تطورات ميدانية مهمة ومتسارعة تشهدها الحرب في اليمن، فبعد الهجوم الكبير على الحقول النفطية لشركة أرامكو العملاقة، عرض المتحدث باسم جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن يحيى السريع، تفاصيل جديدة للعملية العسكرية التي استهدفت قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في محور منطقة نجران الحدودية بين البلدين...
تطورات ميدانية مهمة ومتسارعة تشهدها الحرب في اليمن، فبعد الهجوم الكبير على الحقول النفطية لشركة أرامكو العملاقة، عرض المتحدث باسم جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن يحيى السريع، تفاصيل جديدة للعملية العسكرية التي استهدفت قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في محور منطقة نجران الحدودية بين البلدين. وصف السريع العلمية بأنها "أكبر عملية لخداع قوات العدو"، منذ تصاعد النزاع في مارس/ آذار 2015. وقال إن العملية، المسماة "نصر من الله"، ألحقت حتى الآن "خسائر فادحة" بالأرواح والمعدات في صفوف قوات خصومهم.
وأضاف المتحدث أن قوات الحوثيين دمرت ثلاثة ألوية عسكرية، إلى جانب معداتها ومعظم قواتها وقادتها، بالإضافة إلى الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة. وقال سريع إن قوات الحوثيين أسرت أيضا الآلاف، وقتلت وجرحت المئات. وأضاف أن من بين الأسرى عددا من الضباط وقادة الجيش السعودي. وأضاف المتحدث "خلال 72 ساعة فقط من بدء العملية، فرضت قواتنا حصارا كاملا على العدو"، مضيفا أنه قد تم "تحرير مئات الكيلومترات"، على حد تعبيره. وكان الحوثيون قالو إنهم أسروا الآلاف من الجنود، في عملية عسكرية واسعة بمنطقة نجران.
يرى بعض الخبراء الأمنيين أن الحوثيين استطاعوا في الفترة الاخيرة تغير موازين القوى بشكل كبير في هذه الحرب كما انهم استطاعوا ايضاً تحسين وتطوير قدراتهم العسكرية ، من خلال استخدام الطائرات المسيرة وصواريخ الكروز وهو ما مكنهم من تحقيق بعض المكاسب، والتي قد تكون سبباً في اجبار قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية على تقديم تنازلات في سبيل الخروج من هذه الحرب المدمرة. تلك التطورات ايضا دفعت بعض القوى العظمى ومنها الولايات المتحدة الامريكية الى اعتماد خطط جديدة في سبيل الحفاظ على مصالحها، خصوصا مع تفاقم الازمات والمشكلات مع ايران الدعم الاول لقوات انصار الله في اليمن.
عملية نصر من الله
وفي هذا الشأن أكد المتحدث العسكري باسم جماعة "أنصار الله" الحوثيين، العميد يحيى سريع، أن عملية "نصر من الله" التي نفذتها الجماعة في محيط نجران شملت 9 هجمات صاروخية وأسر آلاف الجنود. وقال سريع، إن "العمليات استهدفت مقرات وقواعد عسكرية منها مطارات تقلع منها الطائرات المعادية، وأن قوات الدفاع الجوي أجبرت مروحيات الأباتشي والطيران الحربي التابع للتحالف على مغادرة منطقة العمليات".
وأضاف سريع، أن "القوات المسلحة تمكنت من تحرير 350 كلم مربع في المرحلة الأولى من العملية بما فيها من مواقع ومعسكرات وسقوط 3 ألوية بعددها وعتادها". وأشار المتحدث العسكري إلى سقوط أكثر من 200 جندي، استهدفوا بعشرات الغارات أثناء الفرار أو الاستسلام، مؤكدا أن الخسائر تجاوزت الـ500 ما بين قتيل وجريح، وكذلك الاستيلاء على مئات المدرعات والآليات وكميات من الأسلحة والعتاد.
ووجه سريع، الاتهام لطيران التحالف العربي باستهداف الجنود والعسكريين اليمنيين وغيرهم لمنعهم من الفرار أو الاستسلام، حسبما صرح به. ودعا المتحدث العسكري، إلى "إجراء تبادل شامل للأسرى" بين طرفي الأزمة في اليمن. من جهته، كشف رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، عن مصير "المئات من جثث الذين قضوا في عملية "نصر من الله" في محور نجران". وقال المرتضى إن "الجثث لا زالت ملقاة في أرض المعركة بسبب تعنت قوى العدوان وعدم سماحها للصليب الأحمر بانتشالها، وأنها لا زالت مرمية في الشعاب والأودية في محور نجران بعد العملية".
وأشارت بعض المصادر الى ان العنف قد يعرقل جهود الأمم المتحدة لخفض التوتر وتمهيد الطريق لمحادثات تستهدف إنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الألوف من الأشخاص وجعلت الملايين في هذا البلد الفقير على شفا مجاعة. وتقود السعودية تحالفا تدخل في اليمن في عام 2015 لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي أطاح بها الحوثيون من صنعاء في أواخر عام 2014.
