لايزال تنظيم (داعش) الإرهابي يواصل ارتكاب الجرائم والمجازر المروعة بحق المواطنين الأبرياء، في المناطق التي استولى عليها التنظيم في سوريا والعراق كما يقول بعض المراقبين. الذين اكدوا على ان عصابات داعش الإجرامية المدعومة من جهات ودول خليجية وإقليمية، خوض معارك عنيفة ومستمرة في العديد من المحاور وبين أكثر من طرف سواء الجماعات المتطرّفة او قوات الجيش السوري. وبحسب بعض الخبراء فان الحرب ضد داعش التي يشارك فيها تحالف الدولي، قد شهدت تطورات جديدة يمكن ان تسهم بتصحيح بعض الأخطاء السابقة فيما يتعلق بخطر هذا التنظيم المتطرف على منطقة الشرق الأوسط، خصوصا وان التنظيم ومن خلال استخدامه للأساليب الإجرامية المختلفة، قد استطاع تحقيق بعض الأهداف العسكرية حيث تمكن من الحصول على موطئ قدم جديد في بعض القرى والمناطق في سوريا والعراق، وهو ما أثار مخاوف قوى تحالف الدولي التي سعت إلى إعلان الحرب ضد داعش في سبيل تأمين مصالحها الخاصة.
وذلك من خلال اعتماد خطط وإجراءات جديدة لاستنزاف قوة التنظيم، منها دعم وتجهيز بعض الاطراف المسلحة في سوريا او ما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، التي أوكل لها مهمة محاربة داعش على الأرض وذلك تحت غطاء جوي أمريكي، وهو ما عده البعض لعبة أمريكية وخطط جديد من اجل إسقاط النظام في سوريا، هذا بالإضافة إلى انه مجرد زوبعة إعلامية استخدمها البيت الأبيض، لأجل تغييب بعض الحقائق خصوصا وان العديد من التقارير والوقائع تفيد ان تنظيم داعش ممول من أمريكا، التي تسعى الى تقسيم العراق وسوريا إلى دويلات صغيرة.
وفيما يخص اخر المستجدات في سوريا فقد شن التحالف الدولي ضربات ضد مواقع لتنظيم داعش في شمال سوريا تزامنت للمرة الأولى مع خوضهم اشتباكات ضد فصائل إسلامية بينها جبهة النصرة، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد "نفذت طائرات تابعة للتحالف العربي الدولي اربع ضربات استهدفت نقاط تمركز التنظيم في بلدة صوران اعزاز، حيث تدور اشتباكات بين عناصر التنظيم من جهة، وحركة احرار الشام وفصائل إسلامية وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) من جهة اخرى".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "انها المرة الاولى التي يدعم التحالف الدولي معارضة غير كردية في اشتباكات ضد مقاتلي تنظيم داعش". وينفذ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية منذ ايلول/سبتمبر غارات جوية على مواقع لتنظيم داعش في العراق وسوريا، كما قدم دعما مباشرا للمقاتلين الاكراد في معاركهم ضد التنظيم في شمال البلاد.
وسيطر التنظيم على بلدة صوران القريبة من مارع والواقعة على طريق امداد رئيسي للمعارضة من تركيا الى حلب، بعد اشتباكات عنيفة ضد فصائل اسلامية أبرزها حركة احرار الشام بالإضافة الى مقاتلي جبهة النصرة. وعلى موقع تويتر، اعرب مناصرون للتنظيم الجهادي عن غضبهم من غارات التحالف، متهمين الفصائل المعارضة بانها "عميلة لاميركا". وتشهد سوريا منذ منتصف اذار/مارس 2011 نزاعا بدأ باحتجاجات سلمية قبل ان يتحول الى حرب دامية فاقمها تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية، واسفرت عن مقتل اكثر من 220 الف شخص وتهجير الملايين من السوريين.
معارك ومطالب
من جانب اخر قال الجيش السوري إنه صد هجوما كبيرا شنه تنظيم داعش في مدينة الحسكة بشمال شرق البلاد مجبرا مقاتليه على الانسحاب بعدما استولوا على منشآت رئيسية على المشارف الجنوبية للمدينة. ويحظى الجزء الشمالي الشرقي من سوريا بأهمية استراتيجية لأنه يربط بين المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في كل من سوريا والعراق. كما يسعى أكراد سوريا إلى توسيع سيطرتهم على منطقة تمتد من كوباني إلى القامشلي يعتبرونها جزءا من دولة كردية يطمحون إلى تأسيسها في المستقبل.
