q
تطورات جديدة تشهدها الحرب المستمرة في اليمن، يمكن ان تسهم في تغير واقع هذه الحرب التي انتقلت اليوم الى العمق السعودي، الذي سيصبح وبحسب بعض المراقبين اهم هدف لجماعة \"أنصار الله\" الحوثية، والتي اعلنت أن هجمات 14 مايو على منشأتين لـ\"أرامكو\" السعودية بداية لعمليات ستستهدف 300 هدف...

تطورات جديدة تشهدها الحرب المستمرة في اليمن، يمكن ان تسهم في تغير واقع هذه الحرب التي انتقلت اليوم الى العمق السعودي، الذي سيصبح وبحسب بعض المراقبين اهم هدف لجماعة "أنصار الله" الحوثية، والتي اعلنت أن هجمات 14 مايو على منشأتين لـ"أرامكو" السعودية بداية لعمليات ستستهدف 300 هدف حيوي وعسكري في المملكة والإمارات واليمن. وقال مصدر في وزارة الدفاع التابعة لحكومة الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، في بيان نشرته وكالة "سبأ" بنسختها التابعة لـ "أنصار الله"، إن "عملية التاسع من رمضان تأتي تدشينا لعمليات عسكرية قادمة، تستهدف من خلالها القوات المسلحة بنك أهداف للعدوان يضم 300 هدف حيوي وعسكري".

وأضاف المصدر: "العملية هي الأولى التي تستهدف بها قواتنا المسلحة أول هدف في قائمة الأهداف المعلن عنها في مارس الماضي، ليتبقى ضمن بنك الأهداف 299 هدفا". وأوضح أن هذه الأهداف تشمل مقرات ومنشآت عسكرية وحيوية على امتداد جغرافيا الإمارات والسعودية، وكذلك المنشآت والمقرات والقواعد العسكرية التابعة للعدوان في اليمن. وأشار المصدر إلى أن "إمعان العدوان في قتل أبناء الشعب اليمني ونهب ثرواته وحصاره وانتهاك سيادته، يعني استمرار الرد المشروع بعمليات نوعية تعكس مستوى ما وصلت اليه القدرة العسكرية للجيش واللجان الشعبية في إطار تنفيذ الاستراتيجية الدفاعية".

ويرى لعض الخبراء ان المملكة العربية السعودية التي تقود قوات التحالف، والتي عجزت عن تحقيق اهدافها ستسعى الى ايجاد خطط جديدة من اجل الخروج الحرب باقل الخسائر خصوصا مع وجود مقدمات مهمة بخصوص محادثات لإنهاء هذا الصراع كما انها قد تستعين ببعض الدول للتدخل وايجاد اتفاقات معينة قد تسهم ايضاً في تقليل الضغوط على حلفائها ومنهم الولايات المتحدة، ففي واشنطن، يدعو عدد متزايد من المحللين والسياسيين الولايات المتحدة سحب الدعم الأمريكي للمجهود الحربي السعودي، وتحويل وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة إلى سلام دائم، مجادلين بأن القيام بذلك هو المسار الوحيد الذي يمكن الدفاع عنه، من الناحية الأخلاقية والاستراتيجية. غير أن من بين جميع الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة، يعد هذا الخيار الأقل احتمالاً لإيقاف القتل والموت والأضرار التي قد تلحق بمصالح الولايات المتحدة.

وتسبّب النزاع بمقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية مختلفة. ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.

طائرات بدون طيار

وفي هذا الشأن أكدت الرياض أن محطتي ضخ لخط أنابيب رئيسي ينقل النفط من شرق السعودية إلى غربها قد تعرضت لهجوم بطائرات بدون طيار، ما أدى إلى إيقاف ضخ النفط فيه، ويأتي ذلك بعد إعلان الحوثيين اليمنيين عن استهداف منشآت سعودية حيوية. وتحدث وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "تعرّضت محطتا ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي لهجوم من طائرات (...) بدون طيار مفخخة".

وتابع "قامت أرامكو السعودية بإيقاف الضخ في خط الأنابيب حيث يجري تقييم الأضرار وإصلاح المحطة لإعادة الخط والضخ إلى وضعه الطبيعي"، مشددا في الوقت ذاته على "استمرار الإنتاج والصادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات بدون انقطاع". في المقابل، أعلن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن استهداف المنشآت السعودية بطائرات مسيرة جاء للرد على "الجرائم والحصار" في اليمن.

وكتب عبد السلام على حسابه في تويتر "عملية استهداف منشآت سعودية حيوية جاءت ردا على استمرار العدوان في ارتكاب جرائم إبادة وفرض حصار على شعب بأكمله"، وتابع "لا خيار أمام شعبنا العزيز إلا الدفاع عن نفسه"، وفي مواجهة هذا الاستهتار من قبل تحالف العدوان وما يمارسه من إرهاب منظم وبغطاء أمريكي دولي فلا خيار أمام شعبنا العزيز إلا الدفاع عن نفسه محقا وبكل ما يستطيع من قوة.

