بعد مرور أشهر على هجوم شارلي إيبدو في باريس، استفاقت فرنسا من جديد على صدمة أخرى في هجوم ارهابي جديد، استهدف منشأة صناعية في مدينة "سان كانتان فالافييه" جنوب شرقي البلاد، هذا الهجوم الذي تزامن مع أحداث مماثلة في تونس والكويت وبحسب بعض الخبراء في شؤون الارهاب، يحمل بصمات تنظيم داعش الارهابي خصوصا بعد العثور على جثة مقطوعة الرأس قرب الموقع.
وهو ما عده الكثير من المراقبين تحدي كبير للسلطات الفرنسية، خصوصا وان الهجوم الاخير قد اثبت هشاشة الاجراءات الامنية في فرنسا وعموم القارة العجوز، التي اصبحت بؤرة مهمة لتجنيد المقاتلين الاجانب الذين تجاوزت نسبتهم وكما نقل تقرير خاص 71% بين منتصف عام 2014 ومارس/ آذار 2015، كما تحدث التقرير أن نحو 25 ألف مقاتل التحقوا بالتنظيمين من نحو 100 دولة. وهذا الحادث يمكن ان يثير التوترات من جديد بشأن المسلمين الفرنسيين الذين يبلغ عددهم خمسة ملايين شخص رغم أن معظمهم أدان الهجوم على شارلي إيبدو، خصوصا وان العديد من الجهات والاحزاب اليمينية المتطرفة قد سعت الى الاستفادة من هذه الهجمات في تأليب واثارة الرأي العالم الفرنسي ضد الاسلام والمسلمين.
من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان ما تمر به فرنسا وغيرها من الدول الاوربية الاخرى، هو امر متوقع خصوصا وان هذه الدول التي تقود اليوم تحالف العسكري ضد تنظيم داعش، هي من ساعد في تفاقم خطر التنظيم من خلال تسهيل عمليات خروج المقاتلين الى مناطق الصراع، هذا بالإضافة الى الدعم الخفي او غير المباشر لمثل هكذا تنظيمات بقصد تحقيق مصالحها الخاصة لذا فهي تدفع اليوم تلك الفاتورة المكلفة بعد اتساع خطر الارهاب في اراضيها والمتمثلة بازدياد الشبكات المتطرفة وكوادرها العائدة من سورية والعراق، والتي ستتبع خطط واجراءات مختلفة في تنفيذ عمليتها الارهابية أو تحريض مهاجمين منفردين أو ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة".
دافع ارهابي
وفي هذا الشأن قال مدعي باريس ان التحقيق حول الهجوم الذي نفذه ياسين صالحي في فرنسا اكد "الدافع الارهابي" لدى المشتبه به الذي قطع راس رب عمله وحاول تفجير مصنع كيميائي، كما اظهر ارتباطه بتنظيم داعش. وقال المدعي فرنسوا مولانس خلال مؤتمر صحافي ان التحقيق "يكشف عن دافع ارهابي في عمل ياسين صالحي ولو انه يجد تبريره في اعتبارات شخصية" لدى سائق شاحنة التوزيع البالغ من العمر 35 عاما والموقوف رهن التحقيق منذ وقوع الاعتداء في ليون وسط شرق فرنسا.
واشار المدعي العام الى طريقة تدبير جريمة القتل واخراجها وارتباط المشتبه به مع فرنسي موجود في سوريا ارسل له صور الرأس المقطوع وتوجيه المشتبه به طلبا الى التنظيم لبثها وقال ان الاعتداء الذي نفذه ياسين صالحي "يطابق تماما تعليمات داعش" القاضية بقتل "كفار"، كما ان محاولة تفجير المصنع الكيميائي "تشبه عملية انتحارية" من النوع الذي ينفذه الجهاديون.
وتابع انه "من الواضح ان (صالحي) كان على ارتباط بانتظام" بفرنسي غادر الى سوريا يدعى "يونس" وقد ارسل له صورة "سيلفي" له مع رأس رب عمله الذي قطعه قبل هجومه على المصنع. واوضح ان المشتبه به برر هجومه ب"خلاف مع رب عمله متحدثا ايضا عن خلاف زوجي. وبحسبه، فان دوافع عمله محض شخصية وبالتالي فان عمله ليس ارهابيا بنظره. الواقع ان احد الامرين لا ينفي الاخر وكونه اختار ان يقتل شخصا كان له ماخذ عليه لا يستبعد الدافع الارهابي".