ولم ينفذ بعد اتفاق لتبادل الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، أبرم في كانون الأول برعاية الأمم المتحدة، يشمل نحو 7000 أسير من كل جانب. وصعد الحوثيون في الآونة الأخيرة هجماتهم باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ عبر الحدود مستهدفين مدنا سعودية، وأعلنوا مسؤوليتهم عن هجوم على منشأتي نفط سعوديتين في 14 أيلول 2019 ، لكن الرياض نفت صحة ذلك قائلة ، إن الهجوم لم يأت من اليمن واتهمت إيران بدلا من ذلك بالمسؤولية عن الهجوم، وهو ما تنفيه طهران. واوضح الحوثيون في 20 أيلول إنهم قد يوقفون الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية إذا أوقف التحالف بقيادة السعودية عملياته. ولم يرد التحالف حتى الآن على هذا العرض.
قوات وصواريخ اضافية
الى جانب ذلك قالت الولايات المتحدة إنها تعتزم إرسال أربعة أنظمة رادار، وبطارية لأنظمة باتريوت للدفاع الجوي وقوات قوامها نحو 200 جندي للسعودية. ويأتي نشر الأسلحة والقوات، الذي أُعلن عنه بعد هجوم على منشأتين نفطيتين سعوديتين، وهو أكبر هجوم على الإطلاق تتعرض له منشآت نفطية سعودية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنه سيتم وضع المزيد من الأسلحة في حالة تأهب استعدادا لاحتمال إرسالها. ونفت طهران ضلوعها في الهجمات، التي أدت إلى إيقاف نحو نصف إنتاج السعودية من النفط. لكن السعودية أشارت بأصابع الاتهام إلى إيران، وحذرت أن جميع الخيارات مطروحة، ومن بينها الرد العسكري.
وقالت بعض المصادر في وقت سابق، إن البنتاغون يعتزم إبقاء ناقلة طائرات في الخليج لأجل غير مسمى، مع تزايد التكهنات بأن حاملة الطائرات يو إس إس ابراهام لينكولن توشك على إنهاء مهمتها في الخليج. وترك البنتاغون الباب مفتوحا أمام المزيد من الإعلانات. وقال الجيش الأمريكي إنه يعد المزيد من قدراته "للتأهب لأوامر الانتشار"، مما يعني أنه يمكن نشرها بسرعة حال وقوع أزمة. وتشمل هذه الأسلحة بطاريتين إضافيتين لصواريخ باتريوت، من صنع شركتي رايثيون كو ولوكهيد مارتن. بحسب بي بي سي.
وأوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يعتقد أن ضبط النفس العسكري حتى الآن يظهر "القوة"، في الوقت الذي فرض فيه المزيد من العقوبات الاقتصادية على طهران. وتنفي إيران الضلوع في الهجمات التي أعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عنها. لكن واشنطن تقول إن مسار الصواريخ والطائرات بدون طيار المستخدمة في الهجوم ينفي أنها أُطلقت من اليمن. وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إن الأمم المتحدة تقدم العون في تحديد موقع إطلاق الصواريخ، ولكنه أشار إلى أن التحقيقات قد تستغرق أسابيع. كما أرسلت فرنسا فريقا من الخبراء العسكريين للتحقيق في الهجوم.
من جانب اخر قال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن حجم وتعقيد الهجمات التي أطلقت على المنشآت السعودية يتخطى أي قدرات قد عسكرية أظهرها الحوثيين في اليمن سابقا، كما يرى محللون عسكريون درسوا حرب اليمن. وكان مسؤولون أميركيون قد نشروا صورا التقطت بالأقمار الصناعية، تظهر 17 أثرا تفجيريا على منشأتين سعوديتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو، بالرغم من أن بعض هذه الأسلحة لم تصب أهدافها. وأضاف تقرير الصحيفة الأميركية، أن حجم ودقة ومدى الهجمات الأخيرة، بما في ذلك القدرة على اختراق الدفاعات الجوية السعودية وتفادي العقبات الممثلة في خطوط الطاقة وأبراج الاتصالات، تتخطى بكثير أي عمل عسكري قام به الحوثيون من قبل.
وقف إطلاق النار
على صعيد متصل كشفت مصادر مطلعة أن الحكومة السعودية وافقت على وقف جزئي لإطلاق النار في اليمن، ردا على إعلان الحوثيين قبل أيام وقف هجماتهم على المملكة. وقالت صحيفة وول جورنال ستريت إنه على الرغم من أن الحوثيين أطلقوا صاروخين على السعودية فإن القادة في الرياض رأوا أن الهجوم ليس بالخطورة التي تقوض الجهود الجديدة لوقف إطلاق النار. وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض وافقت على وقف محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، من بينها العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ عام 2014.
