أكدت وسائل إعلام أميركية أن السعودية متهمة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 أيلول/سبتمبر/2001م في واشنطن ونيويورك.
وكانت صحيفة التلغراف البريطانية قد نشرت تقريراً حول الوهابية السعودية وعلاقتها بنشر الإرهاب في مختلف دول العالم، مؤكدة أن هذا الفكر المتشدد استطاعت أيديولوجيته أن تغزو عدداً من البلدان في العالم.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن جذور "داعش" تعود إلى الوهابية، ذلك الفكر المتطرف المحافظ من الإسلام السُني الذي يمارس في السعودية منذ القرن الـ18".
وأشارت الصحيفة إلى أن الوهابية لها الآن تأثير في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أنه في تموز 2013، تم تحديد الوهابية من قبل البرلمان الأوروبي في "ستراسبورغ" كمصدر رئيسي للإرهاب العالمي.
هجمات 11 سبتمبر الإرهابية
اليوم يبدو أن شبح المسؤولية عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر ما يزال يطارد السعودية، ويبدو أن العلاقة التاريخية بين أميركا وحليفتها السعودية تمر بأسوأ حالاتها، خاصة بعدما أوصل وزير الخارجية السعودية عادل الجبير بنفسه رسالة "تهديد" إلى واشنطن الشهر الماضي، مفادها بأن الرياض ستبيع أصولها المالية المقدرة بـ 750 مليار دولار في الولايات المتحدة إذا مرر الكونغرس مشروع قانون عن هجمات نيويورك.
وذكرت صحيفة النيويورك تايمز أن السعودية هددت واشنطن في حال مرر مشروع قانون مقاضاة المملكة ستبيع 750 مليار دولار سندات واذون خزانة وأسهم.
ويسمح مشروع القانون الذي يجري الحديث عن احتمال تمريره في الكونغرس، بمقاضاة الحكومة السعودية ومسؤولين سعوديين بتهم الضلوع في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، وفق ما نشرت صحيفة نيويورك تايمز.
الرئيس أوباما الذي سيزور الرياض هذا الأسبوع لا يرغب في مواجهة قد يكون ثمنها باهظاً على البلدين، لهذا فهو يضغط، وفقاً للصحيفة الأميركية، على أعضاء الكونغرس لإغلاق الملف وعدم تمرير مشروع القانون، إلا أن المهمة لا تبدو سهلة، خاصة وأن أعضاء بارزين مثل المرشح الجمهوري تيد كروز يدعمون مشروع القانون الذي تضغط عائلات الضحايا من أجل دفع الكونغرس لتمريره.
تقول الصحيفة نقلاً عن مسؤول في البيت الأبيض إن التهديد السعودي ببيع الأصول سيكون محل نقاش معمق بين المشرعين الأميركيين ومسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع، محذراً من التداعيات الاقتصادية والدبلوماسية في حال مرر الكونغرس مشروع القانون.
تحذيرات المسؤول الأميركي تأتي رغم أن بعض صناع القرار والخبراء الأميركيين يرون أن التهديد السعودي غير قابل للتطبيق لما له من تداعيات مدمرة على الاقتصاد السعودي ذاته، وسيؤدي إلى انخفاض العملية الرسمية للرياض والتي ترتبط قيمتها بالدولار الأميركي الذي سيتأثر في حال نفذت الرياض تهديداتها.
وتسعى الرياض بهذه الخطوة الاستباقية منع تمرير القانون، لكنها في ذات الوقت تخشى على أصولها المالية التي في حال قضت محكمة أميركية بمسؤولية الرياض عن الهجمات ستتعرض إلى المصادرة أو التجميد.
عائلات الضحايا
عائلات ضحايا هجمات أيلول/سبتمبر تصر على تحميل السعودية المسؤولية عن مقتل ذويهم وتطالب بالتعويض، وتضغط على أعضاء الكونغرس لتمرير مشروع القانون المثير للجدل.
وكان القضاء الأميركي قد رفض في أيلول/سبتمبر 2015 دعوى قضائية أقامتها عائلات الضحايا ضد السعودية، حيث قال قاضي المحكمة الجزائية الأميركية في مانهاتن حينها جورج دانيلز، إن السعودية لديها حصانة سيادية من مطالب التعويض من عائلات حوالي 3000 شخص قتلوا في تلك الهجمات، ومن شركات التأمين التي غطت الخسائر التي مني بها أصحاب برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وشركات أخرى.
وإذا أقر مشروع قانون 11/سبتمبر، فسترفع الحصانة السيادية عن السعودية. وواشنطن تهدد بنشر 28 صفحة عن دور السعودية في احداث 11 سبتمبر بعد 60 يوم.
وكانت تلك العائلات ومحامون قد استندوا في اتهاماتهم للسعودية، إلى شهادة حصلوا عليها من زكريا موسوي وهو نشط سابق في القاعدة، حكم عليه بالسجن عن دوره في الهجمات.