واوضح مولانس ان ياسين صالحي علق رأس ضحيته على سياج المصنع محاطا برايات عليها الشهادة قال انه "اشتراها عشية" الاعتداء. وذكر المدعي العام "افادة غير مباشرة" حصل عليها القضاء تشير الى ان يونس "طلب من التنظيم الاذن لبث هذه الصور". واضاف ان صالحي يظهر عن "ذاكرة انتقائية" اذ اكد للمحققين انه لا يتذكر اطلاقا اخراج جريمة القتل ولا ارسال الصورة. لكنه اشار الى ان "سلوكه برمته يثبت انه خطط منذ مساء اليوم السابق لمشروعه الاجرامي الارهابي". وبالتالي تم بحسب مدعي باريس الذي تتمتع نيابته بصلاحية على الصعيد الوطني للنظر في قضايا الارهاب، فتح تحقيق قضائي في جريمة قتل على ارتباط بمخطط ارهابي.
وباقتحامه بشاحنته الصغيرة لقوارير غاز، كل شيء يبعث على الاعتقاد بان ياسين صالحي الذي لم يكن كما يبدو مسلحا سوى بسكين، كان يأمل ان يموت في انفجار هائل يشعل مصنع "اير بروداكتس" ولما نجا في التفجير الاول واصل هجومه بفتح زجاجات اسيتون قبل ان يسيطر عليه رجال الاطفاء. وهذا الاسلوب يتطابق مع ما اعلنه بعد الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو في باريس حارث النظاري مفتي تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب". وقال النظاري انذاك في شريط مسجل "أيها الفرنسيون أولى بكم أن تكفوا عدوانكم عن المسلمين لعلكم تحييون في إيمان وإن أبيتم إلا الحرب فأبشروا، فوالله لن تنعموا بالأمن ما دمتم تحاربون الله ورسوله والمؤمنين".
وأضاف أن "فرنسا اليوم من أئمة الكفر تسبّ الأنبياء وتطغى في الدين ولا رادع لها إلا ما حكم الله فيها فضرب الرقاب.." مستطردا "حسبوا أنهم في مأمن من حكم الله عليهم وتربصوا ثم تربصوا فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وأمكن منهم وعذبهم بأيدي المؤمنين، لقد أساء بعض أبناء فرنسا الأدب مع أنبياء الله، فسار إليهم نفر من جند الله المؤمنين".
وفي ايلول/سبتمبر قال المتحدث باسم تنظيم داعش ابو محمد العدناني في رسالة صوتية "إذا قدرت على قتل كافر أمريكي أو أوربي –وأخص منهم الفرنسيين الأنجاس- أو أسترالي أو كندي أو غيره من الكفار المحاربين رعايا الدول التي تحالفت على الدولة، فتوكل على الله واقتله بأي وسيلة أو طريقة كانت، سواء كان الكافر مدنياً أو عسكرياً فهم في الحكم سواء". بحسب فرانس برس.
وفي خريف 2010 تحدث الاميركي ادم غادن الذي اعتنق الاسلام في مجلة "انسباير" الجهادية الصادرة بانكليزية عن "واجبات الجهاد الفردية". وفي شريط بعنوان "لستم مسؤولين سوى عن انفسكم" قال "ان المسلمين في الغرب يجب ان يعلموا انهم في مواقع جيدة للعب دور حاسم في الجهاد ضد الصهاينة والصليببيين . فماذا تنتظرون؟". واوضح الخبير في الجرائم الان بوير مؤلف كتاب عن الارهاب "تم الانتقال من الارهاب الكبير (للدول) في 11 ايلول/سبتمبر الى الارهاب الفردي"، مضيفا "انها اعتداءات صغيرة يقوم بها شخص او شخصان بسكاكين وسيارة ... انهم اقل تنظيما وحرفية وبامكانهم ان يقوموا بهجمات صغيرة. لكن المفعول هو نفسه أكان هناك ضحية او هناك ثلاثة الاف".
ووصف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند خلال حضوره قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل الهجوم "بالإرهابي" مشددا على أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات لوقف أي هجمات مستقبلية على البلاد التي شهدت هجمات شنها إسلاميون متشددون في يناير كانون الثاني. وقال في طريق عودته إلى باريس "الإرهاب هو عدونا المشترك." وأضاف "لا ينبغي الشك في قدرة بلادنا على حماية نفسها وأن تبقى يقظة." وأعلن أولوند تشديد الأمن القومي لمستويات قال إنها لم يسبق لها مثيل منذ عقود.
