 مارس آذار وأسفرت عن مقتل 32 شخصا.
وقالت الخارجية الأمريكية في تحذير بشأن السفر ينتهي أجله في 31 أغسطس آب "نحذر المواطنين الأمريكيين من خطر هجمات إرهابية محتملة في أنحاء أوروبا تستهدف مناسبات رئيسية ومواقع سياحية ومطاعم ومراكز تجارية ووسائل النقل." وتصدر الوزارة تحذيرات بشكل روتيني تتعلق بدول وأحيانا تتعلق بقارة كاملة أو العالم كله حتى إذا لم يكن لديها معلومات محددة بشأن تهديد تتعرض له أهداف بعينها.
وصدر آخر تحذير بشأن أوروبا يوم 22 مارس آذار عقب هجمات بروكسل. وقال مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم نشر اسمه إن الوزارة ليس لديها معلومات بشأن تهديد محدد أدت إلى تحذير السفر الأخير إلى أوروبا. وأضافت الوزارة أن "العدد الكبير من السياح الذين يزورون أوروبا في شهور الصيف سيمثل أهدافا أكبر للإرهابيين الذين يخططون لهجمات في الأماكن العامة خاصة في المناسبات الكبيرة."
وأشار التحذير إلى أن فرنسا ستستضيف بطولة أوروبا لكرة القدم 2016 خلال الفترة من العاشر من يونيو حزيران وحتى العاشر من يوليو تموز. وأضاف أن الحكومة الفرنسية مددت حالة الطوارئ التي فرضت بعد هجمات باريس يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني حتى 26 يوليو تموز لتشمل بطولة سباق فرنسا للدراجات الذي يبدأ في الثاني من يوليو تموز وينتهي يوم 24 من نفس الشهر. بحسب رويترز.
وقالت الخارجية الأمريكية "ملاعب بطولة أوروبا ومناطق المشجعين والمناطق الترفيهية غير الرسمية لإذاعة البطولات في فرنسا وفي أنحاء أوروبا تمثل أهدافا محتملة للإرهابيين وأيضا المناسبات الرياضية الكبيرة الأخرى وأماكن التجمع العامة في أنحاء أوروبا." وأضافت أن من المتوقع أن يجتذب يوم الشباب العالمي الذي تنظمه الكنيسة الكاثوليكية ما يصل إلى 2.5 مليون زائر في كراكوف في بولندا من 26 إلى 31 يوليو تموز. وقالت إن البنية التحتية المحلية ربما تتعرض لضغط كبير بسبب أعداد الزائرين الضخمة لبولندا. وقالت الوزارة "ستفرض بولندا ضوابط على الحدود في كل حدودها الوطنية من الرابع من يوليو وحتى الثاني من أغسطس ويتعين على زائري بولندا في هذه الفترة أن يكونوا مستعدين لإظهار جوازات سفرهم والخضوع لفحص أمني أكثر صرامة في أنحاء بولندا."
سياسة اوباما
الى جانب ذلك وعندما تعلن الساعة انتهاء ولاية الرئيس باراك اوباما في كانون الثاني/يناير المقبل، تكون خمس سنوات قد مرت على انسحاب آخر الجنود الاميركيين من العراق. لكن شيئا فشيئا، تعود القوات الاميركية الى المنطقة، في اطار السياسة الاميركية لمكافحة تنظيم داعش. واعلن اوباما ان 250 عسكريا اميركيا بينهم قوات خاصة سيعودون الى شمال سوريا، اضافة الى 50 عنصرا من الكوماندوس الذين يقومون بتدريب الفصائل المقاتلة.
