الاوضاع الامنية المتدهورة في الاراضي المحتلة جراء تصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي ضد ابناء الشعب والمقدسات في فلسطين، لاتزال وبحسب بعض المراقبين محط اهتمام واسع خصوصا وان التطورات واعمال العنف الاخيرة، قد ادت الى مقتل وجرح العشرات من المدنيين الفلسطينيين نتيجة العدوان الإسرائيلي الوحشي المستمر، الامر الذي اثار مخاوف وقلق العديد من الحكومات والمنظمات الحقوقية التي تخشى من تفاقم الازمة الحالية وخروجها عن السيطرة، حيث شهدت الارضي الفلسطينية مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي استنفرت كل طاقاتها على خلفية تدهور الأوضاع في القدس وهو ما ينذر باندلاع انتفاضة جديدة، كما هددت الفصائل الفلسطينية بأنها لن تصمت طويلا أمام الاقتحامات والاستفزازات الإسرائيلية المستمرة للمسجد الأقصى.
ويخشى الفلسطينيون من محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ عام 1967 والذي يسمح للمسلمين بدخوله في أي وقت في حين لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة دون الصلاة فيه. وفيما يخص بعض تلك التطورات فقد استشهد اكثر من 100 مواطن فلسطيني، بينهم 22 طفلا و4 سيدات، وأصيب ما يزيد عن 12 الفا آخرين برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين اليهود، في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ اندلاع انتفاضة القدس مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان لها أن 12 الف مواطن أصيبوا بينهم ثلاثة آلاف بالرصاص الحي والمطاطي، فيما أصيب نحو 9 الاف بحالات اختناق إثر استنشاقهم الغاز المسيل للدموع.
من جانبه أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تكثيف الإجراءات الأمنية، في محاولة لوقف "الإرهابيين" حسب قوله، إثر مقتل إسرائيلي في عملية طعن، في حين قتل ثلاثة فلسطينيون على يد الأمن الإسرائيلي بدعوى محاولات اعتداء. وسيطلق نتانياهو العنان لقوات الأمن والجيش قائلا في بيان "من أجل تعزيز وتيرة حربنا على الإرهابيين، لن نفرض أي قيود على أنشطة جيش الدفاع والأجهزة الأمنية، وسنقوم بشق طرق التفافية خاصة بالإسرائيليين".
تصاعد العنف والدعوة للهدوء
من جانب اخر طعن فلسطيني جنديا إسرائيليا في محطة للوقود بالضفة الغربية المحتلة فقتله وهاجمت فتاتان فلسطينيتان رجلا مسنا في القدس فأصابتاه بجراح طفيفة باستخدام مقص قبل أن يطلق عليهما شرطي النار فيقتل واحدة. وقال الجيش الإسرائيلي إن فلسطينيا قتل رميا بالرصاص قرب نابلس بالضفة الغربية بعد اقترابه من الجنود بسكين، وذلك في يوم تصاعد فيه العنف بسرعة وكان الأحدث في تطورات بدأت قبل أسابيع وشهدت عمليات طعن وإطلاق نار ودهس بالسيارات.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الفلسطيني القتيل يبلغ من العمر 16 عاما. وقالت الوزارة أيضا إن فلسطينية عمرها 18 عاما أصيبت بجراح خطيرة في الحادث لكنها لم تقدم أي تفاصيل أخرى. وتحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بحذر عن أحدث مهامه. وقال "هذه محاولة لرؤية إن كان بوسعنا تحقيق بعض الخطوات الملموسة- وربما البدء بإنجازها - فربما يسهم هذا في تهدئة الأوضاع بعض الشيء حتى لا يعيش الناس في رعب كامل يوميا خشية تعرضهم للطعن أو الدهس أو إطلاق النار وهم يتجولون في مدينتهم."
وأضاف "يحدث كل يوم تقريبا وهذا مروع.. وقتل كثير من الإسرائيليين وطعنوا وكذلك كثير من الفلسطينيين... ولا مبرر لأي عمل من أعمال العنف." وقتل العشرات من الفلسطينين في موجة العنف المستمرة منذ أول أكتوبر تشرين الأول وسقط بعضهم أثناء تنفيذ هجمات وآخرون في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية. وقتل 20 إسرائيليا وطالب أمريكي في هجمات شنها فلسطينيون.
