تختلف مصادر تمويل الإرهاب هذا الخطر الكبير الذي يهدد العالم باختلاف الخطط والتدابير التي تقوم بها التنظيمات والجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش الارهابي، من اجل جني الأموال بهدف البقاء والاستمرار كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان هذا التنظيم المتطرف وبعد سيطرته المطلقة على مساحات جغرافية واسعة من العراق وسوريا، أصبح أحد أغنى التنظيمات المسلحة الإرهابية في العالم خصوصا وان هذه المناطق غنية بالكثير من الثروات والموارد المهمة، هذا فضلا عن مصادر التمويل الاخرى التي استطاع التنظيم ان يوفرها لنفسه، ومنها السرقات والاتاوات وعمليات الخطف وغيرها من الامور الاجرامية الاخرى، يضاف اليها الدعم الخليجي والاقليمي المقدم من بعض الحكومات والاشخاص والمؤسسات.
وهو ما اجبر مجلس الأمن الدولي الى تبني قرارات خاصة ترمي إلى قطع مصادر التمويل ومنع تجنيد المقاتلين الاجانب، يضاف الى ذلك تركيز الضربات العسكرية التي يقوم بها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية على بعض الحقول والمنشئات النفطية التي استولى عليها التنظيم في سوريا والعراق، والتي تعد اليوم اهم مصدر لتمويل نشاطات وعمليات داعش.
القمح والتبرعات
وفي هذا الشأن يشكل القمح مورد مالي ووسيلة للسيطرة على السكان، وبات وضع اليد عليه محوريا في استراتيجية تنظيم "داعش" لتثبيت نفوذه، بعد أن استقر في المناطق الأساسية لإنتاجه في سوريا والعراق. المقالة التحليلية التالية تكشف لنا أهم جوانب هذا السلاح "الأخضر" الذي وقع في قبضة المتطرفين. في هجوم تنظيم "داعش" الكاسح شمالي العراق في حزيران/ يونيو 2014، سيطر مقاتلوه على مخزون القمح في محافظتي نينوى وصلاح الدين، اللتين تنتجان أكثر من ثلث إنتاج القمح و40 بالمئة من إنتاج الشعير في البلاد.
وتشمل منطقة سيطرة التنظيم المتطرف إغراءات (مخازن) الحبوب في المنطقة، أي شمال العراق وشمال شرق سوريا، بحسب الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "الفرنسي" وكاتب "الجغرافية السياسية للقمح" سيباستيان أبيس. واستولى التنظيم على أكثر من مليون طن من القمح، أي "خمس الاستهلاك السنوي في العراق" بحسب "جان شارل بريزار" الخبير في تمويل الإرهاب. وفي سوريا سيطر الجهاديون على 30 بالمئة من إنتاج القمح في منطقتي الرقة ودير الزور الخاضعتين لهما بحسب الخبير. كما أنهم يسيطرون على 75 بالمئة من إنتاج القطن الذي كانت سوريا من كبار مصدريه قبل اندلاع الحرب.
وكما الحال في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشكل الخبز أساس التغذية في العراق وسوريا اللذين يستوردان القمح بالإضافة إلى إنتاجهما المحلي. ولم يفوت الجهاديون الفرصة. فمن جهة "نقلوا الكثير من قمح العراق إلى سوريا لصنع الطحين وبيعه"، ومن جهة أخرى، أقدموا على بيعه إلى خارج منطقة سيطرتهم كما فعلوا بالنفط، وعلى الأخص "عبر الحدود التركية" بحسب بريزار. وتابع الخبير أن ذلك أمن لهم أرباحا توازي نحو 200 مليون دولار سنويا، ولو أن الكميات تبقى ضئيلة مقارنة بالتبادلات العالمية لهذا النوع من الحبوب الأكثر زراعة حول العالم.
