في ظل استمرار التدهور الامني واتساع رقعة الحروب والخلافات في منطقة الشرق الاوسط التي كانت سببا في تزايد قوة التنظيمات الارهابية المسلحة وتمددها في مساحات واسعة في بعض الدول المناطق المهمة، فقد اصبحت دول الخليج وبحسب بعض الخبراء هدف مهم واساسي للتنظيمات الاصولية المتطرفة ومنها تنظيم داعش الارهابي، الذي بات يشكل خطرا على أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي، التي سعى بعضها الى دعم وتمويل هذه الجماعات من اجل تحقيق اهداف ومصالح خاصة، الامر الذي انعكس سلبا عليها بعد ان فقدت السيطرة المطلقة على توجيه وادارة هذه المجاميع والتنظيمات الارهابية، التي ستعمل على توسيع نفوذها في كافة دول المنطقة، وهو ما اجبر الدول الخليجية التي تتعرض اليوم لهجمات ارهابية داخلية، على اتخاذ خطط واجراءات امنية مشددة للحد من تمدد التنظيم، هذا بالاضافة الى اشتراكها في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وكان زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي وكما نقلت بعض المصادر، هدد في تسجيل صوتي بتمدد الدولة إلى دول جديدة بعد العراق وسوريا ومنها السعودية، داعياً مؤيديه الى تنفيذ هجمات ضد حكامها، وبهذا يكون التنظيم قد أعلن حملته على السعودية ودول الخليج. وتهديدات "داعش" للخليج لم تقتصر على ما جاء في التسجيل الصوتي لزعيم التنظيم، إذ هددت مجموعة من مسلحي "داعش" بالتمدد إلى الدول الخليجية لخلع حكامها عن عروشهم، وذلك في مشاهد بثت على الانترنت وتداولتها مواقع التواصل الإجتماعي، ساخرين من القوانين والإجراءات الأخيرة التي فرضتها الدول الخليجية للحد من تداعيات عودة المسلحين.

ويرى بعض الخبراء أن الأجراءات المتخذة من قبل الحكومات الخليجية التي تعمل دائما على استنهاض الحس الطائفي، ربما قد تكون غير مؤثرة كثيراً في منع تمدد هذا التنظيم وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتشددة، بسبب وجود تعاطف وتأييد للافكار السلفية والجهادية داخل المجتمع الخليجي الذي تسيره فتوى واجتهادات بعض رجال الدين، الذين تمكنو من تعميم ونشر افكارهم الجهادية وتجنيد الكثير من المراهقين في صفوف تنظيم داعش الارهابي، الذي سعى الى اشراكهم في عمليات انتقامية داخل دول الخليج.

السعودية

فيما يخص بعض تلك الاخطار والعمليات الارهابية التي طالت بعض دول الخليج فقد جاء في رسالة صوتية يزعم أنها لمفجر انتحاري من تنظيم داعش قبل أن ينفذ هجوما على مسجد للشيعة في مدينة نجران السعودية أنه هدد الشيعة والجنود السعوديين. وبثت الرسالة التي مدتها ثلاث دقائق مع صورة لرجل ملثم في حسابات على موقع تويتر تابعة للتنظيم. ولم يتسن التحقق من مصداقية الرسالة. وقال الرجل الذي ذكر أن اسمه أبو إسحاق الحجازي "تهديد للرافضة الإسماعيلية... فلن تهنأوا بالعيش في جزيرة خير البرية" في إشارة إلى شبه الجزيرة العربية.

ونجران القريبة من الحدود اليمنية هي المركز التاريخي للشيعة الإسماعيلية الذين يشكون من انهم ضحية للوهابيين الذين يتبعون المذهب السني السائد في السعودية. وقال الرجل "رسالتي الثانية.. إلى عساكر الطاغوت الذين يحمون المشركين ومعابدهم في بلاد الحرمين... والله لا عذر لكم عندنا ولن تغني عنكم رواتبكم التي بعتم دينكم ودنياكم من أجلها. فبإذن الله لن تأمنوا في بيوتكم ولا في مكاتبكم ولسوف نستهدفكم ما دامت طائرات ولي أمركم تقصف المسلمين مع الطائرات الصليبية في العراق والشام".

وتشارك السعودية في تحالف تقوده الولايات المتحدة ضد متشددي تنظيم داعش والذي ينفذ حملة ضربات جوية ضد المتشددين الذين استولوا على مساحات واسعة في سوريا والعراق. ويعارض التنظيم المتشدد بشدة حكام دول الخليج ويحاول إثارة مواجهة طائفية في شبه الجزيرة العربية لمحاولة الاطاحة بالاسر الحاكمة.