وتقع المحطتان في محافظتي الدوادمي ومحافظة عفيف بمنطقة الرياض على بعد 220 كلم و380 كلم من شرق العاصمة السعودية. ويبلغ طول خط الأنابيب نحو 1200 كلم، ويمر عبره خمسة ملايين برميل نفط يوميا على الأقل من المنطقة الشرقية الغنية بالخام إلى المنطقة الغربية على ساحل البحر الأحمر. ويتيح خط الأنابيب للمملكة نقل النفط من المنطقة الشرقية وتصديره عبر موانئ البحر الأحمر بعيدا عن الخليج ومنطقة مضيق هرمز حيث تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. بحسب فرانس برس.

وبحسب الفالح فإن "هذا العمل الإرهابي والتخريبي، وتلك الأعمال التي وقعت مؤخرا في الخليج العربي ضد منشآت حيوية لا تستهدف المملكة فقط، وإنما تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي". مشددا على "أهمية التصدي لكافة الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية بما في ذلك مليشيات الحوثي في اليمن المدعومة من إيران".

وكان الحوثيون اليمنيون قد أعلنوا في وقت سابق عبر قناة المسيرة المتحدثة باسمهم عن استهداف "منشآت حيوية سعودية" بسبع طائرات بدون طيار، مشيرين إلى أن "هذه العملية العسكرية الواسعة ردا على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا". وتقود السعودية، وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم، تحالفا عسكريا ضد المتمردين المتهمين بتلقي دعم ايراني في اليمن، إلى جانب قوات الحكومة المعترف بها دوليا. وارتفعت أسعار النفط بعد نشر أنباء الهجوم. وارتفع سعر خام القياس الأوروبي برنت 1.20 بالمئة ليجري تداوله بسعر 71.07 دولار للبرميل.

من جانب اخر قال عبد الملك بدر الدين الحوثي زعيم جماعة الحوثي اليمنية إن قواته لديها صواريخ يمكنها الوصول إلى الرياض ودبي وأبوظبي. وقال الحوثي لقناة المسيرة التي تديرها جماعته ”صواريخنا قادرة على الوصول إلى ‫الرياض وما بعد الرياض، إلى ‫دبي و‫أبوظبي“. وأضاف ”لدينا أهداف استراتيجية وحيوية وحساسة ومؤثرة يمكن استهدافها في حال القيام بأي تصعيد في الحديدة“.

وتابع قائلا ”قادرون على هز الاقتصاد الإماراتي بقوة“. وتطلق قوات الحوثي من وقت لآخر صواريخ على جنوب السعودية وتستهدف في بعض الأحيان العاصمة الرياض أو مرافق لشركة أرامكو لكن الجيش السعودي نجح في اعتراض معظم هذه الصواريخ. وعانى اليمن من عدم الاستقرار على مدى سنوات طويلة لكنه دخل صراعه الأحدث في أواخر عام 2014 عندما طردت قوات جماعة الحوثي حكومة هادي من العاصمة صنعاء. وتدخل التحالف بقيادة السعودية في مارس آذار 2015 لإعادة حكومة هادي.

الانسحاب من الحديدة

في السياق ذاته قالت الأمم المتحدة إن انسحاب الحوثيين من ثلاثة موانئ يمنية مطلة على البحر الأحمر تم ”جزئيا كما هو متفق عليه“ بين طرفي الصراع بموجب اتفاق سلام تأمل أن يمهد السبيل لمحادثات سلام أوسع لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام. وبدأ انسحاب الحوثيين من جانب واحد من الموانئ الرئيسية المخصصة لنقل الحبوب والنفط والتجارة والمساعدات في أبرز تقدم يحرز حتى الآن في الجهود الرامية لإنهاء الحرب وتخفيف حدة الجوع.

والحديدة هي الميناء الرئيسي وشريان الحياة لملايين اليمنيين الذين على شفا المجاعة وهو الأمر الذي تفاقم بسبب محدودية واردات الغذاء والإمدادات الأخرى جراء الحرب. وبدأت قوات الحوثي في الانسحاب أيضا من مينائي الصليف ورأس عيسى. ويمثل الانسحاب انفراجة دبلوماسية بعد أشهر من التعثر بسبب مواقف الجانبين كما يأتي في وقت تتزايد فيه حدة التوتر في منطقة الخليج والذي قد يعقد جهود السلام التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث.

وأبدى اللفتنانت جنرال مايكل لوليسجارد رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة في الحديدة ترحيبه بتسليم الموانئ إلى خفر سواحل محليين ودعا الجانبين إلى الانتهاء من المفاوضات من أجل تنفيد المراحل التالية من اتفاق الحديدة بالكامل. وأضاف في بيان بعد زيارة الموانئ ”تراقب فرق الأمم المتحدة الانسحاب الذي تم تنفيذه جزئيا مثلما اتفق الطرفان اليمنيان في إطار المرحلة الأولى“. وقال ”هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به بشأن إزالة المظاهر (العسكرية) لكن التعاون كان جيدا للغاية“. بحسب رويترز.

