المنهاج الذي أسسه تنظيم القاعدة ومشتقاتها لإسقاط الانظمة واقتطاع أجزاء من بلدان، منهاجٌ اطلقوا عليه إسم (إدارة التوحش)) ويقتضي أولاً العمل على انهاك نظام الحكم واسقاط منظومة الدولة وإحداث حالة من الفوضى والذعر (والتوحش) عبر مجاميع (التنكيل والإنهاك)، ثم اعلانهم مرحلة جديدة هي (مرحلة إدارة التوحش) من قِبلهم، عندها يعلنون الانفصال ثم الفتح والانتصار في تأسيس نظام حكم قاعدي سلفي جديد.
فكانت الخطوة الأولى في المنهاج سياسة التوحش والفوضى (الدراسة الموضوعية) لطبيعة البلدان والمناطق التي يراد غزوها والهيمنة عليها، من حيث الموقع الجغرافي والأهمية الاقتصادية والطبيعة الاجتماعية والثقافية التي تكفل لهم الحواضن اللازمة.
عندها تبدأ مجاميع النخر التي يسمونها (مجموعات النكاية والانهاك) بالعمل على الخطوة الثانية في التحطيم الاجتماعي والتفتيت السياسي والإرباك الأمني والإخلال الاقتصادي وهي مرحلة يطلقون عليها (شوكة النكاية والانهاك) وعادة ما تكون هذه المجاميع نائمة من ذات المجتمع أو وافدة عليه مستقرة فيه، كما تتخللها عناصر سياسية متغلغلة في الحكم والدولة والنظام لتعمل من داخل موقعها الذي هي فيه.
حتى إذا استكملت هذه الخطوة ظروفها وأوشك النظام على الانهيار أو المنطقة على الانفصال بدأت الخطوة الثالثة بدخول مرحلة التوحش والفوضى، عندها يلجأ الناس إلى من يحميهم من القوى الاجتماعية أو بقايا الدولة عندها تأتي تنظيمات التوحش لتستوعب هذه القوى وتجمعها والناس إليها وتنسق معها حتى إذا تمت الهيمنة على الناس، يكونون قد دخلوا مرحلة (ادارة التوحش) وهي الخطوة الرابعة في البحث.
الخطوة الرابعة: البدء بمرحلة ادارة التوحش
وفي هذه المرحلة يعرضون انفسهم للناس على أنهم المنقذون لمذهبهم وقومهم وعشيرتهم ويحاولون أن يظهروا انفسهم كحماة للمنطقة والقادرين على تأمين الحماية الأمنية وإدارة استقرارها وتنظيم حياتها، ومن تلك التي سمعناها في المناطقة المحتلة داعشيا قولهم للناس لقد رفعنا عن شوارعكم الحواجز الكونكريتية بينما كنتم تعيشون عقدة الحواجز في النظام القائم، وهكذا يستغبون الشعب الغبي الذي كان حاضنة لهم، ولم يسأل واحد منهم أن الدولة كانت تضع الحواجز للحيلولة دون عبثكم وها انتم سبب الحواجز قد دخلتم فمن الطبيعي أن لا داعي للحواجز، وهكذا يعتبرون هذا وامثاله كجهاد النكاح انجازا للأغبياء، كما حصل للموصل وتكريت والرمادي والحسكة وحضرموت وضواحي من عدن ونيجيريا وغيرها بعد أن يكونوا قد أروهم الرعب والاستبداد والقهر.. وهنا نجد كتابهم المعروف ب (إدارة التوحش ص17) يضع ملامح المهمات الاساسية لهذه الادارة المزعومة فيقول:
(مهمات إدارة التوحش في الصورة المثالية التي نرومها، والتي تتفق مع مقاصد الشرع {حسب زعمهم}، هذه المهمات هي:
1. نشر الأمن الداخلي.
2. توفير الطعام والعلاج.
3. تأمين منطقة التوحش من غارات الأعداء.
4. إقامة القضاء الشرعي بين الناس الذين يعيشون في مناطق التوحش.
5. رفع المستوى الإيماني ورفع الكفاءة القتالية أثناء تدريب شباب منطقة التوحش وإنشاء المجتمع المقاتل بكل فئاته وأفراده عن طريق التوعية بأهمية ذلك.
6. العمل على بث العلم الشرعي [الأهم فالمهم] والدنيوي الأهم فالمهم.
7. بث العيون واستكمال بناء إنشاء جهاز الاستخبارات المصغر.
8. تأليف قلوب أهل الدنيا بشيء من المال والدنيا بضابط شرعي وقواعد معلنة بين أفراد الإدارة على الأقل..
9. ردع المنافقين بالحجة وغيرها وإجبارهم على كبت وكتم نفاقهم وعدم إعلان آرائهم المثبطة ومن ثم مراعاة المطاعين منهم حتى يكف شرهم.
10. الترقي حتى تتحقق إمكانية التوسع والقدرة على الإغارة على الأعداء لردعهم وغنم أموالهم وإبقائهم في توجس دائم وحاجة للموادعة.
11. إقامة التحالفات مع من يجوز التحالف معه ممن لم يعط الولاء الكامل للإدارة).. ولذلك نجدهم يتحالفون مع قوى سياسية وعشائرية ودينية محلية وإقليمية واسرائيل وغيرها.