وتعرضت المملكة لسلسلة من الهجمات المميتة بالرصاص والقنابل ألقي باللوم في كثير منها على تنظيم داعش. وحث التنظيم السعوديين السنة على مهاجمة أهداف منها الشيعة. وفي منتصف أكتوبر تشرين الأول قتل خمسة أشخاص بعدما فتح مسلح النار على دار مناسبات للشيعة في مدينة سيهات بشرق المملكة. وقتل مفجر انتحاري 15 شخصا على الأقل في هجوم على مسجد يرتاده أفراد من قوة أمنية محلية في أغسطس اب في جنوب غرب المملكة وهو هجوم قال بيان نشر على الانترنت إنه من تنفيذ تنظيم داعش.

من جانب اخر قالت وزارة الداخلية السعودية إن المملكة ألقت القبض على 431 شخصا يشتبه في انتمائهم لخلايا تابعة لتنظيم داعش وأحبطت هجمات على مساجد ورجال أمن وبعثة دبلوماسية. وصدر البيان بعد انفجار سيارة ملغومة عند نقطة تفتيش قرب سجن شديد الحراسة مما أسفر عن مقتل سائق السيارة وإصابة اثنين من رجال الأمن في هجوم أعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته عنه. وأثارت سلسلة من الهجمات نفذها أتباع التنظيم المخاوف من تنامي خطر المتشددين في السعودية.

وقالت وزارة الداخلية في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية "بلغ عدد من ألقي القبض عليهم 431 موقوفا غالبيتهم مواطنون إضافة إلى مشاركين من جنسيات أخرى. و"احباط ست عمليات انتحارية كانت تستهدف عددا من المساجد بالمنطقة الشرقية بشكل متتابع في كل يوم جمعة يتزامن معها اغتيال رجال أمن." وتابعت "احباط مخططات إرهابية لاستهداف إحدى البعثات الدبلوماسية ومنشآت أمنية وحكومية في محافظة شرورة واغتيال رجال أمن." بحسب رويترز.

ولم تقدم الوزارة تفاصيل عن توقيت اعتقال هؤلاء الأشخاص لكن تصريحات سابقة عن اعتقال عشرات المشتبه بهم تشير إلى ان الاعتقالات جرت على مدى أشهر. وقالت الوزارة إن التهم الموجهة اليهم تشمل تهريب متفجرات والرصد الميداني للمواقع المستهدفة وتوفير المأوى ووسائل الاتصال للجناة وجلب متفجرات من الخارج وتصنيع أحزمة ناسفة. وكان التنظيم دعا أنصاره إلى تنفيذ هجمات في السعودية.

الكويت

من جانب اخر اصدرت محكمة كويتية احكاما بالسجن عشر سنوات بحق خمسة اشخاص، بينهم ثلاثة كويتيين، متهمين بجمع اموال لصالح تنظيم داعش، بحسب ما افاد مصدر قضائي. والمحكمون الخمسة هم ثلاثة كويتيين، اضافة الى اجنبيين لم تحدد جنسيتهما، وقضت المحكمة بأن يرحلا من البلاد بعد تنفيذ العقوبة. كما برأت المحكمة متهمين آخرين، علما بان الاحكام قابلة للاستئناف. واتهم الخمسة بجمع نحو 400 الف دينار كويتي (1,3 مليون دولار اميركي)، وتحويلها للتنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق.

واصدرت المحاكم الكويتية خلال الاشهر الماضية، سلسلة احكام بحق مرتبطين بالتنظيم المتطرف. ففي ايلول/سبتمبر، اصدرت المحكمة الجنائية حكما بالاعدام على سبعة اشخاص، بينهم خمسة غيابيا، بتهمة مساعدة انتحاري سعودي فجر نفسه في مسجد للشيعة في حزيران/يونيو، ما ادى الى مقتل 26 شخصا وجرح 227 آخرين، في هجوم كان الاول من نوعه في البلاد وتبناه التنظيم. وتخضع هذه الاحكام حاليا للاستئناف. بحسب فرانس برس.

واعلنت وزارة الداخلية الكويتية نهاية تموز/يوليو تفكيك شبكة تابعة للتنظيم مؤلفة من خمسة كويتيين، اوقف اربعة منهم في الكويت، في حين قضى الخامس في عملية "ارهابية" في العراق. وقال بيان للوزارة في حينه ان الموقوفين "شاركوا في الاعمال القتالية في كل من سوريا والعراق".