كما يتيح القمح كسب رضا السكان، حيث بادر التنظيم المتطرف إلى توزيع الخبز مجانا أو بأسعار متدنية جدا في المناطق التي سيطر عليها. لكن بعد فترة بدأت الحرب تشكل "خطرا كبيرا على الأمن الغذائي في المنطقة" بحسب أبيس الذي أضاف "أن الإنتاج بدأ يتراجع بالرغم من تعذر تحديد الأرقام"، سواء في سوريا أو العراق. وذكر الباحث أن الحروب تدمر المزروعات وتبعد اليد العاملة اللازمة للعمل في الحقول. وأشار بريزار بدوره إلى أن ضربات التحالف الدولي بقيادة أمريكية تعرقل عمليات التخزين والنقل، ولو أنها تتجنب -عن قصد- حقول القمح.
ومؤخرا، أعلنت الأمم المتحدة أن حوالي 10 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي تقريبا نصف عدد السكان. وأوضح آنذاك مسؤول في منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن "القطاع الزراعي (السوري) دمره النزاع. لذلك من الضروري أن تقدم الجهات المانحة مساعدة طارئة كي يتمكن المزارعون من العمل في موسم زرع الحبوب المقبل الذي يبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر". وبالتالي قد تنقلب المسألة الزراعية "على الجهاديين على المدى المتوسط. فماذا سيفعلون إن تضاعف تدهور المحاصيل؟ على ما تساءل الباحث أبيس. ففيما ينعم التنظيم الجهادي حاليا "باستقلالية" على مستوى مخزون القمح، "لن تكفي سيطرته على الموارد الطبيعية لضمان استمراريته" على ما توقع الخبير في تمويل الإرهاب بريزار.
الى جانب ذلك أعلن مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر ان الفظاعات التي ارتكبها تنظيم "داعش" ادت الى انخفاض شعبيته في دول الشرق الاوسط وبالتالي الى تراجع كبير للتبرعات التي كان يحصل عليها من المتعاطفين معه في هذه الدول. وقال كلابر ان الاعدامات الجماعية وعمليات الذبح وبتر الاطراف التي ارتكبها جهاديو الدولة الاسلامية كان لها اثر سلبي جدا على المتعاطفين مع التنظيم في دول الشرق الاوسط وكان من تداعياتها ان التبرعات التي يحصل عليها التنظيم الجهادي من هؤلاء المتعاطفين في هذه الدول سجلت "تراجعا". بحسب فرانس برس.
وأكد المسؤول الكبير ان "هذا التراجع كبير"، لكنه لفت في الوقت نفسه الى ان التبرعات المالية تشكل مصدر دخل ضئيل للغاية للتنظيم يعادل "1% من مدخوله الاجمالي". ولفت كلابر الى ان الحكومات كان لها دور، بمساعدة من الولايات المتحدة، في تراجع هذه التبرعات لكن "الاهم هو العقول والقلوب" التي انقلبت على التنظيم. وشدد مدير الاستخبارات على اهمية التصدي لمحاولات التنظيم في تجنيد متطوعين جدد عن طريق وسائل التواصل على انواعها، محذرا خصوصا من محاولة الجهاديين تجنيد شبان سوريين يقيمون حاليا في مخيمات اللاجئين. وقال كلابر ان هذه المخيمات تشكل ارضا خصبة للتجنيد و"هذا مصدر قلق كبير"، مذكرا بأن هناك "حوالى 11,4 مليون نازح في سوريا". وبحسب مدير الاستخبارات الاميركية فان عدد النازحين في العالم لم يكن يوما بهذه الضخامة منذ الحرب العالمية الثانية.
استغلال الموارد
من جانب اخر قال محققون دوليون إن على تنظيم داعش التوسع في الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا والاستيلاء على المزيد من الموارد من أجل الإبقاء على قدرته المالية. وقالت مجموعة العمل المالي ومقرها باريس في تقرير إن حاجة الجماعة الإسلامية المتشددة إلى مبالغ مالية كبيرة لحكم المناطق التي استولت عليها تعني أنه من غير الواضح إلى متى يمكنها مواصلة تمويل نشاطها الحالي بنفس المستوى.