الخطوة الخامسة: مرحلة تطويع الناس لمناهجهم
حتى إذا استمكنت (تنظيمات التوحش) قبضتهم على من في أيدهم من الناس، بعد أن استجابوا لما كانت تميل إليه تطلعاتهم من التمرد والانفصال أدخلوهم مرحلة تطبيق منهاجهم الديني الفاسد نظاما وعقيدة، دينا واخلاقا بإسم تطبيق الشريعة ومنهاج السنة والنبوة التي هي منهم براء) في سبي النساء وجلد من لا يحضر صلاة الجمعة وإرغامهم على تقديم بناتهم لجهاد النكاح وأمثالها، وفرض مرافقة المرأة لرجل من محارمها حين خروجها للشارع، وعدم جلوسها على الكرسي وحرمة الرياضة ومشاهدة التلفاز واقامة الشريعة بالذبح، وجباية الاموال بالقوة، وفرض التدين بالإكراه من اجل تطويع الناس لهم ولمنهاجهم.
وإذا ما تصدت الحكومات المركزية لتطهير البلاد من (تنظيمات ادارة التوحش) أو هيمنة (حكومات ادارة التوحش) اعلن المتوحشون أن الشرعية محصورة بهم، ولا شرعية لغيرهم فيحاربون كل من يتصدى لهم، ويعلنون كفر النظام جاعلين كل من يساعده في دائرة الشرك والكفر والإرتداد، فيرعبوا الناس على أنهم ضالون مرتدون كما فعل الخوارج مع أمير المؤمنين عليه السلام ومن يؤمن به، ومن لا يتفق معهم.
إذن....
هم يخربون البلاد ويهلكون الحرث والنسل ويفسدون نظام الناس الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني ثم يعلنون أنفسهم مصلحين شرعيين يهتمون بنشر الامن الداخلي والعدل والوعي والثقافة.
عندها يكفر الناس بالدين والشريعة والسنة. وهذا ما رأيناه في العراق من قاعدة الزرقاوي وداعش البغدادي، وسوريا من قاعدة النصرة وداعش والفتح وغيرها، واليمن من القاعدة وغيرها ونيجيريا من بوكا حرام وجريرة العرب من داعش والقاعدة في المنطقة الشرقية وغيرها.
ولكن رحمة الله بعبادته أن جعل لهم من يبين السنة والشريعة ومنهاج الوحي، فجعل اميرا للمؤمنين ليتبين من هم المؤمنون، وجعل إئمة للمسلمين ليتبين بمن يجب أن يأتم المسلمون. ويميزهم عن غيرهم من المنافقين.
الخلاصة...
أن منهج تنظيمات القاعدة ومشتقاتها هو زعزعة استقرار الناس وإفساد وضعهم واستقرارهم، والنخر في النظام لإحداث حالة فوضى عارمة في كل مجال ثم يعملون على الانفصال ريثما يتمكنون من الهيمنة على الناس في ادارة تلك الفوضى وتطويع الناس لثقافتهم ومشروعهم في ما يسمونه تطبيق الشريعة كذبا وزورا، ومنهاج السنة المنحرف عن السنة النبوية.
وعادة ما يعتمد منهاجهم على دراسة الوضع الجغرافي واهميته للمنطقة، والوضع الديني والمذهبي، ومقدار تذمر احزاب سياسية ودينية من النظام الحاكم لخسارتها مواقعها السياسية أو مصالحها السابقة، فضلا عن التوجيه الاعلامي عبر الشحن الطائفي أو القومي.
اضافة إلى ذلك كله وجود طابور خامس في داخل منظومة الحكم والدولة من السياسيين الذين يقومون يعرقلة العملية السياسية، وتعطيل القوانين، وشل حركة المشاريع، مما يحدث خللا أمنيا وسياسيا واقتصاديا لتستكمل مرحلة النكاية والانهاك، التي تنتهجها تنظيمات التوحش والفوضى، دورها.
عندها تكون المسؤولية الكبرى هي وعي السياسيين لخطورة الموقف وأن:
1- لا يضيعوا العمر والجهد والبناء وحماية مصالح المجتمع بمبادرات التدويخ السياسي (من مصالحة وطنية وتوافق وطني واتفاق وطني) والمدعوم دوليا واقليميا بما يتيح الفرصة لمشروع تنظيمات التوحش والفوضى وحكوماتها.
2- أن يصرح رؤساء أو افراد الكتل السياسية تصريحات مسؤولة، لأن الله ورسوله وأهل البيت سيسألونهم عما يصرحون وكيف يتصرفون، خصوصا وان كلمة المسؤول إما أن تُسقط المجتمع أو ترفعه لأن (زلة الرأي تأتي على المُلك وتؤذن بالهُلك) أما إذا كان الرأي صادرا من عالِم فإن (زلة العالم تفسد العوالم) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
3- اصدار قوانين صارمة لملاحقة الطابور الخامس ومجاميع (النكاية والانهاك) المتعشعشة في مفاصل الحكم والدولة.
4- الملاحقة القضائية للأبواق الاعلامية الداعمة لخلق حالة الفوضى والتوحش، مطالبةً الانتربول الدولي بملاحقة من ثبتت عليهم ادانة التورط بالارهاب وقتل الأبرياء.
5- توكيل محامين دوليين اكفاء لمحاكمة الداعمين الدوليين للإرهاب، عند المحاكم الدولية.
6- توكيل محامين دوليين متمرسين لمحاكمة علماء فتوى التكفير والإرهاب، وهذا يحتاج إلى اموال طائلة يجب على الحكومات أن لا تبخل بها وإلا فهي اقل من النفط الذي يسرقه السراق، والأموال التي يختلسها المختلسون من دواعش العملية السياسية العاملين ضمن (جهاز النكاية والانهاك) في مجاميع وحكومات التوحش العربي.
7- اطلاع الشعب على كل الاتفاقات الدولية ليكون على بينة من أمره، وكذلك اطلاعه على المؤامرات الخارجية والمحلية وفضحها، لأن الشعب هو الرصيد لا دول العالم وتحالفاتها.
اضف تعليق