في الوقت نفسه يجتمع الطرفان المتحاربان في العاصمة الأردنية عمان لبحث إدارة وتوزيع إيرادات الموانئ. ولم تعلق السعودية والإمارات اللتان تقودان التحالف الداعم لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي على انسحاب الحوثيين من الموانئ. ورغم استمرار العنف في أماكن أخرى باليمن فإن وقف إطلاق النار صامد في الحديدة. وقال جريفيث إنه ”قلق للغاية“ من تصاعد حدة القتال في الأسابيع الأخيرة في منطقة الضالع التي تقع على طريق النقل الرئيسي بين جنوب وشمال البلاد ودعا الجانبين إلى التحلي ”بأقصى درجات ضبط النفس“.

دمرت الحرب الاقتصاد اليمني، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية ودفع الملايين إلى شفا المجاعة. وبات يمنيون كثيرون غير قادرين على شراء السلع الأساسية لارتفاع أسعارها ويجد البنك المركزي صعوبة في دفع رواتب القطاع العام مع تبخر احتياطيات النقد الأجنبي. وستساعد الأمم المتحدة في إدارة موانئ الحديدة، التي ستكون تحت إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية وتساعد في تفتيش السفن.

مساعدة الرياض

على صعيد متصل دعت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير سابق الولايات المتّحدة إلى مساعدة السعودية على الخروج من حرب اليمن عن طريق تعيين مبعوث يتولّى هذا الملف وتعليق صادرات السلاح إلى السعودية. وقالت المجموعة في تقريرها إنّه ينبغي على الولايات المتّحدة أن تعيّن مبعوثاً للأزمة في اليمن وأن تعلّق كل صادرات الأسلحة إلى السعودية إلى حين وقف المملكة تدخّلها العسكري الذي بدأ قبل أربع سنوات ضدّ المتمرّدين الحوثيّين في اليمن.

وجاء في التقرير أنّه يجب على التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن أن "يتوقّف عن التفكير في كيفية تحقيق انتصار ما على الورق وأن يلتزم بدلاً من ذلك التزاماً تاماً البحث عن مخرج سياسي، حتى لو كان ذلك يعني إعطاء الحوثيين على المدى القصير وزناً أكبر مما يرغب به". وأضاف التقرير أنّه "ينبغي على الولايات المتّحدة أن تقود الطريق من خلال إيجاد مخرج خاص بها".

ويأتي هذا التقرير بعد أن وافق الكونغرس الأميركي على اقتراح قانون يُنهي الدعم العسكري الأميركي للمملكة في حرب اليمن، في خطوة أقدم عليها المشرّعون الأميركيون القلقون من سقوط أعداد متزايدة من الضحايا المدنيين وتداعيات هذه الحرب على السكّان الذين تتهدّدهم المجاعة. كما أتت هذه الخطوة في الوقت الذي صعّد فيه المشرّعون الأميركيون من معارضتهم للرياض بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

وكان ترامب هدّد باستخدام الفيتو الرئاسي لوأد اقتراح القانون هذا، لكنّه لم يفعل ذلك بعد. وقال السناتور الديموقراطي كريس مورفي، وهو أحد أبرز منتقدي حرب اليمن، إنّه حتّى وإن استخدم ترامب الفيتو الرئاسي ضد اقتراح القانون هذا، فإنّ الكونغرس بإمكانه دوماً أن يمارس دور "الشرطي السيئ" في الضغط على المملكة لتغيير سلوكها في اليمن. وقال مورفي في مؤتمر صحافي تعليقاً على تقرير مجموعة الأزمات الدولية إنّ "هذه ليست مسألة تتعلّق بما إذا كان التحالف سيهزم الحوثيين أم لا، لقد تمّت الإجابة على هذا السؤال".

وأضاف أنّ "الحوثيين سيكون لهم دور كبير وهام في الحكم المستقبلي لليمن، لذلك فإن المسألة تتعلق بتقرير كيف سيعيش السعوديون مع هذا الأمر بطريقة لا تهدّد مصالحهم الأمنية على المدى الطويل". وأحد الأسباب التي دعت ترامب لدعم الرياض في حرب اليمن هو سعيه للتصدّي لنفوذ إيران التي تدعم الحوثيين. لكنّ مجموعة الأزمات الدولية قالت إنّ ترامب أخطأ في الحساب بهذا الشأن، فإيران، بحسب التقرير، تستفيد في الواقع من استمرار الحرب في اليمن لأنها تستنزف موارد السعودية وسمعتها بينما لا تخسر هي سوى القليل. بحسب فرانس برس.

ونقل التقرير عن روبرت مالي، رئيس مجموعة الأزمات الدولية، قوله إنّ السعوديين "يرون أنّهم بحاجة إلى وضع حدّ للحرب (لكنّهم) لا يعرفون كيف يفعلون ذلك". وأضاف أنّ السعوديين ما زالوا يعتقدون "أنّنا إذا مارسنا ضغطاً عسكرياً أكبر قليلاً فإن الحوثيين سينهارون وبعد ذلك سنكون قادرين على إنهاء الحرب وهزيمة إيران. لكن لدينا أربع سنوات من الأدلّة لدحض ذلك".

اضف تعليق