البحرين

في السياق ذاته قال مكتب المحامي العام ورئيس نيابة الجرائم الإرهابية بالبحرين أحمد الحمادي إن النيابة أحالت أربعة وعشرين متهماً إلى المحكمة المختصة بتهمة محاولة إنشاء فرع لتنظيم داعش وقلب نظام الحكم الملكي. واجتاحت تظاهرات البحرين خلال موجة ثورات "الربيع العربي" طالب خلالها المتظاهرون الشيعة العائلة المالكية السنية بإصلاحات سياسية وواجه بعض الشيعة اتهامات بالتشدد على خلفية هذه الاحتجاجات.

وهذه القضية تشكل المرة الأولى التي تسمي فيها البحرين تنظيم داعش فيما يتصل بالتشدد المزعوم في المملكة التي تستضيف قاعدة للأسطول الخامس الأمريكي. وجاء في بيان المحامي العام أن ثمانية من الأربعة والعشرين اعتقلوا وأن الباقين ما زالوا هاربين وإن التهم الموجهة إليهم تشمل أيضا "حيازة الأسلحة والتدريب على استعمال الأسلحة والمفرقعات تنفيذا لأغراض إرهابية".

وأشار البيان إلى أن "التحريات دلت عن قيام المتهم الأول بتجنيد المتهمين الثاني والثالث وضمهما إلى صفوف تنظيم داعش الإرهابي كما سهل للمتهم الثاني السفر إلى سوريا وتلقي التدريبات العسكرية على يد أفراد التنظيم."

وأضاف البيان أن "المتهم الأول كلف المتهمين الثاني والثالث بتجنيد المزيد من العناصر وتسهيل سفرهم إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم الإرهابي" مشيرا إلى أنهما "تمكنا من تجنيد عدد من المتهمين وقد توجه العديد منهم إلى المشاركة في الأعمال القتالية التي يقوم بها التنظيم خارج البحرين كما أنهم يقومون من خلال برامج التواصل الاجتماعي بالتحريض على الانضمام إلى جماعتهم الإرهابية." بحسب رويترز.

وأشار البيان إلى أنه "تم التخطيط والإعداد لقيام مجموعة من عناصر التنظيم المتواجدة في البحرين بعمليات انتحارية داخل دور العبادة بالمملكة على غرار ما تم بالدول المجاورة من قبل التنظيم الإرهابي." وأشار البيان إلى أن توجيه التهم جاء بعد تحقيقات استمرت شهورا وأن موعد الجلسة الأولى للمحاكمة أمام المحكمة الكبرى الجنائية هو 22 من ديسمبر كانون الأول.

الإمارات

على صعيد متصل قالت وكالة أنباء الإمارات إن السلطات جرمت التمييز الديني أو العرقي بموجب مرسوم بقانون أصدره رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. ويهدف القانون للمساهمة في الحد من التشدد الإسلامي خاصة تكفير المتطرفين لغير المسلمين لكنه يجرم كذلك الإساءة للأديان ذاتها. وأوردت وكالة أنباء الإمارات في تقريرها "أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله مرسوما بقانون.. بشأن مكافحة التمييز والكراهية والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بإزدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير."

وفي الإمارات قلق من الإسلام السياسي الذي يلقى رواجا بين المجموعات الدينية المحافظة. وصنفت الإمارات الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية بينما تنفي الجماعة ارتكاب أي ممارسات عنيفة. كما تشارك الدولة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يشن غارات جوية على تنظيم داعش المتشدد في سوريا. بحسب رويترز.

وتشعر الإمارات بالقلق أيضا من الجهاديين لإذكاء التوتر الطائفي في الخليج. والعنف المقترن بالتشدد نادر في الإمارات لكن تنظيم داعش حث المسلمين في دول الخليج على استهداف الرعايا الغربيين ردا على الهجمات التي تنفذ ضد معاقله. ويدين جميع مواطني الإمارات بالإسلام ومعظمهم من السنة لكن هذا البلد موطن أيضا لمئات الآلاف من الوافدين غير المسلمين وتحول لمقصد للسائحين الأجانب. وتتهم منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان السلطات الإماراتية بقمع حرية التعبير واستغلال قوانين مكافحة الإرهاب لسجن أصحاب الرأي المخالف.

اضف تعليق