وأضافت المجموعة "من أجل الحفاظ على الإدارة المالية والنفقات في المناطق التي تعمل بها (داعش) يجب أن تكون قادرة على الاستيلاء على مناطق إضافية من أجل استغلال الموارد." وأشارت المجموعة التي تضم مسؤولين حكوميين من مختلف أنحاء العالم يكافحون غسل الأموال إلى أن الجماعة تحصلت على مبالغ مالية كبيرة من خلال الاستيلاء على حقول النفط ومن أنشطة إجرامية مثل السرقة والابتزاز.
وقال التقرير "يمثل وقف تدفق هذه الإيرادات الضخمة تحديا وفرصة للمجتمع الدولي لهزيمة هذا التنظيم الإرهابي." واضعاف الموارد المالية للتنظيم جانب من الحملة التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء عليه والتي تشمل أيضا الهجمات العسكرية ومكافحة حملاته الدعائية. بحسب رويترز.
وقال التقرير إن الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها على منشآت النفط التابعة للدولة الإسلامية علاوة على هبوط أسعار النفط وحاجة الجماعة لتكرير منتجات النفط "خفضت بشكل كبير" عائداتها. وقالت مجموعة العمل المالي إن هناك "حاجة لتحسين تحديد المصدر والوسطاء والمشترين وشركات النقل والتجار والطرق التي يهرب من خلالها النفط من المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم.
هكذا يحصل داعش على تمويله
في السياق ذاته بدأت أعراض الأزمة المالية تبدو على تنظيم "داعش"، وفق ما أشارت صحيفة "فرانكفورتر الغيمني سونتاغزيتونغ" الألمانية، خاصة بعد القصف المتواصل للتحالف الدولي على المنشآت النفطية الواقعة تحت سيطرته وبعد قرار مجلس الأمن تجفيف منابع تمويل التنظيم، وأعلنت الصحيفة أن تنظيم "داعش" الذي بات يعاني من مشاكل مالية، يعرض إعادة جثث مقاتلين أكراد قتلوا في المعارك معه، مقابل مبالغ مالية.
ونقلت الصحيفة عن "مصادر أمنية" قولها إن التنظيم يسعى لتسليم القوات الكردية جثث مقاتليها الذين قتلوا في المعارك معه مقابل مبالغ "تراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألف دولار للجثة". واعتبرت الصحيفة أنه "من غير المرجح" أن يتمكن التنظيم من الاستفادة من هذه الجثث عبر بيع أعضائها لأنه لا يملك التقنيات والخبرات الطبية التي تتيح له القيام بذلك.
وتابعت الصحيفة أن التنظيم خفض رواتب مقاتليه بنسبة الثلثين ولم يعد حاليا يتمكن من بيع برميل النفط ب"أكثر من عشرة إلى عشرين دولارا". وأوضحت أيضا أن عمليات القصف المتواصلة للتحالف الدولي على المنشآت النفطية الواقعة تحت سيطرة التنظيم، أدت إلى عرقلة عمليات تهريب النفط والحد من إنتاجه، ليخسر بالتالي قسما كبيرا من موارده المالية. وكان مجلس الأمن أصدر في منتصف شباط/فبراير بيانا بالإجماع لتجفيف منابع تمويل تنظيم داعش وجبهة النصرة وخصوصا عبر النفط وتهريب الآثار والفديات المالية.
