ان عملية التصدي للإرهاب القاعدي ينبغي ان تسير بأسلوبين أحدهما ناعم والاخر خشن، اما الخشن فيتطلب تعزيز الجهد الاستخباري سيما في المناطق النائية واذناب المدن والمناطق الصحراوية التي تشكل حواضن للإرهاب يبني فيها مثلثات الموت ويعزز بنيته الاقتصادية نظرا لضعف الجهد الاستخباري والامني فيها، واما الناعم فيتطلب خلق بيئة طاردة للأفكار المتطرفة...
بعد ان أنهى ابناء العراق حلم البغدادي بإعلان "دولة إسلامية" (على منهاج الخلافة الراشدة) والذي كان نتاج التوافق بين منهجية التطرف والبعث بقيادة المتطرف (ابراهيم عواد البدري البغدادي) والبعثي (حجي سمير محمد نايل الخليفاوي) عقيد سابق في الجيش العراقي، تراجعت داعش لتتبنى منهجية القاعدة في هيكلة التنظيم وتنفيذ الاعتداءات الارهابية.
ماهي منهجية القاعدة؟ تتمثل منهجية القاعدة باعتماد الاتي:
1) العمل بشكل مجاميع وخلايا نائمة وترك استراتيجية مسك الارض (جغرافيا للكر والفر وليس للإقامة) لضرب المدنيين والقوات الامنية والدوائر والمؤسسات المرتبطة بها.
2) الاعتماد على العمليات الإرهابية ذات الدلالات النفسية والإعلامية وبصورة وحشية.
3) اعتماد سياسة احتواء المخالف من الفصائل السلفية المعتدلة باستخدام الهدنة والتنسيق املا في استمالتها.
هذه الاساليب ترفع من مستوى الحماية لعناصر التنظيم ضد عمليات الاختراق وتقلل من التكاليف المالية والاقتصاد بالسلاح ودقة ونوعية الاهداف.
التحدي في مواجهة منهجية القاعدة تكمن في مواجه عدو خفي يظهر بشكل مؤقت ودراماتيكي ويجند باستمرار عناصر جديدة لم تكن ضمن سجلات المطلوبين لدى الاجهزة الامنية.
في حين ان مواجهة منهجية البغدادي أسهل نوعا ما اذ ان العدو يمسك بأرض معينة وهذا يعني التعامل مع عدو ظاهر وهو يحاول التمدد وفق رؤية استراتيجية وحدود أعلنها البغدادي هي ذاتها حدود الدولة العباسية وهذا شكل تهديدا لبلدان كثيرة تحشدت لدعم العراق في مقارعة داعش فجبهة النصرة مثلا حاولت الحصول على اعتراف دولي لمنع اي تحشيد دولي ضدها من خلال تقديم نفسها كحركة مناهضة للنظام السوري والاعلان عن انها لا تسعى للتمدد في مناطق اخرى خارج سوريا.
إن تنفيذ الاعتداء الارهابي في منطقة الباب الشرقي ببغداد بهجوم انتحاري يؤشر شروع التنظيم بتجنيد عناصر جديدة للعمل لصالحه او القيام بعمليات انتحارية إذ ان تجنيد عناصر جديدة غير معروفة بالنسبة للأجهزة الامنية يرفع من الحماية الامنية للتنظيم.
وهذا يعني ان اعتداءات اخرى يمكن ان تقع في مناطق بغداد او المحافظات بهدف لفت الانتباه واثبات الوجود وتحفيز اخرين للإنضمام للتنظيم.
ولا ننسى حجم الاعتقالات والتفكيك للشبكات الإرهابية التي يقوم بها جهاز مكافحة الارهاب في مناطق متفرقة من العراق والمتابع لحسابات الجهاز على الانترنت يعرف ذلك.
ان احد اهم القواعد المستخدمة في مرحلة إنهاك القوات الامنية يذكرها المنظر المتطرف ابو بكر ناجي في كتابة (إدارة التوحش) وهي قاعدة "اضرب بقوتك الضاربة واقصى قوة لديك في اكثر نقاط العدو ضعفا"، ويؤكد ابو بكر ناجي "الذين يتعلمون الجهاد النظري اي يتعلمون الجهاد على الورق فقط لن يستوعبوا هذه النقطة جيدا".
ان عملية التصدي للارهاب القاعدي ينبغي ان تسير باسلوبين احدهما ناعم والاخر خشن، اما الخشن فيتطلب تعزيز الجهد الاستخباري سيما في المناطق النائية واذناب المدن والمناطق الصحراوية التي تشكل حواضن للإرهاب يبني فيها مثلثات الموت ويعزز بنيته الاقتصادية نظرا لضعف الجهد الاستخباري والامني فيها، واما الناعم فيتطلب خلق بيئة طاردة للأفكار المتطرفة في مناطق محددة وتبني برنامج ممنهج بارادة وحزم كبيرين لمواجهة الغزو الفكري الداعشي وإيقاف عمليات تجنيد الشباب لصالح التنظيم، واعادة الثقة بين المواطن والقوات الامنية وابعاد القطعات والفصائل التي لا تُحسن التعامل مع المدنيين، فافكار التنظيم لازالت معلقة في اذهان بعض الشباب والمراهقين وتحظى بإعجابهم لاسيما الذين يفعو خلال فترة سيطرة داعش على مساحات واسعة، لذا فأن التعامل وفق مبدأ (الجميع إرهابيون) يمكن ان يخلق ردود فعل سلبية.
لله الحمد ان داعش عمد الى تبني الاعتداء وهو ما فوت الفرصة على قنوات فضائية كثيرة بدأت باستثمار الحدث وادخال الجمهور في صراع محاور بغطاء طائفي ضمن حرب إعلامية تعود بنا الى اعوام ما بعد 2003 والقتل الطائفي.
ينبغي لنا التأني وعدم الانجرار وراء الفتن والاقاويل وتأويلات الإعلام الاصفر، وعلى وسائل الإعلام ان تعي دورها في مواجهة الارهاب ولا تكون جزءا منه وعلى السلطات المختصة عدم التهاون بسحب رخصة كل وسيلة إعلامية تمارس دورا في ايجاد الشحن والاصطفاف الطائفي وبذر الكراهية بين مكونات الشعب العراقي.
اضف تعليق