وقال محامو عائلات الضحايا إن أحد معيقات الحصول على قرار قضائي هو قرار الحكومة الأميركية الإبقاء على سرية أدلة قد تكون في صالح قضيتهم.
ويسري في الولايات المتحدة الأميركية قانون يعود إلى عام 1976 يقضي بعدم محاكمة الجهات الحكومية للدول الأجنبية في المحاكم الأميركية لما يتمتعون به من حصانة بموجب هذا القانون.
هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، نفذها 19 عنصرا من تنظيم القاعدة غالبيتهم من الجنسية السعودية، حيث تتهم أوساط أميركية مسؤولين وعائلات سعودية بتقديم دعم مالي لهذا التنظيم.
إدانة دولية
نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في الشهر الماضي، تقريراً مطولاً كشفت فيه، استنادا إلى محاضرة ألقاها الرئيس السابق للمخابرات البريطانية الخارجية (MI6) ريتشارد ديرلوف، الأسبوع الماضي، ولم تحظَ بتغطية الإعلام البريطاني، أن السعودية ساعدت "داعش" في الاستيلاء على شمال العراق باعتبار ذلك جزءا من عملية أوسع لإبادة الشيعة وتحويل حياتهم إلى ما يشبه حياة اليهود في ظل النازيين الألمان.
من جهتها، ذكرت رويترز أن البرلمان طلب من الحكومة الهولندية تطبيقاً صارماً لحظر السلاح، وعدم منح تراخيص للصادرات ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تستعمل لانتهاك حقوق الإنسان، مستندا في ذلك إلى تقرير أصدرته الأمم المتحدة، في 22 كانون الثاني الماضي عن لجنة الخبراء بشأن اليمن، ومواصلة السعودية تنفيذ أحكام الإعدام كأسباب للحظر.
ويسعى تصويت البرلمان الهولندي بشكل فعلي إلى تطبيق قرار صدر عن البرلمان الأوروبي في شباط الماضي يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى الرياض.
وهولندا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي يطالب فيها النواب بوقف تصدير الأسلحة إلى النظام السعودي، حيث كان زعيم حزب العمال البريطاني (جيريمي كوربين) أورد خلال جلسة في البرلمان البريطاني، في كانون الثاني الماضي، بيانات تشير إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن “يوجه ضربات جوية تستهدف السكان المدنيين والمواقع المدنية”.
وأوضحت "الديلي تلغراف" أن الوهابية أصبحت مؤثرة على نحو متزايد في بعض البلدان، وذلك بسبب المال السعودي من ناحية، والتأثير المركزي السعودي نظرا لتواجد مكة المكرمة بها من ناحية أخرى.
ولفتت الصحيفة البريطانية الى أن المفتي العام في السعودية، أدان مؤخراً أفعال "داعش" مشدداً على أن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب لا تنتمي إلى الإسلام بأي شكل من الأشكال.
واعتبرت "التلغراف" أن هذه الإدانة تدعو إلى الاندهاش وتعكس المفارقة الكبيرة بالرياض، حيث يصفق أفراد الطبقة الحاكمة السعودية للوهابية ويعتزون بها، لا لشيء سوى لأنها تقوّي السلفيين الذين يتبعون الممارسات المتشددة ضد أصحاب المذهب الشيعي.
وقالت الصحيفة البريطانية إنه بمساعدة من تمويل صادرات النفط وعوامل أخرى، بدأت الجمعيات "الخيرية" السعودية في مطلع عام 1970 بتمويل المدارس الدينية والمساجد في جميع أنحاء العالم لنشر الفكر الوهابي.
وقدرت وزارة الخارجية الأمريكية أنه على مدى العقود الأربعة الماضية أنفقت السعودية أكثر من 10 بليون دولار على "المؤسسات الخيرية" في محاولة لاستبدال التيار السُني بآخر متعصب يلتزم بالوهابية، ويقدر مسؤولو استخبارات الاتحاد الأوروبي أن 15 – 20 في المائة من هؤلاء انضموا إلى تنظيم القاعدة وباقي الجماعات الإرهابية الأخرى.
في عام 1925 استولت الوهابية على مكة المكرمة، وتم استقطاب الشباب العاطلين عن العمل للإندماج في الفكر الوهابي واحتضان السلفية، فضلاً عن فرض العقوبات الوهابية اليوم.
وأكدت "التلغراف" أن فكر الوهابية تنتهجه الآن جماعات بوكو حرام و"داعش"، حيث أدى هذا الفكر إلى ظهور خلايا من الناشطين خارج السعودية، على استعداد لارتكاب اعتداءات إرهابية مثل تلك التي شوهدت في بيروت، وباريس وبروكسل ولاهور مؤخراً.
اضف تعليق