من جانب اخر يتفق كثيرون على "بشاعة ووحشية" الاستراتيجية المتبعة قبل تنظيم داعش، في التعامل مع "أعدائه"، في حين يجمع خبراء اقتصاديون على الأساليب "المتطورة للغاية" التي يتبعها لجمع الأموال و"تمويل عملياته"، خاصة لجهة كونه تنظيماً إرهابياً حديث النشأة. وفيما يلي نظرة خاطفة على الكيفية التي يحقق ويسلب بها "داعش" لإثراء خزائنه: إنتاج النفط والتهريب تصل مبيعاته اليومية من النفط إلى ما بين 1 و 2 مليون دولار، معظهمها من مصافي وحقول نفطية يسيطر عليها في شمالي العراق وسوريا، طبقا لمصادر.. ويجري تهريب النفط عن طريق جنوب تركيا, وتعمل ضربات التحالف الدولي الجوية على تجفيف منابع تمويل التنظيم الذي يعمل لتأسيس "مثلث سني"، مكتفيا ذاتيا، غرب وشمال العراق.
الفدى عام 2012، قدرت وزارة الخزانة الامريكية أجمالي العائدات الفدى التي حققها تنظيم القاعدة، وحلفاءه، خلال السنوات الـثمانية الماضية، من عمليات اختطاف رهائن، بمبلغ 120 مليون دولار، كما قدرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تحقيق استقصائي في عام 2014، جمع التنظيم، والحركات المتعاطفة معه، مبلغ 125 مليون دولار، من بينها 66 مليون في 2013. ورغم نفي المسؤولين الرسميين التفاوض مع تنظيمات إرهابية، إلا أن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فقد أجرت الحكومة الفرنسية مفاوضات مع مليشيات مسلحة لتحرير عدد من مواطنيها، كما نقلت تقارير متداولة.. وتقف أمريكا على الطرف النقيض، إلا أن الإعدامات التي نفذها "داعش" مؤخرا بحق رهائن أمريكيين وغربيين، أعاد للواجهة الجدل الدائر إذا ما كان يتوجب على أمريكا القيام بذلك ام لا.
سلب ونهب الآثار والقطع الأثرية والاتجار بها يسمح "داعش" لسكان المناطق التنقيب عن الأثار طالما يفرض نسبة من القيمة الفعلية للقطع الثمينة التي يُعثر عليها، طبقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في سبتمبر/أيلول الفائت. الضرائب و "الإتاوات" يعمل التنظيم لتأسيس كيانات إدارية ومدنية في مناطق شاسعة بالعراق وسوريا خاضعة تحت سيطرته في محاولة لإضفاء "شرعية" لدولة الخلافة التي أعلنها، ويفرض ضرائب مقابل خدمات يوفرها، ورسوم عبور بين نقاط التفتيش.
السرقة قدرت شركة "ستراتفور" للاستخبارات الدولية سرقة "داعش" نحو 500 مليون دولار عن طريق نهب عدة مصارف بمدينة الموصل العراقية، ولم يتم مطلقا التأكيد رسميا على أرقام المبلغ المسروق.. وفي سوريا انتزع "داعش" منشآت نفطية من سيطرة "جبهة النصرة." وايضا سرقة الأعضاء البشرية وبيعها أثار سفير العراق لدى الأمم المتحدة، محمد الحكيم، احتمالات سرقة "داعش" لأعضاء ضحاياه من المدنيين وبيعها، بعد العثور على جثث ممزقة وبعض "أعضائها" مفقودة." بحسب CNN.
السيطرة على المحاصيل قال معاذ مصطفى، الرئيس التنفيذي لمنظمة "قوة مهام الطوارئ السورية" مقرها واشنطن، إن داعش بسيطرته على مدينة "الرقة" – عاصمة دولة الخلافة المزعومة – فقد سيطر على "سلة غذاء" مضيفا: "لديهم القطن والقمح." اقتصاد منفصل أعلن "داعش" العام الماضي إقامة "وزارة خزانة" لإرساء نظام مالي لـ"دولة الخلافة" وصك عملات ذهبية وفضية لم يتضح بعد إذا ستكون لها أي قيمة فعلية في خطوة وصف الهدف منها إزاحة المسلمين من "نظام اقتصادي عالمي يقوم على الربا الشيطاني".