ورجحت أنه في حال نجاح هذا الأمر فسيسعى السعوديون إلى توسيع الهدنة لتشمل أجزاء أخرى من اليمن. وكذلك نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر أن السعودية تتحرك صوب وقف جزئي لإطلاق النار في اليمن. وقالت المصادر إن قرار السعودية يأتي في أعقاب خطوة مفاجئة قامت بها جماعة الحوثي التي أعلنت عن وقف إطلاق النار من جانب واحد في اليمن. وجاءت خطوة جماعة الحوثي بعد أيام فقط من إعلانها المسؤولية عن هجوم 4 سبتمبر/أيلول الجاري الذي استهدف منشآت لشركة أرامكو السعودية للنفط. وتحمل السعودية وواشنطن إيران المسؤولية عن الهجوم، وتقولان إن الحوثيين لا يمتلكون الأسلحة ولا المهارات التي تمكنهم من شن هذا الهجوم المتطور.
من جانبه كشف باحث يمني في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية عن أسباب إعلان السعودية والحوثيين وقف إطلاق النار باليمن، وسط استمرار الحرب منذ مارس 2015. وقال الدكتور عليّ الذهب بحسب بعض المصادر، إن إعلان السعودية وقف إطلاق النار في بلاده يأتي استجابة لكثير من العوامل المحيطة بالوضع الراهن، وضمنها إعلان الحوثيين وقف إطلاق النار. وأوضح "الذهب" أن السعودية تشعر بأزمة كبيرة، بسبب مرور 4 سنوات ونصف السنة، دون تحقيق مصالحها التي شنت الحرب من أجلها، مشيراً إلى أن إعلان الحوثيين وقف إطلاق النار حقق لهم مكاسب كبيرة أيضاً.
وأوضح "الذهب" أن "سبب إعلان السعودية وقف إطلاق النار هو حاجتها لحلٍّ سلمي للأزمة اليمنية، يكون أوفر لها، وربما يحقق لها مصالح كثيرة بعد مرور أكثر من أربع سنوات ونصف السنة دون تحقيق أي من أهدافها الشخصية". وأكد أن الحديث عن وجود مباحثات واتفاقات بين الطرفين، ومساعٍ سلمية لحل الأزمة اليمنية دبلوماسياً، ليس جديداً، فقد سبقت ذلك مباحثات قبل عدة سنوات في ظهران الجنوب بالمملكة. واتفاقية ظهران الجنوب كانت ثمرة أول لقاء مباشر بين جماعة الحوثيين والسعودية بوساطة قبلية يمنية في أبريل 2016، وكان أبرز ما تم الاتفاق عليه "تشكيل لجنة تهدئة بين الطرفين، وتبادل الأسرى"، ونجح شرط التبادل، في حين فشل اتفاق التهدئة.
ويشير "الذهب" إلى أن تلك الاتفاقية لم تنجح، بسبب أن الطرفين لم يقتنعا بتقديم تنازلات، في وقت كانت الرياض ترى أن لديها القوة الكافية لإسقاط الحوثيين، غير أنها وجدت نفسها حالياً في وضع لا تحسد عليه. وأضاف: "السعودية بعد مرور 4 سنوات باتت بحاجة للحل السلمي، وهذا ما رأيناه في تصريح وزير خارجيتها، الذي قال في أكثر من مرَّة، إن بلاده تبحث عن الحل السياسي وليس الحسم العسكري".
في السياق ذاته نفت حكومة عبدربه منصور هادي، "بشكل قاطع" وكما نقلت بعض المصادر، ما تردد عن عقد أي لقاء مع جماعة "الحوثي" في العاصمة العمانية مسقط. جاء ذلك وفق ما أكده وزير الإعلام معمر الإرياني في تغريدتين له على "تويتر". وقال الإرياني إنه لا صحة لما نشرته بعض وسائل الإعلام عن عقد لقاء بين قيادات في الحكومة وجماعة الحوثي في مسقط. وأضاف "ننفي نفياً قاطعاً حدوث مثل هذا اللقاء تحت أي مسمى كان".
وكانت وسائل إعلامية يمنية وعربية قد تداولت نهاية خبراً عن لقاء تم في العاصمة العمانية مسقط بين وزراء من الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي. وفي 22 سبتمبر/أيلول، وصل وفد يمني رسمي، إلى مسقط؛ لإجراء مباحثات مع مسؤولين عمانيين حول آخر المستجدات في اليمن. وحينها أفاد الموقع الإلكتروني للداخلية اليمنية، أن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، وصل مسقط على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة عمل رسمية تستغرق بضعة أيام.
ودعت سلطنة عمان، أطراف الحرب في اليمن للجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الصراع. وطالبت السلطنة، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، بدعوة أطراف الحرب في اليمن إلى طاولة المفاوضات للتوافق على إنهاء الصراع، مبديةً استعدادها لدعم إحلال السلام في البلاد. وأدى القتال المشتعل باليمن في 30 جبهة، إلى مقتل 70 ألف شخص، منذ بداية العام 2016، حسب تقديرات لمارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن في 17 يونيو/ حزيران 2019.
اضف تعليق