وقال وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر ان 217 عنصرا من القوات الاميركية سيتوجهون الى العراق كمستشارين، ما يرفع العدد الرسمي للقوات الموجودة في العراق الى 4,087 عنصرا. ويقول المنتقدون ان "الزحف المتدرج" في الحرب لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، بطيء جدا ومتأخر جدا. وقال السناتور جون ماكين، الجمهوري المنتقد لخطط اوباما الحربية، "ان نشر 250 عنصرا اضافيا من القوات العسكرية الاميركية في سوريا تطور مرحب به، لكنه متأخر كثيرا وغير كاف في النهاية". واضاف "خطوة اخرى مترددة على الطريق الخطير المتمثل بالزيادة المتدرجة لن يمحو الضرر في سوريا الذي كانت هذه الادارة شاهدا سلبيا عليه".
وبرز تنظيم داعش في العراق وسوريا في 2014 وسط فوضى سياسية في المنطقة أججتها حرب في سوريا اودت بحياة اكثر من 270 الف شخص. ويرفض اوباما الذي لعب وعده بسحب القوات الاميركية من العراق وافغانستان دورا بارزا في انتخابه رئيسا، توريط الولايات المتحدة في حرب برية اخرى في المنطقة. وفيما يعتبر التواجد العسكري الاميركي في العراق ضئيلا جدا مقارنة بعدد القوات في اوج الحرب العراقية عندما نشرت الولايات المتحدة نحو 160 الف جندي في البلاد، لكنه يعد اختبارا لوعد اوباما. في سوريا، تتعلق الخطة الاميركية بتدريب قوات كردية وعربية لمحاربة التنظيم. وفي العراق، يعمل المستشارون مع قوات الامن العراقية. ومهمة المستشارين الاميركيين ليست على الجبهات الامامية للقتال. وقالت ادارة اوباما انها لا ترسل قوات مقاتلة، ولو ان قوات اميركية انخرطت في معارك محدودة، فيما قتل عسكريان اميركيان في العراق اخيرا.
وقال الضابط السابق في وكالة الاستخبارات الاميركية المركزية (سي آي ايه) باتريك سكينر الذي يعمل حاليا لدى مجموعة صوفان الاستشارية "لن نرى كتيبة اميركية تخوض معارك، بل مستشارين في وسط المعارك". واشار الى ان اصغر هدف والقاضي بتدريب قوات محلية لقتال تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا سوف يفشل، بسبب الفوضى في البلاد. وقال "لم ينجح هذا الامر. تقديم التدريب والاستشارة للخروج من حرب اهلية لم ينجح على الاطلاق". واضاف "لم ينجح ذلك عندما كانت لدينا موارد غير محددة واموال في العراق وافغانستان. والان نحاول القيام بذلك وسط حرب مستعرة ليس لدينا فيها حتى حليف".
ويعتقد عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ماك ثورنبيري ان اوباما يعيق البنتاغون في حربه ضد تنظيم داعش. وقال ثورنبيري للصحافيين في وزارة الدفاع ان "وصف ذلك بالزحف المتدرج صحيح تماما". واضاف "عندما تفعل ذلك يعطى العدو فرصة للتكيف، ولمهمته ان تستمر وتتوسع، ويجعل النجاح بنهاية الامر أكثر صعوبة، ويثبط عزيمة حلفاءك".
واكد متحدث باسم البنتاغون بيتر كوك ان الاستراتيجية تعتمد على النجاح اكثر منها على "عملية زحف". وقال كوك "شاهدنا زخما في الاسابيع القليلة الماضية، رأينا ما كتب له النجاح، وهذه الخطوات تعكس قرارات مبنية على النجاح على الارض. نريد البناء على هذا النجاح". واضافة الى الجنود، قال كارتر ان الولايات المتحدة عرضت استخدام مروحيات اباتشي لدعم عملية عراقية مستقبلية لاستعادة الموصل في غرب العراق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف في 2014.
ويركز التحالف بقيادة الولايات المتحدة في حربه ضد تنظيم داعش على ضربات الطائرات والطائرات بدون طيار. وشدد كارتر على اهمية العمل مع الاهالي للمساعدة في تحديد الاهداف. ونفذت طائرات التحالف والطائرات بدون طيار نحو 12 ألف ضربة جوية وسددت للجهاديين بعض اقوى الضربات، ما ساهم في استعادة مدينة الرمادي العراقية. غير ان المتطرفين لا يزالون يسيطرون على اجزاء واسعة من العراق وسوريا، كما توسعوا في ليبيا. بحسب فرانس برس.