اجراءات جديدة
على صعيد متصل قال مسؤول امريكي كبير ان الولايات المتحدة تتعاون عن كثب مع حكومة اقليم كردستان العراق لوقف تهريب النفط في مسعى لقطع مصدر تمويل هام عن تنظيم داعش. وقال القائم بأعمال مبعوث الولايات المتحدة للطاقة اموس هوكستاين "نعمل مع الحكومة الاقليمية في اربيل لدعم جهودها لوقف تلك الشحنات وعمليات التهريب هذه." وأضاف "من المهم للغاية بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي وإقليم كردستان نفسه تكثيف جهود وقف التهريب."
وقال هوكستاين إن حكومة كردستان العراق اعتقلت عددا من الاشخاص بتهمة التهريب. ويجتمع المبعوث الامريكي مع مسؤولين من دول مجاورة للعراق وسوريا لبحث سبل منع تهريب النفط. ذكرت تقارير اعلامية ان التنظيم باع النفط من خلال مهربين الى تجار اتراك بثمن بخس بينما تم تكرير كميات من النفط الخام في سوريا وبيعه كبنزين في الموصل. وصرح المبعوث الامريكي بأن الولايات المتحدة تعمل مع كردستان العراق للتعرف على طرق تهريب النفط والشاحنات والتجار المتورطين في عمليات التهريب ومنع التهريب عبر الحدود من خلال اقامة نقاط تفتيش وأيضا التعامل مع المشترين.
وقال هوكستاين "النفط يهرب من طرق عدة الى دول عدة. ولذلك يجب ان تغطي الجهود السلسلة كلها لمنع عمليات التهريب." لكن طرق التهريب تتغير كما ان الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة غيرت وتيرة تدفق النفط. وقال هوكستاين "الطرق تتغير وربما يمر البعض من خلال تركيا وايران وكردستان العراق وربما الاردن. ليست ثابتة وهذا يصعب الامر لكن اعتقد ان الجهود نجحت في ابطاء العملية."
وكان هوكستاين يأمل في ان تتوصل الحكومة العراقية الجديدة في بغداد الى اتفاق بشأن تصدير النفط من كردستان العراق. وترى بغداد ان شحنات النفط الكردية غير مشروعة. وقال هوكستاين "نعتقد ان كل الاطراف ستستفيد اذا تم تصدير النفط من كل أجزاء العراق من خلال الاتفاق. هذا سيكبر الكعكة ومن ثم يزيد العائدات لشعب العراق كله." وأضاف "نعتقد أيضا ان هذا هو الوقت المناسب وانها فرصة متاحة للجانبين (بغداد والاكراد) للجلوس معا والتوصل الى هذا الاتفاق."
في السياق ذاته هددت ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما بفرض عقوبات على كل من يشتري النفط من تنظيم داعش. وقالت ايضا ان الحكومة السورية ربما وافقت على شراء نفط من التنظيم المتشدد الذي استولى على مساحات واسعة من العراق وسوريا في حملة وحشية. ويقول وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين إنه يمكن ان يمثل تهديدا للولايات المتحدة وحلفائها اذا لم يوقف.
واضاف كوهين "مع الاستثناء المهم لبعض المنظمات الارهابية التي ترعاها دول فمن المرجح ان يكون تنظيم داعش هو أفضل المنظمات الارهابية التي نواجهها تمويلا." وكانت تصريحاته معدة للادلاء بها في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي. وقال كوهين وهو يستعرض اشمل استراتيجية مالية امريكية ضد داعش حتى الآن إن التنظيم المتشدد يحصل على عشرات الملايين من الدولارات شهريا من خلال مصادر تشمل مبيعات النفط والفدية والابتزاز وغيرها من الانشطة الاجرامية الى جانب الدعم من مانحين اثرياء.