شركاء صالحي
من جانب اخر يسعى المحققون الفرنسيون إلى معرفة إن كان ياسين صالحي، المشتبه به في تنفيذ اعتداء مصنع الغاز في شرق فرنسا، تحرك منفردا أو بتواطؤ مع شركاء. وعملية قطع رأس مدير شركة في هذه العملية الإرهابية فرضت الكثير من الأسئلة بهذا الخصوص. وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن"عملية قطع الرأس الرهيبة وهذا الإخراج والتنظيم ورفع الأعلام، شيء جديد في فرنسا". وأضاف "على المجتمع الفرنسي أن يكون قويا" قائلا إن "السؤال ليس ما إذا سيكون هناك هجوم آخر، بل متى سيحدث".
وأشار المدعي العام إلى أن الأسئلة ما زالت قائمة حول ملابسات قتل الضحية واحتمال تواطؤ أشخاص آخرين مع صالحي، والدوافع وراء ارتكاب الجريمة. ويتزايد القلق الفرنسي مع هذا الاعتداء الإرهابي الجديد. ودانت أبرز هيئة للمسلمين في فرنسا، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الجمعة الاعتداء داعية "المجموعة الوطنية بأكملها إلى اليقظة والوحدة والتضامن". بدورها، دعت رئيسة حزب "الجبهة الوطنية"، يمين متطرف، مارين لوبين إلى اتخاذ "إجراءات صارمة وقاسية فورا للقضاء على الإسلاميين المتطرفين"، فيما طالب رئيس حزب "الجمهوريين"، يمين معتدل، نيكولا ساركوزي "بالمزيد من اليقظة".
في السياق ذاته قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، إن وزارة الداخلية تتحرك وستتحرك لإغلاق بعض المساجد والمتاجر التي تمول الإرهاب إذا دعت الحاجة إلى ذلك. كما تطرق إلى إجراءات مكافحة الراديكالية مثل الإبعاد، وإسقاط الجنسية ومنع الدخول أو الخروج من فرنسا، وتعطيل مواقع الإنترنت، وإلغاء المساعدات الاجتماعية. وحل جمعيات في حال اشتبه بتعاطفها أو تواطؤها مع الإسلام المتشدد.
وقال أمام النواب "ندرس كل الحلول لإعاقة نشاط الإرهابيين. وعلينا منع نشاطات الجمعيات التي تشجع أو تدعو إلى العنف". وأضاف رئيس الوزراء الاشتراكي "إذا اقتضى الأمر سنلجأ إلى حلها". ومنذ الاعتداء الذي استهدف مصنعا في منطقة ليون (وسط شرق) حيث قطع رأس رجل، ارتفعت أصوات في المعارضة من اليمين واليمين المتطرف للمطالبة بإغلاق المساجد السلفية التي يشتبه بأنها مرتبطة بالحركات الجهادية.
وقال فالس "لقد سبق وأعربت عن القلق من تكاثر الرسائل خصوصا من الإخوان المسلمين في فرنسا والعالم، وعن قلقنا العميق وضرورة التحرك ضد الفكر السلفي الأكثر تشددا". وأضاف "وزير الداخلية يتحرك وسيتحرك (...) لإغلاق المساجد عندما يستلزم الأمر وإغلاق المتاجر التي تمول هذا الإرهاب". بحسب فرانس برس.
كما ذكر بتعزيز خطة "فيجيبيرات" لمكافحة الإرهاب وعدد العسكريين المنتشرين في الأماكن العامة منذ اعتداءات باريس مطلع كانون الثاني/يناير (17 قتيلا) وتعزيز وسائل قوات الأمن والاستخبارات وإعطاء الأولوية لرصد المتشددين على الإنترنت. وقال فالس "قلنا كل ذلك وذكرنا به منذ أشهر. لن نخترع إجراءات جديدة لأننا نعلم أنه علينا التحرك لفترة طويلة". وقال فالس إن خمسة آلاف جهادي أوروبي موجودون "اليوم" في العراق وسوريا مذكرا بأن التوقعات تفيد بأن عددهم سيصل إلى 10 آلاف بحلول نهاية العام.
وقد تضمنت حصيلة أعدتها أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية ، أن 473 جهاديا فرنسيا موجودون حاليا في سوريا والعراق، وقد تم تحديد هوياتهم، وتمثل إمكانية عودتهم إلى فرنسا قلقا كبيرا للسلطات، وفق مصدر قريب من الملف وأوضح المصدر أنه بالإضافة إلى هؤلاء، أحصت أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية 119 جهاديا فرنسيا آخر قتلوا في مناطق النزاع، في حين عاد 217 جهاديا آخر إلى فرنسا.