وتقدم تنظيم داعش من معقله في مدينة الشدادي جنوبي مدينة الحسكة بشكل خاطف هذا بعد تنفيذه عددا من العمليات الانتحارية ضد نقاط تفتيش تابعة للجيش السوري على مشارف المدينة بشاحنات ملغومة. لكن التلفزيون السوري الرسمي نقل عن مصدر عسكري في محافظة الحسكة قوله في نبأ عاجل إن الجيش استعاد محطة كهرباء وسجنا للأحداث وقريتين تقعان على مسافة كيلومترين تقريبا جنوبي الحسكة التي احتلها التنظيم من قبل.
وأعلن الجيش في وقت لاحق أن القوات الجوية السورية قصفت مواقع للمتشددين في عدد من القرى جنوبي الحسكة بينها تل فواز ومشرافة ومخروم وتل بارود وأم مدفع وأن عشرات من "الإرهابيين" قتلوا ودمرت عرباتهم. وهذه الهجمات هي الأعنف التي يشنها التنظيم المتشدد على الحسكة عاصمة المحافظة التي تشتهر بإنتاج الحبوب واحتوائها على آبار للنفط.
من جانب اخر قال وليد المعلم وزير الخارجية السوري إن دمشق تريد تنسيقا أكبر مع بغداد لمحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على مساحات كبيرة من الأراضي في البلدين. وجاء تصريح المعلم بعد أيام من سيطرة الدولة الإسلامية على معبر حدودي واجتياحها مدينة بوسط سوريا. وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على معبر التنف مع العراق وسيطر على مدينة تدمر الأثرية. ورغم أن دمشق وبغداد تربطهما علاقات وثيقة مع إيران إلا أن تصريحات المعلم تشير إلى أن دمشق ليست سعيدة بمستوى التعاون العراقي في القتال ضد الدولة الإسلامية. وقال إن البلدين أدركا ضرورة أن يقاتلا معا. بحسب رويترز.
وقال إن التنسيق لم يصل إلى مستوى التهديد الذي يواجهه البلدان. وتنسق بغداد مع القوات الأمريكية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على أراض من قوات الحكومة في شمال وغرب البلاد. وفي سوريا تنفذ طائرات بقيادة الولايات المتحدة ضربات جوية تقول إنها لا تنسقها مع الجيش السوري وتركز على مناطق خارج سيطرة الحكومة.
إلا أن سوريا تقول إنه جرى ابلاغها بهجمات قبل وقت من تنفيذها وانتقدت الغارات التي تقودها الولايات المتحدة قائلة إنها غير فعالة ولكنها لم تعارضها. وقال المعلم أيضا إن دعم سوريا من حليفيها الرئيسيين روسيا وإيران ما زال قويا وانهما لن يتراجعا عن مساعدة سوريا كي تظل ثابتة. وتتهم سوريا تركيا بتمويل وتسليح المقاتلين إلا أن تركيا تنفي تسليح المقاتلين أو مساعدة الإسلاميين المتشددين.
داعش والمعارضة
في السياق ذاته قال مقاتلون وجماعة تراقب الحرب الأهلية في سوريا إن مقاتلي تنظيم داعش حققوا تقدما في مواجهة مقاتلين منافسين من المعارضة السورية في شمال البلاد واستولوا على مناطق قرب معبر حدودي مع تركيا وهددوا طريق إمدادات لمقاتلي المعارضة في مدينة حلب. واستولى مقاتلو التنظيم على بلدة صوران أعزاز وقريتين قريبتين بعد اشتباكات مع مقاتلين من تحالف شمالي تشكل في ديسمبر كانون الأول الماضي ويضم مقاتلين مدعومين من الغرب ومقاتلين إسلاميين.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتابع الحرب إن هذا يعني أن التنظيم بات بإمكانه التحرك عبر طريق يقود شمالا إلى معبر باب السلامة الحدودي بين محافظة حلب السورية واقليم كلس التركي. وقال مقاتلان إن خسارة البلدة تمثل ضربة للمقاتلين الذين تجمعوا تحت مظلة ما يعرف باسم تحالف الجبهة الشامية لان المنطقة تقع على ممر إمدادات مهم لنقل الأسلحة إلى حلب.