واضاف ان النفط مصدر تمويل مهم. ويعمل التنظيم من خلال السوق السوداء للنفط في سوريا والعراق ويكرر بعض الانتاج ويبيعه الى مهربين ينقلونه الى تركيا ومنطقة كردستان العراقية. وقال كوهين إن الحكومة السورية التي تخوض حربا أهلية منذ اكثر من ثلاث سنوات ضد قوات معارضة وافقت ايضا فيما يبدو على شراء النفط من تنظيم داعش. واضاف ان بعض الضربات الجوية في الآونة الأخيرة من الولايات المتحدة ودول حليفة دمرت بعض المصافي التي يسيطر عليها التنظيم مما عطل ايراداته من النفط لكن ما يزال من المهم التوصل لطرق أخرى لاستهدف مصادر تمويله ومنع وصوله الى النظام المالي الرسمي.
وقال كوهين "يجب أن يعرف الوسطاء والتجار والمصافي وشركات النقل وأي أحد آخر يتعامل في نفط داعش اننا نعمل بجد لتحديد هويتهم ولدينا وسائل متاحة لوقفهم." وتمنع العقوبات الأمريكية الافراد والشركات من الدخول الى النظام المالي الامريكي وعادة ما تتبعها البنوك في انحاء العالم والتي تشعر بالقلق من التعامل مع اعداء الولايات المتحدة. وستعمل الولايات المتحدة ايضا على تعطيل انشطة التمويل الاخرى للتنظيم ومنها حوالي 20 مليون دولار حققها من خطف اناس مقابل فدية هذا العام. وقال كوهين "اذا كان لنا ان نحمي مواطنينا ونتجنب تمويل خصمنا فيجب على كل دولة ان تتبنى وتنفذ سياسة عدم دفع فدى."
من جانب اخر فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على رجل أعمال سوري يقول الاتحاد إنه اشترى نفطا لأجل سوريا من تنظيم داعش الذي أعلنته حكومة دمشق عدوا لها. وقال الاتحاد الأوروبي إن جورج حسواني عمل كوسيط في عقود نفط بين سوريا وتنظيم داعش. وقال الاتحاد في جريدته الرسمية دون توضيح كيف توصل إلى هذه النتيجة "جورج حسواني يقدم مساعدة للنظام ويستفيد منه عن طريق دوره كوسيط في اتفاقات من أجل شراء النظام السوري النفط من التنظيم مضيفا أن "له علاقات وثيقة بالنظام السوري".
وقال الاتحاد الأوروبي إن شركة هيسكو للهندسة والإنشاء التي يرأسها حسواني هي شركة كبرى في سوريا. وكثيرا ما اتهم مسؤولون غربيون الحكومة السورية بشراء نفط من داعش إلا أن اعلان الاتحاد الأوروبي يحتوي على بعض من أبرز الاتهامات تفصيلا حتى الآن وأشاد به وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند. وكانت قوة مهام العمل المالية ومقرها باريس قالت في تقرير في فبراير شباط إن تنظيم داعش جمع أموالا طائلة عن طريق مصادرة حقول نفطية وعن طريق أنشطة إجرامية مثل السرقة والإبتزاز. بحسب رويترز.
وفي الوقت ذاته هدد مجلس الأمن بفرض عقوبات على أي من يشتري النفط من داعش. وفي نوفمبر تشرين الثاني قدرت الأمم المتحدة عائدات التنظيم من النفط بين 846 ألف دولار و1.6 مليون دولار يوميا. وضمت قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي إجمالي 13 شخصا ومنظمة بينهم حسواني لتنضم هذه الأسماء إلى قائمة سابقة تشمل أكثر من 200 شخص و60 كيانا. ومن تضمنت القائمة أسماءهم جرى تجميد أموالهم في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي كما يحظر دخولهم الدول الأعضاء. وتدعو بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد إلا أن القوتان العسكريتان الكبيرتان في الاتحاد فرنسا وبريطانيا تعارضان إعادة العلاقات مع دمشق.
اضف تعليق