ويتزايد الضغط على اوباما لوقف اراقة الدماء في الدول التي تشهد نزاعات، من داخل الولايات المتحدة ومن الحلفاء الاوروبيين الذين يريدون وقف التدفق الكبير للاجئين. ودعاه الكثيرون الى اقامة منطقة حظر طيران لوقف الغارات التي ينفذها مثلا النظام السوري. غير ان اوباما يصر على ان هذا الاجراء غير عملي ومكلف ويتطلب اعدادا كبيرة من القوات للسيطرة على مساحة من سوريا.
اتهامات واحكام
في السياق ذاته أضيفت اتهامات جديدة بالإرهاب لمراهق أمريكي متهم أصلا بدعم تنظيم داعش حيث قال الادعاء إنه نشر على الإنترنت أسماء لنحو مئة من أفراد الجيش الأمريكي وحث متابعيه على قتلهم. وتشير وثائق الاتهام في محكمة اتحادية في هاريسبرج بولاية بنسلفانيا إلى أن جليل عزيز (19 عاما) استغل حساب تويتر لنشر أسماء عناصر من الجيش الأمريكي وعناوينهم وصورهم.
وتقول السلطات إن عزيز حث متابعيه على "قتلهم بأيديهم ونحرهم في بيوتهم وطعنهم حتى الموت وهم يتنزهون في شوارعهم ظنا أنهم آمنون." وقال توماس ثورنتون محامي عزيز أن المعلومات كانت منشورة بالفعل على الإنترنت من قبل أنصار داعش وأكد أن الاتهامات الجديدة تستند إلى نفس الأساس الذي بني عليه الاتهام الأول. بحسب رويترز.
وأضاف المحامي "كل هذه الاتهامات جاءت من مزاعم بأن السيد عزيز استخدم هاتفه من داخل غرفته بمنزله." واعتقل عزيز في ديسمبر كانون الأول الماضي بناء على تهم بأنه حاول مساعدة آخرين للسفر إلى الشرق الأوسط للانضمام للمقاتلين في التنظيم الذي يسيطر على مساحات من أراضي سوريا والعراق.
من جانب اخر حكم القضاء الاميركي بالسجن اربعين عاما على مصمم غرافيك فيتنامي الاصل عضو في القاعدة تدرب لدى الشبكة المتطرفة في اليمن وخطط لتنفيذ هجوم في مطار هيثرو اللندني. واصدرت محكمة مانهاتن حكمها على الفيتنامي مينه فام (33 عاما) بعد خمسة اشهر على اعترافه بالاتهامات الموجهة اليه "بالارهاب". وقد اجهش بالبكاء في المحكمة في نيويورك عند سماعه الحكم القاسي.
وكان فام الذي اعتنق الاسلام وغادر فيتنام عندما كان رضيعا الى بريطانيا حيث امضى الجزء الاكبر من حياته، سافر الى اليمن في كانون الاول/ديسمبر 2010 ليتلقى تدريبا عسكريا لدى تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. وقد عاد الى بريطانيا في تموز/يوليو 2011 بعدما عرض تنفيذ هجوم انتحاري وتدرب على التفجير وسط المدنيين القادمين من اسرائيل واميركا الى مطار هيثرو، كما قال للمحكمة. وقد ترك في بريطانيا زوجته الحامل في شهرها الثامن. وقال فام للقاضية اليسون ناثان "ارتكبت خطأ فادحا". واضاف "آسف على ذلك. لست معتادا على النظام الاميركي وعلى قسوة هذا الحكم". وكان فام اوقف في بريطانيا قبل ان يتمكن من تنفيذ مشروعه ثم سلم الى الولايات المتحدة حيث وجهت اليه التهم.
اضف تعليق