وقال أبو بكر وهو قائد ميداني للتحالف في رسالة عبر الانترنت "خط الامداد الرئيسي بين تركيا وحلب سيتأثر بشدة." وتشكلت الجبهة الشامية في حلب في مسعى لتوحيد الصف بين الفصائل في سوريا التي كثيرا ما تتقاتل فيما بينها إلى جانب قتال الجيش السوري والجماعات المتشددة. بحسب رويترز.
وقال مقاتلون إن مكاسب التنظيم قوضت خططا لشن هجوم أوسع كان يجري الإعداد له قبل شهر رمضان للاستيلاء على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حلب. وذكر سكان في شرق حلب أن قوافل من المقاتلين تتوجه عائدة إلى مناطق في ريف صوران في مسعى لصد داعش. وتسيطر قوات الحكومة على غرب المدينة.
الاكراد يطردون التنظيم
على صعيد متصل سيطر مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية على 14 بلدة اشورية في شمال شرق سوريا كانت تحت سيطرة تنظيم داعش منذ 23 شباط/فبراير الماضي، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "تمكن مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية بالتعاون مع قوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني من استعادة السيطرة على 14 بلدة اشورية في محافظة الحسكة، بعد اشتباكات عنيفة ضد مقاتلي التنظيم استمرت عشرة ايام، وانتهت بطردهم من المنطقة".
وشن تنظيم داعش في 23 شباط/فبراير هجوما استهدف منطقة الخابور التي تضم 35 بلدة اشورية وتمكن من السيطرة على 14 بلدة وفق المرصد، ما دفع الاف الاشوريين الى النزوح. واكد مدير الشبكة اسامة ادوارد الذي يتخذ من ستوكهولم مقرا، تقدم المقاتلين الاكراد في المنطقة. وقال ان سيطرتهم على البلدات الاشورية "جاءت بعد غارات كثيفة لقوات التحالف الدولي تركزت قرب بلدة تل تمر" الاستراتيجية في منطقة الخابور.
واشار المرصد من جهته الى "ضربات عنيفة وكثيفة نفذتها طائرات التحالف العربي الدولي، التي عمدت الى قصف تمركزات وتجمعات التنظيم ومقراته قبل قيام مقاتلي وحدات الحماية والمقاتلين الداعمين لها بتمشيط المنطقة". وساعدت غارات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن المقاتلين الاكراد على طرد تنظيم الدولة الاسلامية من مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود السورية التركية في كانون الثاني/يناير. بحسب فرانس برس.
وتظهر صور حصلت عليها الشبكة الاشورية وفق ادوار "دمارا كبيرا لحق بالمنازل والكنائس الموجودة في البلدات الاشورية التي كانت تحت سيطرة داعش". واشار الى "خشية عدد كبير من الاهالي من العودة الى قراهم بعد انباء عن تلغيم التنظيم للمنازل". وفر نحو خمسة الاف اشوري من البلدات المحيطة بنهر خابور بعد هجوم التنظيم الذي اعتقل 220 اشوريا، لا يزال يحتجز 210 منهم، وفق الشبكة الاشورية. ويبلغ عدد الاشوريين الاجمالي في سوريا حوالى ثلاثين الفا من بين 1,2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من الحسكة.
إعدامات وتدمير
الى جانب ذلك قالت وسائل اعلام سورية إن مقاتلي تنظيم داعش الارهابي أعدموا 400 شخص على الأقل في تدمر منذ أن سيطروا على المدينة الأثرية. وسيطر المتشددون على تدمر التي يقطنها 50 ألفا وتضم بعضا من الآثار الرومانية. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن سكان في المدينة قولهم "إرهابيو التنظيم المتطرف قاموا بذبح 400 شخص على الأقل معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ ومثلوا بجثثهم... تحت مبررات وذرائع ظلامية تكفيرية تتنافى وجميع القيم والمبادئ الإنسانية." وأضافت أن عشرات ممن قتلوا من موظفي الدولة وبينهم رئيسة قسم التمريض في مستشفى تدمر الوطني وكل أفراد عائلتها.