وإذا أضيف هؤلاء جميعا إلى من هم في طريقهم للالتحاق بالجهاديين في سوريا والعراق أو أنهم أبدوا رغبة حقيقية باللحاق بهؤلاء فإن عدد الجهاديين الفرنسيين يرتفع عندها إلى نحو 1800. وعلى الرغم من أن هؤلاء لا يشاركون جميعا بالضرورة في القتال، ولا سيما النساء بينهم، فإن عودتهم إلى فرنسا بعد أن يكونوا قد ازدادوا تطرفا وتمرسوا بميادين المعارك، تثير قلقا كبيرا لدى السلطات الفرنسية.
اجراءات قضائية
على صعيد متصل وجه القضاء الفرنسي الى ثمانية اشخاص تهما تتعلق بارتباطهم بشبكات جهادية سورية وذلك في اطار ثلاثة تحقيقات منفصلة، كما افاد مصدر قضائي لافتا الى ان احد الموقوفين هو شقيق اول جهادي فرنسي تتم ادانته. واوضح المصدر ان نيكولا مورو (31 عاما) الشقيق الاكبر للفرنسي فلافيان مورو، الذي حكم عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 بالسجن سبع سنوات بتهمة ممارسة الجهاد في سوريا والعراق، وجهت اليه بدوره تهمة الانضمام الى عصابة اشرار بهدف المشاركة في نشاطات ارهابية واودع السجن.
وكان نيكولا مورو توجه في نهاية 2013-مطلع 2014 الى منطقة نزاع لتسلمه في مطلع الاسبوع السلطات التركية الى نظيرتها الفرنسية التي اعتقلته فور نزوله من الطائرة. وفي ملف آخر يتعلق بخلية جهادية اخرى في سوريا، وجهت السلطات القضائية اتهامات الى اربعة فرنسيين من شمال البلاد، بينهم اثنان اودعا السجن. واوضح المصدر ان التحقيق في هذه القضية بدأ مطلع 2014 اثر تقدم اب بشكوى الى السلطات يؤكد فيها ان ابنه البالغ اليوم 21 عاما ذهب الى سوريا، متهما موظفا في مكتبة يبلغ 59 عاما بالتأثير على ابنه ودفعه الى السفر. وبمداهمة منزل المدعى عليه وجدت قوات الامن في حوزته مبلغ 10 آلاف يورو نقدا.
اما الموقوف الثاني فيبلغ 31 عاما وهو متهم بالمشاركة في تمويل رحلة الشاب الجهادي الى سوريا. اما المتهمان الآخران فيبلغان 20 و22 وتم اطلاق سراحهما مع ابقائهما قيد المراقبة القضائية. وبخصوص التحقيق في الشبكة الجهادية الثالثة فقد اعتقل المتهمون فيها في منطقة كان (جنوب شرق) وهم شقيق وشقيقة وزوجة رشيد رياشي الذي توجه الى سوريا في خريف 2012 وقد وجه اليهم القضاء تهمة الانضمام الى عصابة اشرار بهدف المشاركة في نشاطات ارهابية، واطلقت السلطات سراح الشقيق والشقيقة مع ابقائهما تحت المراقبة القضائية في حين اودعت الزوجة خلف القضبان بانتظار محاكمتها.
الى جانب ذلك حكمت محكمة في باريس على الفرنسي جيل لوغوين (60 عاما) الذي انضم إلى تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" بمالي، بالسجن ثماني سنوات. وقال محامي لوغوين إنه سيستأنف الحكم. وحوكم الفرنسي خصوصا بسبب مشاركته في هجوم الإسلاميين على مدينة ديابالي في مالي في كانون الثاني/يناير 2013. وكان في شاحنة "بيك اب" محملة بالمتفجرات لكنه قال إنه لم يشارك مباشرة في الهجوم.
وتم توقيف هذا الفرنسي، القبطان السابق في البحرية التجارية، من قبل القوات الخاصة الفرنسية في مالي. وهو يتحدر من أسرة كاثوليكية في بريتاني (غرب) وكان بوذيا قبل أن يعتنق الإسلام. وسافر لوغوين كثيرا قبل الاستقرار في المغرب ثم في موريتانيا ثم في مالي مع زوجته الثانية المغربية. وكان حذر في شريط فيديو بث في تشرين الأول/اكتوبر 2012 من قبل موقع "صحراء ميديا" الإخباري الرئيسين الفرنسي والأمريكي والأمم المتحدة من مغبة التدخل العسكري في مالي ضد مجموعات إسلامية متطرفة سيطرت حينها على شمال البلاد.