وهذه أسوأ موجة عنف تضرب المنطقة منذ حرب غزة العام الماضي وأثارت حديثا عن انتفاضة فلسطينية جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي. واستمرت الانتفاضة الأولى بين 1987 و1993 واندلعت الثانية في 2000 وحتى 2005 رغم أن كلتيهما كانتا أكثر عنفا وسقط في كل منهما عدد أكبر من الضحايا عن الأحداث الحالية. وقال كيري إن واشنطن "مستعدة تماما للعمل ولديها أفكار بشأن كيفية المضي قدما" من أجل وقف العنف. لكنه حذر قائلا "الناس ليست في مزاج يسمح بتقديم تنازلات."
ووقع هجوم القدس في شارع يافا وهو طريق مزدحم قرب السوق. واستخدمت الفتاتان الفلسطينيتان- إحداهما في الرابعة عشرة والثانية في السادسة عشرة- مقصا لطعن رجل عمره 70 عاما فأصيب بجراح قبل أن يتضح أن المصاب فلسطيني وليس إسرائيليا. ومن المؤكد أن مقطع فيديو نشر بموقع واي نت الإخباري الإسرائيلي الشهير سيثير تساؤلات عما إذا كان شرطي عابر بالمنطقة قد استخدم القوة المفرطة للسيطرة على الفتاتين بعد الهجوم.
وفي محطة الوقود بالضفة الغربية على طريق يستخدمه الإسرائيليون عادة للسفر بين القدس وتل أبيب طعن فلسطيني اثنين من الإسرائيليين فقتل أحدهما قبل أن يرديه الجنود قتيلا بالرصاص. وأصابت رصاصات أطلقها الجنود سيارة مارة فلحقت إصابات طفيفة بسائقها الإسرائيلي. وأظهرت لقطات من دائرة تلفزيونية مغلقة نشرها موقع واي. نت لعملية الطعن في القدس الفتاتين الفلسطينيتين وقد رفعت كل منهما ذراعها اليمنى وأشارتا بما يشير لتنفيذ عملية طعن وهما تتقدمان باتجاه رجل بدا أنه يسحب مسدسا.
وركض رجل عرفته الشرطة بأنه ضابط في فرق تفكيك المفرقعات باتجاه المكان من سيارة شرطة شاهرا سلاحه وأطلق النار على الفتاة الصغرى فسقطت أرضا قبل أن يضربها رجل آخر بمقعد. وبعدها أطلق الضابط عدة رصاصات من مسدسه على الفتاة الكبرى التي سقطت بجوار حائط. وركض الضابط عائدا للفتاة الأولى التي كانت راقدة على الأرض بلا حراك وأطلق النار عليها مرة أخرى. وقال مسؤولون بمستشفى إن شظية من رصاصات أطلقها الشرطي أصابت رجلا مارا تبين أنه إسرائيلي.
وفي الشهر الماضي قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن إسرائيل تملك الحق وتتحمل مسؤولية حماية مواطنيها لكنه أشار إلى تقارير "عما قد يعتبره كثيرون استخداما مفرطا للقوة". وأغضبت تلك التعليقات إسرائيل التي قالت إن إطلاق النار على مهاجمين يعتبر دفاعا عن النفس. ومن أسباب سفك الدماء غضب المسلمين من تزايد زيارات اليهود للحرم القدسي الشريف إلى جانب جمود محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. بحسب رويترز.
وتعرضت إسرائيلية للطعن حتى الموت وقتل ثلاثة مهاجمين فلسطينيين في سلسلة حوادث بالضفة الغربية. وقالت الحكومة الفلسطينية إن إسرائيل تنفذ عمليات قتل غير قانونية لفلسطينيين وتتهمهم بحمل سكين أو تضع سكينا بجوار مهاجمين مزعومين. وتقول إسرائيل إن من حقها الرد بالقوة المميتة على أي هجمات عنيفة محتملة.
تدمير المنازل
في السياق ذاته اعلن الجيش الاسرائيلي تدمير منازل اربعة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة متهمين بمهاجمة اسرائيليين، وذلك في اخر اجراءات عقابية من هذا النوع بعد اسابيع من اعمال عنف دامية. ويأتي تدمير المنازل بعد ساعات على مقتل اسرائيلي وابنه في هجوم قرب مستوطنة عتنئيل جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية، في وصفه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بانه "عملية ارهابية فظيعة".