وبث مؤيدو التنظيم تسجيلات فيديو على الانترنت يقولون إنها توضح المقاتلين وهم يفتشون الغرف في مبان حكومية بحثا عن قوات حكومية وينزعون صور الرئيس بشار الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد. وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت إن هناك مئات الجثث في شوارع المدينة ويعتقد أنها لأنصار الحكومة. ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان إن بعض الناس قطعت رؤوسهم في المدينة منذ سقوطها ولكن لم تذكر أي تقديرات للأعداد من المدنيين.
وأخلى عشرات الجنود السوريين موقعا استراتيجيا داخل مستشفى في محافظة إدلب بشمال غرب البلاد حيث كانوا محاصرين. وقال التلفزيون السوري إن غارات جوية نفذها سلاح الجو السوري قتلت 300 مسلح على الأقل في ضربات نجحت في فك الحصار عن مستشفى جسر الشغور.
ودخل مقاتلو التنظيم الى متحف مدينة تدمر ودمروا عددا من المجسمات الحديثة ثم وضعوا حراسا على ابوابه، وفق ما أعلن المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم. وقال عبد الكريم "تلقينا معلومات من تدمر قبل انقطاع الاتصالات بأنهم فتحوا ابواب المتحف ودخلوا اليه، وكان هناك تكسير لبعض المجسمات الحديثة التي تمثل عصور ما قبل التاريخ وتستخدم لأهداف تربوية، ثم اغلقوا ابوابه ووضعوا حراسا على مداخله".
ووفق عبد الكريم، فإن "مئات القطع الاثرية في المتحف قد نقلت الى دمشق منذ زمن وعلى دفعات". لكنه ابدى خشيته على "القطع الضخمة التي لا يمكن تحريكها على غرار المدافن الجنائزية". ويطلق على تدمر اسم "لؤلؤة الصحراء" وهي معروفة بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. ولا تشهد المواقع الاثرية اي تحركات لمقاتلي داعش، وفق عبد الكريم الذي آمل "ان لا تتعرض المدينة لأعمال تدمير مشابهة لتلك التي حدثت في العراق"، في اشارة الى تدمير التنظيم لآثار الموصل ومدينتي الحضر ونمرود.
وشدد عبد الكريم على "ضرورة البحث عن استراتيجيات جديدة للتعامل مع الوضع القائم في تدمر" داعيا "المجتمع الدولي الى تقديم دعم مختلف لإنقاذ ما يمكن انقاذه". واضاف "سنفكر بإجراءات يمكنها منع هؤلاء من تدمير التراث الثقافي السوري". وقبل اندلاع النزاع السوري شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة اذ كان يقصدها أكثر من 150 الف سائح سنويا لمشاهدة اثارها التي تضم اكثر من الف عمود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، تعرض بعضها للنهب اخيرا، بالإضافة الى قوس نصر وحمامات ومسرح وساحة كبرى.
من جانب اخر أعدم التنظيم عائلات بأكملها إثر اقتحامه لقرية في محافظة حماة وسط سوريا يسكنها علويون وإسماعيليون وسنة، بحسب ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وبلغ مجموع الضحايا 37 شخصا على الأقل بينهم أطفال. وأشار المرصد أن قوات النظام طردت مقاتلي التنظيم في وقت لاحق وتمكنت من السيطرة على القرية.
وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "التنظيم أعدم عائلات عدة مؤلفة من نساء وأطفال حرقا وذبحا وبإطلاق الرصاص بعد اقتحامه القرية التي يسكنها علويون وإسماعيليون وسنة". وأشار إلى أن قوات النظام تمكنت في وقت لاحق من التصدي للهجوم وطرد مقاتلي التنظيم وإعادة سيطرتها على القرية. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في قيادة شرطة حماة قوله: إن "الإرهابيين هاجموا القرية (...) من عدة محاور وارتكبوا مجزرة بحق أهلها"، لافتة إلى مقتل "48 مواطنا وإصابة آخرين معظمهم من النساء والأطفال".
وأورد التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل أن "وحدة من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي والأهالي صدوا هجوما إرهابيا على قرية المبعوجة". وهاجم مقاتلو التنظيم القرية الواقعة في ريف السلمية واشتبكوا مع مسلحين محليين. وقال المرصد إن الاشتباكات تزامنت مع قصف جوي ومدفعي لقوات النظام على نقاط تمركز التنظيم في المنطقة.
اضف تعليق