على صعيد متصل رفض القضاء الفرنسي دعوى رفعتها احدى الامهات ضد الدولة بتهمة عدم منع ابنها الفتى من التوجه الى سوريا للقتال هناك. واعتبرت المحكمة الادارية في باريس ان اجهزة الشرطة التي دققت في هوية الفتى في مطار نيس قبل ان يستقل الطائرة الى تركيا "لم ترتكب خطأ من شأنه ان يؤكد مسؤولية الدولة". وتوجه الفتى في 27 كانون الاول/ديسمبر 2013 عندما كان في السادسة عشرة بعد ان اعتنق الاسلام الى سوريا للمشاركة في القتال انطلاقا من نيس برفقة ثلاثة اخرين. واستقل طائرة الى اسطنبول للتوجه الى سوريا حيث لا يزال موجودا وفقا لوالدته. بحسب فرانس برس.
وكانت محامية الوالدة اعتبرت انه "غادر الاراضي الفرنسية الى تركيا المعروفة بانها بوابة الدخول الى سوريا من دون ان يقلق ذلك الشرطة". لكن المحكمة اكدت ان "هذه الوقائع ليست كافية لاثبات ان الشرطة اقترفت خطأ" مشيرة الى ان "الشروط القانونية كانت متوفرة لكي يغادر الاراضي للسفر الى تركيا". وقد طلبت الام من المحكمة الادارية في باريس ان تحكم على الدولة بدفع مبلغ 110 الاف يورو تعويضا لها ولأطفالها الثلاثة الاخرين بسب الضرر الذي لحق بهم. وتم اعتراض كثيرين عام 2014 بينما كانوا يحاولون التوجه الى سوريا بموجب اشعار من عائلاتهم غالبا.
جمعية فرسان العزة السلفية
من جهة اخرى بدأ القضاء الفرنسي محاكمة 15 عضوا من مجموعة "فرسان العزة" السلفية التي تم تفكيكها أواخر فبراير/ شباط 2012 بأمر من وزير الداخلية الفرنسي السابق كلود غيان. وتتهم المجموعة السلفية التي اشتهرت بدعواتها الاستفزازية بتهمة التحضير لاعتداءات في فرنسا. وفي صلب القضية "أمير" المجموعة محمد الشملان (37 عاما) الذي أسس موقعا يحمل الاسم نفسه ويسعى رسميا لمكافحة معاداة الإسلام. إلا أن بعض تصريحاته العنيفة أدت إلى مثوله أمام القضاء في 2011 بتهمة التحريض على التمييز العنصري والديني.
ونظمت المجموعة تظاهرات خصوصا ضد القانون الذي يحظر النقاب. وفي كانون الثاني/يناير 2012، تم حل المجموعة بقرار من وزارة الداخلية التي اتهمتها بالتحريض على النضال المسلح. وأثار القرار، تم نشر نص على الإنترنت يطالب بـ"رحيل كل القوات الفرنسية عن الأراضي ذات الغالبية المسلمة دون شروط أو مهل"، بالإضافة إلى "سحب القوانين المشينة ضد الحجاب والنقاب".
وحذر النص أنه "في حال عدم أخذ مطالبنا في الاعتبار فاننا سنعتبر أن الحكومة دخلت في حرب ضد المسلمين". وتم رصد أعضاء المجموعة على الإنترنت حيث يبحث الشملان عن ضبط مناظير البنادق والسترات الواقية. كما أنه توعد في دردشة خاصة بإلحاق جراح بفرنسا.
وفي 28 آذار/مارس 2012 تم القبض على الشملان ورفاقه في مختلف أنحاء فرنسا التي كانت تشهد حملات الانتخابات الرئاسية. وتم ضبط أسلحة لديهم. وأشار محققون إلى مخطط لخطف قاض في ليون إلا أن مدعي باريس نفسه أشار إلى مخطط "دون محاولة البدء في التنفيذ".
ويبدو أن التحقيق لا يستهدف مجرد نشاط دعائي بل "مجموعة من العناصر الناشطين ونواة صلبة حول محمد الشملان يمكن أن تنفذ أعمالا إرهابية في فرنسا". وعثر المحققون على أجهزة الكمبيوتر للعديد من عناصر المجموعة "إرشادات للتجنيد" وجهها "الأمير" تتضمن خصوصا "ضرورة التعليم على الرماية (البحث عن نوادي رماية قريبة منكم)". إلا أن بيرانجيه تورنيه محامي الشملان اعتبر أن الإدعاء ليس لديه اتهام ملموس ضد موكله الذي أسس "فرسان العزة لمكافحة معاداة الإسلام على الصعيد الإعلامي".
اضف تعليق