وفي نابلس بشمال الضفة الغربية قامت القوات الاسرائيلية بتدمير منازل ثلاثة فلسطينيين متهمين بقتل مستوطن اسرائيلي وزوجته في الاول من تشرين الاول/أكتوبر الماضي عند انطلاق الموجة الاخيرة من اعمال العنف، بحسب الجيش. وفي سلواد شمال شرق رام الله، قام الجيش بهدم منزل فلسطيني متهم بقتل اسرائيلي على طريق في الضفة الغربية في حزيران/يونيو، بحسب الجيش.
وقالت مصادر طبية فلسطينية ان مواجهات وقعت في اعقاب تدمير المنازل بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الاسرائيلي مما ادى الى اصابة 9 اشخاص بجروح طفيفة. والشهر الماضي امرت الحكومة الاسرائيلية بتكثيف عمليات تدمير المنازل، على خلفية موجة من اعمال العنف انطلقت في الاول من تشرين الاول/اكتوبر وتخللتها مواجهات بين فلسطينيين واسرائيليين واطلاق نار وعمليات طعن. بحسب فرانس برس.
وتهدف عمليات الهدم الى ردع الفلسطينيين عن شن هجمات بحسب اسرائيل التي تقول انه في حال عدم خوف الاشخاص على حياتهم فانهم سيقومون بالتفكير مرتين قبل القيام باي شيء لمصلحة عائلاتهم. غير ان منظمة بتسيلم الحقوقية الاسرائيلية تقول ان "اول ضحايا لعمليات الهدم هم الاقارب: من النساء والاطفال والمسنين غير المسؤولين عن الهجوم ولم يشتبه بقيامهم باي جريمة". وتعتبر الولايات المتحدة ان هدم المنازل لن يؤدي سوى الى زيادة التوترات. وقامت اسرائيل في الفترة ما بين عامي 2001-2005 بهدم 664 منزلا في الاراضي الفلسطينية المحتلة، قبل ان تصدر وزارة الدفاع الاسرائيلية عام 2005 امرا بوقف عمليات الهدم.
2250 معتقل
الى جانب ذلك اكد رياض الاشقر الناطق الإعلامي لمركز اسرى فلسطين للدراسات وكما نقلت بعض المصادر، بان عدد حالات الاعتقال خلال انتفاضة القدس الحالية ارتفعت خلال الاسبوع الحالي لتصل الى اكثر من (2250) حالة اعتقال، من بينهم (67) سيدة وفتاة، و(880) طفل ما دون الثامنة عشر، والمئات من الاسرى المحررين والعشرات من المرضى وذوى الاحتياجات الخاصة.
واوضح الاشقر بان الاحتلال لم يتوقف منذ بداية هذه الانتفاضة اول اكتوبر الماضي عن ممارسة الاعتقالات المسعورة والتي طالت كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، مستهدفة الاطفال بشكل خاص، حيث تصل متوسط حالات الاعتقال بشكل يومي ما بين 20-30 حالة، بينهم النساء والمرضى والنواب وطلاب الجامعات، والاكاديميين، بعضهم جرحى اصيبوا بالرصاص واوضاعهم الصحية صعبة .
واشار الاشقر الى ان مدينة القدس احتلت النصيب الاكبر من عمليات الاعتقال التي جرت منذ بداية الانتفاضة، حيث بلغت حالات الاعتقال من القدس حوالى (720) حالة اعتقال، بينما بلغت حالات في الخليل حوالى (600) حالة، فيما بلغت نسبة الاطفال المعتقلين من أجمالي من تم اعتقالهم حوالى (40%)، ولاستيعاب الاعداد الكبيرة من الاطفال الذين تم اعتقالهم افتتحت سلطات الاحتلال معتقلا جديدا اطلقت اسمه "جفعون" في الرملة ، حيث يقبع فيه الى الان (70) طفلاً رغم ان السجن يفتقد لكل مقومات الحياة ويعانى فيه الاطفال كل اشكال التنكيل والتعذيب.
وبين الاشقر بان هذه الانتفاضة تميزت بالعديد من الاجراءات التعسفية التي اتخذها الاحتلال في محاولة لقمعها والحد من توسعها ومنها فرض الاعتقال الإداري على الأطفال والنساء، حيث ولأول مرة منذ سنوات طويلة اصدرت سلطات الاحتلال 14 قرار ادارى ضد اطفال ونساء، منهن 12 طفل، اضافة الى الاسيرتين " اسماء فهد حمدان" 19 عام من الناصرة، و "جورين سعيد قدح (19) عاماً من رام الله لمدة 3 أشهر، بينما لوحظ بشكل لافت اللجوء لاعتقال اطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، اضافة الى اعتقال عدة اطفال وهم مصابين بعد اطلاق النار عليهم .
واضاف الاشقر بانه نتيجة حالات الاعتقالات المكثفة التي نفذتها سلطات الاحتلال حول عدد كبير من الاسرى الى الاعتقال الإداري دون تهمه حيث رصد المركز اصدار الاحتلال (278) قرار ادارى معظمهن قرارات جديدة (156) قرار ادارى خلال شهر اكتوبر، و(122) خلال الشهر الحالي، منهن (30) لأسرى من مدينة القدس، وهى حالة جديدة بالنسبة لأسرى القدس، وتراوحت هذه القرارات ما بين ادارى جديد ، وتجديد ادارى من شهرين الى ستة اشهر. وطالب مركز اسرى فلسطين المجتمع الدولي بوقف سياسة الانحياز الى الاحتلال، والتدخل الحقيقي والحيادي من اجل ووقف جرائم الاحتلال بحق ابناء شعبنا، ولجم الاعتقالات المستمرة بحق المواطنين دون مبر قانوني .
لجم اسرائيل
على صعيد متصل دعا وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الادارة الاميركية الى "لجم" الاحتلال الاسرائيلي "حتى لا يتحول الصراع الحالي من صراع سياسي الى صراح ديني"، في اشارة الى ضرورة احترام الوضع القائم في المسجد الاقصى. وقال رياض المالكي "على امريكا أن تتوقف عن دعم وحماية اسرائيل بهذه الطريقة في المحافل الدولية". وأضاف "يجب على الادارة الاميركية أن تلجم اسرائيل وكل ما تقوم به من اساءات للمجتمع الدولي من خلال الخروقات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني الاعزل. يجب عليها أن تجبر اسرائيل وحكومة نتنياهو على احترام الوضع القائم في المسجد الاقصى وهذا في غاية الاهمية حتى لا يتحول الصراع الدائر من صراع سياسي الى صراع ديني لا مخرج له".
وتشرف السلطات الاسرائيلية حاليا على الزيارات التي يقوم بها غير المسلمين الى المسجد الاقصى، وتضع قيودا على الفلسطينيين الذين يريدون دخوله مثل تحديد اعمار المصلين او اغلاق المسجد في اوقات التوتر، وغيرها من الاجراءات. بينما كان ذلك قبل العام 2000 من صلاحية الاوقاف الاسلامية. ويخشى الفلسطينيون من ان تقوم اسرائيل بتغيير الوضع القائم منذ حرب 1967 والذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول الحرم القدسي في اي وقت في حين لا يسمح لليهود بذلك الا في اوقات محددة ومن دون الصلاة فيه. بحسب فرانس برس.
وعن تقدم الاشغال في مشروع القرار الاممي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والمقترح خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في الرياض بداية تشرين الثاني/نوفمبر، اوضح المالكي أن هناك لجنة مكلفة بالعمل عليه، مكونة من المغرب والأردن ومصر والأمانة العامة لجامعة الدول العربية وفلسطين.
وأشار الى أن عمل هذه اللجنة سينضاف دراسة قانونية صادرة عن الشؤون القانونية لمنظمة الأمم المتحدة، تتضمن 22 حالة تم فيها توفير الحماية، وقد تم توزيعها أمام كافة أعضاء مجلس الأمن، اضافة الى مشروع بيان رئاسي فرنسي لتوفير الحماية للفلسطينيين. بيد انه اشار الى امكانية "أن تكون هناك عملية فيتو من احد الاعضاء وهذا سيثيره السيد الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) مع (وزير الخارجية الاميركي جون) كيري حين يلتقيه".
اضف تعليق